قالت محكمة النقض في حيثيات حكمها بإلغاء حكم محكمة الجنايات بإدانة مرشد جماعة الإخوان محمد بديع ونائبه خيرت الشاطر و11 متهما أخرين، بالإعدام والسجن المؤبد في قضية «أحداث مكتب الإرشاد»، إن حكم الجنايات متناقض وفيه من الاضطراب والتعارض ما يعيبه بعدم التجانس، كما أنه ينطوي على غموض وابهام وتهاتر ينبئ عن اختلال فكرته عن عناصر الواقعة التي استخلص منها القاضي الإدانة.
وأضافت الحيثيات أنه استدل في إدانة الطاعنين، إلى أقوال شهود الاثبات، وما ثبت من الإسطوانات المدمجة، والاتصالات التي تمت بين المحكوم عليهم بعضهم البعض ومعاينة النيابة العامة وما ثبت بتقارير الطب الشرعي والمعلم الجنائي وإدارة المفرقعات، وكذلك أقوال الشهود التي خلت مما يفيد رؤيتهم أيا من المتهمين يرتكبون جريمة القتل العمد.
وأوضحت أن الحكم لم يورد أي شواهد أو قرائن تؤدي إلى ثبوت اطلاق المتهمين للنيران التي أودت بحياة المجني عليهم وإصابة آخرين، أو ثبوت اشتراك باقي المتهمين معهما، ولا يغني في ذلك استناد الحكم إلى أقوال ضباط المباحث بالتحقيقات، فيما تضمنته تحرياتهم من ارتكاب الطاعنين الجرائم المسندة إليهم، وذلك لأن القاضي في الجنايات يستند في العقوبة إلى الدليل الذي يقتنع به وحده، ولا يصلح أن يؤسس حكمه على رأي غيره.
وأشارت الحيثيات إلى أن الجنايات بنيت عقيدتها على ارتكاب المتهمين للجرائم المسندة إليهم بناءا علي مجرى التحريات، مما ترتب عليه أن يكون حكمها بني على عقيدة حصلها الشهود من تحرياتهم، لا على عقيدة استقلت المحكمة بتحصيلها بنفسها، ولذلك فإن الحكم يكون معيبا بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، لأن ما حصله الحكم لا ينهض أن يكون دليلا.
كما أنه من حق محكمة الموضوع أن تستخلص واقعة الدعوى من أدلتها وسائر عناصرها، إلا أن ذلك مشروط بأن يكون استخلاصها سائغا، وأن يكون الدليل الذي تعول عليه مؤديا إلى ما رتبه عليه من نتائج من غير تعسف في الاستنتاج، ولا تنافر مع حكم العقل والمنطق، لان الأحكام الجنائية يجب أن تبني بالجزم واليقين على الواقع الذي يثبته الدليل المعتبر، ولا تؤسس بالظن والاحتمال على الفروض والاعتبارات المجردة.
وتابعت: ّأن حكم الجنايات عول على أدلة الثبوت ومنها اعترافات المتهمين أيمن عبدالرؤوف هدهد وأسامة ياسين ومحمد البلتاجي، في تحقيقات النيابة، ثم عاد وقال أنه لا يعول على استجواب المتهمين، وبذلك يكون الحكم أورد واقعة الدعوى على صورتين متعارضتين، وأخذ بهما في نفقس الوقت، مما يدل على اختلال فكرته عن عناصر الدعوى وعدم استقرارها في عقيدة المحكمة الاستقرار الذي يجعلها في حكم الوقائع الثابتة، مما يجعله متخاذلا في أسبابه، متناقضا بعضه مع البعض.
وانهت المحكمة حيثياتها بأن الحكم أخل بحق الدفاع في ابداء دفوعه ورفض قبول مذكرة الدفاع، مما يعد ذلك مصادرة لحق المتهمين في الدفاع عن أنفسهم وهو حق كفله الدستور.
كانت محكمة النقض، قضت بقبول الطعون المقدمة من مرشد جماعة الإخوان محمد بديع ونائبه خيرت الشاطر و11 متهما آخرين، على حكم إدانتهم في القضية المعروفة إعلاميًا بـ«أحداث مكتب الإرشاد»، وقررت إعادة محاكمة الطاعنين أمام دائرة جنايات مغايرة.
والمتهمون في القضية 18 شخصا من بينهم 5 هاربين صدرت ضدهم أحكام غيابية، وطعن 13 آخرون على حكم أول درجة الصادر بإعدام كل من: عبد الرحيم محمد عبد الرحيم، ومصطفى عبد العظيم البشلاوي، ومحمد عبد العظيم البشلاوي، وعاطف عبد الجليل السمري، والسجن المؤبد لكل من: محمد بديع، وخيرت الشاطر، ورشاد البيومي، ومحمد مهدي عاكف، ومحمد سعد الكتاتني، وأيمن هدهد، وأسامة ياسين، ومحمد البلتاجي، وعصام العريان، ومحمود عزت، وحسام أبو بكر، وأحمد شوشة، ومحمود أحمد أبو زيد الزناتي، ورضا فهمي عبده خليل.
ويواجه المتهمون، بحسب قرار الإحالة الصادر ضدهم، اتهامات «التحريض على القتل والشروع في القتل تنفيذًا لغرض إرهابي وحيازة وإحراز أسلحة نارية وذخيرة حية غير مرخصة بواسطة الآخرين، والانضمام إلى عصابة مسلحة تهدف إلى ترويع الآمنين والتحريض على البلطجة والعنف، أمام مقر مكتب الإرشاد بضاحية المقطم، جنوب شرقي القاهرة، أثناء احتجاجات 30 يونيو التي كانت تطالب برحيل «مرسي»، ما أسفر عن مقتل 9 أشخاص وإصابة 91 آخرين».
وأسندت النيابة لقيادات الجماعة «الاشتراك بطريقي الاتفاق والمساعدة في إمداد مجهولين بالأسلحة النارية والذخائر، والمواد الحارقة والمفرقعات والمعدات اللازمة لذلك، والتخطيط لارتكاب الجريمة، وأن الموجودين بالمقر قاموا بإطلاق الأعيرة النارية والخرطوش صوب المجنى عليهم، قاصدين إزهاق أرواحهم».