أهالي «نزلة سلام».. أموات على قيد الحياة - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 8:56 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أهالي «نزلة سلام».. أموات على قيد الحياة

نزلة سلام
نزلة سلام
هدير الحضري
نشر في: السبت 18 أكتوبر 2014 - 6:05 م | آخر تحديث: السبت 18 أكتوبر 2014 - 7:34 م

- 11 ساعة من دون ماء يوميا.. والظلام يخيم على المنازل

- فتيات القرية يتزوجن قبل الـ15 عاما.. والحصول على الخبز فجرا

في عالم موازٍ، لا يزال سكان قرية «نزلة سلام» التابعة لمركز الصف بمحافظة جيزة، يرون من الحياة سنواتها العجاف. القرية التي تبعد عشرات الكيلومترات عن محافظة القاهرة تعاني ظروفا غير آدمية بداية من المياه مروراً بالكهرباء والحصول على الخبز وانتهاء بالعلاج الذي يتلقونه والتعليم والبيوت التي يعيشون فيها.

«الشروق» تجولت في القرية، للتعرف على مستوى الخدمات، والتقت عددًا من الأهالي، للاستماع إلى شكواهم.

11 ساعة انقطاعًا للمياه

يقول شعبان فتحي، 30 عامًا، عامل بمصنع طوب: إن أهالي القرية يعانون من انقطاع المياه؛ إذ تنقطع يوميًّا من السابعة صباحًا إلى السادسة مساء، مضيفًا: «الكارثة الكبرى أن المياه لونها أصفر، ويشوبها الصدأ، وتختلط بها قطع الطين».

أهالي نزلة سلام يضطرون إلى استخدام «وسائل بدائية» لتنقية المياه، أو بوصف أدق لجعل صورتها غير منفرة، فتجد «زيرًا» بكل منزل، يصبون فيه المياه ذات اللون الأصفر، التي يخالطها الطين، والكثير من الشوائب، فيترسب الطين في الأسفل، فيصبح لون المياه رائقًا.

ويلجأ الأهالي أيضًا إلى «طلمبات المياه الجوفية» الموجودة في القرية، للحصول على مياه صالحة للاستهلاك الآدمي، بل إن بعضهم يضطر إلى ترك صنبور المياه مفتوحًا لمدة نصف ساعة، ليصبح لون المياه رائقًا قليلا.

6 مرات انقطاعًا للكهرباء يوميًّا

ويضيف فتحي لـ«الشروق» أن الكهرباء تنقطع عن القرية 6 مرات يوميًّا، وحين يعود التيار يكون ضعيفًا جدًّا، ما يتسبب في احتراق الأجهزة الكهربائية.

أما أحمد هلال، في الثلاثينيات، فلم يكمل تعليمه، قال: إن أغلب رجال القرية يعملون في ورش صناعة الطوب، التي تأثرت كثيرًا بارتفاع أسعار السولار والبنزين، ما أدى إلى إغلاق عدد منها، واتجه العاملون إلى زراعة الأراضي، أو العمل في مصانع الطوب الكبرى.

بنات القرية.. معاناة حتى في ضحكتهن

كن يضحكن على استحياء بعد ترددهن في الحديث، العباءات السوداء غطت أجساد معظمهن، بنات القرية يواجهن ظلمًا وتمييزًا وتعسفًا، فجميعهن تركن التعليم بالإجبار، وتزوجن في سن صغيرة.

نجلاء سعيد، 16 عامًا، تحكي أنها تركت تعليمها في المرحلة الإعدادية، لتفتح محلا لبيع الدجاج، مع زوجة أخيها، حيث قرر أهلها أن التعليم ليس مهمًّا للفتيات، وأنه حان وقت خروجها لتشارك في الإنفاق على الأسرة، وكذلك فعلوا مع أختها التي كانت متفوقة في المدرسة، ولكنها تركتها لكي تتزوج.

أما شيماء، 17 عامًا، مطلقة، فخرجت من تعليمها في نهاية المرحلة الابتدائية، وتزوجت في الرابعة عشرة من عمرها، وأنجبت طفلة، وهي في عامها السادس عشر، وطلقت بعدها بعام؛ لأن «أم زوجها تغار منها كلما رأتها واقفة تضحك مع إحدى صديقاتها»، على حد قولها، مضيفة أنها «وقعت على شيك بـ50 ألف جنيه عند إتمام زواجها، حتى يمتنع المأذون الذي عقد قرانها عن الوشاية به، لأنه عقد قرانها وهي دون الثامنة عشرة عامًا».

أما الفتيان فأحوالهم لم تختلف كثيرًا؛ إذ يخرج معظمهم من التعليم أيضًا، ويقول محمد سعيد، 12 عامًا، إنه يضطر يوميًّا إلى السير على قدميه نحو 2 كيلو متر، ليصل إلى المعهد الديني الأزهري، بقرية لواز المجاورة لقريته، معلقًا «مفيش تعليم حقيقي، الأبلة بتقرالنا صفحة قرآن وتقعد تعمل أي حاجة وتسيبنا».

أهالي نزلة سلام، مع فقدانهم للثقة في الإعلام والمسؤولين الذين يطلون عليهم على فترات متباعدة، لا يزالون ينتظرون الأفضل: «هيصلحوها قريب عشان الانتخابات قربت».

معاناة الحصول على الخبز

سيدة عجوز رفضت ذكر اسمها، تجلس أمام منزلها، كان الحصول على الخبز يمثل لها همًّا كبيرًا، تقول إنه حين تدق الساعة السابعة صباحًا لا يمكن لأي شخص في القرية الحصول على الخبز؛ لأنه يكون قد انتهى.

وعن المياه، تقول: إن هناك عددًا كبيرًا من أهالى القرية مصابون بالفشل الكلوي بسبب المياه، متسائلة: «مين هنا هيروح يجيب فلتر بألف وشوية؟».

وفي المستشفى الموجودة في مركز الصف الذي تتبعه قريتهم، تتلقى معاملة سيئة «كأنها تشحذ حقها في العلاج».

وعلى الرغم من كل هذه الصعوبات، فإن الفقر لم يتمكّن من حجب الفرحة عن البلدة الصغيرة، فقاطنوها تحايلوا على التكاليف المادية المرتفعة للأفراح، التي تقام كثيرًا في البلدة؛ لأن فتياتها يتزوجن وهن صغار السن، حيث ينصب الأهالي الأعمدة الخشبية ويربطون بينها بقماش لصنع ما يشبه الخيمة الكبيرة، معلقين قصاصات ورقية ملونة كتعبير بسيط عن البهجة.

وكذلك أطفال «نزلة سلام» يتسمون بالمرح، وهم يلعبون بجوار المدرسة الوحيدة في القرية التي تضم طلاب المرحلتين الابتدائية والإعدادية، والتي كتب على جدارها الأمامي «مصر أم الدنيا».



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك