في ذكراه.. تفاصيل آخر ألاعيب أحمد حسنين باشا لإقالة حكومة النحاس - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 12:38 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

في ذكراه.. تفاصيل آخر ألاعيب أحمد حسنين باشا لإقالة حكومة النحاس

حسام شورى
نشر في: الثلاثاء 19 فبراير 2019 - 9:44 ص | آخر تحديث: الثلاثاء 19 فبراير 2019 - 9:44 ص

كان أحمد حسنين باشا «1889-1946»، رئيس الديوان الملكي في عهد الملك فاروق، من الشخصيات المؤثرة في المشهد السياسي المصري بشكل كبير، وكان أيضا أحد الشخصيات المؤثرة في القصر والمتحكمة من خلال أدوات كثيرة استطاع «حسنين» استخدامها كلها بذكاء شديد.

تحل اليوم ذكرى وفاته، ففي يوم الثلاثاء، 19 فبراير 1946، وبينما كانت سيارته تجتاز كوبري قصر النيل في طريقه إلى مسكنه «فيلا بالدقي»، أقبلت سيارة لوري بريطانية من الجهة المضادة، وبفعل الأمطار التي كانت تتساقط، انزلقت عجلة «اللوري» وتدور نصف دورة لتصدم سيارة «حسنين» من الخلف صدمة شديدة، وسمع السائق صوت حسنين باشا خلفه وهو يقول: «ياساتر..ياساتر..يارب»، والتفت السائق خلفه ليرى الدم يسيل من فم حسنين باشا، حتى أسلم روحه، وكان موته مفاجأة مثيرة مثل حياته المليئة بسلسلة من المفاجآت المثيرة!.

من ضمن هذه المفاجآت واللأعيب التي عُرف «حسنين» بها تلك التي نفذها كردة فعل على حادث 1942 الشهير، والمعروف بـ«حصار قصر عابدين»، ويرويها الكاتب الصحفي محمد التابعي، في كتابه «من أسرار الساسة والسياسة-أحمد حسنين باشا»، والصادر عن دار الشروق، إذا كان يعتبر «حسنين» الحادث لطمة أصابته هو بالذات، لطمة لسياسته، ولطمة لواجبه نحو العرش ونحو مصر؛ عندما حاصرت القوات الإنجليزية القصر وأجبر المندوب السامي البريطاني، مايلز لامبسون، الملك فاروق، على توقيع قرار باستدعاء زعيم حزب الوفد مصطفى النحاس، لتشكيل حكومة أو أن يتنازل «فاروق»، عن العرش.

والحقيقه أن أحمد حسنين، كان رجلا ذا مطامع واسعة، لم يستطع إخفاءها وراء قناع الزهد في المناصب، والجهل بالسياسة؛ كان يطمع أن يكون رئيس الوزارة والرجل الأول في الدولة، ولكنه لم يمض إلى هذا الهدف مباشرة وفي خط مستقيم، بل كان متخذًا «السياسة المكيافيلية» سياسة له في حسمه للأمور!

وأقسم «حسنين»، يومها أن يثأر لنفسه وللبلاد من رجلين اعتبرهما مسؤولين عن هذه «اللطمة» وهما «مايلز لامبسون، سفير بريطانيا، ومصطفى النحاس، رئيس الوزراء».

فحاول حسنين باشا، في عام 1943 أن يقيل مصطفى النحاس ووزارته، ولكن الإنجليز لم يمكنوه من ذلك؛ فقد بادر السفير البريطاني في مصر وأنذر «فاروق»، أن الحكومة البريطانية تُعلمه أنه لا تغيير في الوزارة خلال الأوضاع القائمة.

وكانت حجة الإنجليز وقتها أنهم وحلفاءهم قادمون على فتح جبهة جديدة في جنوب أوروبا للنفاذ إلى قلعة هتلر في وسط أوروبا، ومن هنا فإن الإنجليز لا يسمحون بأي تغيير في مصر خوفًا من وقوع رد فعل أو قلقلة فيها، وتظاهر حسنين بالرضا والتسليم، لكنه لم يسكت، بل ظل ينتظر الفرص لتحقيق أهدافه.

وبعد معارك كثيرة أكدت أن نصر «الحلفاء» على «المحور» يقترب، وأن الحرب دخلت دورها الأخير، وأنه لم يعد يوجد في مصر ما يخشاه البريطانيون للتأثير على الحرب، انتهز «حسنين» الفرصة واستغل أن مايلز لامبسون، سافر في إجازة قصيرة إلى جنوب إفريقيا، وضرب «حسنين» ضربته المفاجئة!.

وكانت مسرحية مثيرة، ومن فصولها: تعليمات سرية للدكتور أحمد ماهر، رئيس الحزب السعدي، بألا يغادر منزله يوم الأحد 8 أكتوبر، بل يبقى وينتظر رسالة من الملك فاروق، وأوامر سرية إلى حكمدار بوليس القاهرة، ومدير إدارة الأمن العام بأن تكون قوات الأمن على استعداد لحفظ النظام وقمع أية حركة تقوم من شأنها الإخلال بالأمن والنظام، وكانت هذه الأوامر السرية صادرة مباشرة من القصر.

وجرى كل هذا والوزارء ورئيسهم، مصطفى النحاس، كانوا في الإسكندرية لا يعرفون شيئا، وخص أحمد حسنين، ثلاثة أو أربعة من الصحفيين المعروفين بأنهم خصوم للوفد، وأعلمهم بخطته وما يدبر له.

وفي صباح اليوم المنتظر 8 أكتوبر 1944 استقل حسن يوسف، وكيل الديوان الملكي، قطار الصباح من الإسكندرية إلى القاهرة، وكان حاملا في جيبه أمرا ملكيا صادر إلى أحمد ماهر، بتشكيل وزارة، وعاد إلى الإسكندرية بسيارته حاملًا أمرًا ملكيًا آخر إلى مصطفى النحاس بإقالة الوزارة.

وفي الساعة الخامسة بعد الظهر من نفس اليوم، وطبقا للأوامر والخطة، غادر الدكتور أحمد ماهر، منزله إلى رئاسة الوزراء، وصعد إلى غرفة رئيس الوزراء وأمر السعاة والحجاب أن يفتحوا أمامه الأبواب، وأعلمهم أنه رئيس الوزارة الجديدة.

وفي نفس الساعة كان حسن يوسف، يصعد إلى الطابق الثاني من فندق «سيسيل» بالإسكندرية، حيث يقيم مصطفى النحاس، وسلمه خطاب الإقالة، وكان أمين عثمان، وزير المالية المعروف بولاءه للإنجليز، يزور «النحاس» في هذا الوقت.

وعندما علم بأن الوزارة أقيلت كان بيده سلسة ذهبية يلعب بها سقطت من يده من الصدمة، ولكنه خرج وأرسل برقية إلى أحمد حسنين، يقول لها فيها بالإنجليزية «أهنئك لقد ربحت الجولة الأخيرة».

وفي عام 1946 كانت الوزارة البريطانية الجديدة من حزب العمال وكان وزير خارجيتها «أرنست بيفن»، وعرف «حسنين»، كيف يوجه صديقه عبدالفتاح عمرو، سفير مصر في لندن إلى استغلال صداقته مع مستر بيفن، حتى استدعت وزارة الخارجية البريطانية سفيرها مايلز لامبسون من مصر.

وهكذا نفذ «حسنين» قسمه بأن يثأر من الرجلين مايلز لامبسون ومصطفى النحاس، ثم لقى منيته بعد ذلك بأسبوعين اثنين!



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك