انفراد: «الشروق» تنشر مضابط إعداد الدستور المطلوبة لمحكمة «تيران وصنافير» (1ــ2) - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 5:14 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

انفراد: «الشروق» تنشر مضابط إعداد الدستور المطلوبة لمحكمة «تيران وصنافير» (1ــ2)

صورة أرشيفية من مظاهرات الاحتجاج على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية - تصوير: روجيه أنيس
صورة أرشيفية من مظاهرات الاحتجاج على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية - تصوير: روجيه أنيس
كتب ــ محمد بصل:
نشر في: الأربعاء 19 أكتوبر 2016 - 10:40 ص | آخر تحديث: الأربعاء 19 أكتوبر 2016 - 10:40 ص

• مداولات صياغة المادتين1 و151 تكشف: إضافة نصوص «حظر التنازل عن الأرض» بسبب «مخاوف» تخلى مرسى عن سيناء وحلايب

• القضاء الإدارى استند إلى المادتين لبطلان اتفاقية الحدود البحرية.. و«الإدارية العليا» كلفت الحكومة بتقديم المضابط السبت المقبل

• ممثلا «الدستورية» اقترحا النصوص الجديدة «للحفاظ على الكيان.. ولعدم إخضاع سيادة الدولة لميول الرئيس واتجاهاته»

 


فى جلستها الأولى لنظر طعن الحكومة على حكم القضاء الإدارى ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية وما ترتب عليها من نقل تبعية جزيرتى تيران وصنافير إلى المملكة، كلفت المحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار أحمد الشاذلى محامى الحكومة بتقديم محاضر مداولات لجنتى الخبراء العشرة والخمسين اللتين أعدتا الدستور الحالى بشأن المادتين1 و151 منه، فى الجلسة القادمة السبت المقبل 22 أكتوبر، وذلك لارتباط المادتين الوثيق بالقضية.

وتنص المادة الأولى على أن «جمهورية مصر العربية دولة ذات سيادة، موحدة لا تقبل التجزئة، أو النزول عن شىء منها....». بينما تنص المادة 151 فى فقرتيها الثانية والثالثة على: «..يجب دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق السيادة، ولا يتم التصديق عليها إلاّ بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بالموافقة، وفى جميع الأحوال لا يجوز إبرام أية معاهدة تخالف أحكام الدستور، أو يترتب عليها التنازل عن أى جزء من إقليم الدولة».

واستندت محكمة القضاء الإدارى فى حكمها الشهير ببطلان التنازل عن تيران وصنافير الصادر فى 21 يونيو الماضى إلى المادتين بشكل أساسى، وبصفة خاصة الفقرة الثالثة من المادة 151، فذكرت حيثياتها أنه «التزاما بتلك الفقرة يُحظر التنازل عن الجزيرتين، لأنهما أرض مصرية من ضمن الإقليم البرى لمصر، وتقعان ضمن حدود الدولة المصرية، وقد مارست مصر السيادة على الجزيرتين بصفة دائمة ومستمرة... فهذا التنازل محظور على الرغم من محاولة ستره خلف اتفاق ترسيم الحدود..».

وتلجأ المحاكم فى الغالب إلى مضابط إعداد الدساتير لبحث أسباب سن النصوص الدستورية، والوقوف على المقاصد التشريعية لواضعيها، وتحديد معانى ما يغمض من ألفاظ وعبارات، مما يسهل لها الفصل فى القضايا المنظورة أمامها.

ومثلت مضابط إعداد الدستور الحالى عاملا مهما فى تحضير عدد من القضايا المهمة فى الآونة الأخيرة، فإليها استندت الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع فى فتاواها المتواترة بعدم خضوع العديد من الجهات لقانون الحد الأقصى للأجور، كما استندت إليها هيئة مفوضى المحكمة الدستورية العليا مؤخرا فى توصيتها بتأييد نظام الإخطار فى قانون التظاهر.

وتقدم «الشروق» لقرائها ومتابعى قضية تيران وصنافير ــ لأول مرة ــ الوثيقة التى كلفت المحكمة الحكومة بتقديمها، وهى مضابط لجنتى الخبراء العشرة والخمسين بشأن المادتين 1 و151، وبصفة خاصة النقاشات حول استحداث النصوص الجديدة بحظر التنازل عن أى جزء من أرض مصر.

• مخاوف عهد مرسى.. وانتقادات للإضافات
استشعرت المحكمة الإدارية العليا أهمية مضابط مداولات وضع هاتين المادتين فى القضية، مما دفعها لطلبها من محامى الحكومة المستشار رفيق عمر شريف، نائب رئيس هيئة قضايا الدولة، والذى ذكر فى الجلسة الماضية معلومات تضاعف أهمية هذه المضابط.

فقد قال المستشار رفيق شريف إنه كان عضوا بالأمانة الفنية للجنة الخبراء العشرة لتعديل الدستور، وأن النصوص الجديدة الخاصة بحظر التنازل عن أجزاء من أرض الدولة «قد صيغت لتلافى تكرار ما أقدمت عليه حكومة الإخوان فى عهد الرئيس المعزول محمد مرسى من التنازل عن جزء من سيناء للفلسطينيين أو التنازل عن حلايب وشلاتين للسودان»، على حد تعبيره.

وكانت وسائل الإعلام قبل شهور من عزل مرسى قد تداولت أنباء عن نية جماعة الإخوان تسكين الفلسطينيين فى جزء من سيناء، والتنازل عن حلايب وشلاتين للسودان.

وعلى الرغم من نفى تلك الأنباء رسميا، إلا أن السطور القادمة تؤكد أن ما تم تداوله فى هذا الصدد كان الدافع الرئيسى والسبب الأساسى لاستحداث النصوص الدستورية التى استند إليها القضاء الإدارى فى إصدار حكم «تيران وصنافير».

ويتبين من المداولات أن لجنة الخبراء العشرة كانت أكثر اهتماما بالتفاصيل والآثار القانونية للنصوص الجديدة من لجنة الخمسين، ويتبين أيضا أن ممثلى المحكمة الدستورية العليا فى اللجنة هما من قدما المقترحين بإضافة نصى حظر التنازل فى المادتين1 و151.

وتكشف الأحاديث الموثقة فى المضابط القلق الكبير الذى كان يساور معظم المتحدثين مما تم تداوله عن احتمال التنازل عن جزء من أرض مصر حسب مزاج رئيس الجمهورية أيا كان انتماؤه السياسى.

وكان لهذه المخاوف اليد العليا فى النقاشات، متفوقة على الأصوات التى عارضت إضافة النصوص الجديدة بحجة أنها «تزيُّد، ولا تضيف شيئا» وهى جزء من الانتقادات الموضوعية التى يرددها مراقبون متخصصون حتى الآن للمادتين1 و151، باعتبار أن النصوص الجديدة تشكل قيدا غير مسبوق على توقيع اتفاقيات ترسيم الحدود بأنواعها التى يمكن أن توقعها مصر مع جيرانها.

• المادة الأولى: عودة نص دستور 1923
كانت المادة الأولى فى دستور 2012 تنص على أن «جمهورية مصر العربية دولة مستقلة ذات سيادة، موحدة لا تقبل التجزئة، ونظامها ديمقراطى، والشعب المصرى جزء من الأمتين العربية والإسلامية ويعتز بانتمائه إلى حوض النيل والقارة الأفريقية وبامتداده الآسيوى، ويشارك بإيجابية فى الحضارة الإنسانية».

بدأت لجنة الخبراء العشرة التى شكلها الرئيس السابق عدلى منصور لوضع تصور مبدئى لتعديلات الدستور مناقشة هذه المادة بجلستها الثانية المنعقدة فى 23 يوليو 2013، وفى بدايتها تحدث المستشار محمد خيرى طه النجار نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا، وأحد الممثلين الاثنين للمحكمة فى اللجنة، مطالبا بإضافة النص الذى سيكون له بالغ الأثر مستقبلا على قضية «تيران وصنافير».

قال المستشار خيرى: «مصر موحدة لا تقبل التجزئة» هذه الفقرة مأخوذة من دستور 1923 ومشروع دستور 1954، وأوافق عليها، وأضيف إليها من دستور 1923 عبارة «لا تقبل التجزئة أو النزول عن شىء منها» وبمقتضى هذه الإضافة نستبعد من نطاق المادة الخاصة بإبرام رئيس الجمهورية للمعاهدات ونلغى من صلاحيات الرئيس النزول عن أى جزء من الدولة.

واستطرد: هذا ما كان مقصودا فى دستور 1923 أن يحرم الملك من أن يتصرف فى أى جزء من الأرض، فتم وضع هذا النص، فنحن لا نريد أن نعرض البلاد أن تكون سيادتها خاضعة لتركيبة رئيس الجمهورية أو ميوله أو اتجاهاته، فلابد لهذا الدستور أن يحفظ هذا الكيان.. ولذلك أقول: «موحدة لا تقبل التجزئة أو النزول عن شىء منها» أخذا من دستور 1923.

فسأله عضو باللجنة (لم يذكر اسمه بالمضبطة): أنا أريد أن أسأل خيرى بك فهو يقول «لا تقبل التجزئة أو النزول عن شىء منها»؟.

فأجاب المستشار محمد خيرى: «أو النزول عن شىء منها» لنخرج هذه الجزئية من معاهدات السيادة التى يبرمها رئيس الجمهورية.

فعاد عضو اللجنة نفسه وقال: أنا لست مختلفا معك، ولكن من أجل ضبط الصياغة فعبارة «لا تقبل التجزئة» ستكون ضمانة واضحة.

وهنا تحدث عضو آخر باللجنة (لم يذكر اسمه بالمضبطة) معترضا على مقترح المستشار محمد خيرى، فقال ضمن حديثه: النص بعدم جواز النزول عن أى جزء من أراضيها ذكر فى دستور 1923 لأنه فى ذلك الوقت كانت السودان جزءا من مصر، وكان النص مقصودا حتى لا يجوز التنازل عن السودان، وهو ما حدث بعد الثورة (23 يوليو 1952) أما عبارة «الدولة موحدة لا تقبل التجزئة» فأرى أنها تقصد أننا دولة بسيطة موحدة وليست فيدرالية مثل الولايات المتحدة.

وبعد عدة مداولات فى باقى أجزاء المادة، من أخذ ورد حول أهمية ذكر استقلال الدولة، وطبيعة نظامها، وانتماءاتها الثقافية والجغرافية، عاد الدكتور صلاح فوزى، أستاذ القانون الدستورى بجامعة المنصورة، للحديث حول مقترح إضافة نص بعدم جواز النزول عن أى جزء من الدولة، ومؤيدا له.

قال د.صلاح فوزى: أتفق مع معالى المستشار محمد خيرى حينما تفضل باقتراحه عن عدم جواز النزول عن أى جزء من الإقليم، لأنه كان أمرا مقررا فى المادة الأولى من دستور 1923، وكما ذهب سيادته فإن عبارة «الدولة لا تقبل التجزئة» موجودة فى المادة الأولى من الدستور الفرنسى وموجودة فى دستور العراق الصادر 2005 وفى قانون إدارة الدولة العراقى، ومع ذلك وجدت نصوص بتنظيم أقاليم مستقلة ومحافظات غير منظمة فى أقاليم، ويمكن لباقى المحافظات أن تستقل عدا بغداد، وبالتالى فأنا أميل إلى الطرح الذى تقدم به معالى المستشار للحفاظ على حدود الدولة بشكل كامل.

وأنهى المستشار على عوض صالح، مقرر اللجنة، النقاش حول المادة الأولى موجها الأمانة الفنية للجنة بجمع المقترحات (ومن بينها المقترح الخاص بعدم جواز النزول عن أى جزء من الإقليم) وبلورتها لعرضها مع باقى المواد فى النهاية.

• ملاحظات محدودة فى «الخمسين»
ناقشت لجنة الخمسين برئاسة عمرو موسى المادة الأولى من الدستور فى اجتماعها التاسع عشر المنعقد فى 3 نوفمبر 2013، حيث عرضها المستشار محمد عبدالسلام مقرر لجنة الدولة والمقومات الأساسية، بالنص التالى متضمنا مقترح لجنة الخبراء العشرة بحظر النزول عن أى جزء من أراضى الدولة:

«جمهورية مصر العربية دولة دستورية حديثة ذات سيادة، وهى موحدة لا تقبل التجزئة، ولا التنازل عن شىء منها، ونظامها ديمقراطى، يقوم على أساس المواطنة. ومصر جزء من الأمة العربية تعمل على تكاملها ووحدتها، وهى جزء من العالم الإسلامى، وتنتمى إلى القارتين الأفريقية والآسيوية، وتسهم فى بناء الحضارة الإنسانية».

دارت نقاشات طويلة حول الاسم الرسمى لمصر فطرحت مقترحات لحذف كلمة «عربية»، وكذلك حول انتمائها لأفريقيا وآسيا والعالمين الإسلامى والعربى، ووصفها كدولة مدنية أو دستورية، لكن «الشروق» ستنشر فقط الأجزاء الخاصة بنص حظر التنازل عن أى جزء من الدولة لارتباطها وحدها بقضية «تيران وصنافير».

كان المهندس محمد سامى رئيس حزب الكرامة أول عضو باللجنة ينتبه إلى هذا النص، حيث اعترض عليه وطالب بحذفه قائلا: «ما المعنى المقصود بعبارة «هى موحدة ولا تقبل التجزئة ولا التنازل عن شىء منها»؟ الشىء الطبيعى فى العالم أن أى دولة موحدة لا يقبل التنازل عن شىء منها» واقترح صيغة أخرى بحذف هذه العبارة تماما.

ثم تحدث الدكتور عمرو الشوبكى بعبارات أكثر حسما، معارضا إضافة نص «ولا التنازل عن شىء منها» باعتباره تكرارا لمعنى «عدم التجزئة» فقال: «هذه العبارة فيها تكرار، ويكفى ذكر أن جمهورية مصر العربية دولة ديمقراطية حديثة ذات سيادة وهى موحدة لا تقبل التجزئة....»..

ولدى قراءته المادة مرة أخرى، علق رئيس اللجنة عمرو موسى على عبارة ولا التنازل عن شىء منها بقوله «أرى أنها ركيكة جدا».

فعلّق الكاتب محمد سلماوى، المتحدث الرسمى باسم اللجنة، مقترحا: لنكتف بـ«لا تقبل التجزئة» فقط.

فاعترض الدكتور القس صفوت البياضى قائلا: التجزئة غير التنازل.. وأقترح «لا تقبل التجزئة ولا التنازل» فقط. فقالت نائب رئيس اللجنة منى ذو الفقار: نعم.. التجزئة غير التنازل.

فاقترح الدكتور جابر نصار، المقرر العام، أن تحذف عبارة «عن شىء منها» فقط.

فعلق محمد عبدالعزيز، المقرر المساعد للجنة نظام الحكم، قائلا: «عن شىء منها» كانت موجودة فى دستور 1923.

فتدخل الكاتب ضياء رشوان موضحا: المعنى مختلف تماما بين التجزئة والتنازل، فالتنازل ربما يعنى تنازلا بدون تجزئة، فمثلا قد تعطى الدولة حق احتكار أو الملكية بداخلها، وبالتالى أرى أن يبقى النص كما هو.

وهنا اقترح اللواء مجد الدين بركات، ممثل القوات المسلحة، وضع عبارة «لا ينزل عن شىء منها» باعتبارها وردت فى دستور 1923 «وهو أدق فى التعبير».

فوافق عمرو موسى على الصيغة، مشيرا إلى أن دستور 1923 كان من أفضل الدساتير، وتلا المادة فى صورتها النهائية، ووافق الأعضاء بالإجماع.

ويتبين من المناقشة أن الحوار حول هذا النص لم يتطرق إلى آثاره القانونية أو دوافع إضافته، على عكس ما حدث فى لجنة الخبراء العشرة، بل إن أعضاء لجنة الخمسين استغرقوا أكثر فى خلافات الصياغة، دون طرح تصور عن الجهة التى يخاطبها هذا النص، ودون مناقشة الآثار التى ستترتب عليه، ودون التطرق إلى أمثلة واضحة للتنازل عن جزء من الإقليم أو تجزئته.

•• الحلقة القادمة: قصة نص المادة 151



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك