«السواركة» أقدم قبائل شمال سيناء ورحلة التسجيل في دفاتر الحياة - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 3:06 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«السواركة» أقدم قبائل شمال سيناء ورحلة التسجيل في دفاتر الحياة

محافظ شمال سيناء يكرم أحد الموثقين - تصوير: رانيا ربيع
محافظ شمال سيناء يكرم أحد الموثقين - تصوير: رانيا ربيع
تحقيق وتصوير ــ رانيا ربيع
نشر في: الثلاثاء 20 يناير 2015 - 11:13 ص | آخر تحديث: الثلاثاء 20 يناير 2015 - 11:37 ص

- الحاج سويلم تزوج منذ 36 عامًا.. وتزوج ولده من 3 أعوام ووثقا زواجهما فى يوم واحد

- شروط معقدة لتسجيل الـ«بدون».. وكشف عائلة غير مصرية أرادت الحصول على الجنسية

- أهالى الجورة سنوات بين المجهول وأوراق الحكومة

- 2500 حالة توثيق زواج واستخراج أوراق ثبوتية منذ 2009.. وشيوخ القبائل ينقلبون من المواجهة للدعم

سنوات طويلة استغرقها انتقال «السواركة» من الحياة البدوية التى لا تعترف بالأوراق الثبوتية، إلى الاعتراف بأهمية التسجيل فى دفاتر الحكومة، وإثبات وجود الفرد كمواطن مصرى يعيش على أرضها.

رحلة القبيلة لاستخراج أوراقها الثبوتية بدأت فى العام 2009 ولازالت مستمرة، عبر مشروع تبنته جمعية «الجورة لتنمية المجتمع المحلى»، لتوعية أبناء سيناء بأهمية توثيق عقود الزواج واستخراج شهادات الميلاد والبطاقات الشخصية، وصل حتى الآن لتوثيق نصف الحالات غير الموثقة فى القبيلة.

«الشروق» رصدت فى رحلة إلى «السواركة» مظاهر التغير التى طرأت على القبيلة، والتحول التدريجى من معاداة كل ما هو خارج عن أعرافهم إلى القبول به نسبيا أو كلية.

ورغم أن «السواركة»، المعروفة بأنها من أكبر قبائل سيناء عددا ومن أقدمها وجودا فى شمال سيناء، ترفض تعليم وعمل سيداتها، إلا أن الفترة الماضية شهدت نجاحات لفتيات صممن على استكمال تعليمهن الجامعى، والتقت «الشروق» بنموذج من بين أولئك السيدات، تمردت صاحبته على أعراف قبيلتها حتى وصلت إلى عضوية المجلس القومى للمرأة، وأخريات خرجن للعمل لمساعدة أزواجهن.

فى أحد أيام 2010 اصطحب الحاج سويلم، ابنه البالغ من العمر 27 عاما، ليوثقا معا زواجهما، لتكن مفارقة تحدث للمرة الأولى، فالأب الذى تزوج منذ 36 عاما، سجل زواجه مع ابنه الذى تزوج منذ 3 سنوات، فى لحظة واحدة.

«قررت تسجيل زواجى بعد 36 عام من إشهاره، لأستطيع اصطحاب زوجتى معى خارج قبيلتنا».. هكذا قال عم سويلم، وهو يجلس فى «المقعد» أو «المجّعد»ـ كما تسمى تلك الأماكن الفسيحة المخصصة لجلسات السمر لرجال سيناء، والمقام أمام جامع منطقة شبانة ــ متوكئا على عكازه، وهو يستقبل ضيوفه بوجه بشوش لم تلوثه هموم الحياة بالمدينة بعد.

لم يكن اتخاذ القرار المخالف للعرف البدوى لقبيلة السواركة، أشهر قبائل شمال سيناء، سهلا فى حد ذاته، لكن ما جرأ الحاج سويلم على اتخاذه، هو جمعية «الجورة لتنمية المجتمع المحلى»، التى تبنت حملة «التصادق على الزواج»، أى إعادة توثيق الزواج البدوى، الذى يتم هناك بناء على الاتفاق أو الكلمة كما يرون، والإشهار، دون وجود أى أوراق ثبوتية للمتزوجين حتى الآن.

يعزف أبناء قبائل شمال سيناء عن توثيق زيجاتهم، لعدة أسباب، أبرزها: بُعدها عن مدينة العريش، التى تقع بها إدارة الأحوال المدنية، حيث تصل المسافة إلى نحو 7 كيلومترات بين العريش وأقرب قرية وهى الجورة، وما يزيد من الأمر صعوبة عدم توافر المواصلات، بالإضافة إلى الإجراءات الحكومية التى تستلزم وقتا، حيث يذهب المواطنين مرتين إلى العريش، واحدة للتسلم، والثانية للاستلام.

واضطر سويلم إلى قراره، بعد أكثر من 3 عقود زواج، لم يستطع التحرك خلالها مع زوجته، بعيدا عن الحى الذى يقطن به، لعدم إثبات علاقتهما كزوجين، كذلك رغبته فى أداء العمرة جعلته يأخذ الأمر على مجمل الجد، لاسيما وأن جمعية «الجورة» وفرت له المساعدة للإقدام على هذه الخطوة.

للقرية طريقان، أحدهما ترابى صنعه الأهالى، والثانى مسفلت صنعته الحكومة، تكثر عليه الأكمنة الأمنية، منذ توتر الأوضاع فى سيناء، وعلى جانبه قرى طالها الدمار، يعقبها قوات حفظ السلام الدولية، ثم أخير قرية الجورة مقر «جمعية تنمية المجتمع المحلى»، التى سجل بها سويلم وولده تصادق زواجهما.

لم يكن الحاج سويلم السواركى، حالة فريدة، بل يصل عدد الحالات المشابهة إلى 5 آلاف حالة، أو أكثر على مستوى الجورى والقرع التسعة المحيطة بها، بحسب تعداد جمعية تنمية المجتمع.

عرفات خضر سالمان، رئيس مجلس إدارة جمعية الجورة، التى تأسست عام 1982، يقول إن الجمعية هدفها الرئيسى تنمية المواطن السيناوى، والتعرف على احتياجاته عن قرب، وتسهيل إجراءات التوثيق وغيرها، وكذلك توفير فرص عمل بالتعاون مع المحافظة.

الجمعية التى أشهرت فى عام 1984 تبنت مشروع الأوراق الثبوتية لأهالى شمال سيناء، فى عام 2009، بعدما وجد مسئولو الجمعية أن كثيرا من السيدات محرومات من حقوقهن، سواء أكان الحصول على معاش الزوج، أو حق التنقل معه خارج البلاد، حسبما يقول خالد زايد، نائب المدير التنفيذى للجمعية.

يتضمن مشروع الأوراق الثبوتية ليس فقط التصادق على الزواج، بل أيضا شهادات الميلاد، والبطاقات الشخصية، واستفاد منه 2500 مواطن سيناوى لكى يكونوا مسجلين بطبيعة العرف الاجتماعى للمنطقة، لأن «الزواج دون أوراق، يترتب عليه عدم استصدار شهادات ميلاد للأبناء، ومن ثم انعدام البطاقات الشخصية لمعظمهم».

« قرية الجورة» تضم بعض المؤسسات الحكومية تجعلها أقرب للمدينة منها إلى القرية، وهو ما ينتظر الأهالى إعلانه قريبا، فهى تضم مدارس لجميع مراحل التعليم، وكذلك المدارس الثانوية بأنواعها «عامة، تجارية صناعية»، وأيضا معهد أزهرى، ويستضيف جميعهم طلاب القرى المحيطة للجورة، فضلا عن مستشفى لكنه «خال من الأطباء».

ما يؤكد لك أن الدولة مرت من هنا، هى خطوط الكهرباء والطريق، بحسب تعبير الأهالى، الذين تبرعوا بالأراضى لبناء المدارس، والمستشفى التى هجرها الأطباء لبعد المسافة، وعدم توافر وسائل المواصلات للذهاب للقرية، فيما عدا يوم الاثنين «يوم السوق»، الأشهر هناك، والتى تنقل فيه المواصلات البضائع والركاب معا، وهو اليوم الأكثر حراكا بالقرية ومحيطها.

اختصرت الجمعية رحلة توثيق الأوراق إلى النصف، فبدلا من الذهاب من القرية إلى العريش، عبر طريق وعر بدلا من الطريق الرئيسى، الذى انتشرت به أكمنة الجيش، بسبب الحالة الأمنية.

وأصبح لا يحتاج المواطن إلا إلى الذهاب لمقر الجمعية، حيث يحضر مندوبون من وزارة الصحة لـ«تسنين»، أى تحديد سن مناسبة لمن لا يمتلك شهادة ميلاد، ومندوب من السجل المدنى لتسجيل الإجراءات التى تخص استخراج البطاقات الشخصية، ومأذون شرعى للتصديق على عقود الزواج لمن يملكها.. هكذا شرح «زايد» خطوات استخراج الأوراق الثبوتية عبر الجمعية.

ووقعت الجمعية بروتوكلات تعاون مع إدارة الأحوال المدنية ووزارتى الاتصالات، والأوقاف، وشكلت لجنة ممثلا بها مندوب عن وزارة الأوقاف، ومندوب عن محكمة الأسرة، واثنان من مشايخ القضاء العرفى بالمنطقة، واثنان من رؤساء المدن، وبعضوية رئيس الوحدة المحلية، واثنان من الجمعية نفسها، وأحيانا بمشاركة المجلس القومى للمرأة، لتسهيل الإجراءات على بدو سيناء، والعمل على استخراج الأوراق بشكل قانونى، لا يمكن الطعن عليه فيما بعد.

كما أصدر المحافظ قرارا بإلغاء رسوم توثيق البطاقات الشخصية، التى تقدر بـ 240 جنيها للمواطن الواحد.

منذ 5 أعوام بدأ نشاط الجمعية فى استخراج الأوراق الثبوتية، ونجحت فى إفادة نحو 2500 حالة ما بين توثيق لشهادات ميلاد، وبطاقات شخصية، وعقود زواج، وهو ما يعادل بحسب إحصائية الجمعية نصف التعداد السكانى ممن لا يمتلكون أوراق ثبوتية بالقرى التسع المحيطة بالجورة، والتابعين لقبيلة السواركة، يستكمل زايد.

وأوضح نائب المدير التنفيذى للجمعية، أنهم عقدوا عشرات الندوات لتوعية أهل الجورة والقرى المجاورة بأهمية توثيق الزواج، وحقوق المرأة، مشيرا إلى أنه رغم رفض مشايخ القبائل فى بداية الأمر لفكرة التوثيق، خوفا من الخروج على العادات والتقاليد، إلا أنه مع مزيد من المناقشات وارتفاع نسبة الوعى لدى شباب القبائل بشكل أكثر، نجحت ندوات الجمعية فى أن تحظى بإقبال من الجميع.

ويفخر أعضاء الجمعية بأن عددا كبيرا من الشباب يوثق زواجه قبل الزفاف، حتى أصبح كتب الكتاب عند الزواج أمرا عاديا، وذلك نتيجة لاختلاطهم بأبناء «وادى النيل» من بقية المدن المصرية، للحد الذى تحول فيه مشايخ القضاء العرفى من رافضى للظاهرة، لداعين لها بين عشائرهم، وأبناء قبائلهم.

حالات نادرة تنتمى لفئة «بدون»، ممن لا يمتلكون أى أوراق ثبوتية، تتبع معهم الجمعية التى حازت ثقة الحكومة، خطوات للتحرى عنهم لتوثيق حالاتهم، وذلك من خلال الاستعانة ببعض الشهود وسؤال الجيران، ومن ثم مشايخ المنطقة القاطنين بها، وحال التأكد من صحة ما يقولونه مطابقة بالشهادات التى حصلت عليها الجميعة، فيتم إجراءات توثيق أسرهم كاملة، أما فى حالات عدم المطابقة، ترفض الجمعية إصدار أى أوراق لهذه الأسرة.

حالة واحدة حتى الآن كشفتها الجمعية، حاولت الكذب لاستصدار أوراق مصرية لها، فى حين أنها لم تكن من مصر بالأساس، هكذا أكد عبدالقادر عبدالكريم، أحد أعضاء الجمعية.

وأضاف عبدالكريم: مثل هذه الحالات النادرة نشرح وضعها لقسم الشرطة، ونسلم أوراق التحريات وشهادات الشهود التى جمعناها، وبدورها تتحرى الشرطة عنها مجددا لمدة 3 أشهر كحد أقصى، وحال عدم وجود أى شبهات تشير إلى عدم مصريتها، يتم اعتماد أوراقها وتسجيل أفرادها والحصول على الجنسية مع أوراقهم الثبوتية.

كذك تواجه الجمعية بعض الحالات التى يقل فيها سن الزوجة عن 18 عاما، وتكون لديها طفل، ما يدفعها لتأجيل التصادق على العقد، وتأجيل استخراج شهادة الميلاد لحين اكتمال العام الثامن عشر من عمرها، وهو ما يؤدى لتسجيل الطفل فى الدفاتر الرسمية بعد ولادته بعدة شهور، بعدما يكتمل سن الأم القانونية، الذى يسمح لها بالزواج طبقا للقانون، الذى حدد سن الطفولة بحتى 18 عاما، وبناء عليه يرفض المأذون أو القاضى تسجيل عقد القران.

ويقول عبدالكريم إن نشاط الجمعية واختلاطها بعشائر القبيلة فتح الباب للتعرف على احتياجات المجتمع بمختلف النواحى، لاسيما المشاكل التى تخص المرأة، وأبرزها حقها فى الميراث، وحقوقها من الزواج حال الانفصال، مشيرا إلى أن هذا المشروع حقق أهدافه وبدا المجتمع فى تحول جذرى إلى أن أصبح معظم شباب القبيلة، يتخذون الإجراءات التى يتبعها «أبناء وادى النيل» من عقد الزواج عند الزفاف.

كان المشروع أيضا إحدى الوسائل التى استطاعت المرأة السيناوية من خلالها الحصول على منحة من وزارة التضامن الاجتماعى، تعرف بمنحة «السيدات»، بعد الانتهاء من استخراج الأوراق الثبوتية، كإعانة لهن على احتياجات المعيشة والحياة بصفة عامة.

رجال السواركة .. قادة العمليات الفدائية ضد الاحتلال

أصل السواركة يعود إلى العدنانية، وهم من ذرية الصحابى الجليل عكاشة بن محصن بن حرثان، من بنى غنم، أحد بطون بنى أسد العدنانية الشهيرة، وهو أسد بن خُزيمة بن مدركة بن إلياس مُضَر بن نزار بن معد بن عدنان.

وقد كان عكاشة بن محصن من أجمل وأتقى الرجال فى عصره ثم نال الشهادة فى سبيل الله أثناء حروب الردة عام 13هـ وكان من صحابة النبى المقربين له.

الحاج سويلم فى لقاء مع محررة الشروق يحكى تجربته بالتوثيق

ويذكر أن السواركة قبيلة عربية أصيلة كريمة، وهى أكبر قبائل سيناء عددا ومن أقدمها وجودا، ينتشرون فى شمالى سيناء فى شرقيّ بلاد العريش وغربيّها ومنهم فروع عديدة فى أنحاء متعدّدة من الديار المصرية. وكان للسواركة دور مشرف فى حرب السادس من اكتوبر عام 1973 إلى جانب القوات المصرية المسلحة ضد اليهود، ومن أشهر رجالها العارف بالله المرحوم الشيخ عيد أبو جرير، الذى توفى فى جزيرة سعود بالشرقية بعد أن نزح من سيناء عقب عدوان يونيو عام 1967 بعد أن قام بدور بارز فى خدمة وطنه أثناء العدوان بما له من نفوذ ومهابة دينية لدى قبيلته وباقى القبائل.

ثم خلفه شقيقه العارف بالله منصور أبو جرير. كما أن الشيخ خلف حسن على الخلفات علم القبيلة ورمزها فى الصمود ضد العدوان الثلاثى، والاحتلال الصهيونى لمصر، وحتى النصر فى أكتوبر عام 1973، والذى عرف بشاب العمليات الفدائية منذ عام 1948 ضد الإسرائيليين الذين احتلوا فلسطين آنذاك ولا يزالوان. وفى الكتاب الذى ألفه الشيخ عرفات خضر سلمان، أحد شيوخ قبيلة السواركة، يقول إن اعتقال القوات الإسرائيلية له بعد نكسة 1968 لمدة ثلاثة أشهر، جعلت منه قائد مقاومة بالجورة وسيناء كلها، مشاركا بكافة الحروب التى نالت من المنطقة، إلى أن أصبح مزارا لكافة محافظى شمال سيناء، ومدير المخابرات، تقديرا لجهوده، والذى وافته المنية عام 2009.

«المشغولات اليدوية».. فرصة العمل الوحيدة للسيدات

جميعة «الجورة» لتنمية المجتمع المحلى، أنشأت بداخلها سوقا لترويج المشغولات اليدوية السيناوية، التى تصنعها السيدات المعيلات بقبيلة السواركة، لتوفر لهن دخلا ماديا، يساعدهن على تلبية احتياجات الأسرة، خاصة وإن كان الأب غير موجود أو بدون عمل.

وتقول فاطمة، البالغة من العمر 43 عاما، لـ«الشروق» إنها لجأت لجمعية «الجورة» لتوفر فرصة عمل لها، معتمدة على ما تتقنه من الأشغال اليدوية.

وخصصت الجمعية غرفتين، الأولى كمخزن، قسمت لجانبين الأولى للمواد الخام، التى توفرها الجمعية للعاملات، والثانية يشغلن فيها «الكوفيات، والشنط»، بينما أعدت الغرفة الثانى كمعرض لجميع المشغولات التى تصنعنها سيدات السواركة.

صالحــة.. للتمرد عنوان

رغم رفض واستهجان البدو لالتحاق فتياتهم بالجامعة، إلا أنها قاومت بدعم وتشجيع من أمها، وقررت استكمال تعليمها فى كلية الآداب بجامعة عين شمس، ثم عملت كمدرسة لعلم الاجتماع بمدرسة التجارة الثانوية بالجورة، وأصبحت الآن عضوا بالمجلس القومى للمرأة.

صالحة حسنين بدأت تمردها بإصرارها على استكمال تعليمها الجامعى، بينما يصر أبناء قبيلتها السواركة على منع فتياتهم من الإقدام على هذه الخطوة، ولم تنجح إلا 14 فتاة فقط من بنات القبيلة فى إكمال تعليمهن حتى الآن، حيث التحقن بجامعتى السويس والزقازيق، الأقرب لشمال سيناء، كما أن الأولى تمتلك فروعا لأقسام كلية التربية بالعريش، «من منطلق الخوف علينا وبحكم العادات والتقاليد أهلنا لا يوافقون على سفرنا وغربتنا».. هكذا تحدثت صالحة، البالغة من العمر 40 عاما، عن أسباب رفض رجال القبيلة التحاق بناتهم بالجامعات، مؤكدا أنها لم ترضخ أبدا له، معتمدة على تشجيع والدتها لها وإصرارها على أن تكمل تعليمها.

صالحة عضو المجلس القومى عن قبيلة السواركة

قرار صالحة، التى تعمل حاليا مدرسة بمدرسة التجارة الثانوية، بالتصدى للمبادئ والأسس الحاكمة لقبيلتها والالتحاق بالجامعة، لم يكن سهلا، ولا مقنعا لوالدها، أبرز المعارضين لفكرة التحاق الفتيات بالجامعة، ورفض التحاقها بكلية العلوم رغم تفوقها، كونها كلية من كليات الانتظام.

وبعد معاناة وافق الأب على التحاق ابنته بكلية الآداب جامعة عين شمس فى عام 1990 بنظام الانتساب فقط، رافضا الحضور الدائم والاغتراب عن الأسرة، وإن كانت الإقامة بمقر المدينة الجامعية.

خروجها للحياة وتعاملها مع الحضر، أو «المصراوية»، لم يكن شفيعا لها للتخلص من الزى البدوى، الذى رافقها طيلة رحلتها بالجامعة، إلا أنها تحايلت عليه باستبدال «البرقع» بالنقاب، الذى ترتديه فتيات «أبناء النيل» ذى التوجه السلفى، كحل وسط بين ما تفرضه ظروفها الجديدة وبين رفض قبليتها بشكل حاسم ظهور وجه المرأة.

تقول صالحة، التى تتولى كذلك منصب مدير مشروع الطفل بجمعية «الجورة»، إن نسب تسرب الفتيات من التعليم مرتفعة جدا، بسبب العادات والتقاليد القبلية، مشيرة إلى أن عدد الفتيات المتعلمات تعليما فوق المتوسط والجامعى، بلغ 14 فتاة فقط.

عملها بالجمعية جعلها أكثر قربا من فتيات مجتمعها، «أتلقى منهن شكاوى مستمرة بسبب تعنت أسرهن تجاه استكمالهن تعليمهن»، هذكا تؤكد صالحة، التى تحاول التدخل من آن لآخر لإقناع أسر الفتيات بأن يسمح بإكمال تعليمهن، وتنجح تارة، وتفشل تارة أخرى، لكنها ما زالت تصر على مساعدتهن.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك