رسائل الدورة «67» للعالم.. صور ضد الجدران العازلة - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 10:17 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

رسائل الدورة «67» للعالم.. صور ضد الجدران العازلة

برلين ــ خالد محمود:
نشر في: الإثنين 20 فبراير 2017 - 9:50 ص | آخر تحديث: الإثنين 20 فبراير 2017 - 9:50 ص

«ماوس البرية».. فيلم يحذر من تقلبات المجتمع المفاجئة وسط دموع وابتسامات
الممثل جوزيف هادر يحقق ضربة ثلاثية على شاشة «برلين السينمائى»
أسدل الستار أمس ــ الأحد ــ فاعليات الدورة السابعة والستين لمهرجان برلين السينمائى الدولى، الذى شهد هذا العام، وعلى مدى عشرة ايام، عرض مجموعة متميزة من احدث الانتاجات السينمائية لعام ٢٠١٧، والتى قدمها عدد من المخرجين وصناع السينما البارزين حول العالم.
ضمت المسابقة الرسمية ١٨ فيلما تنافست على جوائز الدب الذهبى والفضى، بالإضافة إلى مجموعة افلام اخرى فى القسم الرسمى خارج المسابقة، والتى قدمت موضوعات شائكة وأفكارا جريئة واكتشافات مبهرة لجيل من الموهوبين، وكان المشهد السياسى حاضرا على شاشة المهرجان سواء داخل قاعات العرض عبر موضوعات الافلام أو خارجها، حيث قام ديتر كوسليك، مدير مهرجان برلين السينمائى بمشاركة النجوم فى وقفة أمام سور برلين، ضمت الممثلة البريطانية سيينا ميلر والمخرج المكسيكى دييجو لونا والممثل الألمانى دانيال برول والمخرج الهولندى بول فرهوفن وأعضاء لجنة التحكيم، حيث التقطت المجموعة عددا من الصور فى رسالة منهم لتعزيز السلام والوحدة بدلا من العزلة وراء الجدران.
استهل المهرجان أيامه ومسابقاته بفيلم يعلى صوت الفن والموسيقى على صوت القمع والاضطهاد، وهو «جانجو»، للمخرج الفرنسى إتيان كومار فى أول فيلم روائى طويل له.
والفيلم يدور حول مسيرة العازف الشهير جانجو رنهاردت، مؤسس الجاز الغجرى.. ويرصد العمل الصعوبات ورحلة الشقاء التى تعرضت لها أسرته خلال الاحتلال الألمانى لفرنسا عام 1943، ومطاراتهم فى كل مكان وتنقله من مكان لآخر مع حفاظه على مواصلة عمله الفنى ليصبح واحد من أشهر العازفين وهو العمل الذى يقوم بإخراجه الفرنسى إتيان كومار، ومن الافلام التى نافست ايضا على الجوائز «امرأة رائعة»، للمخرج سيباستيان ليليو وبطولة دانيلا فيجا وفرانسيسكو ريايز ولويس جنيكو والين كابينهيم وأمبارو نوجيارا، والفيلم المجرى «عن الجسد والروح» و«فيليستيه» بطولة بابى ماباكا والمخرج الين جوميز والممثلة فيرو تشاندا بيا وجيتان كلوديا، ونادين ندبو وعزيزة كينجومبى، والصورة النهائية، وجواكيم، والجانب الآخر من الأمل، و«البار»، و«الداية» بطولة كاترين دينيف وفيلم «فيلدا ماوس» أو «ماوس البرية»، ويكمن سحر هذا الفيلم، فى كون مخرجه أراد أن يرتدى بطله ثوب السخرية والعبث فى مواجهة صدمات المجتمع وأزماته التى أحاطته وأطاحت به من طابور الاحلام.. لتبدو الحكاية كملهاة رغم انها مليئة بالمواقف الانسانية الصادقة.
فيلم «ماوس البرية»، انتاج نمساوى ــ المانى، ويقدمه الممثل الكوميدى جوزف هادر فى أول أفلامه كمخرج ومؤلف، ونافس فى المسابقة الرسمية للدورة ٧٣ من مهرجان برلين السينمائى، وهو بحق تجربة مهمة ومختلفة بجاذبية مفاجآت احداثها، وأيضا اداء بطلها المبهر، والذى هو المخرج ايضا، بتجسيده شخصية درامية مضحكة، فيرى المشاهد «جورج» الناقد الموسيقى الذى يشعر بالثقة والطمأنينة فى منصبه كعضو فى هيئة تحرير صحيفة «فيينال» منذ ربع قرن، فهو شخص ناجح يتمتع بقلم حاد، ولكنه يفاجأ ذات صباح برئيسه فى العمل يستغنى عنه، حيث اخبره انه لم يعد بحاجة اليه لخفض التكاليف، ولم يستطع جورج ان يخبر زوجته الشابة جوانا التى يحبها بجنون، لأنها تحلم بحياة افضل وبإنجاب اطفال، حيث يستيقظ كل يوم ويذهب إلى احد المتنزهات الشهيرة بفيينا، ليقضى وقته هناك يقرأ الجرائد ويشاهد البشر من حوله، ثم يعود إلى المنزل فى موعد عودته من العمل، ويتكرر الامر وهو يفكر فى ان ينتقم من مديره، الذى استغنى عنه مستبدلا إياه بصحفية أصغر سنا وأقل تكلفة، وعبر عدة مواقف ساخرة يحاول ان ينفس عن غضبه، مرة يكسر سيارة المدير، ومرة يطفئ له الانوار ويكسر الكشافات، وفى النهاية يلجأ جورج للعيش فى مدينة الملاهى.
الحوار يبدو فى معظم المشاهد لاذعا وساخرا من خبطات المجتمع المفاجئة للناس، بدءا من مشهد البداية شبه المأساوى التى تخبره فيه مسئولة الموظفين بإنهاء عمله، لكن رد فعل جورج وطريقة استقباله كشفت اللون الساخر والرائع لمنهج الحوار الذى يسير عليه الفيلم، ليجىء رد فعل الناقد جورج ليقول للمسئولة «قرائى سيعترضون» وتأتى الإجابة الأكثر سخرية: «أشك.. معظمهم ميت»! وفى مشهد مؤثر يجمع بين جورج وزوجته تواجهه فيه بالكذب عليها بعد ان عرفت من المدير انه تم فصله، ويجب ان يتوقف عن مضايقته والاضرار بممتلكاته، وقف الاثنان يواجهان بعضهما، هى تصرخ وهو يصمت مبتسما من قدر اللحظة، وتتركه الزوجة ليلهو للحظات مع معظم العاب الملاهى هروبا من الموقف.
استطاع النجم جوزيف هادر فى اول تجاربه الإخراجية وعبر مفردات فنية مدهشة فى مقدمتها سيناريو جذاب، هو كاتبه ايضا، تشعر معه بحياة وسرد مدهش دون ملل وموسيقى تعايش نغماتها الحالة باقتدار ان يروى قصة هى مزيج من الدموع والابتسامات عن مخاوف خاصة من الفشل والتراجع الاجتماعى النمساوى، لأن جورج الذى لم يكن على دراية بما يحدث فى العالم الحقيقى من حوله قبل سقوطه، ليس مجرد حالة فردية اوحت بأزمة منتصف العمر فى بعض المواقف، لكنه يعكس بحق حالة عامة وهواجس من المستقبل وسط الطبقات البرجوازية وغيرها التى يمكن ان تنحرف بعيدا عن سلوكياتها وتنهار جراء المتغيرات الاقتصادية، فالكوميديا السوداء السائدة هنا وبتقلباتها ورسائلها التى تحمل اكثر من معنى تكشف وجها آخر من وجوه الحياة البورجوازية الصغيرة فى النمسا، التى ربما ستصاب بخلل مفاجئ فى تركيبتها نتيجة احداث تهدد بقاءها.
نهاية الفيلم بمعالجتها التراجيكوميدية أوحت ان بطلنا اختار جلد الذات ومحاولة تدميرها، ونحن نسمع معه عن مآس يعيشها العالم من هجرة وحروب، لنجد بطلنا يرقض فوق الثلوج فى احدى مناطق الجبال الثلجية ويخلع ملابسه ربما فى محاولة لإحداث ضجة حوله بعد حالة صمت طويلة وتجاهل، وربما لإفاقة نفسه أو عقابها، وهى النهاية الرائعة التى يحقق بها جوزيف هادر ضربة فنية ثلاثية بمهرجان كبير مثل برلين السينمائى كونه البطل والمخرج والمؤلف.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك