«دوفلاتوف».. السينما الروسية ترد الاعتبار لحياة مبدعيها - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 12:00 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«دوفلاتوف».. السينما الروسية ترد الاعتبار لحياة مبدعيها

رسالة برلين ــ خالد محمود:
نشر في: الثلاثاء 20 فبراير 2018 - 8:20 م | آخر تحديث: الثلاثاء 20 فبراير 2018 - 8:20 م

-الفيلم يكشف كيف واجه كاتب عظيم وضعًا سياسيًا قاسيًا فى حكم برجينيف.. وأصبح رمزا للتمسك بالحلم


للسينما الروسية بريق خاص و بصمات لا تُنسى عبر تاريخها، حتى وان كانت اهتزت فى لحظات من الزمن، لكنها لا تتوقف عن تقديم اعمال متوهجة، واسماء مهمة فى مجال الاخراج، مبدعين ومفكرين، تركوا ومازالوا بصمات مهمة فى تاريخ السينما، وكثيرا ما تصعد تلك الاسماء إلى منصات التتويج، وهذا العام شاهدنا على شاشة مهرجان برلين السينمائى واحدا من تلك الافلام التى سيكون لها نصيب الاسد من الاعجاب وربما جوائز الدب الذهبى أو الفضى، وهو فيلم دوفلاتوف Dovlatov الذى ينافس به المخرج الروسى أليكسى جيرمان، وهو انتاج روسى بولندى يتناول على مدار 126 دقيقة سيرة ذاتية للكاتب سيرجى دوفلاتوف عبر ستة أيام فى حياته وكيف حافظ على موهبته فى ظل ظروف الدولة القاسية.

 

الاحداث تدور فى لينينجراد، أول نوفمبر 1971. حيث المدينة محاطة بالضباب. ويجرى الاحتفال بالذكرى السنوية التقليدية للثورة، ولكن البلد لم يحرز أى تقدم ــ سياسيا أو اقتصاديا أو ثقافيا. وكان سيرجى لديه خبرة مباشرة بحكم احتكاكه بالبشر عن اسباب الركود، التى يريد ان يكشفها، لكن وسائل الاعلام الرسمية ترفض رغبة الكاتب الشاب فى كشف الحقائق؛ ووجهة نظره حول الأشياء والناس، وشعر بأن ما يريد ان يكتبه غير مرغوب فيه، وقد واجه آخرون مشاكل مماثلة، ومن هؤلاء صديقه جوزيف برودسكى الذى تنفيه الدولة. ولكن سيرجى عازم على البقاء وان يعيش حياة طبيعية مع زوجته لينا وابنته كاتيا، رغم الخلاف الدائم مع زوجته التى تحبه وتدعوه للتغيير من أجل أسرته، لكنه يريد أن يكتب عن موضوعات وأفكار تكشف الواقع ويفضحه حول عمال بناء السفن، أو بناء المترو حيث يتم الكشف عن جثث ثلاثين طفلا قتلوا خلال الحرب العالمية الثانية فى يوم واحد من الحفر.

 

يستخدم فيلم أليكسى جيرمان سرد التفاصيل على طريقته الخاصة، عبر تتبع لقطاته التى تشبه اللوحات الضخمة والممتده لتصوير عالم الكاتب الروسى اليهودى سيرجى دوفلاتوف (1941ــ1990)، الذى منعت كتاباته الساخرة عن الاوضاع ومنها الاحتفالات الشيوعية، من طباعتها فى الاتحاد السوفييتى تحت رئاسة بريجنيف، حيث كان هناك تقييد كبير للحريات، وكانت الكتابات يتم وضعها تحت الرقابة، وهنا تروى الرحلة التى تصور وضع بطلنا ومجتمعه المأساوى فى لحظات التمرد، والألم والتعب، وايضا الرقص المثير الذى كان وجوده متتابعا لصورة واقعية لحقبة من الركود وآثاره المدمرة، وسط ثلوج بيضاء كعلاج بصرى.

 

وقد شكل المخرج ثنائيا ملهما مع المصور ايد لوكاس، كما بدا الحوار والسيناريو وكأنه قطعة من الشعر.

 

ويبدو انه ستظل دائما حياة ونضالات الكتاب المنشقين والمبدعين والفنانين غير المقدرين مجتمعهم فى الاتحاد السوفيتى دائما موضوعا رئيسيا للسينما الروسية وصناعها من أجل الاعتراف بهم وبأنفسهم، وفى فيلمنا ينجح أليكسى جيرمان بأسلوبه الكلاسيكى فى فرض رؤية الحلم وضبابه مع دوفلاتوف الذى اعترف بعبقريته الجميع بعد وفاته عن 48 عاما، ونشرت اعماله وحققت الملاين بعد رفضها ورفضه.

 

الجميل بالفيلم، هو ايقاعه اللافت، انه بالرغم من تركيبة الفكرة الثقيلة، فإنه حافظ على عنصر التشويق بصورته بحركة الكاميرا فى رصده لأزمات مجتمع وشخصيات وكذلك قسوة السلطة المتمثلة فى بوليسها، وايضا بالاشارة إلى الاعتراف إلى بعض عمالقة الادب فى القرن العشرين من يفتوشينكو وماندلستام إلى ستينبيك ونابوكوف، واخيرا دوفلاتوف».

 

قدم الممثل الصربى ميلان ماريتش بتجسيده لشخصية دوفلاتوف دورا رائعا ومدهشا وصادقا ربما يؤهله للمنافسة على جائزة التمثيل، وخاصة فى المشاهد التى يجد فيها دوفلاتوف الراحة فى حياة الرفاق المفكرين مثل برودسكى (أرتور بيششاستني)، والاستماع إلى موسيقى الجاز وغناء «المحبة المحبة»، وتبادل قصص الإحباط، وفى النقلة النفسية لدوفلاتوف الذى يتكيف أيضا مع حياة عائلية غير مريحة هو وزوجته لينا (هيلينا سوجيكا) مع التفكير فى الطلاق، ومصير ابنته كاتيا (إيفا جير)..حيث يرفض الهزيمة الكاملة، فعلى الرغم من أن موهبته كان معترفا بها على نطاق واسع فإنه سعى للدخول فى اتحاد الكتاب. فبدون العضوية، لا يمكنه نشر أى شيء إلا التقارير التى لا معنى لها والمقابلات لصحيفة.

 

ينتهى الفيلم بعد ستة أيام، وقبل ثمانى سنوات من تمكن دوفلاتوف من الهجرة إلى الولايات المتحدة مع عائلته (توفى فى عام 1990 عن عمر 48 عاما فقط، بعد عام واحد فقط من نشر أعماله فى بلده الأصلي) ليظل رمزا للرفض المأساوى للاتحاد السوفيتى لأكبر الفنانين والمواهب.

 



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك