أئمة مجددون: ابن رشد «فيلسوف الموحدين».. حارب الجهل فكفروه وأحرقوا كتبه - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 6:14 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أئمة مجددون: ابن رشد «فيلسوف الموحدين».. حارب الجهل فكفروه وأحرقوا كتبه

ابن رشد
ابن رشد
كتب ــ محمود هاشم:
نشر في: الأحد 20 مايو 2018 - 9:54 ص | آخر تحديث: الأحد 20 مايو 2018 - 9:54 ص

«أكبر عدو للإسلام جاهل يكفِّر الناس، إذا أردت أن تتحكم فى جاهل عليك أن تغلف كل باطل بغلاف دينى، فالتجارة بالأديان هى التجارة الرائجة فى هذه المجتمعات»، ليس هناك أبلغ من هذه الحكم لوصف الواقع الذى كان يعيشه الطبيب والفقيه والقاضى والفلكى والفيزيائى الأندلسى الوليد بن محمد بن أحمد «ابن رشد»، والمستقبل الذى يستشرفه، الذى قاده شغفه بالتعلم والتنوير والفلسفة إلى «مصير» النفى والتكفير.

بين فترة نشوء دولة جديدة تنشد الازدهار «الموحدين»، ولد ابن رشد فى قرطبة التى كان جده قاضيا فيها، ومكنت له نشأته ضمن أكثر الأسر وجاهة فى عصره تحصيل العلوم الشرعية والعقلية فى سن مبكرة، كما كان ينذر نفسه للمعرفة حتى قيل عنه إنه لم يدع النظر ولا القراءة منذ عقَل، إلا ليلة وفاة أبيه وليلة بنائه على أهله، وهذا ما دفع عبدالمؤمن، خليفة دولة الموحدين الأول فى المغرب والأندلس، إلى طلب مشاركته فى لجنة لإعداد القيادات الشابة لدولته الناشئة، كما عينه ابنه المتنور يوسف بن عبدالمؤمن، قاضيا لإشبيلية وقرطبة وطبيبا وجليسا له، وعهد إليه تلخيص وشرح أعمال أرسطو.

ناظر الفيلسوف الصوفيين، متعارضا معهم فى طريقهم لعدم اتفاقه مع العقل، بحسب وجهة نظره، فرد على «تهافت فلاسفة» أبى حامد الغزالى بـ«تهافت التهافت»، واستدعى ابن عربى، لمساءلته فى المعارف التى وصل إليها من خلال خلوته، بينما تحتاج إلى سنوات من القراءة والتدبر، وانتهى إلى القول بعدم إقامة برهان على أى قول صوفى، لكونه نزعة شخصية وجدانية.

ورغم المكانة الكبيرة التى كان يحظى بها الفقيه الأندلسى، فإنه لم يكن على وفاق مع الخليفة الثالث المنصور بن يوسف، الذى حرض الفقهاء والعوام ضده، اعتقادا منه أن كتابه «الضرورى فى السياسة» يطعن فى سياسته ويهدد أركان حكمه، وأخذ قوله «إن الله لا يمكن أن يعطينا عقولا ويعطينا شرائع مخالفة لها» على أنه كفر بالتشريعات السماوية، بل زعم البعض عليه قوله فى شروحه لفلسفة أرسطو إن «كوكب الزهرة أحد الآلهة».

استدعى ابن رشد إلى مجلس المنصور، وأهين ولعن أمام الحاضرين، كما اتهم بالكفر والزندقة، وأمر الحاكم بالتنكيل به بإحراق جميع كتبه، عدا المختصة بالطب والحساب والفلك، فضلا عن التنكيل بتلاميذه، فباتت الفلسفة جريمة يخشى العامة التحدث فيها خوفا من رجمهم أو حرقهم، وانتهى الأمر بنفيه من قرطبة إلى مراكش.

شروح وترجمات «أبى الوليد» لأرسطو وغيره، وكتاباته الخاصة، كانت سبيل الهداية للأوروبيين فى العصور الوسطى، بل والحضارة الإنسانية عامة فيما بعد، حتى إن جون سارتون صاحب «تاريخ العلوم» قال إن عظمته ترجع إلى الضجة الهائلة التى أحدثها فى عقول الرجال لعدة قرون، ومن شدة تقدير الغرب له أطلق علماء الفلك فى مرصد بالومار كويكبا باسمه، بعد اكتشافه فى 1973، بينما لا يزال المسلمون غافلين عن قيمته حتى الآن.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك