«الشروق» ترصد دعاية «داعش» لأسر العقول والقلوب - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 2:25 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«الشروق» ترصد دعاية «داعش» لأسر العقول والقلوب

كتب ــ حسام حسن:
نشر في: الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 11:46 ص | آخر تحديث: الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 11:46 ص

التنظيم يغرى الناس بإقامة دور مسنين وإصلاح أعطال الكهرباء والكبارى.. ويرهبهم بالقتل والأسلحة الثقيلة يدغدغ مشاعر البسطاء بالحديث عن استعادة أمجاد الخلافة والانتصارات فى الحروب الصليبية

مجلة «دابق» الداعشية تحمل رؤية سياسية ودينية وعسكرية بينما تكتفى مجلة القاعدة بالتحريض على الغرب

«داعش» ليس مجرد تنظيم إرهابى يصول ويجول فى سوريا والعراق، يسبى نساء ويقتل أطفال وعزلا فى قصف عشوائى، كما يصوره الإعلام الغربى، فخطره يتخطى ذلك بكثير، فالتدمير ليس فقط بالقضاء على البنية التحتية، بل أيضا بتقويض البنى العقلية والمعرفية.

فالتنظيم، الذى يتعرض يوميا لضربات جوية من تحالف غربى ــ عربى، تقوده الولايات المتحدة، يملك آلة إعلامية قوية قادرة على التأثير فى ملايين البشر الخاضعين لحكمه فى «دولة الخلافة»، التى أعلنها فى يونيو الماضى، وأحد أهم أركانها هى مجلة «دابق»، التى صدر أحدث أعدادها قبل أيام، وهو الرابع منذ صدورها عقب تأسيس «الخلافة».

بمجرد المرور سريعا على صفحات «دابق» إلكترونيا، يمكن تحديد أسس الدعاية التى يتبعها التنظيم، لأسر عقول الخاضعين لحكمه، فى شمال وشرق وغرب العراق، وشمال شرقى سوريا، على أمل تقوية الحاضنة الشعبية له.

أول هذه الأساليب هو إعادة إحياء مصطلحات تعكس ماضيا مجيدا فى تاريخ المسلمين، للتأثير على قلوب الناس وإيهامهم باستعادة الماضى. فغلاف العدد الرابع من المجلة يحوى صورة تعبيرية تظهر علم «داعش» مرفوعا على سارية طويلة فى ساحة القديس بطرس بالفاتيكان، رمز المسيحية الكاثوليكية، ومدون بحروف كبيرة فى منتصف الغلاف عبارة «فشل الحرب الصليبية»، فى استعادة لأمجاد المسلمين وانتصاراتهم فى الحروب الصليبية قديما.

كما حمل غلاف العدد الأول خريطة كبيرة للعالم الإسلامى دون الحدود التقليدية للدول، وملونة بالأصفر فقط، فى إشارة إلى الصحراء التى كانت تميز عصر الخلافة الإسلامية الأول، ومدون بخط كبير فى منتصف الصورة «عودة الخلافة». وهذا كله يستهدف بالأساس أسر عقول وقلوب الناس باستعادة رمزية لأمجاد ولت.

«داعش» أطلق على المجلة اسم «دابق»، وهى قرية سورية ورد فى حديث للرسول (ص) أنها ستشهد معركة آخر الزمان بين المسلمين والغرب، قبل أن يهزمهم المسلمون ويفتحوا قسطنطينية (إسطنبول حاليا)، وشهدت القرية بداية تأسيس الخلافة العثمانية، بعد نجاح السلطان سليم الأول، فى هزيمة حاكم مصر، قنصوة الغورى فيها، وبعدها دانت له بلاد العرب. وهو اسم يعكس الرسالة التى يريد التنظيم إيصالها ويصور فيها نفسه على أنه القوة التى ستقود المسلمين فى معركة آخر الزمان الفاصلة والمقدسة.

والمجلة على الطراز العالمى، وبها قدر كبير من الاحترافية فى التعامل مع الألوان والصور، وتوظيفهما، وكذلك فى كتابة عناوين براقة، ولغة إنجليزية سليمة. وورد فى المجلة أسماء بعض الصحفيين، بينهم إمام أحمد، أبو داود، ابن ماجة، جون كانتيل، دون أن تذكر أسماء هيئة تحرير المجلة.

ومن بين الأساليب التى يعتمدها التنظيم فى الدعاية، ترهيب من يسميهم بـ«الصليببين» (التحالف الدولى) وكذلك الخاضعون لحكمه، حيث تمتلئ صفحات المجلة بصور قتلى الجيش العراقى وحزب العمال الكردستانى، ومعظم الإصابات بالرصاص فى الرأس، فضلا عن صور لأسلحة ثقيلة يمتلكها التنظيم، بينها دبابات وصواريخ وعربات دفع رباعى والسلاح المتعدد الطلقات.

ويغرى «داعش» الناس فى الأماكن التى يسيطر عليها، ويقدم دعاية خارجية لجذب أعداد ممن يعتبرهم «مجاهدين» من دول العالم، عبر ما يقول إنه تقدم فى البنية التحتية بالأماكن التى يسيطر عليها، فُيظهر بالصور أحد الكبارى قبل وبعد تطويره، وكذلك عمليات إصلاح أعطال كهرباء وتنظيف الشوارع، ومؤسسات دشنها حديثا، منها دور رعاية المسنين، وعيادات رعاية الأطفال.

ويلجأ «داعش» لوسيلة أخرى فى تسويق وجهة نظره إلى العالم، وهى الرد على الغرب بالحجة نفسها، فى باب تحت عنوان «كلمات العدو»، به تفنيد واضح لاتهامات واشنطن لعناصر التنظيم بقتل وترويع وتجويع المدنيين الإيزيديين فى جبال سنجار، شمالى العراق.

ففى العدد الرابع قصة خبرية عن استهداف طائرات التحالف موكب سيارات يقل أطفال ونساء «المجهادين»، وهى فى طريقها من ولاية البركة إلى ولاية نينوى (أسماء أماكن خاضعة له بشمال العراق)، وقتل الأطفال والنساء.

وعرض التنظيم صورا لأطفال «المجاهدين»، وهم غارقون فى دمائهم، وقال إن الحادث وقع ليلة 15 سبتمبر الماضى، وضمن قصته عبارة لرهينة أمريكى ذبحه فى وقت سابق، جاء فيها: «أخبرتهم كثيرا أنى صحفى، ولكن كما يقولون؛ هل تفرق الولايات المتحدة بين من يحمل السلاح والعزل؟».

الملاحظ أيضا فى مجلة «داعش»، كثرة الاستعانة بأحاديث نبوية وآيات قرآنية، فضلا عن عبارات لأبو مصعب الزرقاوى، مؤسس التنظيم الذى قتل قبل سنوات. واستهل التنظيم العدد الرابع برسالة تعكس إيمانا بـ«وعد الله»، أى النصر، وتحمل صورة القدس، فى إشارة إلى ما يقول التنظيم إنه هدفه، وهو ما يبدو غير منطقى، لأن التنظيم صمت وقت الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة.

ويترجم التنظيم المجلة إلى الإنجليزية والروسية والفرنسية والألمانية، لتصل لأكبر عدد من الناس، ما يعكس رغبته فى التمدد وجذب أكبر عدد من الأتباع. وظهرت رغبة «داعش» فى تجنيد المزيد ممن يسميهم «الجهاديين»، فى الدعوة الرئيسية التى تضمنها العددان الثانى والثالث من المجلة؛ حيث دعا إلى الهجرة إلى «دولة الخلافة»، وحث من لم يتمكن من ذلك على «تسهيل» هجرة غيره.

وتختلف منشورات «داعش» عن منشورات تنظيم القاعدة، وبالأخص مجلة «انسبير» القاعدية، فى أن «دابق» تحمل رؤية عسكرية وسياسية ودينية شاملة، عكس منشور القاعدة الذى كان يقتصر على تحريض «الجهاديين» على مهاجمة أهداف الغرب، بينما تهدف «دابق» أيضا إلى تقوية حاضنة «داعش» الشعبية فى أماكن سيطرة التنظيم وجذب من يسميهم «جهاديين» من الغرب إلى بؤر الصراع مع التحالف الدولى.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك