حكايات القصور.. الحلقة الخامسة: أحمد حسنين باشا على خطى «مكيافيلي» - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 3:25 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حكايات القصور.. الحلقة الخامسة: أحمد حسنين باشا على خطى «مكيافيلي»

أحمد حسانين باشا
أحمد حسانين باشا
كتب- حسام شورى
نشر في: الإثنين 21 مايو 2018 - 1:33 م | آخر تحديث: الإثنين 21 مايو 2018 - 1:36 م

تواصل «بوابة الشروق»، نشر حلقات مسلسلة تروي طرائف ولطائف من حياة حكام مصر في العصر الحديث، من واقع حكايات موثقة كتبها أشخاص معاصرون لهم في مذكراتهم أو كتبهم السياسية، أو رواها الحكام عن أنفسهم.

ولا ترتبط «حكايات القصور» بأحداث خاصة بشهر رمضان، وإن كان بعضها كذلك، كما لا تقتصر «الحكايات» على القصص ذات الطابع الفكاهي، أو المفارقات التي تعكس جوانب خفية في كل شخص، بل يرتبط بعضها بأحداث سياسية واجتماعية مهمة في تاريخ مصر.

وإلى الحكاية الخامسة:
---------------------
كان أحمد حسنين باشا «1889-1946»، رئيس الديوان الملكي في عهد الملك فاروق، من الشخصيات المؤثرة في المشهد السياسي المصري بشكل كبير، وكان أيضا أحد الشخصيات المؤثرة في القصر والمتحكمة من خلال أدوات كثيرة استطاع «حسنين» استخدامها كلها بذكاء شديد.

اختلفت آراء الناس وتعددت الصور التي يرسمونها لـ«حسنين»، فالذين عرفوه وأحبوه رسموا له صورة البطل، وبعض الذين لم يعرفوه رسموا له صورة كريهة قاتمة، وإنه خائن وصنيعة الإنجليز الذي يخدم مصلحة خصوم بلاده من السمتعمرين، والبعض الآخر صوره شخصا لئيما نفعيًا ووصوليًا ونهازا للفرص، وبعض من الصحفيين رسموا له صورة الرجل المدين بكل شيء للصدفة؛ فهو رجل عادي كسول يحب أن يعيش هنيئًا، ولم يؤت من الذكاء والعلم إلا قليلا، ولا يفهم في السياسة شيئا.
والمفارقة هي أن أحمد حسنين نفسه كان يحرص على أن يطبع هذه الصورة في نفوس الجميع ممن يلقاهم من ساسة وزعماء، وكان يحب أن يعتقد الناس فيه الغباء بل «الهبل» وأنه رجل لا يُخشى شره أو «طرطور» أو ساعي بريد ينقل إليهم الأوامر السامية من الملك، أو يرفع آراءهم ونصائحهم لجلالته، دون أن يكون له رأي أو مشورة في الموضوع.

وصدقه البعض في أول الأمر ثم اكتفشوا حقيقته وكرهوه، وآخرون أحبوه، ولكنه استطاع أن يكشف بعض من الساسة المتملقين الذين يريدون الفوز بمقاعد الحكم، وفضح ألاعيبهم أمام الملك فاروق، وفوت عليهم فرص الجاه والسلطان.

والحقيقه أن أحمد حسنين، لم يكن بطلا ولم يكن خائنا لبلاده، وإنما كان رجلا ذا مطامع واسعة، لم يستطع إخفاءها وراء قناع الزهد في المناصب، والجهل بالسياسة؛ كان يطمع أن يكون رئيس الوزارة والرجل الأول في الدولة، ولكنه لم يمض إلى هذا الهدف مباشرة وفي خط مستقيم، بل كان متخذًا «السياسة المكيافيلية» سياسة له في حسمه للأمور!

وهذا ما كشف عنه زميله في الدراسة حفني محمود، عندما رأى «حسنين»، يقرأ كتابا، ولكن «حسنين» حاول إخفاءه عن صديقه، ولكن «حفني» استطاع أن يقرأ عنوان الكتاب، وكان الكتاب هو «الأمير» لمؤلفة الفلورنسي نيكولا مكيافيلي، والذي وضع كتابه على أساس «الغاية تبرر الوسيلة».

هكذا فضح حفني محمود، صديقه الذي اتخذ سياسة الخبث واللف والدوران، وكل وسيلة مشروعة في سبيل تحقيق الغرض والوصول إلى الهدف، وكان أحمد حسنين يضع خططه بدقة وإحكام، وينفذها بكياسة ومهارة وحذر، ولا يضيق صبره مهما طال الآجل، أو لاقى صعوبات، وكانت الخطوة الأولى الواسعة في طريق تحقيق أطماعه هي مصاهرة الأسرة المالكة.

واستطاع الشاب النحيل الوسيم، الأنيق في ملبسه، الساحر في حديثه والرشيق في حركته، أن يفتن «لطيفة» ابنة الأميرة شويكار زوجة الملك فؤاد وتزوجها «حسنين»، وأصبح من أصهار الأسرة المالكة وزوجا لأخت الأميرة فوقية ابنة الملك فؤاد، وبعد هذا الحدث لم يعد يستطع أي رئيس أو وزير أو أمير أن يتجاهل هذا الشاب.

وكان هذا الزواج غير مقصود لذاته، بل كان وسيلة لأغراض أخرى، ولتحقيق مطامع أوسع، والدليل على ذلك أن «حسنين» لم يكن يحب لطيفة وقت زواجه منها، ولكن بعد العشرة والزواج أحبها وأنجبت لها أولاده.

ويقول «حسنين» عن زوجته: «إن لطيقة كريمة رقيقة حنون تستحق كل حب، وهي أم مثالية، ولقد أحببتها بعد الزواج كما لم أحب امرأة أخرى»، وبالرغم من ذلك طلقها «حسنين» في سبيل تحقيق مطامع أوسع تطلبت انفصاله عنها!.

- المصدر: محمد التابعي، من أسرار الساسة والسياسة-أحمد حسنين باشا، دار الشروق

إقرأ أيضاً

حكايات القصور.. الحلقة الرابعة: لماذا رفض الملك فاروق استجمام «تشرشل» في اسوان؟



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك