إبداع محفوظ عبدالرحمن.. دراما كبرى لحكايات بشر وتاريخ لأحلامنا - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 9:29 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إبداع محفوظ عبدالرحمن.. دراما كبرى لحكايات بشر وتاريخ لأحلامنا

خالد محمود
نشر في: الإثنين 21 أغسطس 2017 - 10:26 ص | آخر تحديث: الإثنين 21 أغسطس 2017 - 11:59 ص

• قدم تجربة ملهمة بقدر ما جسدت قيم الالتزام دون ادعاء أو زيف..
• القضايا الأساسية لديه هى قضايا العدل والإنسانية والوعى والضمير

يبقى المؤلف والكاتب محفوظ عبدالرحمن مبدعا كبيرا، ظل أسيرا لفنه وابداعه ومعاناته مع المرض ايضا، لم يترك منطقة فنية إلا وأبدع فيها، وترك بصمته الخاصة، حيث إن أعماله الفنية أثرت الدراما والمسرح والسينما وتنوعت بين الدينية، والتاريخية، والاجتماعية، والسير الذاتية، على مدار عهود، واستطاع أن يقدم من خلالها حالة فريدة من الدراما الإنسانية والاجتماعية.. ومهما طال الزمن ستظل علامة فنية مميزة فى التاريخ والوجدان كواحد من أهم مؤلفى الدراما العربية الذين ارتبط بهم الجمهور ارتباطا وثيقا.

عشق محفوظ عبدالرحمن الكتابة والتأليف مبكرا، حيث بدأ المشوار أثناء دراسته بالجامعة، وبعد تخرجه مباشرة عمل فى دار الهلال، واستقال من العمل بها عام 1963، ليعمل بعد ذلك فى العديد من الصحف والمجلات مثل: «الآداب، الثقافة الوطنية، الهدف، الشهر، المساء، الكاتب، الرسالة الجديدة، الجمهورية، الأهرام، البيان الإماراتية، الهلال، كاريكاتير، العربى والأهالى».

أيضًا، عمل محفوظ عبدالرحمن كسكرتير تحرير لثلاثة إصدارات متتالية لمجلة المسرح، ومجلة السينما، ومجلة الفنون، وذلك إلى جانب عمله بوزارة الثقافة، ودار الوثائق التاريخية.

وكان لبعض اعمال محفوظ السبق فى تغيير مسارات كثيرة فى مجال الدراما، التى بدأت علاقته بها عام 1971، حيث قدم أول أعماله «العودة إلى المنفى»، وعرض له عام 1976 مسلسلا «الزير سالم» لأحمد عبدالحليم، وجاسم النبهان، وأحمد الصالح وإخراج حسين الصالح، و«سليمان الحلبى» لأحمد مرعى، وعبدالله غيث، الذى قدم معه فى العام التالى مسلسل «عنترة بن شداد» لأحمد مرعى، وعبدالله غيث، وفى عام 1979 قدم مسلسل «ليلة سقوط غرناطة» لأحمد مرعى، وعبدالله غيث. وفى عام 1987 قدم «الكتابة على لحم يحترق» لعبدالله غيث، وسميحة أيوب، وإخراج عباس أرناءوط، وفى عام 1991 قدم أول تجاربه الاجتماعية من خلال مسلسل «قابيل وقابيل»، لفاروق الفيشاوى، وأحمد مظهر، وإخراج ابراهيم الصحن.

كتب العديد من المسلسلات التى حققت نجاحًا كبيرًا، ومن أهمها «بوابة الحلوانى، أم كلثوم، عنترة، محمد الفاتح، الفرسان يغمدون سيوفهم، ليلة مصرع المتنبى، السندباد،، ساعة ولد الهدى،، الدعوة خاصة جدًا والمرشدى عنبر».

ولم تقتصر إبداعات محفوظ عبدالرحمن عند كتابة المسلسلات الدرامية فقط، التى عشقها الجمهور بل إنه كتب مجموعة من الأفلام السينمائية التى تميز معظمها بتناول السير الذاتية لنجوم ورؤساء ونالت إعجاب الجميع، حيث كانت من أصدق السير الذاتية التى قُدمت، ولم تتعرض للجدل والنقد اللاذع مثلما شاهدنا فى العديد من السير الذاتية التى تم تجسيدها سواء فى الدراما التليفزيونية أو فى السينما، ومنها: «ناصر 56، وحليم، والقادسية»، بجانب تقديمه قدم مجموعة رائعة من الأفلام القصيرة.

امتد إبداع محفوظ عبدالرحمن إلى المسرح، حيث أثراه بباقة من المسرحيات الرائعة، مثل: «حفلة على الخازوق، عريس لبنت السلطان، الحامى والحرامى، كوكب الفيران، السندباد البحرى، الفخ، الدفاع، محاكمة السيد م، احذروا، وما أجملنا».

الناقدة والكاتبة سميرة أبوطالب تصدت لمهمة محفوظ الجليلة والشاقة والممتعة بتقديمه كتابين هامين عن حياة وآثار هذا المبدع الكبير. فى كتابها الأول (محفوظ عبدالرحمن.. مقاطع من سيرة ذاتية) ذكرت ابو طالب ان كاتبنا لم ينل المجد بسهولة بل واجه الكثير من الصعاب خلال مشواره، والعقبات التى من شأنها تجعل أى شخص يتوقف عن الصمود أى يحيد عن هدفه، لكن ما كان يحرك محفوظ هو منظومته القيمه التى يؤمن بها ويدافع عنها. وهى منظومة قيم انسانية بالمقام الأول ووطنية فى بعدها الاعمق. وتقول ابوطالب: «البحث عن غير المألوف هو سمة بدايات محفوظ عبدالرحمن. بدأت الكلمة لدية متمردة ثم ثائرة، فنسجت اطارا من المقاومة لكل الاوضاع العربية المترهلة. وتأخذ العربى إلى حيث يستعيد امجاد تاريخه، ويعمل الفكر فيما آلت اليه الحال فى لحظته الراهنة. لكن محفوظ يكتب ايضا متحررا من الزمان والمكان. ولعل اهم ما يميزه ايمانه بقيمة ما يكتب وبدوره فى المجتمع. وكانت كلماته وسيلته إلى الاهتداء إلى حقيقة الإنسان وحقيقة وجوده وحقه فى الحياة والكرامة والحرية والعدل. ان المرء يستطيع ان يرى فى كتاباته غربته ووحدته ومقاومته وتمرده وبساطته وحبه واحساسه بذاته وكرامته ونزوعه إلى الوحدة العربية. فقد انشغل محفوظ على مدار كتاباته بالاخطار التى تحيط بالكيان العربى ارضا وانسانا».

وهنا يمكن تذكر شهادة الناقد الكبير الراحل سامى خشبة عن مسرحيات محفوظ عبدالرحمن، حيث ان بها همًّا فلسفيا مستمدا من التراث العربى، وان لديه موهبة فريدة فى صياغة الجملة المسرحية وان كتابته مشحونة بالتوتر وانه نجح فى المزج بين الحكاية والبناء المسرحى. بينما جاءت شهادة د. مصطفى عبدالغنى عنه ان قيمته مستمدة من معرفته لطبيعة العلاقة بين المسرح والتغيير. وقال الناقد فؤاد دوارة عنه انه اثرى المسرح العربى بمسرحيات ناضجة كلها تتميز بالاصالة والجدة والالتزام القومى والوطنى مع براعة الحبكة وشاعرية الحوار وسمو الهدف.

الواقع ان شخصيات محفوظ الدرامية تبدو آسرة وان حواره شديد التكثيف زاخر بعمق الدلالات، بل هو اكثر مؤلف درامى تناول التاريخ فى اعماله ومنها «الكتابة على لحم يحترق» عن مواجهة العرب للحلف الافرنجى المغولى، وسليمان الحلبى عن البطل العربى الذى واجه احتلال الفرنسيين لمصر، ومحمد الفاتح عن البطل الذى قضى نهائيا عن الامبراطورية البيزنطية، وليلة سقوط غرناطة عن زوال دولة الاندلس، وليلة مصرع المتنبى عن الشاعر العربى الكبير، وثلاثيته الخالدة بوابة الحلوانى عن اهم علامات التاريخ المصرى الحديث. اما عن التاريخ المعاصر فقد وضع بصمته بمسلسل ام كلثوم عن المطربة العظيمة، واهل الهوى عن الشاعر بيرم التونسى.

إن رصد محفوظ للتاريخ كان برؤية قومية تحمل هموما معاصرة، وانه يرى التاريخ برؤية ناقدة، ليس كمجرد أحداث انما كدراما كبرى للبشرية، وانه حول وبجدارة حلمه بالتاريخ إلى تاريخ لاحلامنا.

وفى شهادة الناقد د. حسن عطية ذكر أن إبحار محفوظ نحو التاريخ وعى من الكاتب كونها مقدمات منطقية لما سيحدث بالمستقبل.

وكما ذكر الكاتب عبدالله السناوى انه قلما ان يتحول عمل فنى مهما كانت قيمته الابداعية إلى ظاهرة سياسية وثقافية. لافتا النظر إلى فيلمه ناصر 56، ويقول إن جريدة لوموند قالت فى صفحتها الأولى ان هذه عودة مظفرة لعبدالناصر على الشاشة، وان محفوظ لخص معركة التاميم انها معركة كرامة.

فى كتابه «الاداء السياسى فى مسرح محفوظ عبدالرحمن» قال الناقد عبدالغنى داوود إن اللغة النثرية من اهم جماليات مسرحه، فهى لغة خاصة الا انها لغة مسرح فى آن الوقت، فهى لغة متأصلة فى التقاليد الادبية للسرد والمشهد والشخصية والدلالة. ويضيف داوود ان السياسة فى مسرح محفوظ لا تأخذ اشكال المسرح السياسى فى المسرح الغربى، لكن القضايا الاساسية لديه هى قضايا العدل والإنسانية والوعى والضمير.

محفوظ عبدالرحمن من أهم مؤلفى الدراما العربية الذين ارتبط بهم الجمهور ارتباطا وثيقا، خصوصا من خلال مسلسلاته التى عرضت طوال شهر رمضان، وتنوعت بين الدينية، والتاريخية، والاجتماعية، والسير الذاتية، من خلال الأجزاء الثلاثة التى كتبها من مسلسل «بوابة الحلوانى» لعبدالله غيث، وعزت العلايلى، وإخراج إبراهيم الصحن، الذى أخرج له أيضا مسلسل «فوتوغرافيا» لجميل راتب، ومحمد رضا، وقدم عام 1999 مسلسلا أحدث انقلابا فى دراما السير الذاتية هو «أم كلثوم» لصابرين، وحسن حسنى، وإخراج إنعام محمد على، وعرض آخر مسلسلاته الرمضانية قبل أربعة أعوام، وهو «أهل الهوى» الذى تناول قصة حياة الشاعر بيرم.

ان تجربة محفوظ ملهمة بقدر ما جسدت قيم الالتزام دون ادعاء او زيف.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك