«النقد الدولي»: الوقت مناسب لتحقيق العدالة الضريبية في الشرق الأوسط - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 3:35 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«النقد الدولي»: الوقت مناسب لتحقيق العدالة الضريبية في الشرق الأوسط

نيفين كامل
نشر في: الإثنين 21 سبتمبر 2015 - 7:32 م | آخر تحديث: الإثنين 21 سبتمبر 2015 - 7:32 م

- مجموعات كبيرة من المواطنين مستبعدة من منافع النمو وتتعرض لمضايقات المسؤولين الفاسدين - المنطقة تعاني من انخفاض معدلات الضريبة على الشرائح العليا
- ضرائب الشركات في الشرق الاوسط ... إعفاءات واسعة وافتقار للشفافية
- العقبات أمام الإصلاح: انخفاض الثقة في الدولة وضعف النظم السياسية وتفتتها والمصالح الخاصة طويلة الأمد وضعف القدرات الإدارية
- الشركات المصرية "المتصلة سياسيا" فرصتها أكبر في الحصول على الإعفاءات من الضرائب والرسوم الجمركية

«احتمال نجاح الإصلاحات الضريبية يزيد خلال الأزمات»، تقول دراسة «العدالة الضريبية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا»، التي أصدرها صندوق النقد الدولي، الأسبوع الماضي.

ويفسر الصندوق هذا الرأي بأن تعرض البلدان المستوردة للنفط، لآثار الأزمة المالية العالمية والتحولات السياسية في العالم العربي يؤدي إلى إعادة النظر في النظم الضريبية، لضمان تصحيح أوضاع المالية العامة للحد من عبء ارتفاع مستويات عجز المالية العامة والدين العام.

أما في البلدان المصدرة للنفط، فإن انخفاض أسعار النفط قد يسبب ضغوطا جديدة، ومطالب سياسية مصاحبة، لتعبئة الإيرادات غير البترولية.

"هذا يذكرنا بما حدث في أمريكا اللاتينية خلال التسعينات من القرن العشرين"، تقول الدراسة.
ويؤكد الصندوق على أن السياسة المالية لا غنى عنها لجعل المجتمع أكثر عدالة، فـ"الإيرادات، سواء من الضرائب أو الموارد الطبيعية، يمكن استخدامها لدعم النمو وتحسين توزيع الثروة والرفاهة من خلال الإنفاق على البنية التحتية والرعاية الصحية والتعليم.

ويمكن للضرائب، وهي محور الالتقاء بين الدولة والمواطن، أن تقوم أيضا بدور مهم، بما في ذلك البلدان التي تعتمد بصفة رئيسية على إيرادات السلع الأساسية".

وتشير الدراسة إلى أن المناقشات حول تحقيق المزيد من المساواة والعدالة، تحظى بأهمية بالغة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا نظرا للضغوط القوية لتحقيق مزيد من العدالة والإنصاف في الحصول على الفرص الاجتماعية-الاقتصادية، والذي كان محور التحولات السياسية الأخيرة.

ومن هنا فقد تركزت مشورة صندوق النقد الدولي في السنوات الأخيرة على إصلاحات الإنفاق، كالتركيز مثلا على كيفية مساهمة إصلاحات دعم الطاقة في توليد الموارد اللازمة للإنفاق الداعم للفقراء.

لكن السياسة الضريبية، بحسب الصندوق، يمكنها القيام بدور مهم في تحقيق العدالة، وذلك بتحديد كيفية توزيع الأعباء الضريبية، ومقدار ما يتم تعبئته من الإيرادات الضريبية، وكيفية تطبيق النظام الضريبي في الواقع العملي.

وتتضمن هذه الدراسة تحليلات وتوصيات مصممة خصيصا لمجموعتين مختلفتين من البلدان، بلدان ذات نظم ضريبية راسخة غير قائمة على البترول ومشتقاته (معظمها من البلدان المستوردة للنفط(وبلدان ذات نظم ضريبية قائمة بصفة أساسية على الإيرادات البترولية (معظمها من البلدان المصدرة للنفط).

نظم ضريبية قاصرة الأداء ولا تحقق العدالة

قامت بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ذات النظم الضريبية الراسخة بتنويع مصادر إيراداتها الضريبية، لكن هذه الإيرادات ظلت منخفضة مقارنة بالبلدان النامية الأخرى، كما يرى معدو الدراسة، حيث بقت الإيرادات الضريبية مستقرة على مدار العِقدين الماضيين في بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بينما واصلت اتجاهها الصعودي بقوة في البلدان النامية الأخرى.

أما فيما يتعلق بضرائب الدخل الشخصي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فترى الدراسة إنها تفتقر إلى الطابع التصاعدي نظرا لانخفاض معدلات الضريبة على الشرائح العليا.

أما ضرائب دخل الشركات فمعدلاتها تنافسية نسبيا في منطقتنا، لكنها تعاني من الإعفاءات واسعة النطاق، التي غالبا ما تُقدم بأساليبوتعتمد على الاعتبارات التقديرية وتفتقر إلى الشفافية.
وتعاني ضريبة القيمة المضافة أيضا من تعدد المعدلات والإعفاءات في دول المنطقة، مما يحد من كفاءة تحصيل إيرادتها، كما أنها تعاني من ضعف الاستهداف بصفة عامة.

وعلى العموم، بحسب ما وصل إليه معدو الدراسة، فإن "الإدارة الضريبية في العديد من بلدان المنطقة تفتقر إلى الكفاءة كما أنها غير محصنة ضد ممارسات الاعتبارات التقديرية، مما يؤدي إلى المعاملة غير العادلة للمواطنين والشركات".

وبالنسبة لللبلدان المصدرة للنفط في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فقد أدت هيمنة المشتقات البترولية على الإيرادات الحكومية، إلى خنق الفرص الممكنة لظهور أدوات ضريبية بديلة.

وتتسم ضرائب الدخل الشخصي في تلك البلدان بندرتها، ولا يتم تطبيقها، حال وجودها، إلا على الأجانب، أما ضرائب القيمة المضافة فهي غير موجودة في معظم الأحوال، وتمثل ضرائب دخل الشركات، المطبقة عموما على الشركات الأجنبية فقط، والضرائب التجارية الجانب الأكبر من الايرادات الضريبية.

- هل نحن في حاجة للعدالة الضريبية؟
غياب العدالة كان أحد الأسباب الأساسية للاستياء في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وعلى السياسة الضريبية دور مهم في تعزيز النمو والمساواة في الحصول على الفرص الاجتماعية والاقتصادية، ويمكن للإيرادات، سواء من الضرائب أو الموارد الطبيعية، أن تدعم النمو وتعيد توزيع الثروة من خلال الإنفاق على البنية التحتية والصحة والتعليم.

وللمفهوم الأوسع للعدالة أهمية خاصة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فبلدان هذه المنطقة غير متقاربة فيما بينها من حيث توزيع الدخل مقارنة بالمناطق الأخرى، ولكن السنوات التالية لبداية التحولات السياسية في العالم العربي كشفت "أن مجموعات كبيرة من المواطنين تشعر بأنها محرومة من الفرص الاقتصادية، ومعرضة لمضايقات المسؤولين الفاسدين، ومستبعدة من منافع النمو المرتفع في بداية القرن الحادي والعشرين".

وهذا الإحساس بغياب العدالة، بحسب الدراسة، يرتبط بقلة فرص الحصول على التعليم والرعاية الصحية والأعمال التجارية وضعف المنافسة في الأسواق المحلية، هذا بالإضافة إلى تفاوت الدخول، المرتبط باستمرار معدل البطالة المرتفع، وخصوصا بين الشباب، وارتفاع مخاطر الوقوع فى الفقر المطلق، حيث يعيش جزء كبير من السكان فوق خط الفقر مباشرة حيث يحصلون على دخول تتراوح ما بين 2 إلى 2.5 دولار في اليوم الواحد.

- هل العبء الضريبي موزع بالتساوي؟
تجيب الدراسة "بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عادة ما لا تفرض ضريبة مناسبة على عائد الأشكال المختلفة من مدخرات الأفراد وتركز فقط على دخل العمل، ولذلك فإن العاملين في الاقتصاد الرسمي في كثير من البلدان، وبصفة أساسية موظفي القطاع العام يتحملون وطأة الضرائب المباشرة، بالإضافة إلى ذلك، فإن التمييز بين الأطراف الداخلية، المرتبطة بالأسر الحاكمة أو الجيش أو الجماعات السياسية أو التكتلات التجارية، والأطراف الخارجية ينعكس في صورة معدلات متفاوتة من قيمة الضرائب".

- هل يدفع معظم المواطنين ضرائب؟
بيانات دافعي الضرائب في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا شحيحة، يقول معدو الدراسة، ومع ذلك، تشير الأدلة المتوفرة إلى أنه في البلدان التي تتسم بنظم ضريبية متطورة في المنطقة، ومعظمها من البلدان المستوردة للنفط، تشكل ضرائب الدخل على الأجور، المخصومة من المنبع، نسبة عالية جدا من مجموع حصيلة الضرائب على الدخل الشخصي.

- هل يتسم تنفيذ الأنظمة الضريبية بالعدالة؟
حتى الأنظمة المصممة تصميما جيدا، تؤكد دراسة الصندوق، قد تفتقر إلى عدالة التنفيذ، وعلى سبيل المثال، نجد أن الشركات المصرية التي تتمتع بصلات سياسية تزداد احتمالات حصولها على مزايا حصرية كالإعفاءات من ضرائب الشركات أو الرسوم الجمركية، والتى قدرت بنحو 15% من قيمة الضريبة المفروضة عليها في عام 2015، وفقا للبنك الدولي.

ويكون الفساد سببا في إزالة صفة العدالة عن النظام الضريبي، فشرائح الدخل العليا هي الأكثر استفادة من تقدير الضرائب بأقل من الواقع، أو التهرب من الضرائب، وهي الأقل تعرضا للابتزاز، فهي عادة ما تتمتع بمراكز النفوذ والسلطة.

على النقيض من ذلك، فإن الشرائح الأفقر لديها فرص أقل للتهرب من الضرائب، ومن الأسهل أن يتعرض دخلها للتقدير الجزافي، مما يعرضها للابتزاز المحتمل من جانب محصلي الضرائب.

هل ينبغي أن تكون الإيرادات الضريبية أعلى، وهل يتسق ذلك مع مبدأ العدالة؟ يتسم أداء الإيرادات الضريبية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بأنه أضعف مقارنة بالبلدان الصاعدة والبلدان النامية الأخرى، ما يعني إمكانية تحسينه، فالإيرادات الأعلى ستسمح بمزيد من الإنفاق على الحماية الاجتماعية الموجهة جيدا للفقراء والبنية التحتية، والرعاية الصحية، والتعليم.

هل الوقت مناسب لتحقيق العدالة الضريبية؟
يرى صندوق النقد الدولي في دراسته أن الأن هو الوقت المناسب للمضي قدما في الإصلاحات المرتبطة بتحقيق العدالة الضريبية، بالنسبة للبلدان المستوردة والمصدرة للنفط.
"ولكن الإصلاحات سوف تواجه تحديات، ففي حين أن البيئة الحالية قد توفر قوة دفع للإصلاح، ستظل هناك مقاومة"، بحسب الدراسة.

وتأتي العقبات الأهم من عوامل الاقتصاد السياسي، مثل عدم الثقة في الدولة، والذي يؤدي إلى التهرب من دفع الضرائب، أو المصالح الخاصة طويلة الأمد، وضعف القدرات الإدارية، وضعف النظم السياسية وتفتتها.
وترى الدراسة أنه في بعض البلدان بالمنطقة، يمكن للتوترات السياسية أن تجعل الإصلاح صعبا، إن لم يكن مستحيلا، في المرحلة الراهنة.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك