محمد بهى الدين عرجون يكتب: عشر سنوات على إطلاق القمر «مصر سات».. وما الذى تعلمناه؟ - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 3:25 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

محمد بهى الدين عرجون يكتب: عشر سنوات على إطلاق القمر «مصر سات».. وما الذى تعلمناه؟

محمد بهى الدين عرجون - تصوير: جيهان نصر
محمد بهى الدين عرجون - تصوير: جيهان نصر

نشر في: السبت 22 أبريل 2017 - 10:21 ص | آخر تحديث: السبت 22 أبريل 2017 - 10:21 ص
• مصر لم تتخلف عن الركب فبدأت برنامجها العلمى لدخول عصر الفضاء عام 1997كان الهدف الأكبر هو الدخول فى مجال صناعة الأقمار الصناعية بقدراتنا الذاتية.. وتحقق الهدف وأصبح لمصر الآن مكانتها بين الدول النامية
• لم تكن جموع المصريين فى ميادين مصر تشاهد بحماس إطلاق القمر المصرى.. واكتفى التليفزيون المصرى بإذاعة الشريط الإخبارى
• لعل صحراء قاعدة بايكونور التى أطلق منها الصاروخ تساءلت: ما للمصريين يتحدثون كثيرا عن آمالهم وعندما ينجز بعضهم عملا كبيرا لا يحفلون به؟!
• بنينا القاعدة العلمية المتينة بأكثر من 120 مهندسا وعالما.. وتسرب عدد منهم لم يجدوا مشروعات تتحدى قدراتهم ولا مقابلا ماديا يحفزهم
• القمر الصناعى تعرض للعطل بعد اكتمال عمره الافتراضى الأساسى وقدره ثلاث سنوات
• لم نفقد (سات 1) ولم يخرج عن مداره بل أصابه عطل فنى فى أجهزة استقبال إشارات التشغيل.. وسبق أن تكرر هذا العطل مرتين وأمكن إصلاحه بواسطة الفريق المصرى الممتاز
يوم 17 إبريل 2007 منذ عشر سنوات كان يجب أن يكون عيدا للعلوم والتكنولوجيا فى مصر. فى ذلك اليوم وفى نحو الثانية ظهرا انطلق الصاروخ الفضائى دنيبرــ1 حاملا القمر المصرى ايجبت سات ــ1 والسعودى سعودى سات ــ3 وأربعة عشر قمرا صغيرا آخر من ايطاليا وعددا من جامعات الولايات المتحدة وعدة دول أخرى إلى مدى قريب ليدور فى مداره على ارتفاع 668 كيلومترا يمسح أرض مصر باحثا عن ثرواتها ومسجلا تضاريسها أربع مرات يوميا لمدة ثلاث سنوات وثلاثة أشهر حتى أعلن عن توقفه عن استقبال الأوامر من الأرض نتيجة تعطل جهاز الاستقبال فى 19 يوليو 2010.
كانت تلك قصة علمية مجيدة لإنجاز كبير فى مجال الفضاء أحسن التخطيط له ووضع أهدافه وأحسن تنفيذه وإدارته حتى أسفر عن نتائجه الممتازة فى مجال علمى وتكنولوجى شديد الصعوبة والوعورة كانت مصر تريد تحقيق اختراق فيه لتكسر احتكار التكنولوجيا المتقدمة وخاصة تكنولوجيا الأقمار الصناعية فى المنطقة.
كان هذا حلم المصريين.. وكما يقول أحد كبار أساتذة الأدب والعلوم الاجتماعية وهو الدكتور ابراهيم البحراوى فى جريدة المصرى اليوم بتاريخ 6 يوليو 2010 متحدثا عن حلم تكرر معه كثيرا وتمنى أن يراه حقيقة واقعة: «إنى أرى فى هذا الحلم جمعا كبيرا من المصريين يقف وهو يراقب فى توتر ولهفة على شاشات تليفزيون عملاقة منصوبة فى الميادين مشهد قمر صناعى مصرى صممته عقول مصرية وصنعته أيدى المهندسين والصناع المصريين يحمله صاروخ لم تمسسه يد غير مصرية... فى حلمى أصحو على دوى انطلاق الصاروخ وعلى الصيحات والتكبيرات التى تملأ سماء مصر تصاحب الصاروخ إلى أن يستقر القمر المصرى فى مداره لأغراض علمية تساهم فى تنمية مصر وأغراض دفاعية تحميها وتذود عنها».
ولا شك أن حلم الدكتور البحراوى ــ الذى تحقق بالفعل قبل ثلاث سنوات على كتابة مقاله ــ كان هو الحلم الدفين الذى يراود المصريين جميعا وهو الحلم الذى دفع مجموعة العلماء التى تبنت فكرة تصنيع قمر مصرى خالص ونقل تكنولوجيا الفضاء إلى داخل مصر ــ إلى اقتراح وتنفيذ هذا المشروع الطموح.
لكن لم تكن جموع المصريين فى ميادين مصر تشاهد بحماس إطلاق القمر المصرى، واكتفى التليفزيون المصرى بإذاعة الشريط الإخبارى بإطلاق مصر لقمر صناعى مصرى، ولم يحضر إطلاق القمر سوى اربعة من رموز مشروع الفضاء المصرى هم الدكتور على صادق رئيس مجلس بحوث الفضاء والدكتوران عادل يحيى وأيمن الدسوقى وكانا رئيسى الهيئة فى الإعداد للمشروع ووقت الإطلاق، وكاتب هذا المقال وكان مديرا لبرنامج الفضاء المصرى ورئيسا لمشروع القمر ايجبت سات ــ1.
ولم يحضر الإطلاق وفد تليفزيونى يسجل هذه اللحظة الفخورة المنجزة فى تاريخ مصر ولم يحضر وزير البحث العلمى ولا رئيس الوزراء ولا رئيس الجمهورية. ولعل صحراء قاعدة بايكونور التى أطلق منها القمر المصرى فى جمهورية كازاخستان والتى شهدت هى نفسها اطلاق القمر السوفييتى الأول سيوتنيك ــ1 وانطلاق يورى جاجارين فى أول دورة للإنسان فى الفضاء، تساءلت فى تلك اللحظات مال هؤلاء القوم يتحدثون كثيرا عن آمالهم، وعندما ينجز بعضهم عملا كبيرا لا يحفلون به ولا يبدو أنهم يلقون اليه بالا؟
والشاهد هنا أن البحث العلمى لا يستطيع أن يتقدم وينطلق ويحقق انجازات ملموسة دون مساندة مجتمعية. والذى يحقق هذه المساندة هو المعرفة بأهمية مثل هذه البرامج العلمية. والذى ينقل للمجتمع أهمية وضرورة وصعوبة وتكلفة انجاز علمى معين هو الإعلام وليس أدل على ذلك من مشروع ابوللو للصعود إلى القمر والذى حشدت له طاقات المجتمع وتأييده كلها هناك.
الدراسات والإعداد السابقين لمشروع القمر:
لم يولد مشروع القمر ايجبت سات ــ1 من فراغ أو بدون دراسات جادة ومستفيضة، ولم يكن لمشروع علمى مثل هذا أن يولد بدون مثل هذه الدراسات.
سبق القمر المصرى مصر سات ــ1 إنشاء مجلس بحوث الفضاء فى 26 مايو 1998 وهو الذى وضع استراتيجية مصر فى الفضاء ووضع برنامج الفضاء المصرى وأعلن عن بدئه فى 16 مايو 1999 وكانت باكورة أعماله هى القمر مصر سات ــ1. وكانت الفترة من مايو 1998 إلى يونيو 2001 أى نحو ثلاث سنوات فترة دراسات ولقاءات مكثفة مع العلماء المصريين الذين يمكن أن يساهموا فى تصميم وتصنيع القمر والعلماء والشركات ووكالات الفضاء الأجنبية التى يمكن أن تساهم فى نقل الخبرة إلى الفريق المصرى.
وفى يونيو 2001 كان الفريق المصرى قد تم تكوينه وضم 64 مهندسا منهم ستة عشر عالما ومهندسا خبيرا مثلوا رؤساء المجموعات النوعية للمشروع فى ثمانية تخصصات مختلفة. وفى 24 أكتوبر 2001 تم توقيع عقد تصميم وتصنيع القمر والتدريب ونقل التكنولوجيا مع مؤسسة فضائية أوكرانية ذات خبرة، وبدأ العمل فى القمر فى فبراير 2002 واستمر أربع سنوات وثمانية أشهر حتى أكتوبر 2006.
ما الذى حققه برنامج الفضاء المصرى؟
كان الهدف الأكبر هو الدخول فى مجال صناعة الأقمار الصناعية بقدراتنا الذاتية. وقد تحقق هذا الهدف.. ومصر الآن لها مكانتها بين الدول النامية التى دخلت مجال الفضاء. لقد تعلمنا كيف نصمم ونصنع ونختبر الأقمار الصناعية بكل تفاصيلها وجزئياتها. ونقلنا تكنولوجيا الأقمار الصناعية لداخل الوطن. وأصبح علينا الآن أن نطبق هذه الخبرة.
وفى نفس الوقت بنينا القاعدة العلمية المتينة لتصميم وبناء الأقمار الصناعية من أكثر من مائة وعشرين مهندسا وعالما متخصصين فى تصميم واختبار وتشغيل الأقمار الصناعية. وإن كانت هذه القاعدة قد أصابها بعض التآكل بسبب تسرب عدد من المهندسين عندما لم يجدوا مشروعات تتحدى وتستنهض قدراتهم ولم يجدوا المرتبات المناسبة ولا المقابل المادى الذى يحفزهم على البقاء.
ويجدر هنا أن نشير إلى أن عددا من هؤلاء قد احتل مكانة مميزة فى مشروعات الفضاء فى دول متقدمة مثل اليابان وفرنسا وبعضهم شارك فى مؤتمرات المصريين فى الخارج ممثلا للدول الأجنبية التى يعملون فيها حاليا، مما يثير السؤال حول كيف تفرط مصر فى أبنائها العلماء؟
ومن ناحية أخرى جرى إنشاء بنية تحتية حديثة لصناعة فضاء ناشئة وتشمل محطات الاستقبال والتحكم ومركز التشغيل فى المدار ومعامل التجميع والاختبار وكان كل ذلك على أرض مدينة البحوث الفضائية التى خصصتها الدولة المصرية لبرنامج الفضاء المصرى على مساحة مائة وثلاثة وعشرين فدانا بالقاهرة الجديدة.
هذا إذن يجيب على السؤال الأساسى، هل تملك مصر القاعدة العلمية والبنية الأساسية اللازمة لصناعة الأقمار الصناعية؟ والإجابة بنعم واضحة ولكن ينقصها أن علينا أن ننطلق فى تصنيع قمر صناعى محلى بالقدرات الذاتية مع الاستعانة ببعض الخبرة الأجنبية لتثبيت الخبرات التى اكتسبناها وتدعيمها وتوطين القدرة على بناء الأقمار الصناعية.
ما هى حقيقة العمر الافتراضى للقمر وادعاء خروجه عن مداره؟
أضرت الإدعاءات غير العلمية التى خرجت بأن القمر خرج عن مداره وفقد فى الفضاء، وعدم المضى قدما فى تنفيذ المرحلة الثانية من البرنامج بمجرد نجاح المرحلة الأولى، بجهود الفضاء فى مصر وأعادتها للخلف نحو عشر سنوات. وها نحن نقف عند نفس النقطة التى كنا نقف عندها فى عام 2007 عندما كان واجبا بدء العمل فى القمر مصر سات ــ2 بعد أن انتهى االعمل فى القمر مصر سات ــ1 وأصبح جاهزا للإطلاق.
أما حقيقة فقدان القمر وخروجه من المدار فقد توقفت أجهزة الاستقبال على القمر –فى تحليلنا الفنى ــ عن استقبال إشارات التشغيل من الأرض، وأدى ذلك إلى عدم إمكانية تشغيل أجهزة القمر رغم وجوده واستمرار دورانه فى المدار. وبذلك فإن القمر لم يفقد ولم يخرج عن مداره بل حدث فيه عطل فنى فى أجهزة استقبال إشارات التشغيل.
وهذا العطل حدث بعد اكمال القمر لعمره الافتراضى الأساسى وقدره ثلاث سنوات وخلال فترة العمر الافتراضى الاحتياطى وقدره سنتان والذى يفترض فيه أن حدوث اعطال أمر ممكن. وسبق أن تكرر هذه العطل مرتين وأمكن اصلاحه بواسطة الفريق المصرى الممتاز المسئول عن اتصالات القمر.
والعمر الافتراضى هو المدة التى يصمم القمر أو أى جهاز تكنولوجى ليبقى صالحا للعمل خلالها، وبعد هذه المدة يمكن أن يتعطل أى جزء من القمر حيث لا يكون مصمما ليتجاوز هذه المدة.
ولكن الأمر لا يتعلق بالعمر الافتراضى للقمر أو بأن قمرا تعطل فى المدار بعد ثلاث سنوات ولكن بالتشويه والتشويش بغير علم على برنامج قوى وناجح وفريد فى نجاحه فى مصر، وما يؤدى اليه ذلك من احباط العلماء والمهتمين بدخول مصر فى مشروعات وتكنولوجيات متقدمة.
وفى هذا الأمر فإن هناك حقائق يجب أن نتفهمها ونتقبلها إن أردنا أن نتواجد فى مجالات التكنولوجيات المتقدمة:
أولها أن تعطل قمر صناعى أو انفجار صاروخ أمر يحدث يوميا فى جميع الدول التى تدخل فى هذا المجال. وتكفى جولة سريعة على الإنترنت لتقنع القارئ بأن هذا يحدث بصورة متكررة. هذه هى طبيعة هذا المجال الصعب.
والثانية أن البحث العلمى أمر يقبل التجريب والخطأ وتكرار التجربة. وأن محاسبة البحث العلمى وكأنه مصنع مستقر ينتج منتجا روتينيا سبق اختباره وتحسين جودته أمر يحبط البحث العلمى ويمنعه من مواصلة الطريق.
والثالثة أن مساندة المجتمع والإعلام أمر ضرورى للبحث العلمى ويتطلب هذا مجهودا من الإعلام وتقصيا وبحثا وفهما للحقائق، وليس استسهالا واستخفافا وألا ينجرف الإعلام إلى التشويش والتشهير مما يحبط البحث العلمى ويعوق تقدمه.
وفى هذه النقطة أجد لزاما على أن أوجه التحية الصادقة إلى جريدة الشروق التى أخذت موقفا غير مسبوق، عند تعرض القمر المصرى للهجوم غير الواعى، بنشر دعوة للعلماء المشتغلين بمجال الفضاء على الصفحة الأولى يوم 26 أكتوبر 2010 بتقديم حقائق موضوع تعطل أجهزة القمر والتعهد بنشر المعلومات الصحيحة حول هذا الموضوع، عنوانها:
«أزمة الحلم الفضائى المصرى: حتى لا تكون هناك ذريعة لإجهاضه»
جاء فيها:
«والشروق تفتح صفحاتها لكل إضاءة رصينة وحريصة على استمرار هذا الحلم العلمى الذى حقق فيه علماء مصريون مخلصون خطوات مهمة كان ولا يزال ينبغى أن تليها خطوات».
القمر الذى أطلقناه والقمر الذى نريد تصنيعه:
القمر ايجبت سات ــ1 كان قمرا بحثيا تجريبيا متوسطا وكان له عدة أهداف أهمها التدريب على صناعة الأقمار الصناعية ومعرفة واكتساب تكنولوجيا واسرار تلك الصناعة ونقلها إلى المهندسين والعلماء المصريين.
ونقل التكنولوجيات الفائقة والجديدة أمر طبيعى ووارد فى العالم كله فأمريكا وروسيا نقلتا تكنولوجيا الفضاء والصواريخ عن المانيا بعد هزيمتها عن طريق العالمين وارنر فون براون وسيرجى كورولوف. والهند صنعت أول أقمارها الصناعية بالتعاون مع أوكرانيا فى السبعينيات وهو القمر باسكارا وكذلك الحال مع كوريا الجنوبية وجنوب افريقيا وماليزيا واندونيسيا ونيجيريا والسعودية والجزائر وعدد كبير من الدول الناهضة التى أقامت برامج لنقل تكنولوجيا الفضاء فى التسعينيات من القرن الماضى.
وما كان لمصر أن تتخلف عن الركب ولذلك بدأت مصر برنامجها العلمى لدخول عصر الفضاء ونقل وتوطين تكنولوجيا الأقمار الصناعية منذ عام 1997.
والهدف الثانى هو الحصول على الصور والبيانات الفضائية التى ينتجها القمر فى مسحه للأرض المصرية لأغراض التنمية الزراعية والتعدينية والعمرانية ولأغراض الأمن القومى. ولتحقيق هذه الأهداف قرر العلماء المصريون وبالتنسيق مع علماء الاستشعار ومستخدمى بيانات الأقمار الصناعية استهداف تصميم القمر بقدرة تمييز على الأرض نحو عشرة أمتار.
وكان تنفيذ هذه التجربة بالاستعانة بأوكرانيا وبنقل التكنولوجيا من خلال عدد كبير من المهندسين يفوق العدد الذى خصصته أية دولة أخرى فى العالم لغرض نقل تكنولوجيا الفضاء وبإنجاز أكثر من خمسة آلاف وثيقة تحتوى على دقائق تصميم وبناء القمر وايصالها إلى داخل الوطن من خلال التعاقد مع الدولة المصنعة للقمر وخمسة نماذج للقمر منها نموذج وظيفى هندسى كامل هو أساس القمر الذى أطلق، وقد بنى معه معمل تدريبى وتجريبى متكامل يسمى معمل النموذج الهندسى للتدريب واختبار أعطال القمر بعد إطلاقه.
والهدف الذى نريد تحقيقه الآن هو استكمال هذه التجربة الرائدة ببناء قمر صناعى مصرى محلى هو القمر مصر سات ــ2 بقدراتنا الذاتية وداخل حدود الوطن، وهو قمر تجريبى أيضا يهدف إلى توطين تكنولوجيا الفضاء والتأكد من امتلاكنا لكل دقائقها وخبراتها وسوف يبنى ذلك القمر الجديد على أساس الخبرات المكتسبة من القمر الأول ويطور فى مواصفاته. ولا شك أننا سنحتاج إلى إضافة خبرات أجنبية يمكن أن تساعد فى التغلب على أى صعوبات فنية قد تقابلنا، كما أننا سوف نحتاج إلى دعم بعض التخصصات واستكمال وتأهيل بعض المعامل والمختبرات.
ولكن الشاهد هنا هو أننا نمتلك القدرة على تصميم وتصنيع واختبار مثل ذلك القمر بنسبة لا تقل فى تقديرنا المدروس عن 700%. ونستطيع أن نقدر الخبرة الأجنبية المطلوبة للمشاركة فى تصنيع واختبار بعض أجزاء القمر بنسبة 30% من أعمال القمر.
والقمر الذى نتصور إمكانية بنائه وطنيا هو قمر استشعار تجريبى بقدرة تفريقية نحو ستة أمتار، ويستغرق بناؤه خمس سنوات منها سنة ونصف السنة للأعمال التمهيدية التى تشمل استكمال الفريق المصرى وسد نقاط الضعف وتدريب المهندسين الجدد وتحديد نقاط التعاون مع الشريك الأجنبى وغير ذلك.
ما الذى يجب أن نعمله الآن؟
أولا: إن مصر تحتاج إلى قمر تشغيلى لاعتبارات التنمية والأمن القومى، وهذا القمر يمكن أن يكون القمر الصينى الذى تتفاوض مصر حاليا على تصنيعه وإطلاقه بمنحة صينية.
ثانيا: إن هناك حاجة لتفعيل مسار تطوير القدرة على تصنيع الأقمار ذاتيا وتوطين تكنولوجيا الفضاء الذى بدأناه بالقمر ايجبت سات ــ1 وهو المسار الأصلى لمشروع الفضاء المصرى والذى لا يزال حيويا ومهما وصالحا. ويتم ذلك باتخاذ قرار ببدء العمل فى مشروع مصر سات ــ2 والذى توقف العمل فيه منذ عام 2007 وكان مقررا أن يتم بناؤه وإطلاقه فى عام 2012.
ثالثا: إعادة هيكلة برنامج الفضاء المصرى ومشروعاته واستكمال بنيته التحتية، وإعادة ترتيب القوة البشرية فيه والاهتمام بأحوالهم المالية وتأهيلهم الفنى واستكمال الأعداد التى تسربت منه خلال فترة التوقف والتراجع.
رابعا: إنشاء وكالة الفضاء المصرية والتى هى الجهة التنسيقية العليا التى تقوم بالتنسيق بين أنشطة الفضاء المختلفة وتكفل دفع والمحافظة على برنامج الفضاء المصرية وتوسيع نشاطه لتصل مصر إلى المكانة التى نصبو اليها فى مجال الفضاء.
ما قدمناه هنا هو استعراض للتجربة المصرية الناجحة فى مجال الفضاء وتصور لما يمكن ــ ويجب ــ أن نسعى لتحقيقه فى ضوء الرغبة فى استئناف مسيرة الفضاء المصرى والتواجد دوليا فى مجال الفضاء والبناء على الإنجازات التى تم تحقيقها.


قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك