للوهلة الأولى يبدو من حُسن الخط المدون به الكلام بالحبر الأزرق أنه قد يكون مأخوذا من كراسة مدرسية.. إذا فتحت الصفحات التي التصق بعضها ببعض بالرمل والماء سيتضح أن الدفتر يخص أحد المتشددين من تنظيم القاعدة.

يُغطي الدفتر المتروك وسط أحراش في جبال جنوب اليمن كل شيء من مباديء الإغارة "المفاجأة وقوة النيران والروح الفدائية والسرعة في الأداء" إلى الهدف النهائي المتمثل في إقامة دولة إسلامية تحكم بالشريعة.

الدفتر الذي يحمل اسم أبو الدحداح التعزي بخط أحمر في صدر الصفحة الأولى من بقايا ما وصفه محافظ يمني بأنه معسكر لقيادات تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.

ويتضمن الدفتر الذي تركه صاحبه ملاحظات عن صيانة الأسلحة والتضاريس ورسوم مُعقدة لنصب الكمائن المختلفة.

كما يشرح المراحل الثلاث لحرب الفدائيين الضرورية لإقامة دولة إسلامية وتشبه المخطط الذي اتبعه على ما يبدو تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا.

وفي الصفحة الأخيرة من الدفتر كُتبت بضعة أبيات من الشعر عن الجنة والحور العين منها "يا أخي ليه الزعل والثمن جنة وحور .. يا أخي هيا تعال والثمن جنة وحور".

ويقع المعسكر على مسافة بضعة كيلومترات على جبل في وادي الخَيَالة. وخلال زيارة صحفيين من رويترز للمعسكر في مايو ايار اهتزت ورقة تحمل شعار علم تنظيم القاعدة الأسود اللون بين الشجيرات. وتناثرت حولها عبوات صغيرة بها زيت الصويا الذي يُضاف إلى نوع شائع من أنواع الشعيرية سريعة التحضير علاوة على علب التونة وقطع الشوكولاته وأنبوب فارغ لمعجون الأسنان وملابس تركها أصحابها وأدوية لعلاج عُسر الهضم ومحاقن.

ووصف بعض سكان مدينة المحفد القريبة من المعسكر كيف تحملوا وجود مئات من المتشددين ثلاث سنوات.

وفي أبريل نيسان بعد أن نشر المتشددون على الإنترنت لقطات مصورة يتباهون فيها بوجودهم بدأ هجوم الطائرات الأمريكية بدون طيار والجيش اليمني.

وذكر الأهالي أنهم طلبوا عندئذ من المقاتلين الرحيل.

وقال ناصر الشامي أحد شيوخ القبائل في المنطقة "حتى احنا زي ما قلت لكم ما نتوقع أن هذه الأمة (القاعدة) موجودة إلا ليلة خرجوا في الانتشار.. آخر ليلة عندما انسحبوا شفنا العالم هذه مع العوائل.. مع عوائل موجودة.. أكثر من 60 أو 70 سيارة معهم."

ويقول مسؤولون يمنيون إن أمير خلية المحفد في تنظيم القاعدة في جزيرة العرب يمني من المنطقة يُدعى علي بن الأقرع. ووصف مسؤول يمني خلية المحفد بأنها أنشط خلايا التنظيم وذكر أنها مسؤولة عن عمليات عديدة استهدفت الجيش ومنشآت النفط والغاز. وقال المسؤول إن الأقرع توفي في وقت لاحق متأثرا بجروح أُصيب بها خلال الهجمات.

وفي الأيام التي أعقبت رحيل المقاتلين عن المحفد أغار مسلحون من تنظيم القاعدة في جزيرة العرب على بنوك محلية في محافظة حضرموت على مسافة 480 كيلومترا تقريبا الأمر الذي يشير إلى قدرتهم على الحركة دون أي عوائق. وقُتل ما لا يقل عن 27 شخصا في ذلك الهجوم الذي كان ضمن عدة هجمات في مختلف أنحاء اليمن منها هجوم على القصر الجمهوري في الشهرين الماضيين.

وقال المحلل السياسي اليمني علي سيف حسن "تغيرت استراتيجية القاعدة في الفترة الأخيرة بدلا من أن تتعامل مع اليمن كأرض للمدد .. للبشر حولتها إلى ساحة حرب وأصبحت تجمع إليها إلى اليمن كل المقاتلين المشردين من أوطانهم."

وأضاف "ما تقوم به اليوم اليمن.. الجيش اليمني في مواجهة القاعدة.. هو المشروع الأكثر صوابا والأكثر رشدا في حروبها الأخيرة. أعتقد لن تنهي على القاعدة نهائيا ولكن ستحد من قدرتها على التخطيط وعلى التموضع."

ويعاني نحو نصف سكان اليمن البالغ عددهم 25 مليون نسمة من الجوع. ويواجه اليمن نقصا في المياه والوقود والكهرباء ويعاني من الفساد المتوطن.