أعراس في قبرص في انتظار إقرار الزواج المدني في لبنان - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 7:41 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أعراس في قبرص في انتظار إقرار الزواج المدني في لبنان


نشر في: السبت 23 فبراير 2019 - 3:32 ص | آخر تحديث: السبت 23 فبراير 2019 - 3:32 ص

أُثير في الآونة الأخيرة جدل قديم حول السماح بالزواج المدني في لبنان٬ وذلك تزامنا مع إعلان وزيرة الداخلية الجديدة، ريا الحسن، دعمها له، وبرز كالعادة انقسام كبير في الآراء.

قبل ثماني سنوات، تزوجت رنا خوري من لبناني مثلها في لندن، ولكنهما فضلا الزواج المدني لأنهما مقتنعان بأن "الزواج مؤسسة يجب أن ترعاها قوانين مدنية تساوي بين الزوجين".

وتقول رنا: "لم أفهم أبدا لماذا أثيرت كل هذه الضجة حول الزواج المدني. إنها قضية متعلقة أولا وأخيرا بالحرية الشخصية".

واقتصر زفاف رنا وزوجها على أفراد العائلة وبعض الأصدقاء، شأنه في ذلك شأن معظم الأعراس المدنية التي تجري في الخارج.

"طبعا كنت أفضل أن أتزوج في لبنان، أولا ليتمكن أصدقائي وأفراد عائلتي جميعا من مشاركتي هذا الحدث، وثانيا لأن لبنان بلدي" تقول رنا.

وتعترف الدولة اللبنانية بأي زواج مدني يجري خارج أراضيها، ولكنها لم تقر بعد آلية تسمح لمواطنيها بالزواج المدني على أراضيها.

أما في حالة الطلاق بين زوجين عقدا قرانهما مدنيا، فتُطبَق قوانين البلد الذي تزوجا فيه.

لا يقنع هذا الترتيب كثيرا من الناشطين الذين ينادون بإقرار الزواج المدني، ويرفضون أن يكونوا مجبرين٬ كما هو الحال الآن٬ للانصياع لقوانين طوائفهم.

الحل في قبرص
حاليا هناك حل وحيد أمام الراغبين في الزواج المدني، وهو عقد قرانهم في الخارج وتسجيله في لبنان، وقد تحولت قبرص التي لا تبعد سوى نصف ساعة فقط بالطائرة عن بيروت، إلى أبرز وجهة لطالبي الزواج المدني.

ورغم عدم وجود أرقام رسمية بخصوص الأمر، إلا أن وزير الداخلية السابق، مروان شربل، يؤكد لبي بي سي أن المعدل السنوي للذين يتزوجون في الخارج ويسجلون قرانهم في لبنان هو نحو 2,500سنويا.

وباتت هناك منظومة كاملة لتنظيم أعراس كهذه وهي تكلّف نحو 1,000 دولار للعرس كحدّ أدنى.

وتقول مايزي خوري التي تدير شركة لتنظيم الأعراس في قبرص: "في البداية كانت معظم الأعراس المدنية لزوجين من طائفتين مختلفتين، ولكن مع الوقت بات هناك طلب أكبر من قبل أزواج من الطائفة ذاتها على الزواج مدنيا".

سلطة رجال الرين
تعد قضايا الأحوال الشخصية في لبنان، من زواج وطلاق وحضانة أطفال وميراث، من صلاحية الطوائُف التي يشكل زعماؤها الحاجز الأساسي أمام إقرار الزواج المدني.

ويحظى رجال الدين بدعم شرائح كثيرة في المجتمع تنظر إلى المؤسسات الدينية على أنها أنسب إطار لتنظيم مسائل كالزواج وآثاره.

وبالتالي أثار إعلان وزيرة الداخلية، ريا الحسن، خلال مقابلة تلفزيونية، أنها شخصيا تحبذ الزواج المدني، وأنها ستسعى لفتح حوار مع كل المرجعيات الدينية بشأنه٬ ردود فعل منددة من قبل رجال دين ورافضين للزواج المدني.

وتعد وزارة الداخلية الوزارة المسؤولة عن كل شؤون الأحوال الشخصية للمواطنين من حيث البيانات والسجلات٬ وإن كانت المرحلة الأولى لتصديق أي زواج تمر عبر المؤسسات الدينية، بعدما منحها الدستور صلاحية تنظيم الأحوال الشخصية، التي لا يرعاها قانون مدني موحد لجميع المواطنين.

وهذا يعني أن المسيحي يخضع لأحكام الكنيسة والمحكمة الروحية؛ أما بالنسبة للمسلمين فالمرجعية الوحيدة في هذه الأمور هي دار الفتوى.

أما في قضايا الأحوال الشخصية للمسلمين الشيعة فالمحكمة الجعفرية تبث في أمورها، وكذلك حال بقية الطوائف الثماني عشرة المُعترف بها في البلاد.

لذا ليس مفاجئا أن يأتي الرد على طرح الوزيرة سريعا وحازما؛ إذ أصدرت دار الفتوى بيانا اعتبرت فيه أن الزواج المدني "يخالف أحكام الدستور اللبناني، ولا يمكن إقراره دون أخذ رأي المرجعيات الدينية".

وتتفق مختلف الطوائف مع هذا الرأي لأن إقرار الزواج المدني يعتبر مسا بسلطاتها، إذ يقول المطران حنا علوان٬ رئيس المحكمة الروحية إن "الكنيسة لا تعترف بالزواج المدني".

ويضيف: "أما في حال الإصرار على إقراره٬ فندعم أن يكون الزواج المدني إجباريا لكل المواطنين وليس اختياريا٬ وبعد ذلك٬ فليختر كل شخص إن كان يريد الزواج على طائفته أم لا".

أما بالنسبة للمسلمين الشيعة، فيقول الشيخ صادق النابلسي إن: "المشكلة الأساسية بيننا وبين دعاة الزواج المدني هي في آثار الزواج المدني كالحضانة والطلاق والنفقة".

لذا فإن إقرار الزواج المدني سيغير واحدة من أهم السلطات التي منحها الدستور لرجال الدين وهي تنظيم الأحوال الشخصية لأبناء طوائفهم.

مطالبات قديمة
في خمسينيات القرن الماضي اقترحت هذه الفكرة للمرة الأولى، ومنذ ذلك الوقت وهي تصطدم بالإشكالية نفسها وهي رفض السلطات الطائفية والدينية له.

قبل الوزيرة ريا الحسن، تجرأ وزراء داخلية آخرون كثر على طرح الموضوع، من بين هؤلاء مروان شربل الذي اختبر عن قرب حجم مقاومة رجال الدين لهذا الطرح، ووصفهم بأهم السلطة الأقوى في البلاد.

يقول شربل: "طالما أن السلطة الدينية هي أقوى من أي سلطة أخرى، فلن يجرؤ أحد على طرح موضوع الزواج المدني في مجلس النواب دون رضى رجال الدين".

ويضيف: "أغلب رجال السياسة في لبنان في تصرف رجال الدين ولا يغضبونهم٬ لأن رجل الدين قادر على تحريك الشارع أكثر من السياسي".

لن يكون الجدل الحالي بشأن الزواج المدني الأخير في لبنان. وإلى حين إحداث أي خرق في المنظومة الطائفية الحاكمة للأحوال الشخصية في البلاد٬ ليس أمام الراغبين في الزواج في لبنان إلا خيارات ثلاثة فقط: الشيخ أو الكاهن أو قبرص وأخواتها.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك