«شخلل تعدى».. سماسرة «تخليص المصالح» الحكومية بديل المواطن لمواجهة الروتين - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 6:19 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«شخلل تعدى».. سماسرة «تخليص المصالح» الحكومية بديل المواطن لمواجهة الروتين

كتب ــ إسلام جابر وشريف حربى:
نشر في: الأحد 25 فبراير 2018 - 9:01 م | آخر تحديث: الأحد 25 فبراير 2018 - 9:01 م

-طاولات «إنهاء الإجراءات» أمام قسمى إمبابة والمرج و«تموين الوراق» و«جوازات الدقى» وغيرها.. والعمولة من 20 إلى 50 جنيهًا
-مواطنون: البيروقراطية وراء لجوءنا لـ«المكاتب الموازية».. ومسئولون: نلاحق المتورطين وسننهى وجودهم قريبًا


طوابير طويلة يقف فيها المواطنون داخل أماكن الخدمات الحكومية، منتظرين إنهاء مصالحهم، فى الوقت الذى ينشغل موظفو الخدمة عنهم بشئونهم الخاصة، فيعطلون العمل يوما تلو الآخر، فلا يجد المواطن أمامه سوى «سماسرة الخدمات» لـ«تخليص المصلحة».

 

«الشروق» اقتحمت عالم صيادى ضحايا تعقيدات البيروقراطية والروتين الحكومى، الذين يتعامل معهم المواطنون لإنهاء طلباتهم ومصالحهم مقابل مبالغ مالية يتقاسمونها مع الموظفين، معدومى الضمير، الذين يساعدونهم فى هذه المهام، وتتنوع هذه الخدمات لتشمل إدارات المرور، ومكاتب التموين، والسجلات المدنية، ودواوين الأحياء، وأماكن تخليص الجوازات، وحتى أبواب المستشفيات والمحاكم.

 

رجال وسيدات يتخذون من طاولة خشبية مكتبا لهم أمام قسم إمبابة بالجيزة، وكأنه أصبح مكتبا موازيا للمكتب المتخصص بتخليص الخدمات الحكومية، يبدأ عملهم عندما تستحكم التعقيدات البيروقراطية والروتين، وتشتد معاناة المواطنين فى طوابير الزحام أمام شباك الموظف المدنى، لاستخراج بطاقة شخصية أو شهادة ميلاد أو غيرها، وفى حالة عدم إنجاز طلباتهم يكون اللجوء إلى السماسرة هو الحل.

 

يحضر مواطنون يوميا لتخليص بطاقات وشهادات ميلاد ووفاة، فى مكتب الأحوال المدنية التابع للقسم، فتلتقطهم أعين السماسرة لتتلقف أوراقهم مقابل مبالغ مالية، قبل أن يتجهوا إلى موظفين مسئولين لإنهاء الإجراءات مقابل تقاسم هذه المبالغ.

 

اقتربت «الشروق» من مقر سمسار جالس أمام منفذ أحد مكاتب التموين فى منطقة الوراق وأمامه أحمد الإمام، مواطن على المعاش، ويسكن فى منطقة وراق العرب، طالبا استخراج بطاقة التموين بشكل سريع.

 

وقال الإمام إنه لم يستطع إنهاء إجراءات الحصول على بطاقة التموين «بدل فاقد» منذ أشهر، واضطر بعد شعوره باليأس إلى اللجوء للسماسرة المتواجدين أمام مكتب التموين، مشيرا إلى وجود رجل وسيدة أمام مكتب التموين، يجلسان أمام طاولة خشبية منذ أعوام، لاستقطاب المترددين على شبابيك المكتب، وحل المشكلات المعقدة التى تواجههم لإنهاء إجراءات البطاقات.

 

وأضاف الرجل الستينى،: «اضطررت لدفع 50 جنيها لسمسار الخدمة، لإنهاء إجراءات الحصول على بطاقة الرقم القومى، وما يحدث من ظلم شديد من الجهات المسئولة عن الرقابة، هو ما يعطى هؤلاء المنتفعين الفرصة بالوجود أمام المكاتب لتخليص الخدمة للمواطنين، وهو ما يعد اقتصادا موازيا»، على حد قوله.

 

وتعجبت أميمة حسن، موظفة فى إحدى شركات القطاع الخاص، من وجود هؤلاء السماسرة، وجلوسهم أمام منفذ كل مصلحة حكومية، منذ سنوات، دون أن يطاردهم المسئولون، كأنهم يشغلون وظيفة مشروعة، بينما يزداد زبائنهم يوما بعد يوم.

 

فى السياق ذاته، أوضحت مشمشة محسن، ربة منزل من منطقة المرج الجديدة، أنها لاقت معاناة شديدة من أجل الحصول على شهادة قيد عائلى لابنها، وعندما علمت بوجود أحد السماسرة بالقرب من السجل المدنى التابع للقسم، ذهبت إليه على الفور ليساعدها فى تخليص طلبها مقابل مبلغ من المال، كاشفة عن أن عمولات تخليص الأوراق تتراوح بين 20 و50 جنيها.

 

وقالت صالحة تركى، من منطقة شبرا، إنها وافقت على التعامل مع سماسرة الخدمات لإنهاء طلباتها والتخلص من التعقيدات الروتينية، لافتة إلى أن اللجوء للسماسرة يعفيها من بذل الكثير من الوقت والجهد، ويعد أفضل من المعاناة التى ستقابلها كى تحصل على مصلحة أو خدمة حكومية.


يقف المواطنون فى طوابير طويلة داخل مجمع جوازات الدقى منتظرين ساعات لإنهاء أوراقهم، بينما يستمر الموظفون فى تعطيلهم بدعاوى مختلفة، أما سعداء الحظ منهم، يلجأون إلى «محمود ا»، أحد السماسرة الموجودين أمام المجمع، الذى ينهى هذه الإجراءات فى لمح البصر.


ويوضح محمود أنه لم يجد فرصة عمل مناسبة لتوفير نفقات أسرته، فلجأ إلى شراء بعض استمارات استخراج الجوازات، وبيعها بهامش ربح عن سعر شرائها، قائلا «ده أكل عيشنا».

 

من جهته، قال مصدر أمنى فى وزارة الداخلية إن أجهزة الشرطة تتبع هؤلاء السماسرة للقبض عليهم وتحويلهم إلى جهات التحقيق فورا، خاصة أمام الأقسام ومصالح الأحوال المدنية.

 

وأكد مسئول فى وزارة التموين إن شرطة التموين تواجه استغلال معاناة المواطنين بكل قوة خلال الفترة الماضية، لافتا فى تصريحات لـ«الشروق» إلى أنها نجحت فى القبض على شخص يوهم المواطنين المترددين على مكتب تموين حلوان بقدرته على إنهاء إجراءات استخراج البطاقات التموينية وتجديدها مقابل مبلغ مالى، وأحيل إلى النيابة على الفور.

 

وتابع: «مهنة السمسرة أمام المكاتب التموينية ستندثر قريبا، خاصة مع تكثيف الحملات، بالإضافة إلى بدء الوزارة عهدا جديدا يسير أمور المواطنين فى المكاتب التموينية على نحو سريع وفعال ودون مشقة».



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك