العلاقات المتأرجحة بين القذافى وواشنطن.. والاتصالات السرية مع السنوسى «الحلقة الثانية» - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 1:17 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نائب «سى. آى. إيه» السابق يرصد..

العلاقات المتأرجحة بين القذافى وواشنطن.. والاتصالات السرية مع السنوسى «الحلقة الثانية»

إعداد- أحمد محمود:
نشر في: الإثنين 25 مايو 2015 - 10:21 ص | آخر تحديث: الإثنين 25 مايو 2015 - 10:21 ص

• موريل فى كتابه «الحرب الكبرى في عصرنا»: مشكلة واشنطن مع القذافى تمثلت فى انعدام القدرة على التعامل معه.. وليبيا كانت تستولى على جزء كبير من اهتمامنا

• القذافى عرض التخلص طوعًا من أسلحة الدمار الشامل في 2003.. والتقيناه سرًا وأبرمنا الاتفاق

• مبدأ «عدو عدوى صديقى» دفع الأمريكيين للتعاون مع القذافى ضد «القاعدة».. ونجحت في تقوية علاقتنا مع المخابرات الليبية

• رئيس مخابرات القذافى حاول إقناعى بأن الثوار عملاء للقاعدة.. واستغليت علاقتى به للإفراج عن صحفيين بـ«نيويورك تايمز»

• فشلت محاولات ترتيب لقاء مع السنوسى لإقناعه بالانشقاق عن النظام.. وعندما أبلغته الرسالة عبر الهاتف رد: لا يمكننى ترك القائد

هزيمة الجيش الليبى أدت إلى انتشار عدد هائل من الأسلحة التقليدية فى المناطق المجاورة لليبيا.. وفشلت فى اقتناع المسئولين الجدد ببناء جهاز مخابرات بعد أن رصد المراسلات السرية بين رئيس المخابرات المصرية السابق، عمر سليمان، والمخابرات المركزية الأمريكية (سى آى إيه)، إبان ثورة يناير 2011، ومسارات التعاطى الأمريكى مع الثورة التى انتهت بالإطاحة بحسنى مبارك، يعرض مايكل موريل، نائب رئيس «سى آى إيه» السابق، فى الفصل الثامن من كتابه «الحرب الكبرى فى عصرنا» الصادر فى 12 مايو الحالى، رؤية الإدارة الأمريكية لليبيا إبان حكم العقيد معمر القذافى، والفترة التى تلته.

ويرى موريل أن الولايات المتحدة عاشت مع القذافى «نوعا مختلفا من النكسة.. حيث لم تكن المشكلة هى عدم الاستعداد للتعامل معه، وإنما انعدام القدرة على التعامل معه».

وفى كتابه الذى جاء فى 362 صفحة من القطع المتوسط، بين موريل: «على السطح لم يكن يبدو أن ليبيا تحظى بقدر كبير من اهتمام المخابرات الأمريكية. فالبلد، رغم كبر حجمه، صحراء فى المقام الأول. ومن ناحية عدد السكان، ليست ليبيا من بين المائة دولة الأولى فى العالم».

وأضاف: «الأرقام وحدها قد تكون خادعة. فخلال سنوات عملى الـ33 فى الوكالة، كانت ليبيا تتطلب قسطا كبيرا من اهتمامنا. وكان معظم ذلك التركيز يمكن إرجاعه إلى واحد فقط من سكانها الـ6 ملايين، وهو معمر القذافى».

ورأى نائب رئيس «سى آى إيه» السابق، أن «القذافى جعل نفسه منبوذا دوليا بالمسار الذى اختاره لدولته: السعى للحصول على أسلحة الدمار الشامل، بما فى ذلك الأسلحة النووية، وممارسة الإرهاب كأداة لإدارة الدولة، وشمل ذلك تفجير طائرة (بان أمريكان 103) فوق لوكربى بأسكتلندا عام 1988، وهو عمل إرهابى أودى بحياة 259 شخصا على متنها و11 شخصا على الأرض».

ووفق موريل، حدث تغير فى العلاقات بين الولايات المتحدة وليبيا فى أوائل عام 2003، عندما كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها يشرعون فى غزو العراق، «إذ اتصلت الحكومة الليبية بنظرائنا البريطانيين، عارضة امكانية مناقشة تخلص ليبيا الطوعى من أسلحة الدمار الشامل. وبالفعل مسئولو «سى آى إيه»، والمخابرات البريطانية، سرا مع القذافى، واتفقوا على التخلص من أسلحة الدمار الشامل دون اطلاق، رصاصة واحدة.

وما إن أبرم هذا الاتفاق، حتى بدأت الولايات المتحدة وحلفاؤها «استئناف حرج» للعلاقات مع ليبيا، بعد أن غلفها التوتر لسنوات، على حد قول موريل، الذى أضاف: «بحلول عام 2006، أعادت الولايات المتحدة، العلاقات الدبلوماسية وأرسلت سفيرا إلى طرابلس لأول مرة منذ 27 عاما».

وأوضح الكاتب أن «الولايات المتحدة لم تكن لديها أوهام بشأن الطابع القاسى السلطوى للنظام الذى يقوده (الأخ القائد) كما كان يحب القذافى أن يُنادَى، إلا أنها كانت على قدر أكبر من الاستعداد للعمل مع هذا النظام، فى أعقاب 11 سبتمبر؛ إذا كان سيساعد فى جهود منع الهجمات (الإرهابية) وهزيمة القاعدة وما على شاكلتها من تنظيمات».

وعدد موريل الأسباب التى دفعت القذافى للتعاون مع الولايات المتحدة، وأهمها أن القاعدة كانت تريد الإطاحة بالأنظمة العربية العلمانية، فكان «القذافى يكره القاعدة ويخشاها بقدر كراهيته للولايات المتحدة وخشيته منها، وبما أن عددا من كبار القادة فى تنظيم أسامة بن لادن من الليبيين، فقد كانت مساعدته مفيدة إلى حد كبير». وأوضح أنه على الرغم من غرابة الليبيين، إلا أن مبدأ «عدو عدوى صديقى» فرض على الأمريكان العمل معهم.

وتناول الكتاب تفاصيل الرحلة الهامة التى قام بها موريل إلى ليبيا فى أواخر 2010، قبل أسابيع من الثورة الليبية. وأوضح الكاتب أن نقطة اتصاله الأساسية فى ليبيا، ومضيفه أثناء الزيارة، كان عبدالله السنوسى، رئيس الاستخبارات الداخلية فى حكومة القذافى، مشيرا إلى أن «السنوسى كان معروفا بقسوته. وكان متورطا فى تفجير الطائرة، ومذابح السجناء، وربما محاولة اغتيال القادة الأجانب»إلا أنه كان «محاورا جذابا على نحو غريب».

ومضى موريل قائلا: «مع أنه كان واضحا لى أن السنوسى (الذى كان كذلك زوج ابنة القذافى) كان شخصا قاسيا، فقد استطعت رؤية جانب آخر منه. وجدت أن السنوسى وسيما، وصريحا، وظريفا. وكان لنا لقاء فى مكتبه، حيث كان البروتوكول يقتضى منه أن يحدثنى بشأن رؤيته لتحرك الولايات المتحدة ببطء شديد نحو استعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة مع ليبيا. ودخلنا فى نقاش مفصل بشأن القاعدة وما يمكننا عمله معا ضد الجماعة».

وتابع قائلا: «مع قرب انتهاء الاجتماع، وجدنا أرضية مشتركة فى الحديث عن أسرتينا. أبلغ كل منا الآخر عن أولاده، وكان واضحا لى أنه كان شديد الفخر بابنته العنود التى كانت فى أواخر العقد الثانى من عمرها».

ومن المواقف الغريبة التى واجهها نائب رئيس «سى آى إيه» خلال الزيارة هى اصرار رئيس جهاز الأمن الخارجى أبوزيد عمر دوردة، أثناء غداء استمر 3 ساعات، فى مطعم بطرابلس، على اقناع موريل بأنه «مسلم ولكنه لا يعرف».

موريل قال فى كتابه إنه «علم أثناء تناول الطعام أن إلقاء المحاضرات جزء من شخصية كبار المسئولين الليبيين، إذ إن دوردة استغل معظم وقت الغداء ليشرح كيف أن كل شخص فى العالم مسلم، لكن الجميع لا يعرفون ذلك بعد». وأوضح موريل أن دوردة قال له: «أنت مسلم يا مايكل، كل ما فى الأمر أنك لم تستجب لمشيئة الله». وأضاف «لكنه أشار بلطف أنى سوف أستجيب لها يوما ما. وعندما ذكرت أن هذا ليس هو ما تعلمته فى ثمانى سنوات قضيتها فى المدرسة الكاثوليكية، حكى لى المسئول الليبى عن الأهمية الكبرى ليسوع فى الإسلام». وعلق موريل على ذلك قائلا: «بالنسبة لى لم تكن محاضرته مجرد بلاغة فى الخطاب. ذلك أن دودرة كان يؤمن إيمانا عميقا بما يحكيه لى، ووجدت إخلاصه واهتمامه بعلاقتى الشخصية بالله، أمرا محببا».

وألمح الكاتب إلى أن التعاون المخابراتى بين أى بلدين يقوم بشكل كبير على العلاقات الشخصية والثقة، ومن هذا المنظور فقد آتت زيارته لليبيا أكلها بعدما خُلقت علاقة انسانية وثقة متبادلة بينه وبين السنوسى، موضحا أنه «غادر ليبيا بعلاقة أقوى بين المخابرات الأمريكية والليبية التى وصفها بالفعالة جدا»، مشيرا إلى أنه «أصبح فى استطاعته الحصول على المعلومات عند رفع سماعة التليفون والاتصال فقط».

ويوضح الكتاب الأزمة التى واجهتها واشنطن ابان اندلاع الثورة الليبية عام 2011، والتى وقعت بعد فترة قصيرة من زيارته، قائلا: «بعد ما اندلعت الاحتجاجات والاشتباكات مع قوات الأمن فى مساحات شاسعة من ليبيا. اتخِذت وزارة الخارجية الأمريكية، فى شهر فبراير، قرارا بغلق السفارة الأمريكية بطرابلس مؤقتا مع إجلاء العاملين بها، وكذلك أى مواطنين أمريكيين يرغبون فى الخروج». وأوضح أن الطريقة الوحيدة لإخراجهم جميعا بسرعة «كانت عن طريق عبارة توصلهم إلى مالطا. وجهزت الخارجية العبارة ـ وكذلك رحلة جوية لتخرج البقية القليلة الباقية ـ غير أنه كان لا يزال هناك قلق بشأن أمن الأمريكيين أثناء انتقالهم من السفارة إلى ميناء طرابلس، حيث كانت العبارة ترسو».

وقال موريل إن مسئولى البيت الأبيض علموا بالعلاقة التى أقمتها مع السنوسى، فطلبوا منه الاتصال به والسعى للحصول على مساعدته فى ضمان السماح لموظفى الخارجية الأمريكية بالانسحاب بأمان. ومضى قائلا: «اتصلت بالسنوسى يوم 24 فبراير وطلبت منه توفير الأمن لدبلوماسيينا أثناء انتقالهم إلى الميناء. ووعدنى بأنه سوف يضمن سلامتهم، وكان عند كلمته. إذ نجح نحو مائتى أمريكى من الرحيل دون وقوع حوادث».

وأضاف: «حينما كنت أتحدث إلى السنوسى فى تلك الفترة كان يتخلى عن طريقته، لإقناعى بأن الأشخاص الذين ينتفضون ضد القذافى ليسوا ساعين إلى الحرية وإنما هم جميعا عملاء للقاعدة. ولم يكن هناك شك فى أنه كان يخلط بين الفصائل المختلفة وبعض المتطرفين الموالين لأيديولوجيا بن لادن، لكن الأغلبية لم تكن لهم أجندة غير تخليص البلاد من القمع الذى يفرضه (الأخ القائد) على البلاد منذ عقود».

وألمح موريل إلى أن سياسة الحكومة الأمريكية فى ذلك الحين كانت تأييد أهداف المتمردين، مضيفا: «قدمنا لهم قدرا كبيرا من المساعدة منها أسلحة مميتة قصيرة المدى. وفى النهاية قُدم دعمنا عسكريا للمقاومة من خلال حلف (شمال الأطلسي) الناتو وغيره من الحلفاء».

وأورد موريل واقعة أخرى تشير إلى مدى استفادته من علاقته الوثيقة بالسنوسى، وقعت أحداثها فى فى مارس 2011، عندما «احتجزت قوات القذافى عددا من صحفيى جريدة نيويورك تايمز الأمريكية، خارج مدينة إجدابيا. وكانت المجموعة تضم صحفيا حاصلا على جائزة بوليتز ومصور فيديو ومصورى فوتوغرافيا (أحدهما امرأة). واتضح فيما بعد، أن آسريهم ضُربوهم بقسوة، وكانوا مقتنعين بأنه من غير المرجح أن ينجوا من الأسر».

وأوضح أنه كما يحدث فى الغالب مع الإعلام الذى يعمل فى منطقة حرب، كان الجنود الصغار الذين يحتجزون الصحفيين يظنون أنهم جواسيس. ومرة أخرى طلب البيت الأبيض من موريل المساعدة، فاتصل بالسنوسى الذى «وبعد محاضرة أخرى حول كون المتمردين عملاء للقاعدة فى واقع الأمر، وكيف أنه ينبغى للأمريكان العمل مع الحكومة الليبية ضدهم، استطعت تحويل الحديث إلى الصحفيين. أخبرت السنوسى أن الأربعة هم بالفعل كما قالوا ـ صحفيون وليسوا جواسيس ـ وأنه ينبغى إطلاق سراحهم. بعد يومين من اتصالى سُمح لهم بالانصراف».

واعتبر موريل أن «تعاون السنوسى معه لم يكن نتيجة لعلاقتهما الشخصية. بل كان التعاون نتيجة لاعتقاد السنوسى أنه إذا ساعد موريل فى تلك الأمور التكتيكية فسوف يجعل ذلك من الأسهل عليه إقناعه بأن ليبيا كانت تتعرض بالفعل لهجوم من القاعدة، وبالتالى ترى واشنطن الخطأ فى أساليبها، أى أنه كان يقوم به لعبة استراتيجية».

وقال موريل: «الحديث الأخير الذى جمعنى مع السنوسى كان الأكثر دراماتيكية. فبعد شهور من الصراع، واراقة الدماء، كان واضحا أن أيام نظام القذافى باتت معدودة وأن نهايته ستكون عنيفة». وأوضح الكاتب: «فى مسعى لتسريع الانهيار الحتمى لحكم الديكتاتور، سألنى زملائى المشاركون فى لجنة النواب إن كان بإمكانى إقناع السنوسى بفعل الشىء الصواب، والانضمام إلى مستقبل ليبيا وليس البقاء فى ماضيها. وكان التفكير هو إذا غير شخص بقامة السنوسى فى النظام، موقعه، فإن ذلك سوف يقود الآخرين إلى فعل الشىء نفسه، الأمر الذى سوف يؤدى إلى الانهيار السريع للنظام وإنقاذ آلاف الأرواح الليبية».

وأضاف: «مع ذلك فقد كان الأمر الأخير الذى أردت عمله هو مناقشة ذلك معه على التليفون. كان هناك احتمال كبير أن يجرى اعتراض مكالمتى، وأن يكون اقتراحى وحده كافيا لقتل السنوسى. ولذلك اتصلت به وعرضت عليه اللقاء فى مصر أو تونس. وافق وأعددنا جزيرة جربة التونسية مكانا للقاء. لكن بعد يومين فقط أبلغنى أنه لابد أن يتم اللقاء عند المعبر الحدودى بين تونس وليبيا. ورأيت أنه ربما كان القائد لا يريد من السنوسى أن يغامر بالذهاب خارج الوطن. لذلك وافقت وأرسلت فريق أمن إلى تونس لتقييم موقع اللقاء المقترح سرا. ورد الفريق بأنه للوصول إلى موقع الاجتماع المقترح لابد من المرور عبر أكثر من 100 ألف مهاجر ليبى احتشدوا عبر الحدود لتحاشى القتال. ومع ذلك فقد أصررت على مواصلة التخطيط للرحلة».

لكن قبل أسبوع من الموعد المحدد، والحديث لموريل، «تلقيت ما يفيد بأن السنوسى لن يحضر. وعلمنا فيما بعد أن القذافى رفض السماح لرئيس مخابراته بالسفر إلى الحدود»،. ورأى موريل أن «القذافى ربما خمن نيته، وكان يخشى أن يبحث السنوسى عن سبيل للخروج من الأزمة».

ومضى قائلا: «بما أنى فشلت فى استدراج السنوسى إلى اجتماع وجها لوجه، كان خيارى الأفضل التالى هو أن يكون نقاشى معه عبر خط تليفون مفتوح وتوقع الأفضل. وبالفعل قلت له: لابد أن تعلم يا عبدالله أن أيام القائد معدودة. ولابد أن تعلم أنها مسألة وقت. أهم شىء الآن هو التفكير فى بلدك وما سيكون الأفضل لك ولأسرتك». وكان يعرف على وجه الدقة ما أقوله، فرد بقوله: «لا يا مايكل. لم يمكننى قط ترك جانب القائد فى أوقات صعبة كهذه».

واستطرد «كان متماسكا، ولذلك لعبت بورقتى الأخيرة.. قلت يا عبدالله يا صديقى، فكر فى ابنتك. فكر فى مستقبلها. باختيار الجانب الصحيح، يمكنك إنقاذها، يمكن أن يكون لها مستقبل فى ليبيا. لكن ما قاله بعد ذلك أصابنى بالقشعريرة: يا مايكل القائد أهم عندى من أسرتى». وأضاف موريل: «أمكننى بناء على نبرة صوته أن اقول إن ذلك ليس شيئا مقصودا أنه يسمعه أى شخص محتمل أن يتصنت على المكالة؛ فقد كان جادا كل الجدية فيما يقول. وانتهى الحديث. لن يتغير السنوسى. وكانت تلك المرة الأخيرة التى تحدثت فيها معه».

بعد انهيار القذافى، اتسم الوضع بالفوضى. وبحسب موريل، «تلاشت مؤسسات الدولة، والأمر الأكثر أهمية هو تلاشى الجهات الأمنية المسئولة عن التعامل مع الإرهابيين. وأسفرت هزيمة الجيش الليبى كذلك عن انتشار عدد هائل من الأسلحة التقليدية ليس فى ليبيا وحدها بل كذلك فى المنطقة المجاورة، الأمر الذى زاد من توقية المنتمين إلى القاعدة من مالى إلى مصر».

وأضاف: «بعد نهاية عهد القذافى تماما، ذهبت مرة أخرى إلى ليبيا، فى يناير 2012، بصحبة نائب وزير الدفاع لشئون المخابرات مايك فيكرز، بهدف إقناع رئيس وزراء ليبيا الجديد (لم يذكر اسمه) بالحاجة الملحة إلى بناء جهاز مخابرات قادر على التعامل مع مشكلة القاعدة، بعد أن انهار جهاز حقبة القذافى السابق، ولم يعد له وجود». وأوضح موريل أنه «تواجد فى ليبيا من الساعة 9 صباحا إلى 5 مساء فقط، ولأسباب السلامة لم تسمح الاعتبارات الأمنية بقضاء الليل هناك».

واستكمل موريل: «قلت لرئيس الوزراء إن القاعدة وضعت أنظارها على ليبيا، وأن جهاز مخابرات هو ضرورة مطلقة للتعامل معها. وأوضحت له أن أحد قيادات القاعدة كان موجودا فى طرابلس فى تلك الفترة، لشراء أسلحة كثيرة بقدر ما يستطيع. فتراجع رئيس الوزراء قائلا إنه يقود حكومة مؤقتة فحسب، وأن لديه الكثير مما يجب عمله، وأن الأمر سيستغرق وقتا لإدراك كيفية بناء جهاز على النحو الصحيح».

وتابع: «شعرت بالإحباط، لنهاية الاجتماع مع وعود غامضة ببناء جهاز مخابرات، خاصة أنه علم ان ذلك لن يحدث فعلا، بالرغم من تأكيده لرئيس الوزراء أن قوة القاعدة المتزايدة فى ليبيا يمكن أن تؤدى إلى هجمات على المصالح الليبية، والمصالح الأمريكية». وأضاف: «سوف يصبح تحذيرى واقعا مأساويا بعد أقل من عام»، فى اشارة إلى الهجوم على مقر السفارة الأمريكية فى ببنغازى، وقتل السفير كريس ستيفينز.

موريل: الإطاحة بمرسى كانت شيئًا طيبًا

قال موريل فى ختام الفصل الثامن من كتابه أنه تلقى مكالمة هاتفية من سفير عربى كبير لدى الولايات المتحدة، فى اليوم الذى تحرك فيه الجيش المصرى ضد الرئيس الأسبق محمد مرسى. وردا على سؤال «ما الذى تراه يا مايكل بشأن مصر؟»، قلت: «هذا شىء طيب. فقد كان مرسى يقود البلاد نحو الدمار، وإلى عدم الاستقرار، وإلى التطرف. الآن لدى مصر الفرصة من جديد».

وأضاف: «علمت أننى لست متسقا مع السياسة الأمريكية، لكن جرى تدريبى طوال حياتى على قول الحقيقة كما أراها. قال لى السفير: «أجريت مكالمات هاتفية مماثلة هذا الصباح .. أنت أول من يقول إن هذا شىء طيب.. أنت على صواب».

واعتبر موريل أنه «ليس كل بلد جاهز للديمقراطية، والديمقراطية ــ لكى تعمل بكفاءة ــ تعنى ما هو أكثر من الانتخابات الحرة. فهناك جانب حرية تشكيل الأحزاب السياسية، والتنافس للحصول على التأييد السياسى وأصوات الناخبين، وكذلك حرية التعبير، وإتاحة مصادر المعلومات المتعددة، والمؤسسات التى تحدد أفضليات الناخبين كما يعبر عنها فى الانتخابات وتنفذها».

وأضاف أن «فرض الديمقراطية بالقوة على بلدان ليس لديها تلك الصفات، ولا يمكنها خلقها بسرعة، هى وصفة لعدم الاستقرار، وتؤدى إلى مجموعة من النتائج غير المحببة للمصالح الأمنية الأمريكية». واتخذ غزة كمثال، مشيرا إلى أن الناخبين اختاروا «جماعة إرهابية» لقيادتهم.

اقرأ أيضا

المراسلات السرية بين عمر سليمان وأمريكا أثناء ثورة 25 يناير



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك