دموع فى «مجرى العيون».. الخوف من التشرد يجتاح أقدم مناطق دباغة الجلود - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 4:30 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

دموع فى «مجرى العيون».. الخوف من التشرد يجتاح أقدم مناطق دباغة الجلود

مجرى العيون أقدم مناطق دباغة الجلود - تصوير: هبه خليفة
مجرى العيون أقدم مناطق دباغة الجلود - تصوير: هبه خليفة
تحقيق ــ ياسمين عبدالرازق:
نشر في: الثلاثاء 25 أكتوبر 2016 - 9:18 ص | آخر تحديث: الثلاثاء 25 أكتوبر 2016 - 9:20 ص
- «شبح الروبيكى» يؤرق عمال المدابغ

- عطية: «كل ما أفكر إزاى هجيب قوت يومى ببقى هموت».. والحاج مصطفى: «يا عالم هيدونا بيت ولا لأ»

- خليل: «علشان نأجر فى الروبيكى بيوتنا هتتخرب»

- غرفة دباغة الجلود: الروبيكى حلم.. و90% من الجلود سيصدر إلى الخارج

- النقل العام: لم تعرض علينا دراسة المشروع.. المحافظة: سنوفر 1200 وحدة سكنية للعمال.. والمنطقة تحتاج لأضعافهم

يعيش عمال المدابغ والمستأجرون والأهالى فى منطقة مجرى العيون بمصر القديمة حالة من القلق على مصيرهم، بعد قرار نقل المدابغ إلى منطقة الروبيكى فى مدينة بدر، ضمن مشروع تطوير سور مجرى العيون، حيث يتخوفون من فقدان أعمالهم وعدم تعويضهم تجاه خسارتهم.

«الشروق» أجرت جولة فى مجرى العيون لرصد أوضاع المستأجرين والعمال والأهالى المتخوفين من سيناريو التشريد، فيما تطمئن محافظة القاهرة الجميع بأن مشروع الروبيكى سيستوعب جميع العمالة الموجود بل سيتحاج إلى أكثر منها.

وقال الحاج مصطفى، العامل فى ورشة بمدابغ مجرى العيون منذ 40 سنة، إنه يفضل أن يتسلم صاحب الورشة التى يعمل بها بديلا لها فى منطقة الروبيكى بدلا من التعويض، منعا لتشرد العشرات من العمالة، موضحا أن ذلك سيتيح له الفرصة لممارسة «الصنعة» الوحيدة التى يجيدها منذ صغره، قائلا: «بس ده لو ادونا ورش بجد، وخدوا العمال معاهم».

وأضاف الحاج مصطفى لـ«الشروق» أن مجرى العيون منطقة عشوائيات وليست صاحبة إنتاجية عالية من الجلود فى نظر الدولة، على الرغم من أن المدابغ التى تسلم للمصانع لإعادة تصنيعها أحذية وحقائب، وجواكيت جلدية ذات جودة عالية.
وأكد مصطفى عدم وجود تعامل مباشر بين مدابغ مجرى العيون والشركات الكبرى التى تعيد تصنيعها مرة أخرى، بينما يتم استلام الجلود وتدويرها بالمعدات والمواد الكيماوية اللازمة، ثم إعادتها مرة لأخرى لأصحابها الذين يتعاملون مباشرة مع الشركات لإعادة تصنعيها وتشكيلها، مشيرا إلى أنه يمتلك منزلا فى مجرى العيون، بينما لم يستلم عقود منزل بديل إلى الآن «يا عالم هيدونا بيت جنب الروبيكى ولا لأ».

واعتبر سمير عطية أن الدولة تتعامل مع العاملين فى منطقة المدابغ على أنهم «بلطجية ومجرمون»، موضحا أن «الغلبان هو اللى بيتطحن.. وإحنا عاملين زى الناس اللى فى المركب اللى بتغرق»، لافتا إلى أن مكسب العامل فى اليوم لا يتعدى 60 جنيها «بس بنقول تدوم، وطول ما إحنا فينا صحة هنشتغل، وكل ما أفكر ازاى هجيب قوت يومى ببقى هموت».

«إحنا هنا فى المدابغ عارفين نتعامل مع الماكينات والتدريب أضاف لخبراتنا سنين»، هذا ما قاله أبو إسلام، مشددا على أن «المدبغجية متعلمين على ماكينات الدباغة من زمن»، إلى جانب أن المهنة ذاتها أصبحت تعتمد على الشهادات فى المعاهد التعليمية، ولكن العاملين على أرض الواقع أفضل من المتعلمين من دون ممارسة، لافتا إلى أنهم سيتلافون الخسارة خلال فترة النقل للروبيكى بالاتفاق مع الشركات والوسطاء على تسليم كميات كافية لتعويض فترة النقل إلى حين بدء الإنتاج.

ونوه أبوإسلام إلى أن العامل بالمدابغ إذا أوقف عمله يوما واحدا «بيستلف»، خاصة أن الدولة لم تضع حلا واضحا لـ«الناس الغلابة فى مجرى العيون»، حيث تسجل الأحوال المدنية عامل المدابغ كعامل أو بدون عمل، لأن المؤمن عليه فقط هو الذى يكتب له مدابغى.

على الجانب الآخر، لا يفضل بدوى عبده ــ الذى يعمل فى الدباغة منذ 32 سنة ــ النقل إلى مدابغ الروبيكى لأن الطريق بعيد جدا، قائلا: «أنا شفت بعينى بعد هدم 5 مدابغ العمال بتوعهم يا حول الله، فإذا كانت المدبغة تضم 20 عاملا ستنتهى بنقل 5 منهم فقط وتشريد 15 آخرين، كما أن أصحاب المدابغ الذين حصلوا على تعويضات بدلا من تشغيل مدبغة فى الروبيكى سيشردون الآلاف من العمال، بينما لم تذكرهم الدولة فى قرارتها».

بينما أشار أحمد خليل، أحد المستأجرين بالوراثة منذ الستينيات، إلى أن أسعار الإيجار فى مجرى العيون تصل إلى 200 جنيه فقط شهريا، موضحا أن المالك سيتسلم مدبغة فى منطقة الروبيكى أو يحصل على تعويض، بينما لم يحصل هو على تعويض لأنه مستأجر، وحتى إذا استأجر فى الروبيكى سيضطر إلى دفع آلاف الجنيهات «وده خراب بيوت»، إلى جانب الماكينات الموجودة فى المدبغة التى لن تستخدم مرة أخرى.

وأضاف خليل أن منطقة الروبيكى تم عملها «لصالح المستثمرين والمصدرين» الذين لا يتجاوز عددهم 20 فردا بهدف احتكار السوق، وكذلك المستثمرون من الخارج الذين سينشأون مصانع فى الروبيكى ويفضلون تصدير الجلود على السوق المحلية، ما سيتسبب فى ارتفاع سعر الحذاء الذى يصل متوسط سعره الآن إلى 100 جنيه «للراجل الغلبان»، فيما من المقرر أن يصل إلى 500 جنيه.

وأوضح خليل أن الدولة أعلنت مسبقا أن المستأجر سيستفيد بنسبة 30% فقط من المساحة الموجود بها حاليا، ثم أعلنت مرى أخرى أنه سيحصل على تعويض من المالك ويستأجر فى الروبيكى، معتبرا أن المستأجر أهم من المالك لأنه يدير العمل ومعه شركاء إلى جانب العمالة الموجودة فى المدبغة.

وشدد أحمد عنتر، أحد المستأجرين فى مدابغ مجرى العيون، على أن العمال موجودون فى المنطقة منذ أكثر من 50 سنة، فيما لن يحصلوا على تعويضات كام أنهم ليس لديهم معاشات أو تأمين، مشيرا إلى أن ملاك المدابغ هم المستفيدون الوحيدون من قرار النقل.

وتابع «أنا مؤجر مليش إنى أشترى، وعندى عمال وحسابات فى السوق بالملايين، هروح فين أنا وعمالى»، مستطردا «كل الموجودين فى مجرى العيون هيبقوا عاطلين، وبينهم العربجية، واللى ليا فى السوق مش هعرف أخده تانى، كمان عمال الورش علشان مفيش جلود بعد ارتفاع أسعارها».

فى سياق آخر، قال العضو فى اتحاد الصناعات المصرية بغرفة دباغة الجلود، محمد حربى، إن للعمال قبل أصحاب المصانع مكانا فى الروبيكى، لأن المكان يعد تطويرا للمستقبل، مؤكدا أن الدولة والجهات المسئولة عن المشروع توفر سكنا لكل منهم، حيث لن تسير صناعة دباغة الجلود من الأيدى العاملة لأن بدونها ستسقط المشروعات الحالية.

وشدد حربى على أن العمال سيكونون فى مواقعهم بمنطقة الروبيكى وإلا المشروع بأكمله سيفشل، مشيرا إلى أن المنطقة ستحتاج إلى عمالة أعلى من الموجودة فى الوقت الحالى، لأن الهدف من إنشائها هو التوسيع فى صناعة المدابغ وليس تقلصها، خاصة أن مجرى العيون وصلت إلى العشوائية، واصفا الروبيكى «بالحلم»، على الرغم من أنه لم يتمنَ النقل من منطقة مجرى العيون.

وأشار حربى إلى أن تصدير الجلود سيصل إلى 90% وهى فائدة كبيرة للدولة والصناع والعمال، لأنها تضخ العملة الصعبة لصالح الدولة، بل تسعى لتنفيذ الصناعة النهائية بالجلود بدلا من تصديرها كمادة خام وإعادة تصنيعها مرة أخرى، مع تصديرها إلى العالم، لأن أصل تلك الصناعة غير متطور داخل مصر.

وواصل «المرحلة الثالثة فى المشروع ستتيح الفرصة للشركات العالمية بإنشاء مقرات لها والتصدير من مصر، فيما يجب استبدال العربات الكارو بعربات ربع نقل للعمل لإتاحة العمل لصاحبها، أو لإتاحة الفرصة لغير الراغبين فى النقل أن يعملوا فى أى مجال آخر».

وفى سياق آخر، أكد نائب مدير مشروع الروبيكى فى مدينة بدر، المهندس مسعد عبدالفتاح، أن المشروع مُعد على 3 مراحل، تم الانتهاء من المرحلة الأولى منه، وتضم 80 عنبر «مدبغة»، بمساحات 180 ألف متر مربع، بتكلفة 1.2 مليار جنيه.

وأشار عبدالفتاح إلى أنه تم طرح المرحلة الثانية وتقديم العطاءات بالفعل وبمجرد الاستقرار على شركة سيتم اسناد المهام التنفيذية ببداية ديسسمبر للعام الحالى، لافتا إلى أنه تم توفير 3 محطات معالجة للصرف المالح والعام، بالإضافة إلى محطة معالجة لاسترجاع واستخلاص الكروم، وتم تنفيذها بالطريق المقابل للروبيكى، وناتج محطة الصرف العام سيتم استغلاله لعمل غابة شجرية بعد معالجته.

وأشار عبدالفتاح إلى وجود محطة لرفع المياه تضخ 24 ألف متر مكعب يوميا، لأن صناعة الدباغة تحتاج لنسبة عالية من المياه، فضلا عن محطة غاز طبيعى لمنع استخدام السولار وغيرها، إلى جانب خزان مياه داخل المشروع يحمل 5 آلاف متر مكعب يوفر ضغطا عاليا يغذى جميع المدابغ بالمرحلة الأولى، وكذلك سيتم بناء مركز للمطافئ ومركز شرطة يخدم المنطقة كاملة.

وأشار المهندس التنفيذى لمشروع الروبيكى، المهندس وليد محمد، إلى أنه تم إنشاء المركز التكنولوجى لتدريب العمالة قبل بدء العمل فى الورش الخاصة بهم، وهو عبارة عن مجموعة فصول وقاعات تدريب وقاعة مؤتمرات وكافيتريا، وتبلغ مساحته 6 آلاف و200 متر مربع؛ والغرض منه عمل ثِقل مهارى للعمالة للتنفيذ بطرق وأساليب حديثة، وسيكون فى الورش الخاصة بهم آلات مماثلة للتى تم التدريب عليها.

وأوضح وليد أن المدابغ الموجودة ليست مقاسات واحدة، وهى مزودة بمحطة استرجاع الكروم باعتبارها مادة سامة يتم استخلاصها مرة أخرى، حيث يصل سعر الطن إلى 15 ألف جنيه، ما يقلل من التكلفة.

فيما قال رئيس هيئة النقل العام، اللواء زرق على، إنه لم يتم عرض دراسة مشروع الروبيكى على الهيئة حتى الآن ولم يتم اتخاذ الخطوط العريضة الخاصة بتوفير الأتوبيسات، وكذلك لم يتم تحديد الطرق التى سيتم تمهيدها للأتوبيسات وعدد الخطوط، مضيفا أنه خلال الدراسة التى سيتم عملها سيتحدد احتياجات المشروع والفترة الزمنية المطلوبة للتنفيذ والتسليم.

بينما أكد سكرتير عام محافظة القاهرة ومسئول ملف الروبيكى بالمحافظة، اللواء محمد الشيخ، أن مدينة الروبيكى تستوعب جميع العمالة الموجودة فى منطقة مجرى العيون بل ستحتاج أضعاف العمالة الموجودة، لأن الهدف من المشروع هو توسيع صناعة الدباغة وليس تقليصها.

وأشار الشيخ إلى أن أصحاب الورش الذين فضلوا استلام التعويضات لا يمكن التحكم بهم، ولكن المنطقة ستستوعب كما هائلا من العمالة مع البدء الفعلى للعمل، لافتا إلى أن الغرفة التجارية لصناعة الجلود هى المعنية بعمل حصر العمالة الموجودة بمجرى العيون، وتوفير العمل لهم بالمنطقة الجديدة.

وأوضح الشيخ أن المشروع يستهدف تكبير مشروعات الدباغة لأنها صناعة لا يمكن أن تندثر، مضيفا أن المدابغ الكبرى التى ستنتقل إلى الروبيكى يصل عددها إلى 900 مدبغة تقريبا، فيما فضل معظم أصحاب المدابغ الصغيرة استلام تعويضات وستنظر الغرفة التجارية بأمر العمالة الموجودة بها وتسكينهم فى الروبيكى.

ولفت الشيخ إلى أن محافظة القاهرة ليست معنية بتوزيع العمال، ولكنها معنية فقط بنقل العمال من مجرى العيون وتسهيل انتقالاتهم إليها، وتجرى مناقشة ودراسة الطرق وتحديد عدد الأتوبيسات التى يحتاجها المشروع، إلى جانب التعاون مع وزارة الإسكان لتوفير 1200 وحدة سكنية للعمال الذين يفضلون نقلهم نهائيًا، أو تعويضهم حسب مساحة كل غرفة.


قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك