حكم قضائى يفجر ملف ألغام الصحراء الغربية بين مصر وبريطانيا.. يلزم الخارجية بملاحقة لندن - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 3:57 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حكم قضائى يفجر ملف ألغام الصحراء الغربية بين مصر وبريطانيا.. يلزم الخارجية بملاحقة لندن

محكمة القضاء الاداري
محكمة القضاء الاداري
محمد بصل
نشر في: الأربعاء 26 أغسطس 2015 - 10:06 م | آخر تحديث: الأربعاء 26 أغسطس 2015 - 10:11 م
- الحكم يعيد تعريف «أعمال السيادة»

- الحيثيات: الحكومة لم تقم بواجبها الدستورى.. والقانون الدولى يسمح بمقاضاة بريطانيا عن الأضرار التى أصابت مصر وأبناءها

- جنوب العلمين يكتظ بنحو 20 مليون لغم تمنع الامتداد العمرانى وزيادة الرقعة الزراعية وتقلل فرص التنمية

حصلت «الشروق» على نسخة من حكم قضائى صدر من محكمة القضاء الإدارى فى 27 يوليو الماضى، يحرك المياه الراكدة فى النزاع التاريخى بين مصر وبريطانيا حول مسئولية إزالة حقول الألغام التى زرعتها الأخيرة فى الصحراء الغربية المصرية إبان الحرب العالمية الثانية التى خاضتها ضد جيوش المحور ودارت رحى بعض معاركها المهمة فى الساحل الشمالى الغربى لمصر.

حيث ألزمت المحكمة –ولأول مرةــ وزارة الخارجية باعتبارها ممثل الدولة فى علاقاتها الخارجية، باتخاذ الإجراءات اللازمة وفقا لأحكام القانون الدولى لإلزام بريطانيا بتحمل مسئوليتها القانونية للكشف عن الألغام والذخائر والمتفجرات التى زرعتها أو تركتها فى الأراضى المصرية أثناء الحرب العالمية الثانية، وأن تتولى مهمة رفعها وتطهير مصر منها، وكذلك إلزامها بأداء التعويضات اللازمة لمصر عن ذلك، وأداء تعويضات أخرى عن الأضرار التى أصابت المواطنين المصريين وأموالهم بسبب هذه الألغام.

وأكدت المحكمة فى حيثياتها أنه «يجب على وزارة الخارجية اللجوء إلى طرق التقاضى الدولى، بعد استنفاد الوسائل الدبلوماسية».

الحكم الذى أصدرته الدائرة الأولى بالمحكمة برئاسة المستشار يحيى دكرورى وعضوية المستشارين عبدالمجيد المقنن ومحمد القرشى وسكرتارية سامى عبدالله، صدر فى الشق الموضوعى (النهائى القابل للطعن أمام المحكمة الإدارية العليا) من الدعوى التى أقامها المواطن حميدو جميل البرنس فى 15 سبتمبر 2013 والتى طالب فيها وزارة الخارجية بمطالبة بريطانيا بتقديم اعتذار رسمى لمصر، وإزالتها الأضرار الموجودة فى الصحراء، وتقديم تعويضات مالية للدولة والمصابين.

وفى 10 ديسمبر 2013 أحالت المحكمة الدعوى إلى هيئة المفوضين لتحضيرها، فأصدرت توصية بعدم اختصاص محكمة القضاء الإدارى بنظر الدعوى باعتبارها تمس عملا من أعمال السيادة، وهذا الاتجاه هو الذى تبنته المحكمة سابقا فى دعاوى مشابهة أقيمت على مدى العقود الماضية.

غير أن حيثيات الحكم الأخير المهم أكدت أنه «لا يجوز اعتبار كل عمل يتعلق بعلاقة مصر مع غيرها من الدول ضمن أعمال السيادة التى يمتنع على القضاء رقابة مشروعيتها»، مشيرة إلى أن أعمال السيادة هى التى تقتصر على «التصرفات ذات الطابع السياسى المجرد التى تخضع للتقدير والملاءمة من الحاكم عند التصرف كسلطة حكم وليس كسلطة إدارة، مثل إقامة العلاقات الدبلوماسية وقطعها وتقليل مستوى التمثيل الدبلوماسى وإعلان الحرب وإبرام الاتفاقيات الدولية بما لا يخالف الدستور».

أما إذا كان العمل المتصل بعلاقة مصر بالدول الأخرى يتعلق بحقوق المواطنين أو تنفيذ اتفاقيات دولية، فإن المحكمة اعتبرته «من أعمال الإدارة التى يختص قضاء مجلس الدولة برقابة مشروعيته، لأن الدولة المصرية ملتزمة بالدفاع عن حقوق مواطنيها فى مواجهة الدول الأخرى باتباع الوسائل الدبلوماسية والقانونية المقررة دوليا، تأسيسا على رابطة الجنسية التى كما تفرض على المواطن التزامات تجاه الدولة، فإنها تفرض على الدولة التزما بحماية مواطنيها».

ويعبر هذا التصنيف الدقيق لأعمال السيادة المرتبطة بالعلاقات الخارجية، عن اتجاه قضائى يتنامى باطراد فى أحكام مجلس الدولة خلال السنوات الأخيرة، يضيق مجال أعمال السيادة ويبسط رقابة القضاء على قرارات تتخذها سلطة الحكم باعتبارها سلطة إدارية يجب أن تلتزم بنطاق المشروعية القانونية والدستورية.

وأشارت المحكمة إلى أن «وزارة الخارجية هى السبيل الوحيد لحماية حقوق المواطنين فى مواجهة الدول الأخرى، وأنه يجب على الدولة الالتزام من تلقاء نفسها دون حاجة إلى طلب من المواطنين، وفقا لأحكام الدستور، لحماية حياتهم من أى مخاطر تهددها ومنها الألغام التى زرعتها الدول الأجنبية فى أراضيها، كما أن عليها مساعدة المضارين من هذه الألغام فى الحصول على تعويضات من الدول التى زرعتها، كما تلتزم بوضع هذه الدول أمام مسئوليتها الدولية عن رفع الألغام تحقيقا للتنمية وحماية للبيئة».

واعتبرت أن امتناع وزارة الخارجية عن هذه الأعمال وعدم توفيرها الحماية القانونية للمواطنين، بمثابة قرار سلبى جدير بالإلغاء، خاصة أنه يخالف المواد الدستورية التى تضمن سيادة الدولة، وتلزمها بتكريم شهداء الوطن، وتحقيق الرخاء من خلال التنمية المستدامة، وحماية الرقعة الزراعية وزيادتها وحماية المواطنين من المخاطر البيئية، والحفاظ على موارد الدولة الطبيعية، وحماية البيئة الصحية السليمة، وضمان حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة.

واستندت المحكمة أيضا إلى المادة الأولى من الاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التى أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة فى 16 فبراير 1966 ووقعت عليها مصر ووافقت وصدقت عليها ونشرت بالجريدة الرسمية فى 8 إبريل 1982 وأصبحت جزءا من التشريع المصرى، فيما تضمنته من ضمان «تحقيق الشعوب غاياتها الخاصة والتصرف بحرية فى ثرواتها ومواردها الطبيعية، وعدم جواز حرمان الشعب من وسائله المعيشية الخاصة».

وشددت على أن واجب الدولة يفرض عليها التدخل بكل الطرق الدبلوماسية والقانونية لحماية مواطنيها من الأعمال غير المشروعة التى قامت بها الدول الأجنبية على الأراضى المصرية، خاصة تلك التى ترتب أضرارا على حياة المواطنين، أو تنال من الموارد والثروات الطبيعية للدولة، وتؤثر على حق المواطنين فى الاستفادة منها.

وأوضحت المحكمة أنه وفقا لقواعد القانون الدولى فإن الحروب غير الدفاعية «عمل غير مشروع» وتتضمن قواعد القانون الدولى «أحقية الدول المعتدى عليها أو التى دارت على أراضيها حروب على غير إرادتها أو التى أضيرت حقوقها أو مصالحها فى التعويض العادل، وضمان حقوق الأفراد الذين أضيروا بسبب العدوان فى التعويض عن الأضرار التى تصيبهم، وتسأل عن ذلك الدولة المسببة فى الضرر، ويقع على عاتق الدولة التمسك بحقوقها وحقوق مواطنيها الذين لا يتيسر لهم مقاضاة الدول الأجنبية أمام القضاء الوطنى أو القضاء الدولى».

وذكرت أنه قد ثبت من الأوراق أن «المعارك بين المحور والحلفاء أثناء الحرب العالمية الثانية نتج عنها قيام الدول المتحاربة وخاصة المملكة المتحدة بزراعة ملايين الألغام فى الأراضى المصرية فى الساحل الشمالى الغربى والصحراء الغربية وترك ذخائر مختلفة فيها، ومن بين الأضرار التى ترتبت موت آلاف المواطنين نتيجة انفجار الألغام فيهم، وإصابة الآلاف بعاهات مستديمة، ومنع تعمير مناطق شاسعة فى الساحل الشمالى الغربى لمصر لاستحالة زراعتها أو إقامة مشروعات عليها قبل تطهيرها من المتفجرات».

وانتقدت المحكمة «عدم إعداد وزارة الخارجية ملفا كاملا بأضرار الألغام يتضمن حصرا بالمواطنين الذين قتلوا أو أصيبوا بعاهات مستديمة، والأضرار التى أصابت الأفراد وأموالهم وتضاؤل فرص التنمية» بالإضافة إلى «عدم اتخاذ أى إجراءات قانونية لمطالبة الدول الأجنبية وعلى رأسها بريطانيا بأداء واجبها، وفقا لقواعد المسئولية الدولية وطرق التقاضى المحددة فى القانون الدولى».

ووفقا للهيئة العامة للاستعلامات فإن الحرب العالمية الثانية خلفت 17.5 مليون لغم تحتل مساحة تزيد على 250 ألف فدان صالحة للزراعة، كما خلفت الحروب مع إسرائيل نحو 5.5 مليون لغم فى سيناء والصحراء الشرقية، ويوجد فى مصر حاليا نحو 22 مليون لغم بعد إزالة مليون و200 ألف بجهود القوات المسلحة منذ 1995.
بينما ذكرت بعثة للأمم المتحدة أن عدد ألغام الصحراء الغربية وحدها يقترب من 20 مليون لغم، وتقدر دراسات حديثة عدد ضحاياها من المدنيين والعسكريين نحو 10 آلاف شخص خلال الخمسين عاما الماضية.


قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك