«الشروق» تحقق في ملكية «الأوقاف» لـ«ريف المنتزه» - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 7:33 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«الشروق» تحقق في ملكية «الأوقاف» لـ«ريف المنتزه»

تصوير ــ أميرة مرتضى
تصوير ــ أميرة مرتضى
تحقيق ــ عصام عامر:
نشر في: الجمعة 26 أغسطس 2016 - 12:31 م | آخر تحديث: الجمعة 26 أغسطس 2016 - 12:31 م

- الهيئة فشلت فى إثبات أحقيتها فى المنطقة منذ 77 سنة.. ولجنة محلب صنفتها «أراضى دولة مستردة»
- حجة خديوية تثبت بيع 230 فدانًا لمواطنين.. والأوقاف وأملاك الميرى ومحافظة الإسكندرية تقر بعدم ملكيتها الأرض فى 1943
- الإصلاح الزراعى يمنح فلاحين أرضًا بحق الانتفاع.. والأوقاف تبيع بعضها لجمعيات إسكان
- قرارات إزالة فى عزبة العرب رغم استمرار النزاع القضائى.. وجنح المنتزه: الأهالى لم يتعدوا على أملاك الدولة
- أهالى: الأرض ملكنا وورقنا سليم.. ونموت فى بيوتنا أحسن ما نشوفها بتتهد
لا يزال النزاع بين هيئة الأوقاف وعدد من الأهالى فى منطقة «ريف المنتزه» أو«حوض المثلث» مستمرا، حيث يؤكد الطرفان ملكيتهما الأرض التى تقع على مساحة 296 فدانا جنوب منطقتى المنتزه والمعمورة فى محافظة الإسكندرية، فيما تتسابق جمعيات قضاة وشرطة، وهيئة الأبنية التعليمية، وجامعة الإسكندرية، ومستثمرون عرب ومصريون، للحصول على أجزاء منها لإقامة مشروعات سكنية وتجارية نظرا لموقعها الحيوى، بموجب عقود أبرمت هيئة الأوقاف بعضها، على الرغم من استمرار النزاع القضائى بشأنها.
وحصلت «الشروق» على أوراق تشير إلى عدم ملكية هيئة الأوقاف للأرض، فى الوقت الذى عكفت الهيئة مع لجنة المهندس إبراهيم محلب الخاصة باسترداد أراضى الدولة على تجهيز حملة مكبرة جرت دراستها الأمنية الأحد الماضى؛ لإزالة ما تسميها تعديات على «حوض المثلث» ضمن 800 فدان أعلنت اللجنة منذ أيام أنها ملك الدولة ومستولى عليها فى الإسكندرية.
ويعيش ما يقارب 5 آلاف نسمة ــ يقطنون المنطقة الواقعة شرق محافظة الإسكندرية ــ حالة من الترقب انتظارا لملاقاة مصيرهم المجهول جراء القرارات المتخذة لإزالة منازلهم التى يؤكدون أنهم توارثوها عن أجدادهم منذ عام 1915، حين باعت الخاصة الخديوية ــ عباس حلمى ــ 230 فدانا من حوض المثلث إلى المواطنين عمر داود حسن الشوربجى وعمرو أحمد بكير عبدالمطلب مقابل 230 جنيها حينها.

القضاء ينصف بكير والشوربجى ضد الأوقاف
بالتتبع التاريخى للمنطقة تأسيسا على «الحجة الشرعية» المسندة لسجل قيد السندات، والصادرة من محكمة مصر الابتدائية برقم 67 لسنة 1915، يتضح أن الخديوى عباس حلمى باع 230 فدانا فى حوضى برية أبوقير الفوقانى والمندرة المواجهة للقصر الملكى «المنتزه حاليا».
وتنقسم الأرض المبيعة من الخديوية إلى بكير والشوربجى إلى 3 أحواض، الأول مساحته 85 فدانا بالقطعتين 95 و107، والثانى مساحته 16 فدانا بالقطع 41، 60، 63، 64، 65، 66، 67، والثالث مساحته 129 فدانا بالقطعتين 146، 151، دفع المالكان من ثمنها 30 جنيها مقدما فى القسيمة رقم 2678، فضلا عن 200 جنيه فى القسيمة رقم 22134، فيما يتملك أفراد 29 فدانا فى حوض برية أبى قير الشرقى نمرة 2، بالحجة رقم 43 لسنة 1909 والمقضى بصحتها ونفاذها ضد الأملاك الأميرية.
النزاع القضائى على بيع الخديوى الأرض لبكير والشوربجى ظهر للمرة الأولى فى الدعوى رقم 6 لسنة 1939، التى أقامها المشتريان ضد هيئة الأوقاف وضد الأملاك الأميرية ومحافظة الإسكندرية ودائرة الخاصة الخديوية، وصدر فيها حكم من محكمة كوم حمادة الأهلية بتاريخ 22 يناير 1941 بصحة البيع الصادر من الدائرة الخديوية وفقا للأوراق.
ودعم الحكم رقم 170 لسنة 1942 الصادر من محكمة بنها الأهلية صحة ونفاذ البيع، ليقضى بتسليم الأرض ــ التى كانت وقتها تابعة لمنطقة كفر سليم التابعة لمركز كفر الدوار فى مديرية البحيرة بثغر الإسكندرية ــ إلى مشتريها.
وقالت المحكمة فى حيثيات قرارها: «سألنا الأوقاف التى قالت إن الأرض ملك لها، وعرضنا عليها الحجة الشرعية رقم 67 لسنة 1915 والصادرة من محكمة مصر الابتدائية مكتوبة بخط اليد ومعتمدة بالأختام الرسمية، فلم تنكرها وطلبت مهلة للاطلاع على تفاصيلها، إلا أن ممثلها تغيب نهائيا عن الجلسات على الرغم من إعلانه 5 مرات، كما سألنا الأملاك الأميرية فلم تعترض، فيما سجل مندوب محافظة الإسكندرية انسحابه من الدعوى».
وأضافت المحكمة أنه «تم سؤال عائلات العمراوى وسيف وأبو كليلة، وهم جيران الأرض، فأقروا بملكيتها للمشترين من الخديوى منذ أكثر من 20 سنة متصلة ومن قبلهم آباؤهم من دون منازع، وعليه حكمت المحكمة بتسليمهم الأرض كون ملكية بكير والشوربجى ثابتة ولا يشوبها شائبة، وأن ادعاء هيئة الأوقاف المصرية غير صحيح، حيث إن الملكية الأقدم والأحدث لا تخصها فى شىء».
ويوافق ما سبق دعوى ثبوت الملكية رقم 282 التى أقامها المشتريان ضد الأوقاف المصرية، وأملاك الميرى، ومحافظة الإسكندرية، ودائرة الخاصة الخديوية، ومديرية البحيرة، فى عام 1943 بمحكمة بنها الأهلية، وجميعهم وقعوا وأقروا وقتها على أقوالهم بأن الأرض لا تخص أى منهم، فقضت المحكمة فى 6 يونيو 1944 بثبوت ملكية بكير والشوربجى للأرض من الخديوى.

أزمة صغار الفلاحين ورجلى الأعمال السعوديين
بموجب قانون هيئة الإصلاح الزراعى رقم 178 لسنة 1952 آلت ملكية بعض الأراضى للهيئة وتم توزيعها على صغار الفلاحين الذين أقاموا فيها منذ ذلك الحين، مكونين 6 عزب هى «العرب الكبرى، والعرب الصغرى، والهلالية، والرحامنة، والنجارين، وعرامة»، ولدى بعضهم عقود «حق انتفاع» مبرمة مع الهيئة بنظام التقسيط على 40 عاما، ثم صدر القانون رقم 42 لسنة 1973 الذى أعطى الأوقاف حق إدارة الأراضى التى لم توزع «ليست البيع أو الاستبدال».
تبع ذلك صدور القانون رقم 3 لسنة 1986 بغرض تصفية الأوضاع المترتبة على قانون الإصلاح الزراعى الذى آل إليها بموجبه أمر تسليم وإشهار الأراضى التى مرت 15 سنة من حيازة واضعى اليد عليها، وبعد انقضاء مدة الـ40 سنة حق انتفاع طالب الأهالى بعقود التمليك النهائية لتستكمل رحلة النزاع بينهم وبين الأوقاف، التى شرعت فى إبرام عقود بيع بعض الأراضى إلى جمعيات إسكان.
وفى عام 2005 اشترت شركة «إيجاد» للتنمية الزراعية والسياحية، والمملوكة لرجلى أعمال سعوديين 68 فدانا بأرض حوض المثلث من ورثة بكير والشوربجى مقابل 8 آلاف و500 جنيه للفدان، فيما وصل سعرها الآن إلى 100 مليون جنيه بحسب آخر مزاد أعلنت عنه الأوقاف فى 7 أغسطس الحالى.
وأبلغت الأوقاف النيابة العامة فى القضية 1725 لسنة 2006 بأن الشركة استولت على أرضها، فانتهت التحقيقات فى 13 ديسمبر 2011 بحفظ البلاغ إداريا، وخلال تلك المدة تمكنت الشركة من تسجيل ملكيتها الأرض فى الشهر العقارى تحت رقم 975 لسنة 2006، وهو ما اضطر الأوقاف وقتها إلى رفع دعوى أخرى لمحو وشطب العقد المسجل، حملت رقم 4929 لسنة 2007 ولا تزال متداولة فى المحكمة إلى الآن.

الشهر العقارى وجنح المنتزه فى صف الأهالى
فى ديسمبر 2014 أصدرت هيئة الأوقاف القرارات أرقام 9003، و2694، و2694 لسنة 2011، و1176 لسنة 2012، و9242، و7042، و7424، و4356 لسنة 2014، وأزالت بمقتضاها عددا من مبانى عزبة العرب، بالتنسيق مع أجهزة الأمن، بدعوى أنها مقامة على أراض تابعة لها، على الرغم من استمرار النزاعات القضائية التى يستند الجزء الأكبر منها على أحقية ملكية الأفراد للأرض منذ عام 1915.
وفى أعوام 2014، و2015، و2016، حررت الأوقاف محاضر ضد أهالى قالت إنهم بنوا على أراضيها وتعدوا على أملاك الدولة، فأحيلوا للقضاء وأصدرت محكمة جنح ثانى المنتزه 12 حكما ببراءة المتهمين فى قضايا منها 4655 لسنة 2014، و24278 لسنة 2015، و4738 لسنة 2016، استنادا لعدم ملكية هيئة الأوقاف أو أى جهة حكومية للأرض، وفقا لنص قرارات محكمة، وتأسيسا على حكم ثبوت الملكية رقم 282 لسنة 1942 لبكير والشوربجى، وتأسيسا على الحجة الشرعية رقم 67 لسنة 1915، التى باع بموجبها الخديوى عباس حلمى الـ230 فدانا لهما.
وبعد عجز هيئة الأوقاف عن تطبيق حجتها على الأرض التى تقول إنها ملك لها لجأت فى 2 يونيو 2008 إلى مكتب استشارى هندسى لطلب تطبيق المساحة على الأرض وفقا لحجتها رقم 35800 لسنة 1920 التى تستند إليها الآن، رغم إثنائها عن المحكمة عند طلبها لتأكيد سند ملكيتها فى الدعوى رقم 282 لسنة 1943 محكمة بنها الابتدائية، فجاء الرد فى البند السابع لتقرير الاستشارى الهندسى بأنه «يتعذر تحديد المسطح».
وتشككت الهيئة فى الحجة الشرعية رقم 67 لسنة 1915؛ وادعت تزويرها وقدمت بلاغات للنيابة العامة منها القضية رقم 16206 لسنة 2014 ــ انتهت بالحفظ ــ وطلبت النيابة من مصلحة الشهر العقارى بحث موضوع الحجة، فردت الأخيرة بخطاب مفاده عدم تمكن هيئة الأوقاف من عمل تطابق للحجة رقم 35800 لسنة 1920 والخاصة بها مساحيا على الأرض «التى ادعت ملكيتها»، ما ترتب عليه تأكيد تطبيق الحجة المملوكة للأفراد وتسجيل جزء من الأرض لهم برقم 175 لسنة 2006.
وأوضح خبير قانونى أن الأحكام الجنائية الـ12 التى صدرت فى أعوام 2014، و2015، و2016، والتى أنصفت الأفراد ضد الأوقاف، كاشفة للحكم المدنى رقم 282 لسنة 1943 وليست منشأة، وتصبح بقوة القانون أحكاما نهائية لا طعن عليها، وما يؤكد ذلك عدم استئناف النيابة العامة عليها إلى الآن.

42 دعوى لـ237 فلاحًا
وتقول هدى حسين من أهالى ريف المنتزه لـ«الشروق»: «الأرض ملكنا وورقنا سليم، وأنا هموت فى بيتى أحسن ما أشوفه بيتهد قدامى؛ لأن ربنا ما يرضاش بالظلم»، مضيفة: «جمال عبدالناصر عندما نصر أجدادنا الفلاحين.. أخذ من الغنى وأعطى الفقير، وللأسف لكن الآن يأخذون من الفقير حتى يزداد فقرا ويموت بالبطىء».
وطالب محامى الأهالى محمود حمدى الكبير بتشكيل لجنة تقصى حقائق محايدة من رئاسة الجمهورية لدراسة ملف ريف المنتزه استنادا إلى الأحكام قضائية والأوراق الرسمية؛ لحسم النزاع القضائى المستمر بين الفلاحين والأوقاف التى تدعى ملكيتها الأرض، حسب قوله، على أن يكون أحد كبار المنطقة طرفا أصيلا فى اللجنة.
وأكد «الكبير» تداول 42 دعوى فى هذا الشأن أمام القضاء الإدارى منذ عامين، وجميعها بانتظار تقرير هيئة المفوضين، فضلا عن المحضر رقم 8296 لسنة 2011 إدارى «ثان المنتزه» الذى لم تتحرك فيه النيابة حتى الآن، فيما أقام 237 فلاحا الدعوى رقم 204 لسنة 2012 يتضررون فيها من بيع الأوقاف «أملاك الأفراد» لجمعيتى قضاة محكمة النقض والفرسان التعاونية.
وتابع: «قدمنا 62 بلاغا إلى المحامى العام الأول لنيابات الإسكندرية بتاريخ 13 ديسمبر 2014 ــ يجرى نظرها ــ ضد الأوقاف بسبب إزالتها منازل الأهالى بدعوى مخالفة القانون والمادة 97 من الدستور»، مشددا على أن هيئة الأوقاف تصدر قرارات دون سند، وتقحم الشرطة والجيش فى الأزمة، متسائلا: «إذا كان الأهالى على خطأ، فلماذا تركتهم الدولة 77 سنة وتذكرتهم الآن؟».

الأوقاف: حجة الخديوى مزورة.. ولن نترك شبرًا من الأرض
وعرض مدير هيئة الأوقاف فى الإسكندرية، المهندس إبراهيم القصاص «على الشروق» صورة ضوئية من تقرير منسوب صدورها لقسم أبحاث التزييف والتزوير فى مصلحة الطب الشرعى وموجه للنيابة العامة فى القضية رقم 118 لسنة 2013، مفاده أن الحجة رقم 67 لسنة 2015 «مصطنعة وعلى غير الحقيقة» معقبا: «ما بنى على باطل فهو باطل، ونحن لن نترك شبرا واحدا من أرض الأوقاف».
فيما رفض القصاص طلب «الشروق» الحصول على صورة ضوئية من الحجة رقم 35800 لسنة 1920 التى يستند عليها فى ملكية الأوقاف للأرض، واكتفى بعرض صورة ضوئية من تقرير منسوب للإدارة العامة للترجمة بمصلحة الشهر العقارى والتوثيق، يحمل رقم 49 لسنة 2015، ورد فى ذيل الورقة رقم 43 منه بأن «تفتيش المنتزه عبارة عن 3 آلاف و595 فدان كائنة بمناطق سيوف الرمل، والمندرة، وأبو قير» مع شرح روافدها، وتشير بنود فى الصفحات أرقام 43 و44 و46 بنود إلى وجود 60 فدانا، و25 فدانا، و250 فدانا «مشاع» فى منطقة المندرة، دون توضيح إذا ما كانت فى حوض المثلث من عدمه.

الزراعة: لا ملكية لنا فى الأرض
ورفض مدير هيئة الإصلاح الزراعى، المهندس محمد أبو رضا، التعليق على وجود نزاع بين هيئة الإصلاح والأوقاف على 13 فدانا ــ مقر مركز التدريب الحالى فى رأس المثلث ــ قائلا: «لدى تعليمات رسمية بعدم التصريح للإعلام».
كما نفى وكيل وزارة الزراعة فى الإسكندرية، المهندس مصطفى كامل، أية ملكية لهم فى منطقة حوض المثلث، مؤكدا أن القضاء هو صاحب الاختصاص بالنزاع الدائر بين الفلاحين وهيئة الأوقاف.
واستكمل: «دورنا يقتصر التعاملات الخاصة مع الحائزين فى مستلزمات الإنتاج من بذور وأسمدة، وتحرير محاضر تعد على الأراضى الزراعية على المخالفين حال وجودها».



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك