«التحرش».. وباء ينهش في جسد المجتمع المصري.. وخطوات الدولة للمواجهة «بطيئة» - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 1:34 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

بلاغات عديدة من فتيات قيدت ضد مجهول.. والضحايا بالمئات والضرر النفسي أشد

«التحرش».. وباء ينهش في جسد المجتمع المصري.. وخطوات الدولة للمواجهة «بطيئة»

«التحرش» ليس له سن معين أو طبقة اجتماعية محددة – أرشيفية
«التحرش» ليس له سن معين أو طبقة اجتماعية محددة – أرشيفية
أحمد عادل
نشر في: الأربعاء 26 نوفمبر 2014 - 12:39 م | آخر تحديث: الأربعاء 26 نوفمبر 2014 - 1:10 م

وقائع «تحرش» عديدة، حفلت بها مصر في مختلف المناسبات، فأصبحت الفتاة داخل أي تجمع معرضة لمثل تلك الأفعال الخادشة للحياء والمنتهكة لكرامة وآدمية الأنثى، وسواء كان التجمع مظاهرة أو احتفالية، أو حتى «زحمة» بأي شارع من شوارع المحروسة، فهناك دائمًا شخص يتربص ويتابع ويتحين الفرصة المناسبة لتنفيذ مخططه اللاأخلاقي.

ولا شك أن مثل هذه الأفعال أصبحت وبالًا على المجتمع، بل تحول الأمر إلى ما يشبه الفيروس الذي بدأ ينهش في الجسد المصري المنهك بالأساس، وفقًا لعدد من العوامل، وبين من يلقي باللوم على الضحية بسبب ملابسها وتصرفاتها، ويلتمس العذر للجاني، نظرًا لتدهور الحالة الاقتصادية وعدم القدرة على الزواج، وبين من يدافع باستماته عن الفتاة، معتبرًا أن ملابسها «حرية شخصية» وأن الفاعل مخطئ، لأنه يجب ألا يقدم على مثل تلك الأفعال، حكايات وروايات عدة.

التحرش-على-كونيش-النيل5

 الضحايا بالمئات والجاني مجهول

"كانت الشمس تميل للمغيب وكنت أسير بمفردي في أحد شوارع مصر الجديدة والذي كان خاليًا إلا من عدد قليل من المارة، وبدأت أسمع كلمات وعبارات مسيئة.. في بادئ الأمر لم ألتفت لمن يسير ورائي، ولكنني حثيت الخطى حتى أبتعد عنه، ولكن الأمر تطور واكتشفت أن ثلاثة شباب يسيرون ورائي وأخذوا يحاوطونني من ثلاث جهات وشرعوا في لمس جسدي بأيديهم.. بدأت في محاولة الدفاع عن نفسي ومطالبتهم بالكف عن هذه الأفعال القبيحة، ولكنني كنت كمن يؤذن في مالطة"، هكذا قالت ميادة محسن، طالبة جامعية.

وتضيف ميادة "صرخت فيهم وبدأت في الجري، ولم يكن بالقرب منا سوى رجل عجوز لا حول له ولا قوة، وأخذت أدعو الله في سري أن ينقذني من بين أيديهم، وكأن أبواب السماء كانت مفتوحة، وجدت سيارة شرطة قادمة من بعيد وبمجرد رؤية الشباب للسيارة، لم أجدهم حولي ودخلوا في شارع جانبي واختفوا تمامًا عن الأنظار، هذا موقف شخصي حدث معي ولم يكن الأول ولن يكون الأخير طالما ليس هناك رادع، وكما يقال «من آمن العقوبة أساء الأدب»".

 حوادث عديدة سجلتها دفاتر أقسام الشرطة في مصر، كانت ضحيتها فتاة أو امرأة والجاني مجهول، فمنذ تصاعد وتيرة الأحداث في مصر وتعدد المظاهرات، صاحبها وقوع العديد من حالات التحرش، نظرًا لكثرة عدد المتواجدين داخل المظاهرة، وقد وثّقت عدسات الإعلام أو الهواتف المحمولة تلك الوقائع المؤسفة ولعل أبرزها ما حدث عشية تنصيب الرئيس عبد الفتاح السيسي، عندما وقعت حوادث تحرش جماعي بعدد من الفتيات والسيدات بميدان التحرير خلال الاحتفال بتولي الرئيس الجديد مقاليد الحكم في البلاد، ووصلت تلك الوقائع لحد تجريد سيدة من ملابسها كاملة والاعتداء عليها بمنتهى الوحشية والقسوة في مشهد بشع، ولم يكتف المتحرشون بذلك؛ بل أصابوها بإصابات بالغة بأماكن متفرقة من جسدها، كما أصيبت فتاة أخرى بجرح قطعي في جهازها التناسلي.

EGYPT-WOMEN-SOCIETY-POLITICS

 عندما يتحول التحرش لسلوك عام

وترى سارة ميلاد، موظفة بأحد البنوك، أن التحرش أصبح سمة وسلوك عام لدى بعض من يوصفون خطأ بأنهم رجال، مضيفة "بمجرد رؤيتهم لأنثى أيًا كان مظهرها أو شكلها، يسيل لعابهم ويلقون آدميتهم «الزائفة» وراء ظهورهم ويتحولون لـ«حيوانات» تحركها غرائزها ويضعون نصب أعينهم الوصول للفتاة هدفًا ساميًا يضحون من أجله بالغالي والنفيس، أنا شخصيًا لم أتعرض لواقعة تحرش، ولكنني أعرف صديقات لي تعرضن لذلك بمنتهى الانحطاط الأخلاقي.. المشكلة ليست في ملابس الفتاة، ولكنها تكمن في فكر عقيم لدى بعض «الكائنات الذكورية»".

 المجتمع يُدين الضحية

"المجتمع نفسه مهيأ لتقلب مثل ذلك السلوك المشين، فقد كنت أسير بمنطقة مدينة نصر وحاول أحد الشباب مضايقتي ولمس أجزاء من جسدي، وعندما اعترضت واعتديت عليه بالضرب بالحذاء وأوقعته أرضًا وتجمع الناس ظلوا يكيلون لي الاتهامات بأنني المخطئة وطالبوني بترك الشاب، وعندما رفضت وجاء رجل شرطة، أخذ صف الجمع الغفير الذي كان متواجدًا آنذاك"، تؤكد أسيل منتصر، طالبة بكلية الطب.

وتستطرد أسيل "أجبرت على ترك الشاب يذهب لحال سبيله وأنا أشعر بعجز وقهر لا حدود لهما.. كنت أتوقع المساندة من الناس ولكنهم خذلوني ولم يكن واقفًا في صفي سوى شاب واحد، ظل يصرخ فيهم ولكن دون جدوى وعندما ضيقوا الخناق عليّ، استطاع بأعجوبة إيقاف سيارة أجرة لي ورحلت ولم أستطع الحصول على حقي، وهناك فتيات كثيرات يتعرضن لما هو أبشع من ذلك، ولا أعلم تحديدًا متى سيختفي ذلك السلوك المشين".

2E324ADF-3CA4-4EC5-9E27-0681897B060A_cx0_cy5_cw0_mw1024_s_n

وتؤكد رشا أسعد، صحفية، أن الإقدام على التحرش، ليس له طبقة اجتماعية معينة أو ظروف محددة، قائلة "التحرش الجنسي في حد ذاته لا يُعد هدفًا في كثير من الأحيان، حيث يعتبره البعض نوعًا من أنواع التعبير عن الكبت الجنسي أو معاقبة الأنثى على ملابسها أو محاولة لترهيبها لكي تظل حبيسة جدران المنزل ولا يكون لها صوت مسموع في المجتمع، كما حدث في عدد من المظاهرات التي تكون فيها النساء السواد الأعظم، حتى يقلل من تأثيرها".

وتستطرد "في كثير من الأحيان يكون الجاني متزوج، فتأخر سن الزواج ليس هو العامل الأساسي.. الدولة كانت في فترة من الفترات لا تتعامل مع الموضوع بالجدية المطلوبة، ولكن بعد التصريحات الأخيرة للرئيس عبد الفتاح السيسي؛ أعتقد أن الوضع أصبح مختلفًا، وهناك توجه جاد في معالجة الأمر والحد من تلك الظاهرة، وذلك لن يتم بدون تكاتف جميع فئات الشعب نحو هدف واحد وهو القضاء على التحرش بمختلف الطرق الممكنة".

خطوات الدولة في المواجهة بطيئة

وتروي خلود طارق، مدرسة، واقعة حدثت معها خلال شهر رمضان، قائلة "كنت أتناول أنا وصديقاتي الإفطار في منطقة الحسين ولم أضع في اعتباري أن هناك من يمكن أن ينتهك حرمة الشهر الفضيل ويُقدم على فعل مثل التحرش، ولكن ذلك حدث بالفعل.. المكان كان مزدحمًا للغاية بعد الإفطار، وكنت أسير انا وصديقاتي وأحسسنا بتلامسات غير طبيعية على أجزاء متفرقة من أجسادنا، ووجدنا مجموعة من الشباب وراءنا يفعلون ذلك".

"للأسف هناك من لا يضع اعتبارًا لأي شيء -حتى شهر رمضان، الناس تلجأ للهرب من المنازل وقضاء وقت ممتع في الخارج لنسيان همومها ولكن يبدو أن بعض النوعيات من البشر، عاقدون العزم على تكدير صفو الأوقات الجميلة ولا هدف لهم إلا «العكننة» على خلق الله، كما أن خطوات الدولة في المواجهة بطيئة للغاية"، هكذا تابعت خلود بمرارة.

التحرش-على-كونيش-النيل2

«التحرش».. والتشريعات الغائبة

ويشير أمجد عبد المقصود، محامٍ، إلى أنه لا يجب إلقاء اللوم على طرف وتبرأة الآخر، قائلا "لا أستثني أحدًا من الخطأ، الجريمة يتسبب فيها طرفان، الأول الفتاة لأن البعض يرتدين ملابس خارجة عن الأعراف والتقاليد، مما يدفع أصحاب النفوس الضعيفة للإقدام على التعرض لهن، والطرف الثاني هو الشاب الذي لم يغض بصره ولم يضع في اعتباره أن والدته أو شقيقته من الممكن أن تكونا في ذلك الموقف".

ويؤكد عبد المقصود، أن المجتمع ككل يحتاج لإعادة هيكلة، مضيفًا "لابد من التزام الفتيات بزي محتشم حفاظًا على أنفسهن وعلى الأسرة تربية بناتهن على الأخلاق الحميدة وغرس قيمة «العفة» داخلهن منذ الصغر، كما أن الشباب يحتاج إلى التقرب من الله حتى لا يلجأ لمثل تلك الأفعال السيئة، حتى وإن كان هناك تأخر لسن الزواج وعدم المقدرة عليه، حيث قال الرسول الكريم «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء»، والدولة عليها عامل كبير في ذلك، فيجب سَن التشريعات والقوانين الرادعة التي تساعد على القضاء على هذه الظاهرة".

Sexual-harass-protest

والتحرش عبارة عن الإقدام على أفعال جنسية أو التفوه بألفاظ من شأنها خدش حياء الأنثى، أو التعرض للفتاة وملامسة أجزاء من جسدها، ويعتبر شكلًا من أشكال الإيذاء النفسي والجسدي، ويعده البعض نوعًا من أنواع التفرقة العنصرية الغير شرعية، ويوصف المركز المصري لحقوق المرأة التحرش الجنسي بأنه "أي سلوك غير لائق.. له طبيعة جنسية من شأنه أن يضايق المرأة أو يعطيها إحساسًا بعدم الأمان".



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك