مصر والجامعة العربية.. تاريخ طويل ومبادرات حاسمة من عهد النحاس إلى عصر «السيسي» - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 12:15 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مصر والجامعة العربية.. تاريخ طويل ومبادرات حاسمة من عهد النحاس إلى عصر «السيسي»

شرم الشيخ - أ ش أ
نشر في: الجمعة 27 مارس 2015 - 1:52 م | آخر تحديث: الجمعة 27 مارس 2015 - 1:52 م

تتوجه أنظار العالم غدًا السبت إلى مدينة شرم الشيخ، حيث تنعقد القمة العربية في دورتها السادسة والعشرين، تحت شعار "سبعون عامًا من العمل العربى المشترك".. تلك القمة التي تأتي في لحظة حاسمة تواجه فيها الأمة العربية تحديات غير مسبوقة مع ما تشهده بعض الدول من أزمات سياسية وصراعات وانتشار المجموعات الإرهابية والمتطرفة التي تهدد الأمن القومى العربي لاسيما في ليبيا والعراق واليمن وسوريا.

وبعد مرور سبعة عقود من تأسيس الجامعة العربية، ومن مصر أرض الكنانة، تفتح الأمة العربية صفحة جديدة من تاريخها لتقول للعالم وبصوت واحد "أننا قادرون بوحدة العرب على مواجهة التحديات سواء اكانت سياسية او أمنية او اقتصادية او اجتماعية".

تاريخ وحدة العرب يعود بنا إلى أكثر من سبعين عامًا، إذ أنه بالرغـم من أن حلـم الوحـدة العربية ظل قائمـاً لعقود طويلة، إلا أن فكـرة إقامة تنظيم عربي واحد لم تتبلور أو تتضح معالمهـا إلا خـلال الحـرب العالميـة الثانيـة، بسبب عدد من المتغيـرات عربيـة وإقليمية ودولية، حيث صاحب اندلاع الحـرب العالميـة نمـو للحركـات الوطنيـة، ونشاط للمقاومة ضد الوجود الاستعمـاري الغربـي، الأمـر الذي أدى نهايـة إلـى استقلال عدد متزايد من الدول العربيـة، ومن ثمّ ظهـرت الحاجـة إلى إقامة نوع من التنظيم السياسي يجمع الإرادة العربية، وهو الأمر الذي لعبت فيه مصر دورًا فاعلاً.

أخذت مصر زمام المبادرة ، كما يتضح من البيان الذي أدلت به حكـومة مصطفى النحاس باشـا في مجلـس الشيوخ في 30 مارس 1943، عن سيـاستها تجـاه الوحـدة العربيـة، ودعـا النحـاس حكومتـه إلـى أن "تبـدأ باستطـلاع رأى الحكومات العربيـة كل علـى حـده، فيمـا يرمي إليـه من آمـال، ثم تبذل الجهود للتوفيق بين آرائها ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً، ثم تدعوهم بعد ذلك إلى مصر معا فى اجتماع ودي لهـذا الغـرض؛ حتـى يبـدأ السعـي للوحـدة العربية بجبهة متحدة بالفعـل".

ودعا النحاس في مايـو من عام 1942 كلا من رئيـس الوزراء السـوري (جميل مردم)، ورئيـس الكتلة الوطنية اللبنانية (بشارة الخوري) للتباحث معهمـا في القاهرة حول فكرة "إقامة جامعة عربية لتوثيق العرى بين البلدان العربية المنضمة لهـا"، ثم عـاد ليؤكـد استعـداد الحكومـة المصريـة لاستطـلاع آراء الحكـومـات العربيـة في موضوع الوحدة وعقد مؤتمر لمناقشته، وهي الفكرة التي أثنى عليها حاكم الأردن في حينه الأمير عبد الله.

وعلى إثر ذلك، بدأت سلسلة من المشاورات الثنائية بين مصر من جانب وممثلي كل من العراق، سوريا، لبنان، المملكة العربية السعودية، الأردن، واليمن من جانب آخر، وهى المشاورات التي أسفرت عن تبلور اتجاهين رئيسيين بخصوص موضوع الوحدة الاتجاه الأول يدعو إلى ما يمكن وصفه بالوحدة الإقليمية الفرعية أو الجمهورية وقوامها سوريا الكبرى أو الهلال الخصيب.

والاتجاه الثاني يدعو إلى نوع أعم وأشمل من الوحدة يظلل عموم الدول العربية المستقلة، وإن تضمن هذا الاتجاه بـدوره رأيين فرعييـن أحدهمـا يدعـو لوحـدة فيدرالية أو كونفدرالية بين الدول المعنية والآخر يطالب بصيغة وسط تحقق التعاون والتنسيق في سائر المجالات وتحافظ في الوقت نفسه على استقلال الدول وسيادتها.

وقد اتخـذت المشـاورات التـي تمـت بيـن مصـر والدول العربيـة آنذاك، التي استمرت من 31 يوليو 1943 حتى فبرايـر 1944، طابـع المشـاورات الاستطلاعيـة ، قامـت فيهـا مصر بالتعرف علي وجهة نظر كل منها في مسألة الوحدة العربية، وذلك دون أن يتم البت في شيء في هذه المرحلة ، وبعد انتهاء المشاورات لم يبق سوى انعقاد اللجنة التحضيرية للمؤتمـر العربي، وترأست مصر اجتماعاتهـا، وفي الجلسـة الثانيـة في 28 سبتمبـر1944، عرض النحـاس باشا المسائـل المتفـق عليهـا من جانـب الدول العربيــة، وهـي الاشتــراك فــي وجـوه التعــاون الاقتصــادي ويشمــل العملــة والمواصــلات والجمــارك والتبـــادل التجاري بوجه عام، وكذلك التعاون الثقافي والاجتماعي والتعليم وما يتصل به، وقد تشكلت لجنــة فرعية لمعالجــة كل هذه المشاكل ، كما تشكلت لجنة للتنسيـق والتحـرير لمراقبة عمل تلك اللجان وترأسها النحاس بنفسه، وإذا كان الاتفاق بين الدول العربية قد تم بسرعة حول التعاون في المجالات غير السياسية فإن الأمر كان مختلفا عندما تناولت اللجنة التعاون في المجال السياسـي وإدارتــه، وبعد المناقشات عبرت مصر ، رسمياً ولأول مرة عن وجهة نظرها في صورة متكاملة للتعاون بين الدول العربية، حيث عرض النحاس باشا الصيغة التي وضعها ، وأهم ما ورد فيها "تؤلف الجامعة العربية من الدول العربية المستقلة .. ويكون لهذه الجامعة مجلساً يسمي مجلس جامعة الدول العربية ، تمثل فيه الدول المشتركة علي قدم المساواة، وأن تكون قراراته ملزمة لمن يقبلها ، فيما عدا الأحوال التي يقع فيها خلاف بين دولة عربية وأخري، ففي هذه الأحوال تكون قرارات مجلس الجامعة نافذة وملزمة".

لقــد كانـت مصـر تأمـل فـي أن يكــون للجامعـة المنشـود تأسيسها دوراً فعّالاً كمؤسسة إقليمية، وزيادة في تأكيد المــوقف المصـري المتمســك بكلمة "جامعة" حيث قال النحاس باشا: أن الشئ المهم هو أن كلمة "جامعة" تعبــر عـن شـئ قائم أما "الحلف" فيعبـر عن شـئ مكتسب ومتفق عليـاه وعبارة "الجامعة العربية" أقرب العبارات إلي التعبيـر عنها.

وعندما اجتمعت لجنة تحضيرية من ممثلين عن كل من سوريا ولبنان والأردن والعراق ومصر واليمن (بصفة مراقب) في الفـترة 25 سبتمـبر إلى 7 أكتوبـر من العام 1944، رجحـت الاتجاه الداعـي إلى وحدة الدول العربية المستقلة بما لا يمس استقلالها وسيادتها.

وفي الجلسـة الثامنــة للجنــة التحضيــرية للمؤتمــر العربــي العام في 7 أكتوبر 1944م وافقت اللجنة علي بروتوكــول الإسكندريــة ، ووقع عــلى هذا البروتوكـــول رؤســاء الوفود المشــاركة في اللجنــة التحضيــرية وذلك في 7 أكتوبر 1944 - باستثنــاء السعوديــة واليمن اللتين وقعتاه في 3 يناير 1945 و 5 فبراير 1945 على التوالي - وبعد ما يربو على ثلاثة أشهر اجتمعــت اللجنـــة الفرعيــة المنبثقة عن اللجنة التحضيرية في يوم 14 فبراير عام 1945م بمبنــى وزارة الخارجيــة بالقاهـرة لوضع مشروع ميثاق الجامعة.

وكانت قرارات اللجنة خمسة: أولها خاص بقيام جامعة الدول العربيــة ولها مجلــس يسمــى مجلس جامعة الدول العربية تمثل فيه الدول المشتركة في الجامعة على قدم المساواة وقرارات المجلس ملزمة لمن يقبلها ولا يجوز اتباع سياسة خارجية تضر بسياسة جامعة الدول العربية أو أية دولة منها ، وثانيــها متعلق بالتعــاون في الشــئوون الاقتصاديــة والثقافية والاجتماعية وغيرها ، والثالث عن تدعيم هذه الروابط في المستقبــل ، والرابع قرار خاص باحترام استقلال لبنان وسيادته بحدوده القائمة ، والأخير خاص بفلسطين وتضمن مطالبة بريطانيــا بوقف الهجــرة اليهوديــة والمحافظــة على الأراضي العربية والعمل على تحقيق آمال الفلسطينيين المشروعة وحقوقهم العادلة.

ونص البروتوكــول في نهايتــه على أن (تشكل فورًا لجنة فرعية سياسية من أعضاء اللجنة التحضيرية المذكــورة للقيام بإعداد مشروع لنظام مجلس الجامعة، ولبحث المسائل السياسية التي يمكن إبرام اتفاقيات فيها بين الدول العربية). ولقــد مثل هذه البروتوكــول الوثيقــة الرئيسيــة التي وضــع على أساسها ميثاق جامعة الدول العربية وشارك في إعداده - أي الميثاق - كل من اللجنة السياسية الفرعية التي أوصى بروتوكول الإسكندرية بتشكيلها، ومندوبي الدول العربية الموقعين على بروتوكــول الإسكندريــة ، مضــافاً إليهم منــدوب عن كل من السعودية واليمن وحضر مندوب الأحزاب الفلسطينية كمراقــب. وبعــد اكتمال مشــروع الميثاق كنتــاج لستة عشر اجتماعاً عقدتها الأطراف المذكــورة بمقر وزارة الخارجية المصرية في الفترة بين 17 فبراير و 3 مارس 1945 أقر الميثاق بقصر الزعفران بالقاهرة في 19 مارس 1945، وذلك بعد إدخال بعض التنقيحات عليه.

واليوم تتخذ مصر أيضا زمام المبادرة الى جانب الأشقاء العرب ليفتح الباب أمام تحقيق أحلام طالما أكدت عليها ارض العروبة مصر والأشقاء العرب لتعزيز وحدة الصف العربى لتكون الأمة قوية بوحدتها وامكانياتها ومن بين الأقوى فى العالم.. وبمبادرة أيضا من مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى بات تشكيل القوة العربية المشتركة حقيقة تتبلور خلال القمة بعد أن رفع وزراء الخارجية العرب امس الخميس قرارًا بشأنها إلى القادة والزعماء تمهيدا لإقراره.

مصر والجامعة العربية الوحدة العربية المنشودة ومبادرات فاعلة من عهد النحاس باشا إلى عصر الرئيس السيسي، تنقل الأمة العربية إلى مرحلة جديدة من العمل العربي المشترك.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك