متحدث أول حكومة بعد ثورة يناير لـ«الشروق»: الاعتماد على قنوات ومذيعين بعينهم يؤدى إلى تآكل الثقة فى السلطة - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 11:45 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

متحدث أول حكومة بعد ثورة يناير لـ«الشروق»: الاعتماد على قنوات ومذيعين بعينهم يؤدى إلى تآكل الثقة فى السلطة

الدكتور أحمد السمان، استاذ الإعلام بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا
الدكتور أحمد السمان، استاذ الإعلام بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا
حوار ــ محمد علاء:
نشر في: الثلاثاء 27 سبتمبر 2016 - 10:06 م | آخر تحديث: الثلاثاء 27 سبتمبر 2016 - 10:06 م

إذا جاءت حكومة من الأنبياء ففى ظل الفوضى الإعلامية الحالية ستزداد الفجوة مع الشعب
نريد وزارة إعلام لا تتعامل مع جمهور «السوشيال ميديا» باعتباره «مالوش لازمة»
لدى مجلس الوزراء أجهزة خاصة منها الهيئة العامة للاستعلامات لكنها تعمل فى جذر منعزلة
السيسى فى موقف لا يحسد عليه لأن شعبيته مرتبطة بمؤسسات فى الدولة لا تقوم بدورها
«السوشيال ميديا» جهاز إنذار مبكر.. وإلغاء وزارة الإعلام كان خطأ كبيرًا
عدم كفاءة المتحدثين الرسميين أحد أسباب الفجوة بين السلطة التنفيذية والشعب


رسم الدكتور أحمد السمان، استاذ الإعلام بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، صورة للحالة الإعلامية الجارية فى مصر، متحدثا عن «أسباب الفجوة بين الحكومة والشارع»، والسبيل الأمثل لتعامل الدولة مع «السوشيال ميديا».

وقال السمان، ــ الذى شغل منصب المتحدث الرسمى لحكومة عصام شرف عقب ثورة 25 يناير ــ، فى حوار لـ«الشروق»: إن غياب وزارة الإعلام كان خطأ كبيرا، متابعا: «البعض يتصور أن الديمقراطية تعنى إلغاء تلك الوزارة، فى حين أن الهند التى عملت مستشارا إعلاميا بها ثلاث سنوات، لديها وزارة إعلام، والإشكالية الرئيسية فى انخفاض الشعبية المتزايد فى الحكومات المتعاقبة».

وتحدث السمان عن افتقاد أدوات التخاطب بين السلطة التنفيذية والشعب، وقال: «الاعتماد على قنوات تليفزيونية ومذيعين بعينهم للتواصل مع الجمهور يؤدى إلى تآكل الثقة فى السلطة».

وإلى نص الحوار:

* هل هناك تناقص فى شعبية الحكومة.. وما هى اسبابها؟
ـ افتقاد التواصل مع الناس، وأنا هنا لا أقصد آليات وأجهزة، بينما أعنى أشخاصا يضع الشعب ثقته فيهم، وتصريحات تثبت صدقها على أرض الواقع، ومؤسسات تؤدى دورها المهنى، وهو ما نفتقده هنا فى مصر، بينما فى الهند، مثلًا، وزارة الخارجية بإمكاناتها الكبرى هى المسئولة عن التواصل ومخاطبة الإعلام الخارجى، بينما مكتب الاستعلامات الصحفى، الذى يعادل الهيئة العامة للاستعلامات، هو المسئول عن التصريحات والبيانات عن تطورات الأوضاع.
والرئيس عبدالفتاح السيسى فى موقف لا يحسد عليه، لأن شعبيته مرتبطة بمؤسسات فى الدولة لا تقوم بدورها، وتحتاج لتغيير جذرى، وأبسط مثال على ذلك: أزمة مركب رشيد، التى أثبتت عدم وجود آليات إنذار مبكر، رغم وجود أجهزة تحمل هذا المسمى، وعدم وجود طرق لمعالجة الأزمات، والتعامل معها إعلاميًا بشكل جيد، انتظرنا لحين استفحال الأزمة فازداد الغضب الشعبى لعدم وجود رد فعل يتناسب مع الحدث.
وما أعنيه أن أدوات التخاطب بين السلطة التنفيذية والشعب غير موجودة، والاعتماد على قنوات تليفزيونية ومذيعين بعينهم للتواصل مع الجمهور، وهم فى النهاية شخصيات غير رسمية يؤدى إلى تآكل الثقة فى السلطة؛ فنحن بحاجة لإعادة دور المتحدث الرسمى، والتواصل مع الناس بشكل مستمر.

* ماذا تقصد بإعادة دور المتحدث الرسمى؟
ـ أقصد أننا بحاجة لمتحدثين رسميين مؤهلين، ففى الهند، المتحدث باسم الوزارة هو خريج مكتب الاستعلامات الصحفى، يفهم وظيفة الإعلام، ويدرك أنه حين يتحدث إلى تليفزيون فهو بحاجة إلى مادة فيلمية، وحين يتعلق الأمر بالإذاعة فهو يحتاج إلى صوت، أما الصحافة المكتوبة فيدرك التزامها بتوقيتات معينة، أما فى مصر المتحدث ــ باستثناء مكتب الإعلامى للرئيس ــ يسوق صورة المسئول محليًا فقط، وبشكل غير علمى، وغالبًا ما يعمل بمفرده، ربما يرافقه شخص أو اثنان، لكن ليس وراءه مؤسسة مثل الهند، كذلك لا يكفى أن يكون رجلا دبلوماسيا؛ فالدبلوماسيون بحكم طبيعة عملهم دائمًا ما يكونون حذرين تحصل منهم على كلام جميل جدًا لكن بلا معنى، يتحدث اللغات، لكنه لم يدرس الرأى العام ولا يعلم آليات الإعلام؛ فلابد وأن يكون الإعلام للإعلاميين، وفى تقديرى عدم كفاءة وجدارة وتأهيل المتحدثين أحد أسباب الفجوة بين السلطة التنفيذية والشعب.

* ترى أن إلغاء وزارة الإعلام سببًا فى الفجوة الحالية بينما لم تُحدث فارقًا ملموسًا حين كانت متحدثا؟
ـ الفارق أن وزارة الإعلام فى وقت سابق كانت تروج لسياسات خاطئة، وفى تقديرى أن السياسات مختلفة بعد الثورتين، وبالتالى فأنت بحاجة لآلية تمكنك من توصيل الإنجازات بشكل جيد وتلميعها للناس، وتقدر على جس نبض الناس، ووزارة الإعلام إذا وجدت بنفس الصورة التى كانت عليها أيام صفوت الشريف (وزير الإعلام الأسبق) تعتمد فقط على كاريزما وشخصية الرجل، وليس الأسلوب العلمى، سيكون مصيرها الفشل أيضًا، فأنت اليوم بحاجة لمؤسسات أخرى أحدث منها.

* إذن أنت تطالب بوزارة إعلام بمواصفات خاصة؟
ـ نعم، وزارة إعلام علمية، إذا جاز التعبير، وبمواصفات خاصة أهمها: الدخول بقوة فى عالم السوشيال ميديا، ليس فقط بتحجيمه وإنما بالاستفادة منه، وعدم التعامل مع مرتاديه باعتبارهم أشخاصا «مالهومش لازمة»؛ فهى تعتبر أجهزة إنذار مبكر، وهى معبَّر رئيسى عن توجهات الرأى العام، المهم وضعه فى الاعتبار، مع العلم أنه متقلب وليس ثابتًا، سواء تأييدًا أو رفضًا؛ وبالتالى حين نبدأ التعامل مع الرأى العام على هذا الأساس، وأن نعلم أن ذاكرة الناس ليست كذاكرة السمك يتبخر منها الكلام باستمرار، وقتها سيختلف الوضع.
والمطلوب فى تقديرى أن يكون الرأى العام وقياسه وتوجهاته وردود أفعاله جزءًا من عملية اتخاذ القرار السياسى، وهو ما سيجبر صناع القرار أن يكوّن قرارًا أسرع ومختلفًا؛ فاليوم نواجه تحديات ضخمة جدًا إذا لم يقف الشعب بكامله خلف قيادته لن نستطيع تجاوزها، وفى رأيى، ودون مبالغة، أن تجاوز المرحلة الحالية فى يد الإعلام المهنى.

* وكيف تتعامل الحكومة مع «السوشيال ميديا» التى وصفتها بجهاز إنذار مبكر؟
ـ العالم بأكمله يتحدث الآن عن الدبلوماسية الرقمية، و«السوشيال ميديا» توفر أدوات متميزة جدًا فى التواصل داخليًا وخارجيًا، لكن فى الحقيقية هى لا تستغل فى مصر، وأقصى ما نقوم به هو المتابعة، والمسألة بحاجة فعلًا لجهد علمى ومتخصصين يتولون الأمر، باستخدام أجهزة موجودة بالفعل، فلدى مجلس الوزراء أجهزة خاصة معنية بذلك، وكذلك الهيئة العامة للاستعلامات وغيرها، لكن هذه الأجهزة تعمل فى جذر منعزلة، والمطلوب أن تنسق مع بعضها؛ فـ«السوشيال ميديا» تمثل فرصة للحكومة لزيادة شعبيتها وتمثل تحديا فى نفس الوقت، إذا لم تحسن التعامل معها ازدادت الفجوة بينها وبين الشعب.

* بحكم خبرة عملك 3 سنوات فى الهند.. كيف يمكن الاستفادة من تلك التجربة؟
ـ سافرت إلى الهند فى عام 2011، وكانت أجواء مشابهة كالتى تجرى الآن فى مصر رأيتها فى الهند، وكان سعر العملة الهندية قد تدهور بنسبة 80 % تقريبًا، ومعدلات تضخم مرتفعة، وحديث عن الفساد، ورأيت حلولا لكل هذا بتدخل من الدولة بتحجيم الواردات، وتشجيع التصنيع، ومحاربة الفساد.
جزء رئيسى من نجاح الهند فى مواجهة الأزمات التى نواجهها الآن، هو: قانون حرية المعلومات، الذى وفر على الهند مليارات، وقدم مسئولين كبارا ــ بينهم وزراء ــ للمحاكمة، وأغلق قليلًا «حنفية الفساد»، التى تستنزف الموارد بشكل كبير جدًا، وهو ما أكد لى أهمية أن تكون مؤسسات الدولة قوية، بما فى ذلك مؤسسات إعلام قوية، ومكتب استعلامات قوى، ذات دور لا يقدر على القيام به غيرها.

* هل تقصد بحديثك مزيدا من تدخل الدولة فى وسائل الإعلام؟
ـ لا، أقصد مزيدا من تدخل القوانين المنظمة للعمل الإعلامى؛ فلو قناة إعلامية ارتكبت مخالفة فوزارة الاستثمار هى المخول لها التحقيق فيها، وهو شىء غير موجود فى العالم كله، كذلك لا يوجد قانون ينظم ملكية القنوات التليفزيونية، ولا توجد دولة فى العالم تسمح بوجود سلاسل قنوات مملوكة لشخص ما، ولا أحد يتحدث إذا كانت تربح أو تكفِّى تكاليفها أو تخسر، وهنا سؤال آخر عمن يمولها. لن نخرج من حالة شبه الدولة بدون تقنين الإعلام بقوانين واضحة وشفافة وتنطبق على الجميع، وفى ظل مؤسسات تنتمى للدولة، تقدر على الإشراف على هذا التنظيم؛ ففى ظل الفوضى الإعلامية الحالية أؤكد إذا جاءت حكومة من الأنبياء ستزداد الفجوة بينها وبين الشعب اتساعًا أيضًا.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك