«الشروق» تخترق معقل مظاهرات الإخوان بالمطرية.. ادخلوها خائفين - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 3:10 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«الشروق» تخترق معقل مظاهرات الإخوان بالمطرية.. ادخلوها خائفين

اشتباكات الإخوان بالمطرية
اشتباكات الإخوان بالمطرية
أحمد عبدالحليم
نشر في: الأربعاء 28 يناير 2015 - 8:54 م | آخر تحديث: الأربعاء 28 يناير 2015 - 8:54 م

قيادى إخوانى: تكرار المحاولات الفاشلة لدخول ميدان التحرير أجبرنا على التحصن بالأماكن التى لنا تواجد قوى فيها. 

يبدو حى المطرية صورة مصغرة من مصر بتناقضاتها المربكة والمركبة، فى ثرواتها وفقر سكانها، وفى حضارتها الخالدة وحاضرها البائس، وفى حب المجتمع للدين، وتحويله إلى طقوس فلكلورية.

جولة فى الحى قادرة على مفاجأتك ونقلك عدة مرات إلى عوالم مختلفة، يتجاور سكانها ويتعايشون مكونين نسيجا اجتماعيا مدهشا، فالشوارع الرئيسية وعلى عكس أغلب شوارع العاصمة، واسعة ما يشير إلى أنها كانت لها حصة كبيرة من التخطيط الجيد، وفى أى انحرافة يمينا أو يسارا تجد نفسك فى ممرات ودهاليز، ولو لم يكن بصحبتك دليل من أبناء المنطقة فلن تستطيع الخروج منها، وستقضى نصف يومك فى ممرات ضيقة تسلمك إلى ممرات تفضى بك إلى ممرات، رغم أن المنطقة التى كانت فيما مضى مقصدا للطبقة الراقية وتضم فيللا أمير الشعراء أحمد شوقى.

عمليا يصعب تصنيف حى المطرية على أى من التصنيفات الاجتماعية أو الاقتصادية أو السياسية المعروفة، فالخليط السكانى والتركيبة الاجتماعية قادرة على ضرب هذا التصنيف وإثبات عدم صحته، فالحضور الإسلامى قوى، وحضور أنصار الحزب الوطنى المنحل قوى، وحضور البلطجية كبير وقوى، والفقر مدقع عند بعض الناس، والسيارات الفارهة أمام بعض المنازل كافية للتدليل على وجود سعة من العيش لدى بعض السكان، وهكذا فالمطرية هى «مصر على صغير».

«م، ك» محاسب من سكان المطرية يقول لـ«الشروق» إن القوام الرئيسى للبلطجية الذين شاركوا فى عمليات الاعتداء على الثوار فى يناير 2011، نسبة كبيرة منه تنتمى إلى المطرية، التى تشتهر بوجود نسبة بلطجة كبيرة جدا، رغم أن ميدان المطرية شهد سقوط أكثر من 30 شهيدا فى جمعة الغضب 2011، كما أن قسم الشرطة تم إحراقه تماما.

وأضاف: «المكونات الاجتماعية للمنطقة يمكن احتسابها إجمالا على المنطقة الوسطى بما تعنيه من روابط اجتماعية ولحمة بين الجيران، إلى جانب الحضور القوى للإسلاميين بمفهومهم الواسع الجهادى والسلفى والإخوانى والصوفى، حيث يقام سنويا أحد أكبر الموالد الصوفية وهو مولد أحمد المطراوى، حيث يشد الصوفيون رحالهم له من كل الجمهورية، فيما أخرجت المنطقة عددا كبيرا من قيادات الجهاد والجماعة الإسلامية فى ثمانينيات القرن الماضى».

حضور الإسلاميين وتقديمهم للخدمات الاجتماعية للسكان بديلا عن الدولة، هو السبب فى الإبقاء على المطرية كبؤرة أحداث مشتعلة بدءا من 25 يناير 2011 وصولا إلى 25 يناير 2015، لم يتغير مزاجها بتغير الحاكمين، لعدم تغير واقعها ومعاناة سكانها من نقص الخدمات وشعورهم بالظلم، واستمرار سقوط الضحايا من شهداء ومصابين حتى الآن.

بحسب «م، م» أحد كوادر جماعة الإخوان فى المطرية، فإن جغرافية المطرية ربما تكون مدخلا لتفسير وفهم واقعها أو مزاجها العام المناوئ للسلطة، فمسطرد ومصر الجديدة وقصر القبة والكابلات، أهم مداخل المطرية، ربما مجاورتها للسلطة والقصور الرئاسية فى مصر الجديدة وقصر القبة، ومعاناتها من نقص الخدمات، تذكرها دائما على وقوعها على يسار السلطة دائما، وربما وقوع مسطرد والكابلات والرشاح على جوارها، يذكر ان أهلها دائما بواجبهم فى تذكير ممثلى السلطة أن لهم ولجيرانهم حقوقا لم يحصلوا عليها.

ويدلل «م، م» على حضور الإسلاميين بقوة من خلال التنافسات الانتخابية بدءا من العام 2005، الذى وصلت فيه جماعة الإخوان إلى كرسى البرلمان عبر مرشحها محمود مجاهد، بتحالفها مع القطب الوطنى الشهير ميمى العمدة فى جولة الإعادة، وصولا إلى الاستحقاقات الانتخابية التى تلت ثورة 25 يناير، والتى شهدت جولة الإعادة فيها تنافسا «إسلاميا – إسلاميا» بين ممثلى الإخوان والسلفيين.

فيما انتخبت المطرية محمد مرسى الرئيس الأسبق فى الجولتين الانتخابيتين الأولى والثانية، قبل أن تعود للتصويت باكتساح فى الانتخابات الأخيرة التى فاز بها الرئيس عبدالفتاح السيسى، بشكل عام فإن حضور الإسلاميين قوى فى مناطق شرق القاهرة، إلى حد أن جماعة الإخوان خصصت مكتبا إداريا لمناطق شرق القاهرة، باعتباره أحد أشهر مناطق نفوذها.

يبدو كلام «م، م» صحيحا من الناحية النظرية، إلا أن هناك ما ينقضه، فالتواجد الإسلامى ليس هو السبب الوحيد فى تأجيج المنطقة والتهابها ومناوئتها للسلطة، فشرق القاهرة أيضا حيث مدينة نصر، يتواجد الإسلاميون والإخوان تحديدا بكثافة، إلا أن التركيبة السكانية المختلفة لا تجعل لحضورهم نفس الأثر فى المطرية، إضافة إلى أن كثيرا من منتسبى الإخوان والإسلاميين بشكل عام هجروا المنطقة بعد 30 يونيو إلى أماكن أخرى.

جولة طويلة فى شوارع وحوارى وأحياء المطرية، تجعل من القول إن التركيبة الاجتماعية الواحدة هو أمر مستحيل، فالمنطقة تجمع كل المتناقضات، فتجار الخضار فى سوق الخميس، بسياراتهم الفارهة والزى المميز لهم «الجلابية البلدي» تجعل من الصعب الحكم عليهم بنفس معايير الحكم على أى سيدة تجلس على إحدى «المشنات» لبيع بعض ربطات وحزم الفجل والجرجير والخس، والمنطقة أيضا أخرجت شوقى الإسلامبولى، والشيخ رفاعى سرور، وميمى العمدة، وعاشوا فيها جميعا رغم اختلافهم جملة وتفصيلا.

لا يمكن الحكم إجمالا وفى سياق واحد، إلا أن الحديث عن «الحاضنة الاجتماعية المناوئة للسلطة» يمكن القول عنها إن تجمعاتهم العائلية والاجتماعية وعلاقاتهم الترابطية وأصولهم الريفية والصعيدية تجعل من علاقاتهم الترابطية أقوى، هو ما يوفر نوعا من الحماية لهم أثناء تظاهراتهم الاحتجاجية، ما يسهل من عملية الحشد والتعبئة ضد السلطات، إضافة إلى حزام العشوائيات المحيط بها، يضعف من سلطة الدولة فيها، ما يشكل عامل جذب للتظاهرات حتى من خارج المطرية.

أيضا من الخطأ القول إجمالا إن هوى المطرية ثورى أو مناوئ للسلطة، حيث إن جولة بسيطة على تمركزات قوات الأمن ومدرعاتها، وحفاوة بعض الشباب وكبار السن بهم، والحرص على تحيتهم بين الحين والآخر والدعاء لهم بالنصر والتوفيق والرجوع إلى أهلهم سالمين، هى أمور كافية لنفى أى ارتباط بين المحتفين بقوات الأمن وبين التظاهرات.

«ج، أ» صاحب محل فى شارع الحرية، حيث جرت اشتباكات عنيفة بين قوات الأمن والمتظاهرين، لا يخفى ضيقه وضجره الدائم من التظاهرات بسبب وقف الحال، مشيرا إلى أنه تصدى وزملاؤه فى بعض الأحيان للتظاهرات بمساعدة لقوات الأمن.

يعترف قيادى إخوانى لـ«الشروق» بأن بعض نقاط التوتر تمثل عامل جذب للتظاهرات وأن نقلة نوعية قررتها جماعة الإخوان فى طريقة إدارتها للصدام مع النظام والمستمر منذ حوالى 18 شهرا، فإن تكرار محاولاتهم الفاشلة لدخول ميدان التحرير، أجبرتهم على إعادة التفكير والتحصن بالأماكن التى يحظون فيها بثقل اجتماعى وكثافة عالية، وفى نفس الوقت لا تمثل البيئة المحيطة بهم خطرا عليهم، لاستغلال العلاقات والتشابكات الاجتماعية وتركيبة المنطقة بشكل عام، وحرص كل طرف على تفادى غضب الآخر، رغم المناوشات الخفيفة من آن لآخر، إلا أن الأمور لم تصل لمرحلة الصدام بين الطرفين، المؤيد والمعارض.

ويضيف: «إدراك الإخوان ومؤيديها بأن حاضنتهم الاجتماعية فى بعض الأماكن أفضل من غيرها ولكل الأسباب السابق ذكرها، مثلت المطرية وقبلها حلوان، اختيارا مناسبا للتظاهرات عشان هنكون وسط ولادنا، التعامل مع ما جرى فى المطرية باعتباره انتصارا للجماعة على قوات الأمن، أغرى الجماعة على نقل التجربة لأماكن أخرى، ربما تكشفها الأيام القادمة، خصوصا أن بعض المحافظات الداخلية لا تشهد أى تظاهرات، وهو ما يدفع الجماعة إلى نقل بعض أنصارها إلى العاصمة».

وبحسب «ش، س» طبيبة مقيمة بالمطرية فإن هناك تهويلا شديدا فى التعامل مع أحداث المطرية، الطبيبة التى يطل منزلها على الميدان وتستطيع من مجرد إطلالة من الشرفة متابعة كل ما يجرى تقول لـ«الشروق»: «هناك مبالغة شديدة من قبل طرفى الصراع فى الحديث عن أحداث المطرية، فما شهدته ذكرى الثورة فى العام الماضى كان أعنف بمراحل كثيرة مما جرى هذا العام، وموقع المطرية وجغرافيتها وطبيعة شوارعها وامتداداتها جعلتها نقط التقاء للعديد من المسيرات الإخوانية فى الأماكن المحيطة بها كالزيتون ومسطرد والتعاون».

وتدلل على كلامها بأن الشارع الذى وقعت فيه الصدامات هو الشارع المؤدى لسوق الخميس، الذى تجرى فيه الأمور بشكل طبيعى جدا، بدون أى اشتباكات بين المتظاهرين والتجار، فى حين أنها شهدت اشتباكات بين التجار وبعضهم البعض، استخدمت فيها الأسلحة النارية بشكل كبير وسجلت قبل ذلك العديد من حالات القتل بسبب خناقات التجار فى السوق، إلا أن عدم تعرض التجار للمتظاهرين حتى الآن دليل أنهم لا يرون فى المظاهرات تهديدا لهم، وهو أمر أدركه المتظاهرون أيضا.

يتغير الواقع يوم الجمعة، بحسب «أ، م» الطالبة الجامعية حيث لا تتوقف شوارع التروللى والمطراوى والرشاح والمسلة، مناطق مساجد الرحمن والنور المحمدى، أكبر المساجد التى يخرج منها المتظاهرون طوال اليوم، الذين يدخلون أحيانا إلى الشوارع الجانبية، وفى بعض الأحيان يتصدى السكان الرافضون للتظاهرات وتحدث اشتباكات، وأحيانا أخرى تمر الأمور بسلام بين المتظاهرين والسكان.

حالة الهلع كانت سببا لاستيقافى من قبل اثنين من سكان أحد الشوارع الجانبية المطلة على الميدان وطلبهما تفتيش حقيبتى، وبعد اطلاعهما على أوراقى الثبوتية وهويتى الصحفية طلبا منى مغادرة المكان، لأننى ربما أكون مستهدفا.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك