خلال الأيام الماضية، ربما شاهدت عناوينًا وتقاريرًا حول «البكتيريا الكابوس» التي تم اكتشافها لأول مرة في الولايات المتحدة.

حتى الآن، أوردت تقارير الـ«واشنطن بوست» تحت عنوان «البكتيريا التي يخشاها الأطباء تصل الولايات المتحدة»، أنه لأول مرة يجد الباحثون مريضة مصابة بعدوى مقاومة لفئة الملاذ الأخير من المضادات الحيوية.

تحذيرات «سي إن إن» كان متشابهة، لكن تحت عنوان مميز: «كابوس ظهور البكتيريا المعوية المقاومة لكاربابينيم في سيدة أمريكية».

كما ذكرت «إن بي سي نيوز»: «البكتيريا الكابوس».. ظهور بكتيريا قاتلة لأول مرة بالولايات المتحدة.

هناك بعض الحقائق والأسباب للقلق هنا، لكن هناك أيضًا كثير من الأخطاء والتضخيم.

إليك ما حدث حقًا:
أفاد باحثون بالعثور على امرأة من ولاية بنسلفانيا تبلغ من العمر 49 عامًا، مصابة ببكتيريا «الإشريكية القولونية» المقاومة لعقار كوليستين وهو يعد من فئة الملاذ الأخير من المضادات الحيوية.

واعتمادًا على تحليل الحمض النووي، حدد باحثون أن بكتيريا الإشريكية القولونية مقاومة للمضاد الحيوي كوليستين؛ لأنها تحمل جين مقاوم يسمى «إم سي آر 1» على جزء من الحمض النووي تسمى بلازميد.

طبقًا لما أورده موقع «Ars Technica» سابقًا، تم اكتشاف جين «إم سي آر 1» في البكتيريا لأول مرة العام الماضي في الصين، وسرعان ما أثار هذا الاكتشاف القلق؛ بسبب مكانه على البلازميد الذي يمكن للبكتيريا مشاركتها بسهولة مع جيرانها.

وتم الإبلاغ مسبقًا عن مقاومة الكوليستين في أنواع أخرى من البكتيريا– بينها البكتيريا الموجودة في الولايات المتحدة – لكن جينات مقاومة الكوليستين توجد على كروموسومات البكتيريا وهي غير قابلة للمشاركة، وخشى الخبراء من أن مقاومة الكوليستين الموجودة على البلازميد ستنتشر بسهولة بين البكتيريا.

منذ التقرير الأولي، تم اكتشاف البكتيريا الحاملة لجين «إم سي آر 1» بكل قارة، ولم تكن المرأة المصابة التي كانت تعاني من التهاب في المسالك البولية، قد سافرت خلال الـ5 أشهر الأخيرة.

لكن هذا قد يكون مقلقًا أو أمرًا عاديًا، ولكن من المهم الإشارة إلى عدم معرفة لكم من الوقت كان «إم سي آر 1» موجودًا بالبكتيريا أو من أين جاء من البداية، ربما انتشر في العالم خلال عدة أشهر أو بقي خاملًا ثم انتشر ببطء لعدة سنوات.

في كلا الحالتين، كان حتميًا ومتوقعًا أن تظهر البكتيريا الحاملة لـ«إم سي آر 1» في الولايات المتحدة، رغم أنه خلال أسابيع اختبار بكتيريا أخرى من عيادة بنسلفانيا مكان تحديد الحالة، لم يتم العثور على أي بكتيريا حاملة له.

تجاهل الآتي:
أولًا، كلمة «أول»، في السطر الأول لمقال «واشنطن بوست» يقول: "لأول مرة، الباحثون يعثرون على شخص في الولايات المتحدة يحمل بكتيريا مقاومة لفئة الملاذ الأخير من المضادات الحيوية".

هذا ليس حتى قريبًا من الحقيقة، هذه بالتأكيد ليست المرة الأولى التي يتم العثور على شخص في الولايات المتحدة يحمل بكتيريا مقاومة لفئة الملاذ الأخير من المضادات الحيوية. فهناك الكثير من فئة الملاذ الأخير من المضادات الحيوية، وظهرت على مدى السنوات الأخيرة العديد من البكتيريا المقاومة لها، ومن بينها الكوليستين، طبقًا لموقع «Ars Technica» المتخصص في الشئون التكنولوجية.

على سبيل المثال، في عام 1991، عانت مستشفى في بروكلين من ظهور بكتيريا مقاومة للمضاد الحيوي من فئة الملاذ الأخير فانكوميسين، وفي 2009، تعرضت عديد من مراكز ديترويت الطبية من ظهور بكتيريا مقاومة لكل من عقاري كوليستين وكاربابينيم وهو نوع آخر من فئة «الملاذ الأخير».

حتى أن المعاهد القومية للصحة لم تكن في مأمن من البكتيريا المقاومة لفئة الملاذ الأخير من المضادات الحيوية، ففي 2011 تعرضت إحدى عيادات المعاهد لتفشي بكتيريا مضادة للكاربابينام الأمر الذي تسبب في مرض 18 شخصًا ومقتل 11 منهم.

الشيء الحقيقي الوحيد في هذه الحالة، أنه لأول مرة تظهر حالة مقاومة لعقار كوليستين في مريض أمريكي.

في حين أن تلك الأنباء ليست جيدة تمامًا، فهي ليست كارثية، بينما يوجد العديد من المضادات الحيوية من فئة الملاذ الأخير، يمكن للأطباء تجربة تركيبات مختلفة ووصفات قوية قبل أن تصبح العدوى غير قابلة للعلاج.

عنوان الـ«سي إن إن»، الذي تم تعديله، عرَف بشكل خاطيء البكتيريا المقاومة للكوليستين على أنه «سي آر إي»، كما فعلت مقالات أخرى.

يرمز «سي آر إي» لـ«البكتيريا المعوية المقاومة لكاربابينيم»، تلك البكتيريا هي عبارة عن عائلة كبيرة من بكتيريا الأمعاء بعضها غير ضار والبعض الآخر يسبب أمراضًا معروفة، من بينها: السلمونيلا، والإشريكية القولونية، والكلبسيلة، وبكتيريا الشيجيلا.

وتعتبر مقاومة الكاربابينيم أمر مقلق للغاية لأنها زادت بشكل مطرد خلال السنوات الأخيرة، ويمكن لعدوى الـ«سي آر إي» أن تتسبب في الوفاة بنسبة 50%، ولهذا السبب، وصفها البعض بـ«الكابوس».

رغم أن البكتيريا التي أوردتها التقارير حاليًا ليست «سي آر إي»، وبما أنها «الإشريكية القولونية»، فهي من عائلة البكتيريا المعوية وهي تحتوي على 15 نوعًا من الجينات المقاومة للمضادات ليس من بينها الجينات المقاومة للكاربابينيم، كما أن السلالة كانت لا تزال حساسة تجاه العديد من المضادات الحيوية الأخرى.