«النقش على النحاس».. حرفة تواجه شبح الاندثار - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 10:38 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«النقش على النحاس».. حرفة تواجه شبح الاندثار

عبدالرحمن مصطفى:
نشر في: الثلاثاء 30 سبتمبر 2014 - 7:28 م | آخر تحديث: الثلاثاء 30 سبتمبر 2014 - 7:28 م

في حارة متفرعة من درب المسمط فى حى الجمالية، يجلس عبده الحلوانى الذى شارف على عامه الستين، فى مدخل بيت عتيق، جوار منطقة النحاسين الشهيرة. لا يخفى نبرة الثقة فى النفس أثناء الحديث، إذ عمل لأكثر من أربعين سنة فى صناعة المنتجات النحاسية، وهو واحد من 7 أسطوات فى المهنة تبقوا من زمن النقش على النحاس.

«عملت فى فترة من حياتى فى بغداد، وصنعت منتجات كانت تصل إلى صدام حسين أثناء فترة حكمه فى الثمانينيات، كما عملت فى سوريا ولبنان فى نفس المجال.. أما اليوم فقد حدثت تحولات ما زلت لا أستطيع استيعابها». يتحدث عبده الحلوانى وهو يجلس بتلقائية على درجة سلم يقود الزائر إلى الورشة فى الطابق العلوى، حيث يمر عليه بعض «الصنايعية»، وفى أيديهم كرات معدنية كبيرة تستخدم كغطاء للإضاءة.

والمفارقة التى يشرحها الأسطى المخضرم أنها ليست مصنوعة من النحاس، بل تمت صناعتها من الصاج. «يتكلف شراء كيلو الصاج 12 جنيها، بينما يتكلف كيلو النحاس 80 جنيها، فاتجهنا إلى الصاج حتى نعيش، وهى صناعة لا تحتاج سوى الحد الأدنى من المهارة، ولا تحتاج إلى فنانين». ويفرق عبده الحلوانى بين «أسطى» فنان، وبين حرفى عادى، إذ تبرز مهارة «الفنان» فى ابتكاره تصميمات ينقشها بيديه على الأوانى النحاسية.

وطوال الوقت كان عدد الحرفيين المهرة فى مجال النحاس قليلا، إذ يذكر الباحث الفرنسى أندريه ريمون، فى كتابه «الحرفيون والتجار فى القاهرة فى القرن الثامن عشر»، أن عدد الحرفيين فى هذا المجال قد بلغ 44 فردا فى إحدى فترات الحكم العثمانى. بينما يقدر تجار وحرفيون شهدوا حقبة الخمسينيات من القرن الماضى أن العدد قد بلغ 12 فردا، وهو ما انخفض حاليا إلى 7 أفراد، لا يجد أغلبهم فرصا لإبراز مهاراته بشكل كاف.

«المهارة فى هذا المجال لم تعد تقتصر على إبداع الحرفى، لكنها تمتد لتشمل كيفية إدارة الورشة، وحاليا أصبحت هناك مهارة زائدة فى كيفية الحفاظ على ما تبقى من الحرفة». لم يتحدث عبده الحلوانى بيأس أو إحباط بقدر ما أبدى تفاؤله بتحسن سوق السياحة فى المستقبل، فى الوقت الذى ورث عنه نجلاه ياسر ومحمد المهنة نفسها، على أمل أن يكتسبا بعضا من مهارته النادرة.

«فى فترة إحباط فكرت أن أترك المجال، وأن أعمل فى صناعة الأوانى المنزلية التقليدية، لكنى سرعان ما تركت تلك الفكرة». يتحدث عبده الحلوانى، هنا عن فكرة دارت برأسه معتمدا فيها على والده الذى تفرغ لإدارة محل صغير فى شارع أمير الجيوش فى باب الشعرية، لكنه قرر الاستمرار فى حرفته حتى النهاية



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك