ليبيا الحاضنة لدواعش مصر (1ــ2).. تحقيقات «داعش مطروح» تكشف مسارات تهريب وتدريب الإرهابيين - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 9:34 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ليبيا الحاضنة لدواعش مصر (1ــ2).. تحقيقات «داعش مطروح» تكشف مسارات تهريب وتدريب الإرهابيين

كتب ــ أحمد الشرقاوى وحسام شورى:
نشر في: الأربعاء 31 مايو 2017 - 11:21 ص | آخر تحديث: الأربعاء 31 مايو 2017 - 11:21 ص

اعترافات المتهم محمود عبدالسميع تروى كيفية التسلل ذهابا وإيابا وخطوات الانضمام لـ«ولاية ليبيا»
الإفريقى الوحيد فى فيديو ذبح الأقباط كان تحت حراسة المتهم ثم انتقل إلى ما يسمى «معسكر الساحل»
تكليفات للعائدين إلى مطروح باغتيال برهامى وشخصيات أخرى.. والوالى سعى لتجنيدهم لتهريب النفط
عاد الاهتمام الإعلامى بالبحث فى طبيعة تحركات العناصر الإرهابية من مصر إلى ليبيا والعكس عبر حدود صحراوية قاحلة تمتد إلى مسافة 1050 كيلومترا تتخللها 10 أودية صالحة للتسلل، على خلفية الضربات الجوية التى وجهتها القوات المسلحة إلى بعض مناطق شرقى ليبيا، عقب حادث استهداف المواطنين الأقباط بمحافظة المنيا الجمعة الماضية.
بحثت «الشروق» فى أوراق القضايا الخاصة بالتكفيريين، وبصفة خاصة مبايعى تنظيم «داعش» الإرهابى، لتجد اعترافات تفصيلية لبعض من انتموا لتنظيم أطلق عليه إعلاميا لقب «داعش مطروح» فى القضية 239 لسنة 2015 حصر أمن دولة عليا والتى أحيلت للمحاكمة فى نوفمبر الماضى ونشرت وسائل الإعلام آنذاك بعض تفاصيلها.
كانت المناسبة الأساسية لفتح هذه القضية واقعة ذبح المواطنين الأقباط على يد تنظيم داعش فى ليبيا فى فبراير 2015 والتى بثها التنظيم الإرهابى إعلاميا فى فيديو مدته 5 دقائق بعنوان «رسالة موقعة بالدم لأمة الصليب» اتسم بالإعداد الاحترافى بحسب وصف اللجنة الفنية التى انتدبتها نيابة أمن الدولة العليا لشرح المقطع والتعليق عليه فنيا.
لكن القضية لم تقتصر على هذه الواقعة، حيث كشفت وجود علاقة تنظيمية وتدريبية بين المنتمين لداعش فى ليبيا ومطروح، وأكدت إنشاء المتهمين محمد السيد حجازى ومحمد خالد حافظ وإدارتهما لجماعة بمحافظة مطروح أسست على خلاف القانون بهدف تعطيل أحكام الدستور ومنع مؤسسات الدولة من ممارسة أعمالها، والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعى، تعتنق أفكار منها تكفير الحاكم وشرعية الخروج عليه وتغيير نظام الحكم بالقوة والاعتداء على أفراد القوات المسلحة والشرطة ومنشآتها، واستباحة دماء المسيحيين ودور عباداتهم واستحلال أموالهم وممتلكاتهم بهدف الإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر، وأن المتهم محمود عبدالسميع تولى زعامة تلك الجماعة خلفا لهما.
واتهمت النيابة كل من محمد السيد حجازى ومحمد خالد حافظ وإسلام فهمى وعماد خميس ومحمد شلابى وعبدالله دخيل وصلاح فرج الله والطاهر محمد فتح الله؛ بإمداد تلك الجماعة بمعونات مالية وبالأسلحة والذخائر وأموال ومعلومات ومواد تستخدم فى صنع المفرقعات.
واتهمت أيضا كل من عماد خميس وعبدالله دخيل ومحمود إسماعيل ومحمد مصطفى بطبع شعار جماعة داعش على مدخل مدينة مرسى مطروح وعلى حوائط مبان بالمدينة للإيحاء بسيطرة الجماعة عليها.
(مسار تحرك التكفيريين حول الحدود)
من أبرز الشهادات التى احتوتها أوراق القضية.. ما رواه المتهم محمود عبدالسميع عن مسار تحركات الدواعش من وإلى ليبيا عبر الحدود، وبحسب أقواله أمام النيابة؛ يفر بعض الأشخاص إلى ليبيا هربا من الملاحقات الأمنية، وحدد من بينهم تكفيريا من مطروح يدعى حمادة الباشا؛ هرب إلى ليبيا بعد أن أطلق الرصاص على مروحية تابعة للجيش أثناء مشاركته فى اعتصام بمطروح لمعارضى ثورة 30 يونيو، ولم تصب المروحية بأذى، بل قام طاقمها بتصويره.
وعلى شاكلة الباشا، قرر عبدالسميع الهروب من مصر إلى منطقة أجدابيا فى ليبيا بغية السفر «للجهاد فى سوريا» فذكر أنه التقى مع مهرب يدعى كرومة فى منطقة سيدى برانى، فأوصله المهرب مع متهم آخر فى القضية هو عبدالله دخيل إلى مكان قبل السلوم ومعهما 30 شخصا آخرين، ثم حطوا رحالهم فى منزل مكون من طابق واحد بالسلوم، وهناك وجد أكثر من 500 شخص أغلبهم دفعتهم الحاجة والبطالة للسفر إلى ليبيا للعمل رغم افتقارها لأدنى مقومات الاستقرار.
وبعد آذان المغرب فى يوم وصوله للسلوم؛ لاحظ عبدالسميع بدء عمليات التهريب على شكل مجموعات؛ كل منها تضم 100 شخص، لتبدأ رحلة أخرى سيرا على الأقدام لمدة تتجاوز 24 ساعة تخللتها فترات راحة فى بعض المناطق، حتى وصلوا إلى مزرعة دواجن غير آهلة بالسكان فى صحراء قرية إمساعد أقرب نقطة داخل ليبيا للحدود.
وذكر عبدالسميع أن بعض أهالى قرية إمساعد أحضروا للمتسللين عبر الحدود طعاما عبارة عن «عيش فينو وفول» طوال فترة إقامتهم بالمزرعة والتى استغرقت يومين، وبعدها أتت سيارات دفع رباعى حملتهم على مجموعات عبر الصحراء حتى وصلوا إلى مدينة طبرق.
وفى طبرق نزل عبدالسميع وزميله دخيل فى مكان يبدو كمزرعة للمواشى، ثم جاءت سيارات أخرى وحملت المتسللين إلى أماكن شتى حسب رغبتهم وبغيتهم من التسلل إلى ليبيا، فحملتهما سيارة إلى مدينة أجدابيا، وفور الوصول اتصل عبدالله دخيل بعنصر مصرى داعشى فى سوريا يدعى «حازم» وأبلغه بإتمام عملية التسلل، ولدى إجراء دخيل هذه المكالمة سمعه شخصان كانا معهما فى رحلة التسلل اسمهما «محمود، ومحمد» فأخبرا عبدالسميع ودخيل بأنهما أيضا اتصلا بحازم وينتظران من سيرسله لأخذهما إلى معسكر.
وبالفعل جاءت سيارة لأخذ الأشخاص الأربعة، ودفع مستقلوها للمهرب تكاليف عملية التهريب كاملة.
(فى قلب معسكرات داعش)
ذكر عبدالسميع أن السيارة أقلتهم لمدة ساعة تقريبا من وسط أجدابيا حتى مكان فى الصحراء يحيطه سور، وفى وسطه عدة سيارات دفع رباعى مثبت عليها أسلحة ثقيلة عبارة عن أسلحة آلية عيار 14 ملى، وبه عدد من الدوشم، وبعض الأشجار والمزروعات، وفى منتصف المكان منزل من دور واحد يتكون من حجرة واحدة وصالة ومطبخ وحمام، وعقب الوصول مباشرة أخد مسئول بالمعسكر الهواتف المحمولة من الوافدين الجدد، وأخبرهم بأن عليهم اختيار أسماء مستعارة وعدم ذكر أسمائهم الأصلية.
اختار الراوى محمود عبدالسميع كنية «أبو مسلم» واختار زميله عبدالله دخيل لقب «قسورة» واختار محمود كنية «أبو مصعب» واختار محمد كنية «أبو عمر» وبقى الأربعة سويا فى المنزل لمدة 15 يوما تناوب فيها على الإقامة معهم شخصان مختلفان كل يوم، وكان المسئول عن المكان يحضر لهم يوميا طعاما وشرابا.
ثم تلقوا أوامر بالخروج، وأمام المنزل كان ينتظرهم شخص آخر أعطاهم الهواتف المحمولة وأوصلهم باستخدام سيارة دفع رباعى لمدينة سرت، وتحديدا لمكان اسمه النوفالية، حيث مكثوا ساعتين للاستراحة، ثم أكملوا الطريق إلى مبنى معروف هناك باسم «الأمن الداخلى» وهو عبارة عن 4 مبانٍ محاطة بسور؛ مبنى مخصص لاستقبال المهاجرين، وآخر عبارة عن سجن، والثالث مقر لإقامة طاقم الحراسة، والمبنى الرابع مطبخ ومسجد وصالة بها شاشة تليفزيونية كبيرة لعرض إصدارات تنظيم داعش، وتم تسليم الهواتف المحمولة لمسئولى المعسكر.
وفى اليوم الثانى لوصولهم توجهوا لمعسكر تدريبى فى الصحراء، وهناك تقدموا بطلب للسفر إلى سوريا، لكن تم رفض الطلب، وأبلغهم المسئولون إن الوالى المعروف باسم «أبو عبدالعزيز» يمنع أى شخص من السفر إلى سوريا فى الوقت الحالى.
وحكى لهم القائمون على المعسكر كيف تكونت داعش ليبيا عندما أعلن تنظيم أنصار الشريعة ــ الذى كان أحد الفصائل التى حاربت نظام معمر القذافى ــ مبايعة أبا بكر البغدادى خليفة للمسلمين والانضمام لما يسمى الدولة الإسلامية بالعراق والشام.
وذكر عبدالسميع أن عدد المقيمين فى المعسكر كان أكثر من 170 شخصا أغلبهم من تونس، وتسلم كل فرد منهم بندقية كلاشينكوف بدون ذخيرة على أن تبقى عهدة شخصية لاستخدامها فى التمرين، حيث تم إبلاغهم بأنهم سيحصلون على دورتين؛ الأولى عسكرية والثانية دينية، وسيحصلون عليها بعد أخذ البيعة بمعرفة الوالى أبو عبدالعزيز، وهو عراقى الجنسية، وبالفعل تم أخذ البيعة بعدها بساعات.
وبعدها بعشرة أيام فوجئ المقيمون فى المعسكر بإطلاق نار من قوات فجر ليبيا، فأمرهم قائد المعسكر المكنى «أبو بركات» بالمغادرة داخل سيارات دفع رباعى خلفه، وكان يوجههم باستمرار وينتقل بسيارت المعسكر كله فى شكل صف واحد بعيدين عن بعض لتجنب الإصابة مجتمعين، وتمت تعبئة السيارات بطعام عبارة عن شعير مطحون وزيت زيتون وسكر، وظل جميع العناصر فى السيارات تتنقل بهم لمدة 10 أيام.
وبعدها استقروا فى مكان قرب سرت انتظارا لقدوم والى داعش ليبيا، وهناك سمع عبدالسميع الحضور يتحدثون عن تقسيم ولاية ليبيا لثلاث ولايات أصغر؛ ولاية طرابلس فى الغرب، وولاية فزان فى الجنوب، وولاية برقة شرقا والممتدة حتى مطروح، وكلها تقع تحت سيطرة أبى عبدالعزيز.
ثم توجهوا إلى سرت ذاتها، حيث أقاموا فى مكان عبارة عن دورين معروف باسم «مصنع العلف» حيث بدأوا تنفيذ بعض المهام، وشارك عبدالسميع ــ حسب أقواله ــ فى 3 عمليات خلال تلك الفترة؛ منها الهجوم على مخزن أسلحة وذخيرة تابعة لجيش المشير خليفة حفتر، حيث ضمت فرقة الهجوم 25 شخصا مقسمين على 8 سيارات على مجموعتين، لكن المفاجأة أن المخزن لم يكن يحتوى على أى ذخيرة.
وذكر أن زميله عبدالله دخيل خرج مرة مع مجموعة من أفراد المعسكر وبعدها عادوا ومعهم شخص إفريقى مسيحى، وطلبوا منهم احتجازه، وبعدها جاء الوالى أبو عبدالعزيز واختار 30 شخصا وأخبرهم بأنهم سيتوجهون لمعسكر بالساحل، كان من بينهم عبدالله دخيل، وكان مع الوالى شخص اسمه «أبو إبراهيم» ليبى الجنسية تولى قيادة المجموعة التى ستظل فى المعسكر من بينهم محمود عبدالسميع.
وعهد قائد المعسكر لعبدالسميع بمسئولية قيادة طاقم حراسة المعسكر، وفى اليوم التالى حضرت مجموعة وأخذت الشخص الإفريقى المختطف.
وفى ذلك اليوم طلب عبدالسميع من قيادى فلسطينى يدعى «أبو أيوب» التوسط لدى قائد المعسكر لكى يسمح لهم بالحصول على الهواتف والاتصال بذويهم، وبالفعل أعطاهم إياها واتفق معهم على أنها ستظل معهم لمدة 3 أيام، فاشترى خط محمول ليبى، وتحدث مع أهله فطلب منه شقيقه العودة لأن والدته مريضة كما أن زوجته على وشك الولادة، وقال له إن شقيق حماه تربطه علاقة نسب مع قبيلة القذافى، وأنهم سيتولون إعادته لمصر.
اتخذ عبدالسميع قرار العودة، وذكر أن التنظيم ترك لأفراده حرية المغادرة بشرط تسليم العهدة والسلاح، وبالفعل اتصل به شخص ليبى اسمه ناصر، أرسل سيارة أقلته، وتولى تمريره من إدارة الجمرك الليبى، ولكن فى الجمرك المصرى تم عمل محضر تسلل وبعدها عاد لمنزله فى مطروح.
(الإفريقى المجهول فى فيديو قتل الأقباط)
«بعد عودتى بعدة أشهر شاهدت فيديو ذبح الأقباط منتشرا فى الإعلام، وشاهدت الشخص الإفريقى الذى كان تحت حراستى بين المذبوحين» بهذه الكلمات أدلى عبدالسميع بشهادته عن واقعة ذبح الأقباط، والتى يتضح منها العلاقة المباشرة بين المجموعة التى ينتمى إليها زميله عبدالله دخيل وبين أوامر الوالى أبى عبدالعزيز وبين إعداد مقطع الفيديو الشهير.
وذكر عبدالسميع أنه تواصل فيما بعد مع قيادى يدعى «أبو أسامة المصرى» فأخبره بأن أعضاء داعش ليبيا يتهمونه بالتجسس، وطلب منه العودة من أجل إثبات حسن النية، لكنه لم يعد، وفى تلك الفترة علم بعودة زميل آخر له من ليبيا هو محمود إسماعيل (متهم فى القضية أيضا) لوفاة شقيقه، فزاره فى منزله، وأخبره الأخير بأن لديه تكليفات باغتيال عدد من مشايخ التيار السلفى من بينهم على غلاب وياسر برهامى، وشخصيات بمحافظة مطروح.
واعترف أيضا بأنه تواصل مع القيادى الفلسطينى أبى أيوب هاتفيا، وطلب منه معرفة ما إذا كان من الممكن عودته للانضمام للتنظيم فى ليبيا من عدمه، فأجابه بأنه سيتواصل مع والى ليبيا، ثم رد عليه بأن الوالى طلب منه البقاء فى مصر واستقطاب عناصر جديدة تساعد فى عمليات تهريب النفط الليبى عبر الحدود.
غدا: طريق التكفيريين الألمان إلى سوريا.. عبر الحدود المصرية الليبية

اقرأ ايضا:

خبيران أمنيان: حركة تنقلات الداخلية المفاجئة «ثواب وعقاب»

مصادر: ضعف الخدمات الأمنية على طريق دير المنيا وراء «تنقلات الداخلية»



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك