ننشر تفاصيل تقرير «مفوضي الدستورية» بتأييد الإخطار في «التظاهر»: لا حرية مطلقة من أي قيد إلاّ حرية الاعتقاد - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 9:54 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ننشر تفاصيل تقرير «مفوضي الدستورية» بتأييد الإخطار في «التظاهر»: لا حرية مطلقة من أي قيد إلاّ حرية الاعتقاد

احتجاجات على قانون التظاهر
احتجاجات على قانون التظاهر
كتب محمد بصل
نشر في: الأربعاء 31 أغسطس 2016 - 10:00 م | آخر تحديث: الأربعاء 31 أغسطس 2016 - 10:15 م
المادتان 8 و10 تتوافقان مع المادتين 15 و73 من الدستور.. وتوازنان بين تنظيم حق التظاهر وتمكين الشرطة من حماية المجتمع

«الإخطار مقابل الحق في منع المظاهرة» نظام أخذت به العديد من الدول المشهود لها بحماية الحقوق والحريات ويتفق مع أفضل الممارسات الدولية

5 ضمانات تؤكد حرص المشرع على ممارسة الحق وعدم تقييده أو إرهاقه.. وقسم التشريع بمجلس الدولة ساهم في سد ثغرات النسخة الأولى من القانون

مناقشات لجنتي العشرة والخمسين تؤكد: الإخطار وحق التظاهر ذاته خاضع للتنظيم في إطار السلطة التقديرية للمشرع

قالت هيئة مفوضي المحكمة الدستورية العليا في تقريرها بتأييد المادتين 8 و10 من قانون التظاهر فيما تضمنتاه من وجوب الإخطار قبل القيام بالتظاهرة، وسلطة وزير الداخلية في إصدار قرار مسبب بمنع التظاهرة أو إرجائها أو نقلها في حالة وجود ما يهدد الأمن والسلم، إن «المادتين لم يتعرضا للحق في الإضراب السلمي المنصوص عليه في المادة 15 من الدستور، ولم يحولا بين كل مواطن وحقه في مخاطبة السلطات العامة كتابةً وبتوقيعه المنصوص عليه في المادة 85 من الدستور، ولم تمنعا المواطنين من المشاركة في الحياة العامة وممارسة حقي الانتخاب والترشح».

وتنص المادة 8 على أنه يجب على من يريد تنظيم اجتماع عام أو تسيير موكب أو مظاهرة أن يخطر كتابة بذلك قسم أو مركز الشرطة الذى يقع بدائرته مكان الاجتماع العام أو مكان بدء سير الموكب أو المظاهرة، ويتم الإخطار قبل بدء الاجتماع أو الموكب أو المظاهرة بثلاثة أيام عمل على الأقل، على أن يتم تسليم الطلب باليد أو بموجب إنذار على يد محضر، كما يجب أن يتضمن الإخطار البيانات والمعلومات الآتية:

1- مكان الاجتماع العام أو مكان وخط سير الموكب أو المظاهرة.
2- ميعاد بدء وانتهاء الاجتماع العام أو الموكب أو المظاهرة.
3- بيان بموضوع الاجتماع العام أو الموكب أو المظاهرة، والغرض منها، والمطالب التى يرفعها المشاركون فى أى منها.
4- بيان بأسماء الأفراد أو الجهة المنظمة للاجتماع العام أو الموكب أو المظاهرة.

بينما تنص المادة 10 على أن «يجوز لوزير الداخلية أو مدير الأمن المختص فى حالة حصول جهات الأمن- وقبل بدء الاجتماع أو الموكب أو المظاهرة- على معلومات جدية عن انصراف نية المنظمين أو المشاركين فيها إلى ارتكاب أى من المخالفات المنصوص عليها فى المادة السابعة أو أى جريمة أخري- منع الاجتماع أو الموكب أو المظاهرة، وللمتضرر اللجوء إلى قاضى الأمور الوقتية، ويصدر القاضى أمره مسببًا على وجه السرعة».

يذكر أن المحكمة الدستورية حددت جلسة أول أكتوبر لنظر هذا الطعن، مع طعن آخر بشأن قانون التظاهر ذاته؛ أوصت فيه هيئة المفوضين بعدم دستورية المادتين 7 و19 الخاصتين ببعض المحظورات أثناء الاجتماع العام والعقوبة المقررة لها.

وأضاف التقرير الذي أعده المستشار حسام فرحات برئاسة المستشار طارق شبل وجاء في 233 صفحة أن «التنظيم الذي أخذ به المشرع في قانون التظاهر والذي جعل ممارسة حرية التظاهر السلمي وفقاً لنظام الإخطار في مقابل ما خوله لوزارة الداخلية من الحق في منع المظاهرة إذا قام سبب لذلك، مع إتاحة الطعن القضائي وكفالة الحماية القضائية الوقتية العاجلة لطالبي التظاهر؛ قد أخذت به العديد من الدول المشهود لها بحماية حقوق وحريات الإنسان، ويتفق مع أفضل الممارسات الدولية».

وأكد التقرير رداً على دفوع المحاميين خالد علي وطارق العوضي بأن «لحق التظاهر السلمي - كما لكل حق - أوضاعاً يقتضيها وآثارا يرتبها وشروطاً لاستحقاقه وممارسته، والحق الذي لا يجوز تعطيله هو ما استوفى شروطه، فمتى تحول حق التظاهر إلى اعتداء على حريات وحقوق الآخرين أو قواعد النظام العام؛ لم يعد مستظلاً بحماية الدستور».

ورفض التقرير الدفع بعدم صلاحية المستشار عدلي منصور رئيس المحكمة الدستورية السابق لنظر الطعن باعتباره هو من أصدر القانون إبان رئاسته المؤقتة للبلاد، وذلك لأنه قد أحيل للتقاعد نهاية يونيو الماضي، كما رفض الدفع بعدم صلاحية جميع أعضاء المحكمة الدستورية لنظر الطعن لوجود علاقة زمالة وصداقة بينهم وبين منصور، مبرراً الرفض بأنه القول بعدم صلاحيتهم جميعاً يجعل الدعوى بدون قاض ينظرها إلى جانب أن الحديث عن علاقة الصداقة جاء مرسلاً بلا دليل.

وفيما يلي تفاصيل ردود هيئة المفوضين على الدفوع المبداة على دستورية المادتين 8 و10 من القانون:

انتقد المدعون المادتين اللتين تعتبران صلب قانون التظاهر بأنه «يهدر الحق في التظاهر بتحويل الإخطار إلى ترخيص، على الرغم من تسميته في القانون بالإخطار» وأنه يقع بذلك في حومة الخطأ المبين في التقدير وذلك بتحديد حد أقصى للإخطار بالمظاهرة قبل 15 يوماً، وإجازة منع المظاهرة، وكذلك النيل من حرية الرأي والتعبير.

فرد التقرير بأن «انحياز المشرع الدستوري لنظام الإخطار في ممارسة الحق في التظاهر السلمي لم يرق إلى حد ممارسته بالإخطار المجرد الذي لا يقابله أي سلطة تقديرية للمشرع العادي في تنظيم هذا الحق وتنظيم الإخطار الذي يمارس بموجبه» وذلك استناداً إلى ما عكسته المناقشات المعمقة لنص المادة 73 من الدستور في لجنتي الخبراء العشرة والخمسين، والتي دارت في شق منها حول أسلوب ممارسة الحق في التظاهر السلمي (بمجرد الإخطار، أم بإخطار ينظمه القانون) فانحاز واضعو الدستور في النهاية إلى ممارسة هذا الحق بإخطار على النحو الذي ينظمه القانون.

وأشار التقرير إلى أنه قد تم العدول عن لفظة «بمجرد» التي وردت في الصياغات الأولى التي كانت مطروحة في مناقشات لجنتي الخبراء والخمسين، وهو ما يقطع بأن الإخطار والحق ذاته خاضع للتنظيم في إطار سلطة المشرع في تنظيمه للحقوق والحريات العامة.

كما عكست تلك المناقشات أهمية عدم التعارض بين ممارسة الحق في التظاهر السلمي ودوام سير المرافق العامة واحترام الحقوق والحريات المقررة للمواطنين، مما يقطع بأن المشرع الدستوري أراد أن يكون حق المواطنين في تنظيم المظاهرات السلمية «بناء على إخطار ينظمه القانون» وليس بأن يمارس هذا الحق «بالإخطار المجرد»، مما يكرس نطاقاً أوسع من السلطة التقديرية للمشرع في تنظيم ممارسة ذلك الحق وفقاً لهذا الأسلوب.

وشدد التقرير على أن «التفويض التشريعي ينصرف إلى تنظيم الحق بحكم اللزوم، فلا حق من الحقوق، أو حرية من الحريات، عصي على التنظيم، ولا يتصور أن يرد التنظيم على وسيلة ممارسة الحق دون أن يعد ذلك تنظيماً للحق في آن، فالحقوق في تنظيمها ووسائل ممارستها صنوان لا ينفصمان، وفيما عدا ما قطع الدستور به صراحة، فإن للمشرع سلطة تقديرية في تنظيم الحقوق تحدها المصلحة العامة غاية وهدفاً».

وأشار التقرير إلى أن المشرع الدستوري فوض بذلك المشرع العادي «واضع القانون» بتحديد الإطار القانوني للإخطار اللازم لممارسة الحق في التظاهر، وبيان حدوده، ومقتضى ذلك أن يستقل المشرع العادي بقدر معقول من السلطة التقديرية في تنظيم الإخطار وبيان ما يتناوله من بيانات ومعلومات، تدور في إطار من الموازنة بين طبيعة الإخطار وكونه إعلاماً بالإرادة المنفردة من جانب واحد من قبل المواطنين الراغبين في التظاهر يوجهونه للجهة الأمنية، وبين التزام الشرطة بحسبانها هيئة مدنية نظامية في خدمة الشعب بحماية المتظاهرين السلميين وكفالة الطمأنينة والأمن للمواطنين والسهر على حفظ النظام العام والآداب العامة وتلتزم بما يفرضه عليها الدستور والقانون من واجبات وباحترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية.

وتبعاً لذلك ألزمت المادة 8 كل من يريد تنظيم مظاهرة أن يخطر بها كتابة خلال 3 أيام عمل، وأجازت المادة 10 لوزير الداخلية أو مدير الأمن المختص في حالة حصول جهات الأمن قبل موعد المظاهرة على معلومات جدية أو دلائل عن وجود ما يهدد الأمن والسلم أن يصدر قراراً مسبباً بمنع النظاهرة، بالإضافة إلى إسناد الرقابة القضائية على مشروعية القرار لجهتي القضاء الإداري والعادي.

واستنتج التقرير من ذلك أن المشرع بتقريره هذا النظام «أعمل سلطته التقديرية في المفاضلة بين البدائل المختلفة، في إطار تنظيم الحق في التظاهر السلمي وأسلوب ممارسته.....مستهدفاً بذلك غاية أساسية من الإخطار هي التيسير على الشرطة في أداء واجبها في حماية المشاركين والحيلولة دون خروج المظاهرات عن غايتها من الحق في التعبير إلى العدوان على الأنفس والأموال العامة والخاصة وتخريبها، فالغاية من الإخطار هي حماية المتظاهرين وفي الوقت ذاته حماية الأرواح والممتلكات العامة والخاصة من الأخطار والتخريب».

ورداً على الدفع بأن القانون يرتب إجراءات وعقوبات مبالغ في تقديرها، أورد التقدير عدة نقاط:

أولاً: أن العقوبات المشار إليها وردت في نصوص المواد من 16 إلى 22 من القانون، وهي غير مطروحة في الدعوى الدستورية المعروضة.

ثانياً: أن المادة 8 الخاصة بالإخطار تتوافق مع المادة 73 من الدستور، فالإخطار بطبيعته إعلام من جانب واحد يوجه لجهة الإدارة المعنية، وهو بذلك لا يعتبر طلباً يقدم إليها، ولم يتطلب القانون ثمة موافقة أو ترخيص أو تصريح من جانب جهة الإدارة، وإنما خولها في حالات محددة واستناداً إلى سلطة الضبط الإداري أن تتدخل بالإجراء الضبطي المناسب «وهو منع المظاهرة» لحماية الأمن والسلم والمتظاهرين أنفسهم.

ثالثاً: على الرغم من انحياز المادة 73 من الدستور إلى نظام الإخطار كوسيلة لممارسة حق التظاهر، إلاّ أن المشرع في المادة 15 من القانون ألزم المحافظين بتحديد مناطق كافية داخل كل محافظة تباح فيها الاجتماعات العامة أو المواكب دون التقيد بالإخطار، وبالتالي فإن الممارسة مكفولة لمن أرادها -دون إخطار- في هذه الأماكن.

رابعاً: القول بأن قانون التظاهر أهدر مبدأ المشروعية وسيادة القانون واعتدى على حقوق نظمها الدستور وكفلها للمواطنين دون قيد أو شرط، مردود عليه بأن الحقوق والحريات المكفولة بنص الدستور ليست مطلقة عدا حرية الاعتقاد «المادة 64: حرية الاعتقاد مطلقة»، ذلك لأن الإنسان لم يعرف هذه الحرية المطلقة إلا عندما كان يعيش فرداً في العصور الأولى، فلما اقتضت ضرورات الحياة أن ينتظم في سلك الجماعة أصبح كائناً اجتماعياً لا يستطيع العيش فرداً، وقد اقتضى ذلك أن يلتزم في تصرفاته وأفعاله وأقواله الأصول والقواعد التي تتواضع عليها الجماعة، ومن شأن ذلك أن يحد من حريته، فتحول دون اعتدائه على غيره حتى يستطيع التمتع بمثل ما يتمتع به، والقانون هو الوسيلة الوحيدة لوضع هذه الحدود.

ثم ذكر التقرير أن القانون يتمتع بخمس ضمانات متكاملة لتنظيم حق التظاهر:

الضمانة الأولى: طبيعة الوقائع المجيزة لمنع المظاهرة: فبموجب المادة 10 قيد المشرع سلطة إصدار قرار بالإجراء الضبطي سواء بمنع المظاهرة أو غيرها، فاستلزم ضرورة الحصول على معلومات جدية أو دلائل، والمعلومات الجدية هي التي تبنى على وقائع ثابتة غير متوهمة مستقاة من أصول ثابتة وموثوقة، أما الدلائل فقوامها الشواهد والأمارات التي تحمل جهة الإدارة على الاعتقاد المعقول.

الضمانة الثانية: مراعاة التناسب وعدم الغلو في الإجراء المتخذ: حيث لم يترك المشرع للجهة الأمنية التقدير في ضرورة أن يكون الإجراء المتخذ من قبلها متناسباً مع جسامة الخطر الذي تهدف إلى توقيه، فالهدف من هذا الإجراء هو حماية الأمن والسلم في مواجهة التهديد الذي توافرت لدى الجهات الأمنية معلومات أو دلائل عنه، فحدد للجهة الأمنية 4 بدائل يمكن اتخاذها، مما يؤكد أن المادة 10 لا تسعى ولا تستهدف التضحية بالحق في التظاهر بأي ثمن، بل للوصول إلى هدف حماية السلم والأمن والنظام العام بأقل تكلفة وأدنى تضحية.

الضمانة الثالثة: تسبيب القرار الصادر بالإجراء الضبطي: حيث ألزم المشرع الجهة الأمنية بأن يصدر قرار منع المظاهرة أو إرجائها أو نقلها أو تغيير مسارها مسبباً.

الضمانة الرابعة: إخطار مقدمي الإخطار بالقرار الصادر من الجهة الأمنية.

الضمانة الخامسة: الحماية القضائية العاجلة: وذلك ببسط رقابة القضاء العادي والقضاء الإداري على مشروعية الإجراء الضبطي، باعتبار أن الرقابة القضائية هي المظهر العملي الفعال لحماية الشرعية، فهي التي تكفل تقييد السلطات العامة بقواعد القانون، كما تكفل رد هذه السلطات إلى حدود المشروعية إذا تجاوزت تلك الحدود.

وبذلك يكون المشرع قد أتاح لمقدمي الإخطار –بنص خاص- مخاصمة القرار الصادر بالإجراء الضبطي، كافلاً لهم بذلك ملاذاً أخيراً للحصول على الترضية القضائية التي يناضلون من أجل الحصول عليها لجبر الأضرار التي أصابتهم جراء العدوان على الحقوق التي يطلبونها.

وشدد التقرير على أن المشرع بتلك الضمانات الخمس مجتمعة كان حريصا على حرية التظاهر السلمي، ولم يستهدف تقييدها أو الانتقاص منها أو تحميلها ما يرهقها من القيود، وإنما أتى بتنظيم تشريعي تتكامل فيه الغاية مع الوسيلة، موازناً بين المصالح العامة المعتبرة في الحفاظ على النظام العام بحسبانه هدفاً دستورياً أصيلاً، وضمان سير ودوام المرافق العامة بانتظام واطراد، وحماية حقوق وحريات سائر المواطنين غير الراغبين في التظاهر.

وأشاد التقرير في هذا السياق بدور قسم التشريع بمجلس الدولة، موضحاً أنه «ساهم بمراجعته للمشروع بالارتقاء به وسد بعض الثغرات القانونية والدستورية التي كانت لتشوبه لو صدر على النحو الذي قدم به لأول مرة، خاصة بعد إدخال تعديلات جوهرية عليه كإضافة ضمانة التسبيب للقرار الصادر من جهة الإدارة، وإلزام جهة الإدارة بإخطار مقدمي الإخطار بالقرار، وإضافة فقرة جديدة تؤكد على عدم الإخلال باختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الطعن على القرارات».


قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك