في الذكرى الخامسة لرحيله.. «هويدي» يسجل عبقرية تدمير «إيلات» - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 12:10 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

في الذكرى الخامسة لرحيله.. «هويدي» يسجل عبقرية تدمير «إيلات»

المدمرة إيلات قبل إغراقها
المدمرة إيلات قبل إغراقها
شيماء الخولي
نشر في: الجمعة 31 أكتوبر 2014 - 5:04 م | آخر تحديث: الجمعة 31 أكتوبر 2014 - 5:08 م

«كانت مصر كلها تحت وطأة عار النكسة تواصل ليلها بنهارها لإعادة البناء فما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة».. من هذه الكلمات استمد جيل حربي الاستنزاف وأكتوبر «روح الأشباح» التي حولت المدمرة الإسرائيلية «إيلات» إلى جثة هامدة.

اقرأ ايضا:

قراءة فى كتاب «أكتوبر 73 السلاح والسياسة» لهيكل: العالم على حافة مواجهة بين واشنطن وموسكو لعدم التزام إسرائيل بوقف القتال (10)

قبل خمسة أعوام من الآن، وتحديدًا في 31 أكتوبر من العام 2009، ودعت مصر اللواء أمين هويدي رئيس المخابرات العامة الأسبق وزير الحربية في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، إلا أنه قبل رحيله بثمان سنوات سجل شهادته في مقال له بصحيفة الأهرام عن كواليس تدمير المدمرة إيلات.

وزير الحربية الأسبق أمين هويدي

يبدأ هويدي مقاله في الأهرام، قائلا: «في ظهر يوم 21 أكتوبر 1967 تلقيت وأنا في مكتبي كوزير للدفاع في مبني مدينة نصر اتصالا تليفونيا من الفريق محمد فوزي القائد العام للقوات المسلحة يخبرني فيه أن أجهزة الاستطلاع لقواتنا البحرية اكتشفت أن المدمرة الإسرائيلية إيلات تتقدم جنوبا في مياهنا الاقليمية في اتجاه بورسعيد وأنه بعد مشاورة مع قائد القوات البحرية اتفقا على التصدي للمدمرة وإغراقها بواسطة قوات القاعدة البحرية في بورسعيد».

«كان الخبر سارًا واتفقنا على أن يكون مكان المدمرة (مصيدة) لقواتنا التي لابد أن تصل إلى ميدان المعركة».. بهذه الكلمات واصل وزير الحربية الأسبق حديثه عن تفاصيل تدمير «إيلات» المدمرة والميناء.

قرار صعب

يصف هويدي الأيام التي أعقبت النكسة بـ«الثقيلة السوداء»، مضيفًا: «اتخاذ قرار التصدي للمدمرة في ظروف كالتي تمر بها مصر بعد النكسة أمرا صعبا.. إذ لم يكن العامل الحاسم هو الفعل الذي تقوم به بل ورد الفعل الذي يحتمل أن يقوم به العدو».

رغم إغراءات إغراق المدمرة المتمثلة في كونها أكبر قطعة بحرية لدى العدو، وأن تدميرها يعيد للقوات المسلحة ثقتها بنفسها وسيثأر للجبهة الداخلية، وإقناع الأمة العربية بأن مصر لازالت تنبض والعالم بأن الأمر الواقع لن يفرض نفسه، وفقًا لـ«هويدي»، إلا أن «الموقف كان له جانب آخر يتعلق برد فعل العدو إذ أن إغراق المدمرة سيصيبه بخسارة مادية كبيرة خاصة في الأرواح وهذه النقطة».

وضع هويدي احتمالات رد الفعل على إغراق المدمرة أمامه، وكان أبرزها والأكثر توقعا ضرب العدو لـ«معامل التكرير بالزيتية فالغرض ثمين ذو قيمة استراتيجية كبيرة لسير الحياة والمعارك، ولذلك كان القرار سياسيًا يحتاج إلى حوار مع الرئيس، إلا أن الرئيس أمر بعدم التدخل في عمليات الإنقاذ، واتصل بوزير الداخلية واتفق معه على حشد أكبر قوة من وحدات المطافئ بالقرب من السويس لتعزيز وحدات مطافئ القوات المسلحة على أن تكون قيادة عمليات الإطفاء إذا اضطروا لها للقوات المسلحة».

الأشباح تفترس المدمرة

بالفعل نجح رجال الجيش في تنفيذ العملية باستخدام لنشي« كومر» السوفيتيين كل منهما مجهز بصاروخين سطح ـ سطح من طراز ستيكس تزن رأسه المدمرة طنا واحدًا، لتفاجئ المدمرة بأشباح صغيرة تنطلق إليها مصيبة إياها في مقتل وتم إغراقها على بعد 11 ميلا بحريا شمال شرق بورسعيد بعد الساعة الخامسة بعد ظهر يوم 21 أكتوبر 1967 بقليل»، هكذا وصف هويدي العملية، موضحا أن محاولات انتشال الأحياء والجثث بعدها اشتركت فيها عشرات الطائرات والزوارق طوال الليل.

انتصار مختلط بالقلق، هذا ما سيطر على وزير الدفاع ورجاله بعد إغراق إيلات، فهم في انتظار الضربة المضادة، وكما توقع هويدي، «ضرب العدو ضربته وكانت ضد معامل التكرير»، التي ارتفع اللهب فيها إلى عنان السماء، ليبذل رجال قوات الدفاع المدني كل الجهد لإطفاء الحرائق، فيتمكنون من إخمادها بخسائر أقل من المقدر لها بعد ما «مات منهم من مات ـ وجرح منهم من جرح».

منفذو تدمير إيلات

ميناء إيلات.. الضربة الثانية

يوم توزيع المكافآت والنياشين على رجال المطافئ الذين نجحوا في إخماد الحرائق المشتعلة بالزيتية «بشجاعة وكفاءة وافتخار» – في اجتماع خاص بإحدى قاعات مبنى القوات المسلحة- بدأ التفكير في ضربة مضادة.

«بعد بحث مستفيض كان القرار ضرب ميناء إيلات بأي ثمن، فالقتال كان دائرًا كـ(لعبة البينج بونج).. ضربات متبادلة مع الحرص الكامل على عدم التصعيد بشكل يتجاوز الإمكانيات المتاحة.. ميناء إيلات به فناطيس البترول أيضا كالزيتية وبه سفن مدنية وعسكرية وبه سكان فهو غرض مناسب بكل المقاييس»، يقول هويدي.

ويستعين هويدي في مقاله بما ذكره الفريق مدكور أبو العز – قائد القوات الجوية حينها – في جريدة الوفد بتاريخ 25 سبتمبر 1978، الذي تحدث عن إصرار القائد العام على تنفيذ عملية ضرب ميناء إيلات بواسطة القوات الجوية رغم أن النتائج المتوقعة جميعها كانت سلبية وتؤكد الفشل الذريع لكل مرحلة من مراحلها.

ويوضح الفريق مدكور أن هذا كان في اجتماع بمكتب القائد العام برئاسته وحضوره واللواء طلعت حسن علي رئيس هيئة العمليات للقوات المسلحة واللواء طيار محمود بركة رئيس عمليات القوات الجوية واللواء محمد صادق مدير المخابرات الحربية لبحث القيام بالعملية الجوية.

ولما كان قائد القوات الجوية متأكدا من النتائج الوخيمة المترتبة على ضرب ميناء إيلات، الأمر الذي جعله في موقف صعب بين عدم التنفيذ والتنفيذ، لم يشأ أن يصعد الموقف، فيقول «قمت بتنفيذ الأمر رغما عني على أن أقدم له الاعتراض كتابة والاستقالة مسببة وهذا أضعف الايمان».

وبالفعل أصدر الفريق مدكور أبو العز الأوامر إلى الوحدة المختصة للاستعداد لحين صدور الأمر بالتنفيذ.

هويدي يغير الخطة

«قبل نهاية الاجتماع دخل علينا الوزير أمين هويدي وزير الحربية وسأل عما استقر عليه الرأي فرد القائد العام بأننا قررنا تنفيذ العملية الجوية وكلفني بشرح العملية للوزير فبدأت حديثي بأنني لا أوافق علي تنفيذ العملية ولم يوافق أحد من المجتمعين عليها وأوضحت الأخطار التي نتعرض لها ونتائجها الوخيمة التي توقعتها» يقول مدكور في مقاله الذي استعان به هويدي نفسه.

«وفي هدوء يتصف به أمين هويدي شرح الظروف وانتهى إلى إرجاء تنفيذ العملية لتنفيذها بوسيلة أخرى في وقت مناسب»، فيوافق القائد العام على المقترح ويتم تأجيل العملية.

وأشار هويدي في مقاله إلى أنه تم الاتفاق على الاستعانة برجال الضفادع البشرية تحت قيادة المخابرات في عملية ضرب ميناء إيلات، وكان ميناء العقبة الأردني قاعدة للعمليات دون إخطار سلطات الأردن لعدم إحراجها، كما قرروا الاستعانة بمجهودات منظمة تحرير فلسطين إن تطلب الأمر ذلك.

بعد أسابيع نفذت العملية كما خطط لها واحترقت خزانات البترول وغرق بعض السفن والزوارق، وكان نجاح هذه العملية هو آخر خبر أنقله للرئيس جمال عبدالناصر بعد أن تقرر ـ بناء علي رغبتي ـ تركي مسئولية وزارة الحربية والاكتفاء بإشرافي علي المخابرات العامة إذ كنت أقوم بالمسئولية في وقت واحد في تلك الظروف العصيبة.

نصف القوة البحرية الإسرائيلية «تغرق»

غرقت المدمرة إيلات التي شكلت نصف قوة المدمرات في البحرية الإسرائيلية وعليها طاقمها الذي يتكون من نحو 100 فرد إضافة إلى دفعة من طلبة الكلية البحرية كانت على ظهرها في رحلة تدريبية.

تم تسجيل رقم قياسي لأن هذه هي المرة الأولى في التاريخ الذي تدمر فيه مدمرة حربية كبيرة بلنش صواريخ. وكانت تلك كارثة ليس فقط على البحرية الإسرائيلية فحسب بل على الإسرائيليين بأكملهم، وعلى الجانب الآخر فان البحرية المصرية والشعب المصري بأكمله الذي ذاق مرارة الهزيمة في 5 يونيو من نفس العام ارتفعت معنوياته كثيرًا.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك