جسر الخالدين

محمود قاسم
محمود قاسم

آخر تحديث: الجمعة 1 يناير 2021 - 7:55 م بتوقيت القاهرة

أكتب اليوم هذا المقال تحية لمخرج لم أستسغ أبدا رحلته، ولم أتمكن من تذوق أفلامه، وهو رجل يثير الحيرة بشدة بمسيرته الطويلة التى مشاها كممثل وكاتب سيناريو ومخرج، إنه محمود إسماعيل الذى كان مفتعلا فى أدائه فى جميع الأدوار التى جسدها، ولعلنا نذكر له دور الشاب الأرعن الشرير فى فيلم «طاقية الاخفاء» الذى أخرجه نيازى مصطفى، لقد مارس الرجل التأليف وفى مرحلة من حياته أعجب جدا بنوذج المعلم سلطان، مهرب المخدرات الذى يأمل فى الزواج من فتاه شعبية جميلة، وذلك فى فيلم «سمارة» وقد كان مؤلفا إذاعيا وهو أول من فكر فى أن يحول مسلسل إذاعى ناجح إلى كتاب، وذلك فى «توحة» من تأليفه وهو المسلسل الذى قدمه مستفيدا كثيرا من نجاح «سمارة» وهو أيضا صاحب مسلسل وفيلم «بنت الحتة» الذى صنع ظاهرة يمكن تسميتها بالهمبكة، ومن أدواره المتكررة دور المعلم فى «زنوبة».

هذا الممثل المتعدد المواهب عاش مرحلة إبداعية فنية غريبة من حياته فى فترة بعينها، ويبدو كأنه انسلخ من الممثل الذى نعرفه ليعمل مؤلفا ومخرجا ومنتجا فى أفلام لم يقترب فيها من التمثيل، والغريب أنه قدم موضوعات غير تقليدية بالنسبة له، والأغرب أنها كانت مرحلة عابرة وقصيرة الأمد ثم عاد فى فيلم «بنت الحتة» كأنه يعود إلى الرجل القديم الذى نعرفه، وما لبث أن اختقى وقيل إنه دخل السجن لفترة طويلة، الأفلام التى أخرجها محمود إسماعيل فى الفترة بين عام 1957 و1961 مختلفة تماما ينطبق عليها أن محمود إسماعيل صانع سينما، فهو المنتج والمؤلف والمخرج، وغاب عن التمثيل، والموضوعات هنا قد لا تناسبه كمخرج، كلها أفلام جيدة على الأقل فى الموضوعات، وهناك استثناء واحد فقط فى فيلم «الطاهرة» من إخراجه وبطولته المطلقة أمام مريم فخر الدين، وكى نؤكد أهمية النص فهو مشابه لفيلم «كرسى الاعتراف» ليوسف وهبى 1949، كما أن ألفريد هيتشكوك أخرج نفس القصة عام 1951 باسم «إنى أتهم» والنصوص الثلاثة عن نص فرنسى حول مسئولية رجل دين يحتفظ بسر الشخص الذى اعترف له بأمر جلل، وهذا الشخص يصير متهما، والوحيد الذى يعرف السر هو رجل الدين، كان هذا الفيلم عملا يخص محمود إسماعيل، الذى اتجه بعد ذلك لإخراج اأفلام من طراز.

(جسر الخالدين) بطولة كل من: شكرى سرحان وعماد حمدى، وهما النجمان اللذان قاما ببطولة فيلم آخر له هو طريق الأبطال، بالإضافة إلى ليلى فوزى وسميرة أحمد وسميحة أيوب أى إن كل هؤلاء لا يتناسبون مع النوع الذى اعتاد أن يقدمه، بل إضافة إلى الموضوع نفسه فقد دخل إلى عالم الفن التشكيلى وهو موضوع لم تقترب السينما منه من قبل أو بعد فنحن أمام فنان تشكيلى أقرب إلى الفرنسى موديليانى فى حياته المتحررة الضائعة وفى الأماكن الفقيرة التى يسكن بها وبالتالى فهو محاط بمجموعة مختلفة من النساء حيث يتم تبادل الحب معهن، ومن هؤلاء النساء جارته التى أصابها العمى بسببه فكانت محور ندمه، ومنهن سيدة البار التى تركت كل الرجال من أجله ثم المرأة الراقية التى يقع فى هواها لكنها تحب صديقه المحامى.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved