بابا.. يعنى إيه رياضة؟

حسن المستكاوي
حسن المستكاوي

آخر تحديث: الأربعاء 1 فبراير 2012 - 9:10 ص بتوقيت القاهرة

●● عندما يكون النص واضحا ومفهوما، يؤسفك ألا يكون استقباله بنفس الوضوح، ولست مع الفوضى ولا البلطجة، ولا مع هذا الاختراق اليومى للقانون والنظام العام فى ملاعب كرة القدم، ومع ذلك لم يكن الزمالك يستحق العقاب بسبب مشجعه أحمد عبدالموجود، «احمد أنبوبة» الذى اقتحم أرض الملعب لظروفه الخاصة (وظروفه الخاصة مفهومه للجميع حسب ظنى).. ونحن الآن نضع يدنا على قلوبنا قبل كل مباراة، وحين يناشد إبراهيم حسن جماهير بورسعيد أن تحسن استقبال جمهور الأهلى فهذا سلوك مسئول من جانب إبراهيم. وكل لاعب نجم بالفريقين عليه القدر نفسه من المسئولية أثناء المباراة وبعدها وقبلها مهما تكن نتيجتها؟.

 

●● إن كرة القدم وسلوك جماهيرها يكون مشهودا بصوره الحية المباشرة للملايين عبر شاشات التليفزيون، ولذلك يترك العنف والخروج على القانون والنظام آثاره السلبية المفزعة عند عامة الناس، فيكرهون اللعبة وجماهيرها وأنديتها ويطالبون بإلغاء مسابقاتها وإيقاف نشاطها، خاصة أن تلك المباريات تستهلك جهودا أمنية فائقة، تهدر من وقت الأمن وجهده فى متابعة المجرمين الذين يقتلون ويروعون الناس، ويقتحمون البنوك كأننا فى شارع التسعين بشيكاغو.. وعندما يلغى نشاط كرة القدم، ثم يوقف كل نشاط يشهد تجمعا من الناس، ستكون الآثار مدمرة على المجتمع الذى يحاول الخروج من عنق الزجاجة؟.

 

●● جماهير الأندية عليها مسئولية، وكذلك أهل الإعلام الذين رأوا فى سلوك أنبوبة مايستحق العقاب، فهم ــ لامؤاخذة ــ يستحق بعضهم حسابا أكبر وأعنف لأنهم يشيعون الكراهية والتعصب بصور متعددة، ولعل القانون يطبق بقوة وبقسوة على كل إعلامى يستخدم برنامجه فى شحن المشاهدين والمشجعين بالتعصب وبالعنف وبالتحريض الخبيث والملتوى، وبكلمات وألفاظ تعد سبا وقذفا، وكذلك بشغل مساحات فى موضوعات وخلافات ومعارك شخصية، وهى مساحات مخصصة أصلا للرياضة وللمشاهد، والنكتة أن هؤلاء حين ينتهون من مباريات السب والقذف، يتوجهون إلى النصح والإرشاد والحديث عن الأخلاق التى يقتلونها يوميا.. ماهذا الانفصام؟.

 

●● أعتقد أن الوقت المستهلك والمهدر فى الخلافات والنزاعات على الشاشات يعود إلى عدم القدرة على شغل المساحة الزمنية الطويلة بالرياضة الحقيقية، ومنها عشرات المباريات والبطولات فى مختلف اللعبات، ومنها أخيرا هذا المستوى الرائع الذى قدمه الصربى نوفاك ديكوفيتش والإسبانى رافايل نادال فى المباراة النهائية لبطولة استراليا للتنس، وكانت اطول مباراة فى تاريخ بطولات الجراند سلام، حيث استمرت 5 ساعات و53 دقيقة. وكانت أطول مباراة سابقة بين الامريكى ايفان ليندل والسويدى ماتس فيلاندر فى فلاشينج ميدوز الامريكية عام 1988و استمرت 4 ساعات و54 دقيقة.. وقد تميزت مباراة ديكوفيتش ونادال بالتنوع فبدأت براليات افتقدها عالم التنس منذ سنوات، ثم شهدت حرب كسر الإرسال بين الطرفين، والكرات الجانبية والقصيرة.. وكانت تلك لوحة رياضية على أى حال، وبمرور الوقت سوف يسألك ابنك حين يكبر: «بابا.. يعنى إيه رياضة»؟ لأنه لا يراها ولا يعرفها فى ملاعبنا.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved