صهاينة عرب.. وعرب صهاينة

محمد سعد عبدالحفيظ
محمد سعد عبدالحفيظ

آخر تحديث: السبت 1 فبراير 2020 - 11:15 م بتوقيت القاهرة

بنظرة سريعة على ما نشرته الصحافة الغربية عما تسمى «صفقة القرن» التى أعلنها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الأسبوع الماضى باعتبارها حلا للنزاع (الإسرئيلى الفلسطينى)، ومقارنته بما نشر فى الميديا العربية من تقارير ومقالات وتحليلات، يكتشف المتلقى أن تلك الصحف التى دأب بعضنا على اتهامها بالانحياز للعدو الصهيونى، أكثر عروبة من معظم وسائل الإعلام العربية.
فى السطور القادمة أعرض للقراء بعضا مما أبرزته تلك الصحف من آراء وتحليلات ومواقف، واترك لهم المقارنة بين ما طالعوه فى وسائل الاعلام العربية خلال الأيام الماضية وما نشرته تلك الصحف «العميلة»، ولهم فى النهاية إصدار الحكم.
معظم الصحف الغربية أبرزت وصف الرئيس الرئيس الأمريكى الأسبق جيمى كارتر لتلك الصفقة بأنها «انتهاك للقانون الدولى المتعلق بتقرير المصير، وحيازة اراض بالقوة وضم مناطق محتلة، وتقويض لفرص السلام العادل بين الاسرائيليين والفلسطينيين».
ودعا كارتر الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة إلى «الالتزام بقرارات مجلس الأمن الدولى ورفض أى تطبيق إسرائيلى أحادى الجانب للمقترح، بانتزاع مزيد من الأراضى الفلسطينية».
أما الكاتب الأمريكى اليهودى توماس فريدمان فوصف خطة ترامب فى مقاله بجريدة «نيويورك تايمز» بأنها «حيلة القرن»، معتبرا أنها ليست خطة سلام، بل حيلة لإنقاذ زعيميْن فاسدين، متسائلا: «هل أصبح ترامب رجل نتنياهو الأحمق؟».
وتساءل فريدمان فى مقاله: هل هذه خطة حل الدولتين لشعبيْن أم أنها خدعة لتحويل الأنظار عن فساد الرجليْن؟. وقال إن الخيار الثانى هو الأصح، ذلك أن الرئيس الأمريكى ورئيس الوزراء الإسرائيلى يواجهان اتهامات تهدد حياتهما السياسية. فترامب متهم بعرقلة سير العدالة وإساءة استخدام السلطة، أما نتنياهو فقد وجهت له فى نفس يوم الإعلان عن الخطة اتهامات تشمل التزوير والرشوة وخيانة الأمانة. وكلاهما يشعران بحاجة ماسة لتغيير الموضوع وحشد قاعدتهما الانتخابية المشتركة من اليمين المتطرف والإنجيليين.
واعتبر فريدمان أن ترامب منح الحق لرئيس وزراء إسرائيل بقضم أراض من الضفة الغربية، مؤكدا أن ما جرى «مهزلة» أقنع فيها زعيم فاسد كل همه النجاة من السجن، زعيما آخر أكثر فسادا كل همه لفت الأنظار عما يجرى من محاولات عزله، متوقعا أن تنضم تلك الصفقة التى قدمها ترامب إلى مكتبة خطط السلام الفاشلة على مدى قرن أو يزيد.
أما جريدة الجارديان البريطانية فوصفت «خطة ترامب للسلام فى الشرق الأوسط» بأنها احتيال وليست صفقة، وأشارت إلى أن ترامب ونتنياهو يساعدان نفسيهما لا عملية السلام، مضيفة أن الخطة تعتمد بشكل غريب على قبول الفلسطينيين دولة بالاسم فقط، «الخطة قلصت حجم الدولة الفلسطينية وشوهتها بحيث لم يعد لها فرصة للوجود».
ونشرت «الإندبندنت» البريطانية مقالا لنائبة مدير حركة (يشاد) اليهودية البريطانية المناصرة لحل الدولتين مايا إيلانى تقول فيه إن «الخطة بالاسم فقط تؤيد مبدأ حل الدولتين لكن فى الواقع فإن أغلب المحللين المحافظين يؤكدون أنها أفضل خطة سلام كان يمكن أن تحلم بها إسرائيل».
وأضافت إيلانى أن الخطة «لا تشكل خريطة طريق للسلام إنما وسيلة إلهاء وصرف انتباه مثالية لخدمة رئيس أمريكى يواجه محاكمة برلمانية بهدف عزله ورئيس وزراء لإسرائيل يواجه اتهامات خطيرة بالفساد».
أما «الديلى تليجراف» فنشرت تقريرا لمراسلها راف سانشيز بعنوان «الفلسطينيون معزولون دبلوماسيا وسط دول عربية مرحبة بخطة ترامب».
ويقول سانشيز إن «الفلسطينيين وجدوا أنفسهم فى عزلة دبلوماسية بعد الإعلان عن صفقة ترامب للسلام وسط صمت من الدول العربية والأوروبية حيث لم تعارض أى دولة اقتراح ترامب الذى يمنح إسرائيل الحق فى ضم مناطق كبيرة من الضفة الغربية المحتلة».
ويضيف: «هذا الصمت سيجعل الفلسطينيين يواجهون التصرفات التوسعية الإسرائيلية بمفردهم خلال الأسابيع المقبلة وهو ما سوف يغير شكل الحدود فى المنطقة لصالح إسرائيل».
هذا غيض من فيض مما نشرته الصحافة «العميلة المأجورة» في الخارج عن قضية اعتبرناها لعقود «قضية العرب الأولى».. انتقادات وهجوم وسخرية من صديقى العرب ترامب ونتينياهو، فيما ضبطت معظم وسائل الإعلام العربية بوصلتها على توجهات أنظمتها التى عبرت عنها بيانات مستنسخة ترحب بـ«خطة ترامب» وتدعو الفلسطينيين إلى دراسة بنودها.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved