المؤسسة البحثية التي تقف وراء ترامب

العالم يفكر
العالم يفكر

آخر تحديث: الأربعاء 1 مارس 2017 - 11:30 م بتوقيت القاهرة

نشرت مجلة The New Republic الأمريكية مقالا لـ«أليكس شيفارد» ــ الكاتب والمحرر بقسم الأخبار ــ حول قيام أحد بيوت التفكير الأمريكية بدعم ترامب والوقوف بجانبه وبخاصة فيما يتخذه من قرارات وسياسات، إضافة إلى الدور الذى تقوم به عموما فى عملية صنع القرار داخل الحياة الأمريكية، وحتى قبل ظهور ترامب على الساحة السياسية.

يستهل «شيفارد» المقال بالإشارة إلى أن ما تم الوصول إليه ــ وصول ترامب لسدة الرئاسة الأمريكية ــ كان يبدو للكثيرين أنه بعيد المنال، ذلك قبل تحققه بالفعل، وبخاصة مع تصرفات ترامب التى لم تلق رضاء الكثيرين، فضلا عن اعتماده على التبجح إزاء الآخرين والتصريحات الصادمة فيما يتعلق بعدد من أفكاره والسياسات التى ينوى تنفيذها عندما يصل للبيت الأبيض. واقع الأمر أن الإدارة الجديدة انتهجت أجندة التيار اليمينى والتى ترتكز بشكل كبير على لائحة طويلة من الأفكار المحافظة؛ مثل العمل على إلغاء نظام أوباما للرعاية الصحية، إعادة النظر فى عدد من اللوائح الحكومية، تشديد قوانين الهجرة،...إلخ.

***
على صعيد آخر وفيما يتعلق بمن مدوا يد العون لترامب؛ فتقريبا لا يوجد من ساهم فى مساعدة الرئيس الجديد لتنفيذ أجندته ورؤياه بقدر ما فعلت مؤسسة التراث The Heritage Foundation إحدى بيوت التفكير الأمريكية المحافظة ــ التى قد استضافت الاحتفال الذى ألقى خلاله مايك بنس، نائب الرئيس الأمريكى الجديد ــ كلمته احتفالا بذلك النصر العظيم. جدير بالذكر أنه خلال ذلك الاحتفال صرح رئيس المؤسسة «جيم ديمينت» بأنه يحاول ألا يصيبه الارتباك خلال ذلك اليوم من شدة سعادته وحماسه بما حدث.

يضيف الكاتب بأنه قد أصبح هناك ما يشبه التحالف فيما بين ترامب ومؤسسة التراث حتى بات ذلك التحالف واحدا من أهم التطورات التى حدثت وتبلورت خلال موسم الانتخابات، رغم أنه قبل عام من الآن لم يكن ذلك الدعم والتوافق موجودا، حيث كانت ترفض المؤسسة تصريحاته وسياساته، أما الآن فقد بات موقفهم المؤيد حاضرا فى جميع السياسات التى يصدرها أو يتبناها الرئيس الجديد، وذلك بداية برنامجه وصولا إلى مراسم تنصيبه رسميا رئيسا للبلاد.

فى السياق ذاته تقول المؤسسة الصحفية الأمريكية بوليتيكو «politico» إن أعدادا كبيرة ممن يعملون لدى مؤسسة التراث قد باتوا بمثابة فريق متنقل كالظل وراء ترامب، إضافة إلى أن ترامب يعمل دوما على التأكد من أن العاملين بالمؤسسة متوافقون مع من سيقوم بتعيينهم فى إدارته. إضافة لذلك فخلال احتفالية عقدت بمؤسسة التراث ــ عقب فترة وجيزة من انتهاء الانتخابات الرئاسية الأمريكية، تحدث «جون يو» ــ الكاتب والمؤلف الأمريكى ــ عن التأثير الذى باتت تتمتع به المؤسسة، كما سخر من التقارب الشديد الذى بات ملحوظا للجميع فيما بين ترامب والمؤسسة؛ حيث قال بأنه قد أخبر سائق السيارة الأجرة التى أقلته بأن تذهب به إلى مقر ترامب ولكن السائق قد أتى به إلى هنا، كما أنه تفاجأ بوجود عدد كبير من العاملين بالمؤسسة؛ حيث كان يعتقد بأن كل من فى المؤسسة يعملون مع ترامب!

إن الشراكة الموجودة بين ترامب ومؤسسة التراث بمثابة عودة لبيوت التفكير المحافظة إلى الصدارة والساحة مرة أخرى. جدير بالذكر أن المؤسسة قد تم تأسيسها خلال عام 1973 من قبل «باولو يريتش» و«إدوين فيولنير»، كما أن عددا من الجمهوريين بالمؤسسة قد رفضوا قديما أن يتدخلوا فى ألاعيب السياسة وألا يضعوا أيديهم بمن يعرفون بالأعمال الفاسدة والملتوية. لقد كانت المؤسسة رائدة بمسلك جديد انتهجته؛ حيث أصبحت معنية بالدعوة إلى التيار اليمينى وذلك فى الوقت الذى شهد وجود أعداد كبير من الجهات البحثية غير معنية بالأحزاب أو التيارات السياسية عموما.

***
يوضح «شيفارد» أنه فى أوقات كثيرة كان عدد كبير من الأفكار التى تنفذ فى عدد من السياسات والمشروعات الأمريكية يعود إلى مؤسسة التراث وما تقوم به من أوراق بحثية ومؤلفات أو ملخصات لأحد المؤلفات تقوم بإعدادها. فمثلا فى يناير 1981 أطلقت المؤسسة ملخصا لأحد المؤلفات الضخمة التى ضمت عددا من التوصيات والسياسات ــ وصل عددها إلى أكثر من ألفى سياسة وتوصية، وقد شملت تقريبا جميع شئون وأمور الحكومة الفيدرالية، وقد استعرض رونالد ريجان نسخة من ذلك الملخص فى أول اجتماع لحكومته. ليس ذلك فحسب بل إن حوالى 60% من الأفكار التى صدرت عن المؤسسة ــ بداية من سياسات الضرائب وصولا إلى الصواريخ والدفاع ــ قد اعتمدتها الحكومة خلال السنة الأولى فقط من إدارة ريجان. نتيجة لذلك ففى وقت لاحق قام ريجان بتوجيه الشكر إلى مؤسسة التراث؛ حيث أرجع لهم الفضل فى نجاح فترة رئاسته.
إضافة إلى ذلك فقد ساهمت المؤسسة كثيرا فى حقل السياسة الخارجية عهد جورج بوش، وكذلك إصلاح نظام الرعاية الاجتماعية فى عهد بيل كلينتون.

لكن خلال عهد جورج دبليو بوش بدأ تأثير المؤسسة يختفى، ذلك على عكس فترة والده، فبوش الأب فضَّل أفكار المحافظين الجدد، وبخاصة للمشروعات التى تعلقت بقرن أمريكا الجديد ومعهد المشروع الوطنى الأمريكيNew American Century and the American Enterprise Institute. على الرغم من أن عددا غير قليل من العاملين السابقين بمؤسسة التراث قد عمل لدى بوش، إلا أن المؤسسة فيما بعد قد عارضت بعض سياسات بوش بداعى أنها محافظة بما فيه الكفاية.

***

يختتم الكاتب بالتأكيد على أن مؤسسة التراث قد استعادت مكانتها بالبيت الأبيض، بل ومن المتوقع وبخاصة خلال السنوات الأربع المقبلة أن تلعب دورا كبيرا بالسياسة المحلية الأمريكية، وبخاصة فى الدوائر الحكومية. أخيرا فيما يتعلق بالضغط من أجل رفع القيود الحكومية وتخفيض الضرائب على الأغنياء فمن المتوقع أن المؤسسة ستعمل على زيادة نفوذها فى هذه المجالات نيابة عن الجهات المانحة لها – الذين يصنفون بين المواطنين الأمريكيين بالأكثر ثراء، لكن تؤكد المؤسسة والقائمين عليها بأنهم لا يرغبون بالشهرة ولفت الانتباه أو تحقيق المكاسب المادية، بل يريدون العمل من أجل ازدهار البلاد من خلال عدد من الأفكار والرؤى وبخاصة فى حقل السياسة.

النص الأصلى 

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved