التقارب الصينى الخليجى.. ورد الفعل الأمريكى

مواقع عالمية
مواقع عالمية

آخر تحديث: الخميس 1 أبريل 2021 - 9:20 م بتوقيت القاهرة

نشر موقع Responsible Statecraft مقالا للكاتب عرفات كبير، تناول فيه أسباب توجه الصين لمنطقة الخليج العربى وإقامة شراكات استراتيجية هناك، ذاكرا أهم الأسباب الدافعة لهذا التوجه سواء من جانب الصين أو دول الخليج... نعرض منه ما يلى:

عادةً ما يتم التعامل مع منطقة الخليج العربى وبقية آسيا على أنهما كيانان جغرافيان منفصلان على الرغم من حقيقة أنهما ينتميان إلى نفس القارة ويشتركان فى روابط تاريخية، بجانب وجود مناقشات تتم بينهما وتدور بشكل أساسى حول النفط والتحويلات المالية التى يرسلها العمال المهاجرون.

لكن هذا التفكير التقليدى فشل بشكل كبير فى تقدير المصالح الاستراتيجية المتداخلة بين الخليج وآسيا. فخلافًا للتقاليد، يتناول المجلد الجديد المحرر بعنوان «محور الخليج العربى نحو آسيا: من المعاملات إلى الشراكات الاستراتيجية» هذا الموضوع. وحجة المجلد بسيطة ولكنها بعيدة المدى: يمكن للرابطة الخليجية الآسيوية تغيير البنية الإقليمية التى لطالما استفادت منها الولايات المتحدة، وبالتالى يستحق الأمر مشاركة أكبر من صانعى السياسة.

قبل أسبوعين تقريبا استضاف معهد دول الخليج العربى لجنة ضمت محرر المجلد المذكور أعلاه إلى جانب ثلاثة مؤلفين مساهمين. ناقش الأربعة كتابهم فى سياق التطورات الأخيرة فى السياسة العالمية. ومن بين الموضوعات التى تم تناولها، توجه إدارة بايدن نحو تشكيل كتلة دفاعية مع أستراليا واليابان والهند ــ والمعروفة باسم «الرباعية» ــ لمواجهة نفوذ الصين فى ما يسمى منطقة «المحيطين الهندى والهادئ».

من ضمن الموضوعات الأخرى التى ناقشوها هو الاستقلال الاستراتيجى للبلدان الخليجية. وموضوع آخر أطلق عليه ستيف تسانج، مدير معهد الصين فى مدرسة لندن للدراسات الشرقية والإفريقية (SOAS)، «الفصل الانتقائى» بين الولايات المتحدة والصين.

بالنسبة للاستقلال الاستراتيجى للبلدان الخليجية: ربما تكون واشنطن قد بالغت فى تقدير الدعم الذى تأمل فى الحصول عليه من دول الخليج فى المنافسة الاستراتيجية الشاملة بينها وبين الصين. وعلى الرغم من أن التورط فى صراعات المنطقة ساعد صناعة الدفاع الأمريكية، لكنها بالكاد حسنت مصداقية الولايات المتحدة بين الجهات الفاعلة الرئيسية فى الصراعات، الذين بدورهم يحاولون الخروج من حلقة الصراع المفرغة هذه وشق طريق جديد نحو الازدهار. كما أنهم يتصارعون مع حقيقة أن الاقتصادات الرئيسية تتجه نحو الطاقة المتجددة وليس النفط.

ومن ثم، فإن دول الخليج بحاجة إلى مشترين موثوقين لصادراتها الرئيسية بالإضافة إلى شركاء تجاريين. والصين تحقق الغرضين، حيث تعد الآن أكبر مستورد للنفط الخام. إنها تشترى ما بين 44 إلى 56 فى المائة من إمداداتها السنوية من الشرق الأوسط. كما تشير التقديرات إلى أن الصين ستستمر فى امتلاك شهية قوية للنفط، مما يجعلها زبونًا مربحًا للغاية لا يمكن أن تخسره دول الخليج.

وفى الوقت نفسه، قامت الصين أيضًا بتوسيع استثماراتها فى الخليج بشكل كبير. وهى أيضًا دولة آسيوية كبرى من أربع دول، إلى جانب اليابان والهند وكوريا الجنوبية، تعد تجارتها مع دول مجلس التعاون الخليجى أكبر من تجارتها مع الولايات المتحدة أو أوروبا. وبالتالى تكون شراكتهم واقعا مربحا. لذلك، ليس من الصعب تخيل أن دول الخليج تريد الحفاظ على استقلالها الاستراتيجى عندما يتعلق الأمر بالتجارة والاستثمار، ويجب على الولايات المتحدة قبول هذا التطور.

أما الموضوع الثانى الذى تم مناقشته: «الفصل الانتقائى» بين الولايات المتحدة والصين. ففى الحقيقة، ليست دول الخليج وحدها من تتمسك بشدة بفكرة الاستقلال الاستراتيجى. فالصين تتمسك أيضًا بالفكرة، الأمر الذى يؤدى بدوره إلى انفصالها الاستراتيجى عن الولايات المتحدة. ويتجلى ذلك فى اعتماد الصين على الذات فى قطاعات محددة، كما هو موضح فى حملة شى جين بينج «صنع فى الصين 2025».

لذلك، على افتراض أن الصين سترغب فى القيام بأعمال تجارية بطريقتها. فمن المحتمل أن يوجد عالم مقسم بين كتلتين. ومع ذلك، هذا لا يعد انعكاسًا للعولمة، مما يعنى أنه ستظل هناك طرق يمكن للولايات المتحدة والصين أن تتعاون فيها. لكن قول ذلك أسهل من فعله بالنظر إلى الخطاب المتصاعد ضد الصين الذى ورثته إدارة بايدن عن سابقتها. وإذا استمر هذا الاتجاه، فإن التنافس بين الولايات المتحدة والصين سيتشكل ليكون منافسة محصلتها صفر شبيهة بالحرب الباردة، وهى ليست نتيجة سارة للعالم.

لذلك منعا لهذه النتيجة، يجب على الولايات المتحدة اتخاذ طريق آخر غير طريق المواجهة وإعادة توجيه أصولها الدبلوماسية فى تحديث النظام القديم. وبالنظر إلى أن انعدام الثقة بين البلدين يرجع سببه إلى عدم معرفة نواياهما العسكرية، سيكون من الحكمة بالنسبة لهما القيام بمشاريع بناء الثقة. وأحد مجالات التعاون الواضحة هو تقاسم المسئولية عن حماية المصالح المشتركة. مثلا، تحظى خطوط الاتصال البحرية الآمنة باهتمام كل من الولايات المتحدة والصين، ولا يوجد سبب يدعو الولايات المتحدة إلى إنفاق مواردها عليها دون قيد أو شرط عندما تكون الصين قادرة على تحمل بعض الأعباء.

لتوضيح هذه النقطة أكثر، وفقًا لوكالة أنباء شينخوا، منذ عام 2008، قامت البحرية التابعة لجيش التحرير الشعبى، التى تعمل قبالة خليج عدن، بمرافقة 51 بالمائة من السفن التجارية الأجنبية. ووفقا لتقديرات مختلفة، الصين قادرة على توسيع وجودها من خلال إرسال حوالى 18 سفينة حربية للقيام بدوريات فى منطقة المحيط الهندى. إذن من خلال الجمع بين التخطيط الدقيق والتنسيق يمكن للولايات المتحدة والصين تحقيق أهدافهما المشتركة مع تعزيز الثقة المتبادلة.

فى النهاية، سيكون التعاون مع الصين وعدم إجبار شركائها التجاريين الخليجيين على الانحياز إلى جانب فى التنافس بين الولايات المتحدة والصين هو أفضل رهان استراتيجى للولايات المتحدة على المدى الطويل. باختصار وبعد كل ما ذكر، كلما اقترب الخليج وآسيا، كان ذلك أفضل لشعوب المنطقتين، وانخفضت التكاليف التى تتحملها الولايات المتحدة.

إعداد: ياسمين عبداللطيف زرد

النص الأصلى

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved