حقوق الإنسان ومشاركة المجتمع المدني

جورج إسحق
جورج إسحق

آخر تحديث: الجمعة 1 أبريل 2022 - 9:40 م بتوقيت القاهرة

أولا لا يستطيع أحد أن ينكر ما قام به المجلس القومى لحقوق الإنسان برئاسة الأستاذ محمد فايق؛ فمنذ أن تم تشكيل المجلس الجديد فى يناير 2022 والمجلس فى حالة حراك لا يستطيع أحد إنكارها. تم تكوين اللجان التى تشمل جميع مناحى الحياة؛ فهناك لجنة الحقوق المدنية والسياسية، ولجنة الحقوق الاقتصادية، واللجنة التشريعية، ولجنة نشر ثقافة حقوق الإنسان.. حقوق الإنسان لا تنشغل فقط بالحقوق المدنية والسياسية ولكن منشغلة بكل الحقوق.

انتعشت الآمال فى تحقيق حقوق الإنسان فى جميع المجالات منذ أن صدرت وثيقة استراتيجية حقوق الإنسان. مرت حقوق الإنسان فى مصر بمراحل كثيرة؛ برغم إنجازات ثورة 23 يوليو إلا أنه كان ينقصها حرية الرأى والتعبير، وزاد الحصار على حرية التعبير منذ هزيمة 1967. ومن أشهر حوادث التعذيب فى عهد مبارك حادثة خالد سعيد وحادثة سيد بلال، وفتح المجلس العسكرى تعرُض المدنيين للمحاكمات العسكرية. 

جاءت مصر متأخرة بين دول العالم فى مؤشرات حرية الصحافة، فترتيبها 166 من 180؛ فحجبت مواقع على الإنترنت، وتم القبض على ثمانية من المذيعين والعاملين فى مقر قناة مصر 25 فى سنة 2013، وفى أغسطس 2020 دعا كتاب مشهورون وفنانو هوليوود الحكومة المصرية بالإفراج عن الناشطة المعروفة سناء سيف والسجناء السياسيين الآخرين، وقع على الرسالة أكثر من 200 شخصية بينهم الممثلون المشهورون «دانى جلوفر» و«ماجى جيلنهال» و«ثاندى نيوتن» والكتاب البارزون مثل «جيه إم كوتزى» و«نعوم تشومسكى»، لكن هذا التدخل الخارجي ــ مع احترامى لكل من وقع ــ يتطلب أن نرد على كل الاتهامات وعدم تجاهلها.

مازال هناك تمييز ضد الأقباط رغم إعلان الرئيس حرية المعتقد، ولكنه خف كثيرا بعد أن تقلد الأقباط مناصب قيادية كمحافظين ونواب محافظين. أخفقت السلطات فى حماية الأقباط وأدى فرض جلسات صلح مع جيرانهم المسلمين إلى حرمانهم من حقوقهم والسماح لمن اعتدى عليهم بالإفلات من العقاب. بل وفى بعض الحالات أجبر بعض المسيحيين على ترك بيوتهم وقراهم.

فى وقتنا الحالى، زاد قمع المعارضة باعتقالات واسعة للناشطين السياسيين ومحاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية، وأعطى قانون الصحافة الجديد الحق فى متابعة الموقع الشخصى أو المدونة الشخصية. 

• • •

تعد المنظمة المصرية لحقوق الإنسان من أوائل المنظمات التى تم تأسيسها (أسست عام 1985)، وكذلك تم تشكيل مؤسسة المرأة الجديدة سنة 1991، ومركز النديم 1995، كما تم تأسيس جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء ومركز هشام مبارك لحقوق الإنسان سنة 1999، بالإضافة إلى مؤسسة حرية الفكر والتعبير.

كل هذا الذى نذكره فى تاريخ حقوق الإنسان فى مصر كان نتيجة التوجه الذى اتخذته لجنة الحقوق المدنية والسياسية بإشراك منظمات المجتمع المدنى فى لقاءات حوارية هامة؛ كانت أول جلسة مع منظمات المجتمع المدنى شديدة الثراء والشفافية، وانتهت بوضع خطة عمل بالتعاون مع منظمات المجتمع المدنى لفك هذا الاشتباك. 

تمت جلسة أخرى بالحوار مع الأحزاب السياسية وستعقد اللجنة حوارا مع بعض الأشخاص المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعى بكل أشكالها وأطيافها، هذا جهد يجب أن يقدر؛ لأنه يفتح الأبواب لمنظمات المجتمع المدنى لأن تعبر عن رأيها بشكل واضح، وتفعيل الاتفاقيات الدولية التى تتعلق بالمرأة والطفل وذوى الإعاقة، فالدستور نص على الاهتمام بحقوق الإنسان.

وفى مؤتمر آخر، قالت وزيرة التضامن الاجتماعى نيفين القباج إن حقوق الإنسان ليست مجرد خطاب ولكن المؤشر هو مدى ترسخ هذه الحقوق على أرض الواقع.. ومن أهم ما قيل فى هذا المؤتمر أن هناك برنامجا لأكثر من مائة ألف شاب لتدريبهم على خدمة المجتمع، كما تحدث المؤتمر عن ضرورة رد الحكومة على كل الاتهامات الخارجية وليس تجاهلها أو التقليل منها.. ذكر فى المؤتمر أن الدولة تعهدت بحرية إنشاء الأحزاب وهذا غير صحيح، وهذه النقطة بالذات تستلزم تغيير قانون الانتخاب وهذا ما تم طرحه فى اللقاء بين المجلس القومى الحالى والأحزاب الموجودة فى الساحة، وكذلك يجب إعادة النظر فى قانون ونشاط الجمعيات الأهلية.

أوضحوا أيضا فى هذا اللقاء أن المواطنة لا تقتصر على الحقوق السياسية فقط بل تشمل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وهذا ما قامت به لجنة الحقوق المدنية والسياسية فى الاجتماع الذى عقد بين الأحزاب والمجلس القومى لحقوق الإنسان.

• • •

مع الأسف الشديد هذه المؤتمرات لم تتحدث عن الإفراج عن المتهمين بتهم ملفقة أو قانون الحبس الاحتياطى وتعديل قانون الإجراءات الجنائية وقضية تدوير القضايا لإبقاء هؤلاء المتهمين فى السجون، وأيضا تعديل قانون الأحزاب السياسية وقانون الجمعيات الأهلية.

 كل هذه القضايا مطلوب بحثها إلى جانب ما تم الحديث عنه فى المؤتمرات..

إن قضية حقوق الإنسان أصبحت تشغل العالم كله؛ ويجب ألا يقتصر الحديث فى مصر عن قضايا حقوق الإنسان على الإشادة فقط؛ لأن هناك قضايا لم يتم التطرق إليها ولا يمكن إنكارها. وسينشر المجلس القومى لحقوق الإنسان نتائج ما توصلنا إليه للعمل على حل الكثير من قضايا حقوق الإنسان.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved