كيف تجذب مصر استثمارات «نقل البيانات»؟

أشرف البربرى
أشرف البربرى

آخر تحديث: الأربعاء 1 مايو 2019 - 11:10 م بتوقيت القاهرة

فى كلمته أمام منتدى مبادرة «الحزام والطريق» الذى استضافته العاصمة الصينية بكين مطلع الأسبوع الحالى تحدث الرئيس عبدالفتاح السيسى عن سعى مصر لأن تصبح مركزا إقليميا ودوليا لنقل وتداول البيانات للاستفادة من موقعها الجغرافى المتميز بين قارات العالم.

لا شك أن تحول مصر إلى مركز إقليمى لنقل البيانات بين مختلف مناطق العالم، يفتح بابا واسعا أمام تدفقات مالية هائلة، فى ظل النمو المتسارع لسوق نقل البيانات فى العالم، مع دخول البشرية عصر الجيل الخامس للاتصالات والذى يعتمد بشكل أساسى على نقل كميات هائلة من البيانات بسرعات عالية.

ووصف وزير الاتصالات السعودى عبدالله بن عامر السواحة، نشاط نقل وتداول البيانات بأنه «البترول الجديد» باعتباره المحرك الرئيسى للثورة الصناعية الرابعة فى العالم. فى حين تقدر مؤسسة «آى.دى.سى» الدولية للدراسات الاقتصادية، الإنفاق العالمى على خدمات نقل البيانات وتقنياتها بنحو 1.97 تريليون دولار بحلول 2022.

لكن هذه الرؤية الرئاسية البناءة قد تصطدم للأسف الشديد ببعض الحقائق على الأرض التى تهدد الوصول إليها وتحقيقها، فى مقدمتها ما نراه ويراه العالم من حولنا من صعوبة الوصول إلى العشرات أو المئات من مواقع الإنترنت العامة التابعة لمؤسسات خاصة حاصلة على كل التراخيص والموافقات اللازمة لممارسة عملها. هذه الصعوبات التى يواجهها مستخدمو الإنترنت فى الدخول إلى مواقع عامة ومرخصة تسىء إلى صورة وسمعة البنية التحتية لقطاع الاتصالات فى مصر رغم ما تم ضخه فيه من استثمارات هائلة.

التضييق على مواقع الإنترنت وبخاصة التابعة لمؤسسات إعلامية خاصة أو مستقلة، يهدد حلم مصر فى التحول إلى مركز إقليمى ودولى لنقل وتداول البيانات وهو ما يحتم على المسئولين إعادة النظر فى رؤيتهم لحرية تدفق المعلومات وضرورة احترام ما يسمى بـ «حياد الإنترنت».
عندما يحاول مستثمر الدخول إلى موقع إخبارى أو إعلامى مصرى، فيجد صعوبة فى الوصول إليه، ستتكون لديه صورة سلبية عن بيئة الاتصالات فى مصر، بغض النظر عن أسباب هذه الصعوبة، سواء كانت تقنية أم غير تقنية.

معنى هذا أن مصر تمتلك، كما هو الحال فى الكثير من المجالات، المقومات الطبيعية اللازمة لكى تكون مركزا دوليا لنقل وتداول البيانات، لكنها للأسف الشديد تعانى من بعض الممارسات التى يتصور البعض أنها تستهدف تحقيق المصلحة العليا فى حين أنها تلحق أكبر الضرر بهذه المصلحة.

المنافسة فى سوق نقل وتداول البيانات العالمية، لا تتوقف فقط على الموقع الجغرافى رغم أهميته، ولا حتى على البنية التحتية، ولكنها تحتاج قبل كل شىء إلى بيئة تشريعية وعملية جاذبة للاستثمار، حيث لن يكفى أن نقول للمستثمرين الأجانب المطلوب منهم اختيار مصر دون غيرها لمرور خطوط كابلات نقل البيانات عبر أراضيها وإقامة المراكز ذات الصلة فوق أراضيها إن مصر لديها قوانين وتشريعات لتحفيز الاستثمار وحماية حرية تدفق البيانات والمعلومات، فى حين تعانى هذه الشركات فى الدخول إلى مئات وربما آلاف المواقع الإلكترونية المصرية لأسباب «غير معلومة» ولا معلنة.

لكى تتحقق رؤية الرئيس السيسى لجعل مصر مركزا لنقل البيانات، يجب إعادة النظر فى فلسفة التعامل مع «المجتمع الرقمى» بمختلف مكوناته وضمان حرية الإنترنت وتدفق المعلومات قولا وعملا.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved