برامج عدوانية
كمال رمزي
آخر تحديث:
الخميس 1 أغسطس 2013 - 8:00 ص
بتوقيت القاهرة
الضيف، يظل معلقا بين السماء والأرض، خائفا، متوقعا سقوط «التليفريك» المعطل، فى أى لحظة. يتوتر، يقلق، يفزع، لا يصبح أمامه سوى الصراخ طلبا لإنقاذ لا يأتى.
وأخيرا، يكتشف ونكتشف معه، أن ما يجرى مجرد دعابة أو «مقلب»، يقوم به الفنان «إدوارد» مع مجموعة العمل فى برنامج عنوانه «فى الهوا سوا».. «إدوارد» كوميديان لطيف، يتمتع بموهبة الحضور، بسيط وعفوى. لكن برنامجه لا يندرج فى باب الكوميديا بقدر ما يعتبر نوعا من المزاح الثقيل، الذى يبلغ حد السماجة، فما الذى يضحك حين تتابع إغماءة منة فضالى المذعورة، أو غضب مها أحمد، أو شفقة نشوى مصطفى على «إدوارد» المتظاهر بالاختناق. «فى الهوا سوا»، يعد امتدادا وحشيا لبرنامج «الكاميرا الخفية»، الذى قدمه إبراهيم نصر، بطرافة، لعدة سنوات، معتمدا على إثارة أعصاب من يلتقى بهم، بسبب تصرفاته الخارجية عن المألوف، وتنتهى كل حلقة، تقريبا، بعلقة، يكاد يتعرض لها إبراهيم نصر، بعد أن ينتهى صبر من يلتقى بهم. «الكاميرا الخفية» فى بعد من أبعاده، يثبت أن الشخصية المصرية، قد تتحمل الكثير، ولكن، فى النهاية، تنزع حقها، وتدخل فى مواجهة، بلا تردد.
«بين السماء والأرض» لا يأتى منفردا، ولكن يأتى ضمن موجة من البرامج العدوانية إن صح التعبير، ذات نزعة سادية واضحة، قد تشير بوضوح إلى تغير في المزاح المصرى. فى الأعوام الماضية، جنحت البرامج نحو «غواية التسخين»، حيث دأبت البرامج على استضافة ضيفين مختلفين فى توجهاتها، ويحاول المذيع إثارة مناطق التنافر بينهما، فكريا وفنيا، وكلما اشتد الصدام، يغدو البرنامج أكثر نجاحا!.. فى هذا العام، تحول المذيع من التسخين إلى الاستفزاز، وأصبح طرفا فى صراع لا جدوى منه. المذيعة الطموح، الذكية، ريهام سعد، تقدم «من غير زعل» مع المطرب الشعبى، سعد الصغير. يستضيفان نجما أو نجمة. أحد المذيعين يتظاهر أنه ضيف يدخل فى منازعات مع الضيف الآخر، أو زميله المذيع، تحتدم خلافات تصل لحد التجريح، مما يدفع الضيف إلى ترك البرنامج ومغادرة الاستوديو. وأحيانا، تتدهور الأمور إلى درجة بكاء الضيف، كما حدث مع آيتن عامر.. إنه برنامج شرس.
«بين السماء والأرض» و«من غير زعل»، وغيرها، تبدو بالغة الدقة، إذا قورنت بأشد البرامج فظاعة، وإيغالا فى الشر: «رامز عنخ آمون» الذى نهض على فكرة سقيمة، تتضمن النزول إلى مقبرة فرعونية، تم اكتشافها حديثا، وحين يسير الضيف فى ممراتها، تحت الأرض، تغلق الأبواب وتنطفئ الأنوار، والأدهى، تلك الطيور الغامضة التى تمرق أمام الضيف، بالإضافة لثعبان يزحف، ويطلق فحيحه.
طبعا، النجمات والنجوم يصرخون فى فزع، بينما المذيع، صاحب البرنامج، يتراقص مبتهجا بما يحدث وينتهى البرنامج بسيل من الشتائم الحوشية، يطلقها الضحية، مما يزيد من نشوة المذيع، فما المفيد فى تلك البرامج التى لا تعبر إلا عن ذوق غليظ، وميل إلى إيقاع الأذى، بالضيوف والجمهور على السواء.