ملف الصحة: إعلانات

ليلى إبراهيم شلبي
ليلى إبراهيم شلبي

آخر تحديث: السبت 1 أغسطس 2015 - 6:50 ص بتوقيت القاهرة

ربما كانت خدمات الصحة هى آخر ما يجب الإعلان عنه فى كل بلاد العالم. عدا بلادى. كنت دائما أتطلع فى أى بلد زرته إلى مدى أثر الإعلانات فى مجال الصحة. كان الفضول يدفعنى إلى مراقبة كيف يروج الأطباء لأنفسهم، وهل هذا وارد فى بلاد أخرى غير المحروسة؟! بالطبع كان دائما فى ذهنى تلك الألوان الدعائية التى تبدأ باللوحات الضخمة التى يتفنن أصحابها فى جذب انتباهك. سواء كان ذلك بالألوان أو المؤثرات الضوئية، إلى جانب ادعاءات الخبرة الفريدة والشهادات الوهمية والقدرات الخارقة فى التشخيص والعلاج. ناهيك عن صورة للطبيب تجتاز كل كشوف الهيئة فى أوضاع سينمائية مختلفة. لم أجد على كثرة ما زرت من بلاد تختلف ثقافاتها للإعلان عن وجود عيادة طبية خاصة إلا لوحة إعلانية وقورة من الواضح أن لها مقاييس ثابتة فى مدخل المبنى فى مكان واحد لكل الإعلانات المشابهة. فى مدينة مونتريال ـ آخر محطات حياتى بعيدا عن وطنى ـ لا يسمح على الإطلاق بالعيادات إلا فى مبان مخصصة لذلك. إدارة العمارة المسموح فيها بالعيادات تحدد طبيعة الإعلان عنها فقط اسم الطبيب وتخصصه دون مكان عمله أو اسم المستشفى التى يعمل به. كل اللوحات متساوية فى الحجم ونوع الخط! أما الألوان فالخط دائما أسود والخلفية بين الأبيض والفضى!

ما نكئ جرح فوضى الإعلانات فى مصر اليوم نظرة سريعة لصفحة الاجتماعيات فى الصحيفة الأشهر. إعلانات عن مؤتمرات طبية وارد ومطلوب، إعلانات عن زيارة أطباء أجانب لمستشفيات خاصة: ممكن ما دام يخضع لقواعد تراقبها وزارة الصحة ونقابة الأطباء، تهنئة بالترقى لأطباء: لا بأس من المجاملة بين الزملاء. ما توقفت عنده حقا إعلانان عن راغب فى فى شراء كلى تحت زعم التبرع فهل مازالت سوق الأعضاء البشرية رائجة فى مصر دون قانون يردعها ويرسى ثقافة التبرع بالأعضاء فى صورة إنسانية جديرة بالاحترام؟

أما الإعلان الثانى فقد صدر عن «واحدة من أكبر المستشفيات المجمعة فى مصر» هكذا عرف نفسه المستشفى فى ترجمة حرفية عن الانجليزية. المستشفى يعلن عن حاجته لمدير طبى للقسم السياحى بها Medical Tourism Manager.

هناك بالفعل ما يعرف بالسياحة العلاجية: كالعلاج بأنواع الرمل الساخن والمياه الجوفية وعيون المياه المعدنية فهل هذا هو المقصود؟

أم أن الوظيفة كمدير ينظم رحلات سياحية بعد العلاج للأجانب؟

هل سيأتى الأوروبيون والأمريكان للعلاج فى مصر؟ هم بلا شك يأتون طائعين مختارين لزيارة معالمنا السياحية رغم تعليمات سفارتهم وتحذيراتها من إرهاب التطرف وإرهاب التلوث وأزمات المرور فى الشوارع والحوادث على الطرق السريعة! أم سيأتى من العرب الناجون من زلزال الربيع العربى وتبعاته؟ ربما أتوا للعلاج لدى أشقائهم فى المستشفيات الخاصة من المصريين فأى برامج سياحية يحتاجون لتمام الشفاء تستوجب تعيين مدير طبى لإدارتها؟
المحرر

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved