الحل الصينى لمشكلة السكان

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الإثنين 1 أغسطس 2016 - 10:05 م بتوقيت القاهرة

لا أعرف لماذا لا تتعامل الدولة بجدية حقيقية مع أخطر مشكلة فعلية تعيشها الآن وفى المستقبل وهى الزيادة السكانية؟!


تذكرت هذا السؤال مجددا وأنا أستمع إلى الأرقام المخيفة التى أطلقها رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل ووزير الصحة د.أحمد عماد الدين ود. طارق توفيق مقرر المجلس القومى للسكان ومسئولون آخرون مساء يوم الأحد الماضى فى الاحتفال باليوم القومى الأول للسكان فى مصر.
حضرت هذا الاحتفال بدعوة كريمة واتصال من وزير الصحة، وكان هناك العديد من الوزراء وكبار المسئولين وشخصيات عامة كثيرة وبعض كبار الإعلاميين.


الدكتور طارق توفيق بدأ الكلام عارضا الأرقام الصادمة التى تقول إن عدد سكاننا فى أول يناير الماضى بلغ تسعين مليون نسمة، منهم ٣٧٪ فى الصعيد و٤٢٪ فى الوجه البحرى، و٢٧.٤٪ فى الحضر و١.٩٪ فى المحافظات الحدودية.


٣١ مليون شخص فى سن الإعالة أى أقل من ١٥ سنة وفوق ٦٥ سنة ومعدل البطالة ١٥٪ والأمية ٢٥٪ لكنها ترتفع إلى ٣٨.١٪ بين الإناث. معدل الخصوبة زاد وكذلك المعدل الكلى للانجاب زاد أيضا، كما انخفض معدل استخدام وسائل تنظيم الأسرة.
وزير الصحة د. أحمد عماد قال إن أهداف السياسة السكانية التى أقرتها استراتيجية السكان والتنمية تركز على عدة محاور منها خفض عدد الموالين السنوى من ٢.٩ مليون إلى ٢ مليون فقط عام ٢٠٣٠، وخفض معدل الخصوبة الكلى من ٣٥ طفلا لكل عشرة سيدات إلى ٢٤ طفلا، وذلك حتى نصل إلى عدد سكان ١١٠.٩ مليون نسمة عام ٢٠٣٠ بدلا من ١١٨ مليون نسمة إذا استمر هذا المعدل الراهن.


رئيس الوزراء ناشد المواطنين المواءمة بين الانجاب والقدرة على إعالة الأطفال، قائلا إن معدل الزيادة السكانية هو الأعلى فى العالم ويزيد عن اليابان بأربع مرات وعن كوريا الجنوبية بثمانى مرات.
عندما توقف الدكتور طارق توفيق عن عرض الأرقام الصادمة، وأنهى كلمته، قال له الدكتور شريف إسماعيل: من فضلك أكمل العرض، فقال له: لقد طلبوا منى إنهاء كلمتى، فقال له رئيس الوزراء واصل الحديث المهم، وهكذا عاد مرة أخرى ليقول إن المشكلة ليست فقط فى زيادة السكان، بل فى الخصائص المتدنية لهؤلاء السكان أى مستوى تعليمهم وصحتهم والبنية التحية التى يستخدموها، خاتمت بالقول ان معدل التنمية لابد أن يزيد من ٣ ــ ٤ أضعاف المعدل الحالى لمجاراة الزيادة السكانية.


جيد أن يكون هناك احتفال باليوم القومى الأول للسكان، ومشكور جهد وزارة الصحة ووزيرها ومكتبها الإعلامى الذى يديره الدكتور خالد مجاهد، ومستوى الحضور فى هذا اليوم كان عاليا جدا. لكن علينا أن نعترف وندرك أن حل المشكلة السكانية ليس فى يد وزارة الصحة وحدها، أو حتى مجلس الوزراء بأكمله، هو أمر يخص كل المجتمع بلا استثناء.
كنت أتمنى أن يصاحب الاحتفال قرارات جريئة لمواجهة المشكلة السكانية، التى ستلتهم أى جهود للإصلاح مهما كانت صادقة وصحيحة. هذا أخطر ما يواجه عمليات الإصلاح ولا تقل فداحة عن عجز الموازنة والفساد وضعف الإنتاج.


يوما بعد يوم يزداد يقينى أننا نحتاج إلى «الحل الصينى» للمشكلة السكانية. الصين تدعم الطفل الأول فقط، ولا تتحمل الدولة «مليما» لأى طفل اخر، لماذا لا نفكر فى طفلين لكل أسرة فقط، حتى نفرمل هذه الزيادة الأعلى عالميا؟!.
انتهى الاحتفال ونحن فى طريق الخروج من مقر الاحتفال بقصر متحف محمد على بالمنيل، قال لى الصديق خيرى رمضان متعجبا: «كيف يكون لدينا مثل هذا المكان الساحر، وبه مثل هذه الأشجار العتيقة والنادرة، ولا يتم استثماره سياحيا؟!!.. لم أستطع ان اقدم اجابة، ويقينى أن الأمور كلها متشابكة.. فعندما نكون قادرين على تسويق المكان سياحيا سنكون قادرين على مواجهة المشكلة السكانية، وكل مشاكلنا الأخرى.. فمتى يأتى هذا اليوم؟!.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved