كيف نختار مدرب الفريق والمنتخب؟!

حسن المستكاوي
حسن المستكاوي

آخر تحديث: الخميس 1 أغسطس 2019 - 9:15 م بتوقيت القاهرة


** تقول النتائج إن مارتن لاسارتى نجح مع الأهلى بتقدير جيد، أو بمجموع 70% بفوزه ببطولة الدورى فى ظل ظروف صعبة ولتأخره خلف الزمالك، ولقدرته على صناعة دوافع قوية جعلت لاعبيه يعطون أقصى ما عندهم.. لكن بمعايير المستوى لم يقدم الأهلى موسما قويا أو كرة ممتعة.. وبنفس النسب قريبا نجح السويسرى جروس قبل رحيله، وبفوزه بكأس الكونفيدرالية، لكنه كان السبب الأول فى ضياع نقاط من الزمالك أثرت فيما بعد على مسيرته فى النهاية بالاشتراك مع خالد جلال.
** هل كان لاسارتى سوف يستمر مع الأهلى لو كان الفريق خسر الدورى ولم يفز على الزمالك؟ وهل كان جروس سوف يستمر لو أنه فاز بالدورى وهزم الأهلى؟
** كيف يلعب الفريق؟ هل يقدم كرة قدم جيدة وممتعة؟ هذا ما يجب أن يكون عليه حال الأهلى والزمالك أكبر فريقين فى الشرق الأوسط.. وهذا ما يجب أن يطبق أيضا على منتخب مصر.
** التطوير الذى يحتاجه الأهلى والزمالك والأندية الكبيرة والمنتخب، هو رفع درجات الأداء الجماعى، وممارسة الضغط على الخصم فى ملعبه بثلاثة وأربعة لاعبين وكذلك الضغط فى ملعب الفريق بثلاثة وأربعة لاعبين واستخلاص الكرة فى أقل زمن، بالإضافة إلى سرعة التمرير وقوة التمرير، وتميز الفريق بسرعات فى مختلف الخطوط، وتمتع لاعبى الفريق بالقوة فى الالتحامات فلا يخسرون كل اشتباك، بجانب لياقة بدنية عالية لا تهتز. وبالطبع وجود حلول متنوعة للتهديف بجمل أو بوسائل عديدة.
** إن طريقة اختيار المدربين فى الكرة المصرية يعيبها الكثير.. وتناولت هذا الأمر عدة مرات، إذ كيف نختار مدربا جديدا وكيف تختار اتحاداتنا المدربين وكيف نقيّم عمل المدرب وخبراته وتأثيره..؟ هل نحدد له أهدافا واضحة؟ هل سيكون مطالبا ببناء فريق وكيف يعد هذا الفريق؟ هل سيكون مطالبا بتحقيق هدف قصير الأجل أم هدف يبدو مثل حلم بعيد المنال؟..
** كيف نختار المدربين؟ الإجابة: شهادات الخبرة.. والنتائج قبل الأداء..
** لا يوجد شىء اسمه نتائج قبل الأداء، تلك أكذوبة، لأن الأداء الجيد والقوى سوف ينتهى إلى نتائج جيدة، لكن الرهان على خطف نتيجة بدون أداء قلة حيلة ودليل عجز، فمنتخب مصر ليس منتخبا إفريقيا صغيرا، والأداء القوى هو فلسفة كل الفرق الكبيرة والعظيمة، مانشستر سيتى، ليفربول، ريال مدريد، برشلونة، بايرن ميونيخ، البرازيل، ألمانيا، هولندا، إسبانيا. وإذا كانت النتيجة أهم، فذلك استثناء يدفع ثمنه الفريق، ويدفع ثمنه مجتمع يعشق اللعبة، كما حدث للمنتخب فى كأس العالم، حين بدأ وشارك مرفوع الرأس بدافع تحقيق معجزة الوصول إلى النهائيات، وعاد خجولا، ومصابا بانحناء فى الرأس بسبب سوء الأداء..!
** أما تلك الشهادات لا تكفى وحدها.. هى مهمة، لكنها ليست كل شىء. فالمدرب له فلسفة، ويجب أن نعرفها. ونعرف أيضا معلوماته الجديدة وعلومه، وشخصيته وهل يتمتع بشخصية قيادية مسيطرة أم لا يملكها. علما بأن العديد من المدربين الذين عملوا فى إفريقيا وحققوا نجاحات لم يملكوا شهادات خبرة، أو «سابقة أعمال» بلغة المقاولات.. ومن هؤلاء كلولوردا، وبرونو ميتسو، وهيرفى رينارد، وأليو سيسيه، وبالمثل جمال بلماضى المرشح الآن ضمن أفضل المدربين فى العالم مع جوارديولا ويورجين كلوب وتيتى.. وهم الذين يقدمون كرة القدم الجديدة وليست فقط كرة القدم الحديثة..!
** لقد فاز منتخب مصر بكأس إفريقيا 7 مرات وفى خمس منها كان المدرب وطنيا. والأمر نفسه تكرر مع منتخبات الشباب والناشئين. والمدرب الوطنى عليه أن يتسلح بالعلم، وبخبرات الآخرين وتجاربهم، وعلينا أن ندرس أسباب انتصاراتنا وأسباب إخفاقنا.. فقد لعب المنتخب أفضل مبارياته عام 2008 وحصل على كاس الأمم ثلاث مرات متتالية وتألق فى كأس القارات 2009 وكاد أن يهزم البرازيل وهزم إيطاليا ثم خسر من الأضعف الولايات المتحدة.. فهل درسنا لماذا حققنا اللقب ثلاث مرات على التوالى وبأقل عدد من اللاعبين المحترفين وهل فهمنا لماذا قدمنا أجمل كرة أمام البرازيل؟!
** إن شخصية المدرب من أهم عوامل نجاحه، وفى إسبانيا حين حقق المدرب الفرنسى السابق راينالد دينوا مع فريق ريال سوسيداد نجاحا كبيرا قال عنه المدافع إيجو ياريجو: «إن دينوا رجل عملى.. يشرح ببساطة ومنطق. مثل المعلم وهو صاحب خطط لعب جميلة».
** المدرب مطالب بتغيير شخصية اللاعب فيعلمه كيف يلعب بجدية وتركيز وكيف يذوب أداؤه الفردى فى أداء الجماعة. والمدرب يجب أن يفوز بحب اللاعبين وبثقتهم واحترامهم، وهو مطالب بصناعة مسافة محسوبة بينه وبين اللاعبين وهذه المسافة هى التى تصنع الانضباط وبدون قوة الشخصية والسيطرة تنفجر الفوضى فى الفريق.. !
** بالماضى وإليو سيسيه، عمر كل منهما 43 عاما، وشهادات خبرة كل منهما تقول إن جمال بلماضى له تجربة وحيدة مع منتخب قبل تدريب الجزائر، أما تجاربه الأخرى فكانت لاعبا فى 12 ناديا أوروبيا وعربيا وعضوا سابقا فى صفوف محاربى الصحراء. وكذلك إليو سيسيه مدرب السنغال، فهو لم يسبق له وحده تدريب منتخب وإنما كان مساعدا لرينارد، وخبرته بدأت مع أسود التيرانجا فى عام 2015، أما خبراته السابقة فيمكن اختصارها فى أنه لعب للعديد من الأندية الأوروبية. بجانب أنه لاعب دولى سابق فى صفوف منتخب السنغال.
.. ولكن كلاهما امتلك مهارات المدرب القائد. وانظروا لسلوك لاعبى الجزائر بعد المباراة النهائية وكيف اصطفوا ورفعوا أيديهم لجماهيرهم، بتعليمات من بلماضى. فلم يتركوا أنفسهم للحظات ما بعد الانتصار بما فيها من المرح والسعادة والتحركات العشوائية. وانظروا كيف جمع سيسيه منتخب بلاده حوله فى مخاطبة سريعة ثم جلسوا جميعهم فى دائرة الصمت والألم والتأمل، دون أن تفرط عقدهم أحزان الهزيمة فى المباراة النهائية.. إنها القيادة وقوة شخصية المدرب.. ومن تلك الخطوة يبدأ اختيار المدرب..!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved