إسرائيل تدعم قمع الحكومات الأفريقية لمواطنيها

قضايا إفريقية
قضايا إفريقية

آخر تحديث: الأحد 1 أغسطس 2021 - 8:30 م بتوقيت القاهرة

نشر موقع African Argument مقالا للكاتبة ثريا دادوو تتناول فيه دعم إسرائيل لعمليات تجسس الحكومات الأفريقية على مواطنيها، وبذلك دعمها لسلطوية الدول الأفريقية وقمعها للمعارضة.. نعرض منه ما يلى.

مع انتشار الإنترنت واستخدام الهواتف الذكية فى جميع أنحاء أفريقيا، أصبحت الفضاءات الإلكترونية تلعب دورا هاما ومتزايدا فى تنظيم حركات المعارضة. وبالتالى قامت عدة حكومات بإغلاق الإنترنت أو حظر تطبيقات الوسائط الاجتماعية واستخدمت بعض الحكومات تقنية المراقبة الرقمية لسحق المعارضة.
فى تقرير حديث عنوانه «الركض فى دوائر»، يشرح مختبر Citizen Lab التابع لجامعة تورنتو ــ الذى يحقق فى عمليات التجسس الرقمى ضد المجتمع المدني ــ كيف تستخدم 25 حكومة حول العالم الأدوات التى طورتها شركة الاتصالات الإسرائيلية «سيركيلزــ Circles» والتى تبيع تقنياتها إلى حكومات الدول فقط. حيث تقوم باعتراض البيانات من شبكات الجيل الثالث والسماح للمتسلل بقراءة الرسائل على الهاتف والبريد الإلكترونى والتنصت على المكالمات الهاتفية مع إمكانية تحديد مكان الهاتف فى أى مكان فى العالم فى غضون ثوان.
تنتمى شركة «سيركلز» إلى مجموعة «إن إس أو»، والتى تم استخدام برنامجها «بيجاسوس» للتجسس على الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان. بخلاف برنامج بيجاسوس، لا يطلب برنامج «سيركلز» النقر على رابط معين ولكنه يعمل من خلال استغلال الثغرات الموجودة فى شبكة تشوير SS7 ــ وهو مجموعة من البروتوكولات التى تسمح للشبكات بتبادل المكالمات والرسائل النصية فيما بينها. تستخدم شبكة تشوير SS7 فى الغالب فى أنظمة الجيل الثانى والجيل الثالث، والتى أصبحت فى عام 2019 تقنية الهاتف المحمول الرائدة فى أفريقيا جنوب الصحراء، حيث تمثل أكثر من 45٪ من جميع الاتصالات.
انتشار شبكات الجيل الرابع الأسرع والآمن فى أفريقيا مازال حلما بعيد المدى، ولذلك يعد برنامج «سيركلز» هو البرنامج المثالى للقادة الأفارقة المتعطشين للسلطة والراغبين فى السيطرة على المعارضة. من بين 25 دولة تستخدم برنامج «سيركيلز»، يوجد سبع دول فى القارة الأفريقية.
فى نيجيريا، وجد citizen lab أن برنامجين من «سيركلز» يستخدمان فيها: واحد فى وكالة المخابرات الدفاعية النجيرية، والآخر من قبل حكام ولايتى دلتا وبايلسا للتجسس على المعارضين. نيجيريا لديها تاريخ طويل من تقنيات المراقبة المستخدمة ضد منتقدى المجتمع المدنى والحكومة. يشير فيمى أدياى، وهو ناشط سياسى، إلى أن المحللين السياسيين يمارسون الآن الرقابة الذاتية، لا سيما منذ أن شهدوا تسلل الحكومة إلى حركة #EndSARS ضد وحشية الشرطة فى أواخر عام 2020. ويقول: «لقد رأوا كيف تم تعقب الناس، ومصادرة جوازات سفرهم، وتجميد حساباتهم المصرفية».
فى زيمبابوى، تم الكشف عن استخدام ثلاثة برامج من «سيركيلز»، يعود استخدام واحدا منهم إلى 2013، بينما تم تشغيل الاثنين الآخرين عام 2018. لطالما استهدفت حكومة زيمبابوى منتقديها ومعارضيها. فى العام الماضى، تم اعتقال الصحفى الاستقصائى هوبويل تشينونو والسياسى المعارض جاكوب نجاريفو قبل بدء احتجاجات مناهضة للحكومة، وقد تسهل تقنية «سيركيلز» هذا الأمر.
فى غينيا الاستوائية، تعمل تقنية «سيركيلز» منذ عام 2013. احتفظ الرئيس تيودورو أوبيانغ بالسلطة لمدة 40 عاما من خلال قمع المعارضين والاعتقالات التعسفية واضطهاد النشطاء السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان. سحق أوبيانغ الاحتجاجات بعنف وتجاهل المطالب بالإصلاحات الانتخابية وتحديد فترات الولاية. والمراقبة الإلكترونية جزءا من أدواته.
كانت وزارة الداخلية المغربية أحد عملاء «سيركيلز» منذ عام 2018، وتستخدم التكنولوجيا الرقمية لاستهداف نشطاء حقوق الإنسان بشكل غير قانونى.
على الرغم من الإشادة بها كواحدة من أكثر الدول الأفريقية ديمقراطية، إلا أن مديرية الاستخبارات والأمن فى بوتسوانا تستخدم نظامين من «سيركلز» يعود تاريخهما إلى عام 2015. وتشتهر دائرة الأمن الداخلى باستهداف الصحفيين الذين يحققون فى الفساد السياسى. وفقًا لمويتى موهواسا، المتحدث باسم التحالف السياسى المعارض «المظلة من أجل التغيير الديمقراطى»، فإن الشركات الإسرائيلية تبيع برامج تجسس لحكومة بوتسوانا منذ سنوات. ويزعم أن هذه المعدات استُخدمت للتنصت على سياسيى المعارضة وزعماء النقابات.
اكتشف مختبر Citizen Lab استخدام كينيا لنظام «سيركلز». لم يفاجأ هذا سهيل عمر، الذى يقوم بأبحاث حول الشرطة والمراقبة والعسكرية فى نيروبى، فيقول إن «حرية التعبير وحريات الإعلام فى كينيا مهددة باستمرار. وشن نظام كينياتا حربًا ضد الدستور وأى شكل من أشكال المعارضة فى كينيا.. وتعتمد الحكومة الكينية بشكل كبير على مراقبة مواطنيها لقمع أى شكل من أشكال المعارضة».
زامبيا هى عميلة أخرى لـ«سيركلز»، ولحكومتها سجل فى مراقبة معارضيها. فى عام 2019، ألقت السلطات القبض على مجموعة من المدونين الذين يديرون موقعًا إخباريًا معارضًا، ويزعم أن ذلك تم بمساعدة وحدة المراقبة الإلكترونية فى هيئة تنظيم الاتصالات فى زامبيا. من غير المعروف ما إذا كان قد تم استخدام نظام «سيركيلز» ولكن تلك التكنولوجيا تمتلك القدرة على فعل ذلك.
بالطبع تقع مسئولية استخدام تقنيات المراقبة هذه على عاتق الحكومات الأفريقية والتى تدفع مبالغ ضخمة للحصول عليها، ولكن يجادل بعض النشطاء بأن الحكومة الإسرائيلية تتحمل بعض المسئولية أيضًا لسماحهم للشركات المشبوهة مثل سيركيلز بالعمل وتزويدهم بتراخيص التصدير. اعترض الوزير الإسرائيلى زئيف إلكين على هذا قائلا «إن الجميع يعلم أن هذا لا يتعلق بدولة إسرائيل، ولكن الكثيرين يختلفون مع هذا الرأى.
يقول سهيل عمر إن الحكومة الإسرائيلية دعمت سلطوية كينياتا. ونفس الأمر يشير إليه مويتى موهواسا الذى يقول إن إسرائيل ساعدت بوتسوانا على محيى الحقوق المدنية. فى يناير 2020، رفعت منظمة العفو الدولية دعوى قضائية فى إسرائيل تطالب وزارة الدفاع بحظر تصدير برامج التجسس، وفى يوليو، رفضت المحكمة الطلب.
تقيم تل أبيب شراكات أوثق مع الحكومات فى القارة فى السنوات الأخيرة على أمل تقليص التضامن الأفريقى مع فلسطين وكسب أصوات داعمة فى الأمم المتحدة. مساعدة الحكام على البقاء فى السلطة ــ حتى على حساب الحريات الشعبية ــ هى إحدى طرق تحقيق ذلك.

إعداد: ابتهال أحمد عبدالغنى
النص الأصلى

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved