متى ينخفض سعر الخبز الحر؟!

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الثلاثاء 2 أغسطس 2022 - 10:35 ص بتوقيت القاهرة

إذا كانت الحكومة قد سمحت برفع أسعار الخبز والدقيق الحر بعد ارتفاع أسعار القمح عالميا مع بداية الغزو الروسى لأوكرانيا، فلماذا لا تلزم المخابز بخفض الأسعار مادام أنها انخفضت عالميا بصورة واضحة؟!
سؤال مهم ويردده كثيرون فى الشارع المصرى، خصوصا أن نحو ٣٠٪ من المصريين يأكلون الخبز الحر غير المدعم.
نعود إلى البداية، فحينما غزت القوات الروسية أوكرانيا فى ٤٢ فبراير الماضى، قفزت أسعار القمح عالميا ليصل سعر الطن إلى ٤٧٥ دولارا، بدلا من ٢٧٥ دولارا، إضافة لزيادات كبيرة فى أسعار النقل والشحن والتأمين والتحوط.
وحسب غرفة الصناعات الغذائية فإن الأسعار الدولية للقمح سجلت مستوى شبه قياسى فى مايو الماضى، وتراجعت بنسبة ٥٫٧٪، لكنها لاتزال أعلى بنسبة ٤٨٪ عن قيمتها مقارنة بعام ٢٠٢١.
وحسب عاصم عمر مدير أسواق السلع الزراعية بإحدى شركات استيراد المحاصيل الزراعية فإن سعر طن القمح انخفض لأقل من ٣٠٠ دولارا للطن عائدا لمستوياته قبل اندلاع الحرب، وانخفضت أسعار الذرة بنسبة ٢٢٪ فى الشهر الحالى مقارنة بأسعار مارس الماضى.
وطبقا لحازم المنوفى عضو الشعبة العامة للمواد الغذائية باتحاد الغرف التجارية ورئيس شعبة البقالة التموينية بغرفة الاسكندرية فإن أسعار القمح هبطت خلال يوليو الحالى بنسبة ٤٠٪ مقارنة بشهر مايو المنقضى، وهو ما حدث للعديد من السلع الأخرى، وتساءل المنوفى لماذا لم تتراجع أسعار السلع محليا بعد أن انخفضت عالميا؟!
سؤال مهم خصوصا فيما يتعلق بالخبز الحر. ونتذكر أن الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء أصدر القرار رقم ٢١ لسنة ٢٠٢٢ فى ٢١ مارس الماضى بشأن تحديد سعر الخبز الحر، وكانت مدته ٣ شهور فقط، وانتهى أجله فى ٢٠ يونية الماضى. ويومها نص القرار على بيع الخبز المميز بسعر ٥٠ قرشا للرغيف زنة ٤٥ جراما، و٧٥ قرشا للرغيف زنة 65 جراما، وجنيه واحد للرغيف زنة ٨٠ جراما.
يومها نص القرار على غرامات شديدة تبدأ بـ ١٠٠ ألف جنيه وتصل إلى ٥ ملايين جنيه للمخالفين، وتعهدت الحكومة بدعم أصحاب المخابز الحرة بالدقيق المدعم.
وكشاهد عيان أشترى الخبز بنفسى من مخابز وأكشاك وفرشات وسط البلد خصوصا تلك القريبة من وزارات التموين والإنتاج الحربى والإسكان ومجلس النواب والوزراء فإن البائعين خالفوا القرار من اللحظة الأولى.
أغلى رغيف حر وزنه فى الغالب أقل من وزن الرغيف المدعم الذى تبيعه الدولة للمواطنين المستحقين بخمسة قروش فقط.
النقطة الجوهرية هى أن الرقابة غائبة تماما عن المخابز والبائعين فى الشوارع، لا أحد يحاسبهم ويقول لهم إنكم تخالفون القانون، وإنكم تغشون فى الوزن. والنقطة الأخرى المهمة أنه لا يتخيل أحد أن هؤلاء الباعة كانوا يخسرون قبل ذلك، وإلا ما استمروا فى هذه التجارة.
عطية حماد رئيس شعبة مخابز القاهرة يقدم وجهة النظر الأخرى بقوله إن تراجع أسعار القمح عالميا لا يعنى تراجع سعر الرغيف محليا لأن القمح جزء من عناصر عديدة يستخدمها المخبز لإنتاج الرغيف ومنها أسعار الخميرة والعمالة ذات الأجر المرتفع والمعدات والمواتير والغاز الطبيعى والسولار والأخير سعره ارتفع أخيرا، ومن وجهة نظره فإن أسعار القمح ليست مستقرة وبالتالى فإنه من المنطقى أن تستمر الأسعار كما هى حتى تستقر كل عناصر الانتاج.
وإذا كان الكلام السابق يبدو موضوعيا فإن النقطة المهمة أن توقيت قرار مدبولى وهو ٣ شهور انتهى فى ٢١ يونية الماضى ولم يتم تجديده، وبالتالى يجب على المخابز تحديد سعر مناسب لتكلفة الإنتاج حسب العناصر المختلفة التى تدخل فى إنتاجه.
أتمنى أن تبادر الحكومة مثلما بادرت قبل ذلك ورفعت أسعار الخبز الحر، لمناقشة أصحاب المخابز الحرة فى تكلفة الإنتاج وهامش الربح المعقول، وأن تطلب منهم أن يخفضوا سعر الخبز بنفس نسبة انخفاض عناصر الإنتاج. لا أحد بالطبع يطالب بخسارة أصحاب المخابز، لكن ليس من المنطقى أن يكدسوا الأموال فى جيوبهم سواء عندما ارتفعت الأسعار عالميا، أو حتى بعد انخفاضها.
كل ما يريده المواطنون أن تتحرك الأجهزة الرقابية المسئولة وتمارس عملها وتحاسب المحتكرين والفاسدين وسارقى قوت الشعب حتى تصل الرسالة واضحة لعموم الناس وهى أن الحكومة تدافع عنهم مثلما دافعت عن أصحاب المخابز حينما ارتفعت أسعار القمح والدقيق.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved