نساء العالم يزددن جمالا

جميل مطر
جميل مطر

آخر تحديث: الثلاثاء 1 سبتمبر 2009 - 9:55 ص بتوقيت القاهرة

 النساء يزددن جمالا وجاذبية. أبديت هذه الملاحظة فور عودتى من الهند بعد غياب دام ثلاثة عقود، وأبديتها بعد كل عودة من الصين، وأبديتها فى كل مرة أكرر فيها زيارة تونس والإمارات ولبنان والسودان ودول عربية أخرى، وخلال زياراتى الأخيرة لمدن فى أمريكا اللاتينية ابتعدت عنها ربع قرن أو ما يزيد.

وتدفعنى إلى التمسك بهذه الملاحظة الصور التى تبثها الفضائيات أو تظهر على شاشة الكمبيوتر وصفحات الجرائد للمرأة الجديدة فى كل أنحاء العالم التى خرجت تمارس وظائف غير معهودة ومتحدية الأعراف وقمع وأنانية رجال عاملها أكثرهم على مر العصور معاملة المنتصر للأسير أو السيد للتابع.

لم تعجب ملاحظتى بعض الأصحاب، وكانوا قلة على كل حال. هؤلاء حاولوا التشكيك فى موضوعيتى بأن ادّعوا أن الرجل عندما يتقدم فى العمر يرى النساء أجمل وأكثر جاذبية. زعموا أن التغيير الذى لاحظته حدث عندى وليس عندهن. أنا تغيرت أما النساء فلم يتغيرن. آخرون كانوا أقل عدوانية، وقالوا إن لا تغيير وقع للنساء وملاحظتى لا صلة لها بتقدم السن، كل ما فى الأمر أن عينى كانت دائما حلوة ترى الجمال فى أشياء كثيرة وبشر كثيرين. وللحق لم أضعف أمام المشككين أو المجاملين أو أتنازل. كنت واثقا من صدق ملاحظتى وكنت أجد كل يوم من الدلائل ما يدعم ثقتى فى قدرتى على التقويم والتقدير حين أرى النساء فى كل الأرجاء يزددن جمالا وجاذبية. حتى أن وقع فى يدى دليل علمى يتحدى قوى التشكيك ويؤكد ما ذهبت إليه انطباعاتى عن ارتفاع مطرد فى مستوى الجمال والجاذبية عند المرأة.

أجرت جامعة هلسنكى على مدى أربعة عقود بحثا على 1244 سيدة و997 رجلا فى الولايات المتحدة، كان الغرض من البحث تتبع العلاقة بين جاذبية الأمهات وجمالهن من ناحية ومرات الإنجاب ونوع المولود إن ذكرا أو أنثى من ناحية أخرى، واعتمدت الباحثة التى قادت فريق البحث على دراسة أوسع أجراها العالم النفسانى ساتوشى كانازاوا Satoshi Kanazawa الأستاذ فى مدرسة لندن للاقتصاد، وكان ساتوشى توصل فى دراسته التى أسهمت فى تمويلها الحكومة الأمريكية، إلى أن الجنس البشرى يتطور ويرتقى دائما نحو مستوى أعلى من الجمال. ثبت للأستاذ الباحث أن الأهل حسنوا الطلعة والمتمتعون بمستوى عال من الجاذبية ينجبون أطفالا من الذكور أقل بنسبة 26٪، بمعنى أنه كلما ارتفعت درجة الجمال والجاذبية زادت نسبة المواليد من البنات، وأن جاذبية المرأة وهى الأم فى هذه الحالة، تلعب دورا أكبر فى توريث الجاذبية لأطفالها خاصة البنات. وتؤكد الدراسة أن جاذبية الرجل لا تتدخل كثيرا فى تحديد نوع الجنين، أو فى عدد مرات الإنجاب.

معنى هذا الكلام ببساطة شديدة وجرأة متناهية وباستعارة بعض قوانين داروين أن الطبيعة اكتشفت أن من مصلحتها أن تحابى المرأة فتجعلها أجمل ودائمة السعى إلى جمال أكثر. لا مصلحة للطبيعة أهم من الإنجاب، وبالتالى يصير الجمال أو السعى إليه حافز المرأة دائما وأبدا، وفى الوقت نفسه لا تتوقف «الطبيعة» عن ممارسة ضغوطها على المرأة لتزداد جمالا وجاذبية لأنها بزيادة جمالها وجاذبيتها سوف تنجب بنات جميلات وجذابات وبأعداد تفوق المواليد الصبيان. لا يعنى هذا الاهتمام الفائق من الطبيعة بالمرأة وجمالها جاذبيتها عدم الاهتمام بالرجل، فالرجل حسب رأى الباحث ساتوتشى، يخضع هو الآخر لضغوط قوية من جانب الطبيعة لا ليكون جميلا أو جذابا ولكن ليكون ناجحا.

النجاح حافز الرجل. فالمرأة، مهما بلغت من جمال وجاذبية، ستستمر تبحث عن رجل يوفر لها الحماية ويرعاها عندما تكون حاملا أو فى مرحلة رضاعة، أى عندما تكون فى أشد حالات ضعفها. والضعف هنا، بمعايير هذا البحث، هو شعورها بأنها أقل جمالا وجاذبية بسبب الحمل والرضاعة.

مرة أخرى يهيمن الفكر الرأسمالى الغربى على أهداف البحث العلمى لتوظيفه من أجل تحقيق أغراض اجتماعية أو اقتصادية. فالنجاح، حسب مفاهيم هذه الدراسة المثيرة، هو الثروة. إذ توصلت الدراسة إلى أن الرجل الغنى يميل للزواج أكثر من مرة، وبالتالى ينجب أطفالا أكثر من الإنسان غير الغنى، أى غير الناجح!!، وينصح الباحث قادة المجتمعات بالاشتراك مع «الطبيعة»، فى الضغط على الرجل ليصير ناجحا أو ليزداد نجاحا. وطالما كان الإنجاب هدف الطبيعة، ستستمر المرأة فى سعيها لتكون جميلة وتورث بناتها جمالها، وسيستمر الرجل فى سعيه ليكون ناجحا ويحمى نسله ويدافع عنه.

هكذا تطورت نظرية التطور والارتقاء على أيدى أجيالها الجديدة إلى حد طرح أفكار أعتقد أنها ستصيب بالإحباط الشديد الناشطات فى حقل تمكين المرأة وتحريرها وتحقيق مساواتها بالرجل. فبالتطور والارتقاء عدنا إلى القضية الخلافية الأشهر فى علاقة الرجل بالمرأة: قضية « المرأة جسد والرجل عائل».

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved