هل ديوننا آمنة؟!

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الأحد 1 سبتمبر 2019 - 10:20 م بتوقيت القاهرة

هل الديون المصرية آمنة أم لا، خصوصا بعد تقرير وكالة موديز يوم الخميس الماضى؟!.
تقول الأرقام إن هذا الدين بلغ ٤٫٤ تريليون جنيه فى نهاية ديسمبر الماضى، وإن الدين المحلى العام ارتفع بنحو 692 مليار جنيه فى عام 2018 بنسبة نمو 20% وإن 85.3% من هذا الدين مستحق على الحكومة، و8.3% على الهيئات الاقتصادية العامة، و6.4% على بنك الاستثمار القومى. علما أن الدين الخارجى بلغ 106 مليارات دولار، طبقا لبيانات البنك المركزى قبل أيام قليلة
نعود إلى السؤال الأول لنكتشف أن الإجابة تتوقف على موقف من يتطوع بها.
سألت وزير المالية د. محمد معيط، أكثر من مرة هذا السؤال، وفى كل مرة كان يؤكد أن الدين العام لا يزال فى حد الأمان ولم يَتَخَطَّه.
الوزير قال أمام لجنة الشئون الاقتصادية فى مجلس النواب فى ١١ ديسمبر الماضى، إن نسبة الدين العام فى ٢٠١٧ بلغت ١٠٨٪ من الناتج المحلى الإجمالى، وفى عام ٢٠١٨ بلغت ٨٪، والمستهدف أن تصل فى نهاية العام المالى الجارى إلى ٩٢٪، وأن تنخفض إلى ٨٠٪ فى ٢٠٢٠ــ٢٠٢١.
يومها أيضا قال معيط إن مصر مرت بظروف صعبة جدا فى السنوات الماضية، تسببت فى ارتفاع خدمة الدين بالتزامن مع ضعف إيرادات الدولة، واستمرار العجز الأولى، وهو ما اضطر الدولة للاقتراض لسد العجز الأولى الخاص بالأكل والشرب وخدمة الدين وأقساطه. لكن هذا الأمر كما يضيف الوزير بدأ يتغير، ولأول مرة بدأت الحكومة فى تحقيق فائض أولى، أى قبل احتساب الديون واقساطها وفؤائدها، فكلما تحسنت الإدارة الائتمانية انخفضت معدلات الدين.
وجهة نظر الحكومة تقول دائما إن هيكل وتركيبة الديون المصرية آمنة لأسباب موضوعية أهمها أن غالبية الديون متوسطة وطويلة الأجل، وليست قصيرة. ثم إن مصر تسدد ديونها وأقساطها وفوائدها بصورة منتظمة منذ سنوات، وهو ما يزيد من ثقة المجتمع الدولى ومؤسسات التمويل العالمية فى اقتصادها. وما لا يقال رسميا إن بعض الودائع الأجنبية لدول صديقة يمكن تأجيلها.
لكن كيف نعرف أن هذا الدين خصوصا الخارجى دخل مرحلة الخطر أم لا؟!.
هناك أكثر من طريقة للوصول إلى الإجابة، منها نسبة الدين الخارجى إلى الناتج المحلى الإجمالى، وقد بلغت هذه النسبة فى مصر ٣٥٫١٪، على عهدة المركز المصرى للدراسات الاقتصادية فى ورقة بحثية صورت عنه قبل أيام. هذه النسبة تعنى أن اقتصادنا يعتمد بصفة أساسية على الاقتراض الخارجى، وبالتالى تتحول أعباء سداد أقساط وفوائد الديون إلى مشكلة حقيقية. وفى موازنة ٢٠١٧ــ ٢٠١٨ فإن ٣٥٪ من الإنفاق العام يذهب لسداد فاتورة الدين.
بصورة أخرى فإن الاعتماد المستمر على النمو من خلال الاقتراض الخارجى، بدلا من النمو من خلال الإنتاج والاستثمارات الفعلية، سيتسبب فى وصول الديون لمستويات لا يمكن تحملها، وهذا الاستنتاج على عهدة نفس الورقة البحثية السابقة. هذه الورقة تقول إنه يمكن تفهم الاستدانة بسبب النمو السكانى المتزايد والمشروعات الضخمة، لكن القدرة على تحمل هذه الديون، تحتاج إلى زيادة الدخل الفعلى عبر الإنتاج والصادرات.
فى هذا الأمر هناك رأى مهم مصدره البنك الدولى يقول إن الدين الخارجى كنسبة مئوية من صادرات السلع والخدمات والدخل، ارتفع من ٧٤٫٥٪ عام ٢٠١٠ إلى ١٩٠٫٢٥٪ عام ٢٠١٧. وهذا هو معيار التقييم الأكثر أهمية، لأنه بمرور الوقت فإن إجمالى الديون ينمو بوتيرة أسرع من المصدر الأساسى للدخل الخارجى للاقتصاد، الأمر الذى قد يقود إلى صعوبة الوفاء بالتزامات الدين مستقبلا.
أما المعيار الذى تفضله بعض المصادر الحكومية أى حساب الديون مقارنة بالناتج المحلى الإجمالى، فقد يكون غير دقيق. على سبيل المثال، فإن ديون أفغانستان تبلغ فقط ٧٪ من الناتج المحلى الإجمالى، وهذا ليس مؤشرا جيدا كما يبدو من الوهلة الأولى، لان اقتصادها فى غاية الضغف، لكن نفس النسبة حينما تكون فى إستونيا، فهى تعنى الاقتصاد القوى.
فى روسيا النسبة ١٤٪ لكن اقتصادها ضعيف، ونفس الأمر فى كوسوفو ٢٠٪، النسبة فى اليابان ٢٣٧٪ لكنها من أقوى الاقتصادات، وفى إيطاليا ١٣٠٪ واقتصادها من السبع الكبار، لكن عندما تكون نفس النسبة فى اليونان فالمسالة أخطر!!.
إذا هذا المعيار لا يقدم إجابة دقيقة بمفرده، بل يفترض أن يتم الدخول فى بيانات تفصيلية أكثر تخص مجالات وقطاعات مختلفة فى الاقتصاد، خصوصا الصادرات والاستثمارات الإنتاجية وتوفير فرص العمل المنتجة. والسؤال: هل علاج مشكلة تزايد الديون تكون عبر الرسوم والضرائب، أم بمعالجة جذور المشكلة؟!.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved