خبر وحاشية وفذلكة

فهمي هويدي
فهمي هويدي

آخر تحديث: الإثنين 1 أكتوبر 2012 - 8:45 ص بتوقيت القاهرة

●الخبر: قدرت ثروة كبار الأغنياء فى مصر البالغ عددهم بـ430 شخصا بمبلغ 65 مليار دولار. وقدرت ثروة ثمانية منهم بنحو 21 مليار دولار. والجزء الأول من الخبر مصدره شركة «ولتx» للاستشارات المالية فى سنغافورة. أما الجزء الثانى فمنقول عن مجلة «فوربس» الأمريكية. وهذه المعلومات نشرتها جريدة الأهرام منسوبة إلى مصادرها فى عدد الأربعاء 26/9.

 

● حاشية: ذكرت وكالة الأنباء الفرنسية يوم 19/9 أن 11 بليونيرا جديدا انضموا إلى قائمة أصحاب البلايين الذين سيتبرعون بنصف ثرواتهم للأعمال الخيرية، استجابة لما دعا إليه مؤسس شركة «مايكروسوفت» بيل جيتس، ورجل الأعمال وارن بافيت وبذلك أصبح عدد المنتمين إلى هذه القائمة الذين قرروا أن يحذوا حذو جيتس وبافيت 92 بليونيرا، من بينهم ريدها ستينجز المدير العام لشركة تاجين لأشرطة الفيديو على الإنترنت «نيتفليكس»، وجوردون مور أحد مؤسسى شركة «انتل» وتشارلز برونفمن المدير السابق لشركة المشروبات الكندية «سيجرام».

 

كان الأمريكيان الأكثر ثراء بيل جيتس ووارن بافيت قد أعلنا فى يونيو 2010 أنهما سيحاولان اقناع نظرائهم بالتبرع بنصف ثرواتهم للأعمال الخيرية. ومنذ تلك الفترة، توسع نطاق هذه المبادرة ليشمل تيدتيرنر مؤسس محطة «سى ان ان» ومايكل بلومبرج رئيس بلدية نيويورك ومؤسس قناة الأخبار المالية «بلومبرج»، والمخرج جورج لوكاس (صاحب «حروب النجوم») ولارى إليسون أحد مؤسسى شركة «أوراكل» للبرمجيات.

 

معروف ان جيتس يدعم منذ سنوات المراكز الخيرية والبحوث العلمية بمبالغ طائلة، عن طريق مؤسسة بيل ومليندا جيتس التى أسسها عام 2000. وفى عام 2008 لم يعد جيتس يعمل بشكل كامل كمدير تنفيذى لشركة «مايكروسوفت» فعين مكانه ستيف بالمر رئيسا للشركة، وتفرغ لمنظمته الخيرية والممولة جزئيا من ثروته.

 

أما شريكه فى المبادرة رجل الأعمال وارن بافيت، فهو أشهر مستثمر فى البورصة الأمريكية. وهو ثالث أغنى أغنياء العالم عام 2010 بحسب مجلة «فوربس» بثروة مقدارها 44 مليار دولار أمريكى، بعد أن كان أغنى رجل فى العالم عام 2009.

 

لدى سؤاله عن دوافعه للتبرع بأكثر من سبعة بلايين دولار للأعمال الخيرة أجاب «أنا أؤمن بأن الثروات التى تتدفق من المجتمع يجب أن تعود فى جزء كبير منها إليه ليستفيد منها لأنه صاحب الفضل فيها».

 

● فذلكة تاريخية: ابتكر العقل الإسلامى فى وقت مبكر نظام الوقف، الذى بمقتضاه فتح الباب واسعا لكل فئات المجتمع،  وأصبح الوقف هو رافعة التنمية التى قام عليها المجتمع الإسلامى على مدار تاريخه. وفى وقت مبكر اعتبره بعض الباحثين عماد السياسة المدنية فى الدولة، قبل ابتذال مصطلح «المدنية» والعبث به ليصبح نقيضا للدينية. ومن خلال الوقف نشأت المساجد ومعاهد التعليم وتأسست المستشفيات وأقيمت الحصون وجهزت الجيوش وشقت الترع وبنيت الجسور. وامتدت مظلة الوقف لحماية الضعفاء من البشر بل وشملت رعاية الحيوان والطيور وصولا إلى أسبلة المياه التى تروى العطاشى والمظلات التى تقى الناس من حرارة الشمس.

 

اقتبس الغربيون فكرة الوقف من الدولة العثمانية، وحققوا من خلاله انجازات مهمة منها انه أصبح الممول الأساسى لأكبر وأهم الجامعات الأمريكية، فضلا عن الأبحاث العلمية والأعمال الخيرية، وذلك أمر طيب لا ريب، لكن النموذج فى التجربة الإسلامية تميز بأمرين هما: ان الواقفين انطلقوا من مرجعية دينية واعتبروا عمارة الدنيا سبيلا إلى عمارة الآخرة. ثم انهم لم يكونوا من الأثرياء فقط، وانما كانوا أيضا من متوسطى الحال وصغار الملاك. ثمة مؤلفات كثيرة عربية وغير عربية تناولت موضوع الأوقاف، لكن كتاب الدكتور إبراهيم البيومى غانم عن «الأوقاف والسياسة فى مصر» لا يوثق فقط دور كبار الملاك وصغارهم وإسهامهم فى اغناء التجربة، ولكنه وثق أيضا الدور الوطنى للوقف، وكيف كان أحد الأسلحة التى واجه بها المجتمع المصرى سلطان الاحتلال البريطانى (عن طريق شراء الأراضى والاستحواذ على القطن) وسعيه إلى تغريب المجتمع بفرض اللغة الإنجليزية عليه لإضعاف اللسان العربى، كما فعلت فرنسا فى الجزائر والمغرب وتونس.

 

يذكر الباحث مثلا انه خلال الفترة بين سنتى 1948 و1956 كانت مساحة الأراضى التى أوقفها كبار الملاك فى مصر تعادل نحو 75٪ من جملة الأراضى المزروعة فى البلد (محمد باشا البدراوى عاشور أوقف نحو عشرة آلاف فدان فى محافظة الدقهلية، وحسن الطرزى أوقف 2379 فدانا بنواحى منفلوط فى أسيوط). فى الصعيد كان عدد الواقفين من صغار ومتوسطى الملاك (حتى سنة 1951) 9876 شخصا. أما عدد الواقفين فى الوجه البحرى فقد كان 5684 شخصا. وفى إحدى حجج الوقف اشترط صاحب الأرض ألا  تؤجر أراضيه لأحد من ذوى الحمايات الأجنبية، أو من اتباع الدولة «الأجنبية»، لكى تكون حصيلتها للمصريين وحدهم.

 

● سؤال: بماذا نفسر اختفاء دور المليارديرات المصريين فى مواجهة الأزمة الاقتصادية التى تمر بها مصر فى الوقت الراهن، ولماذا كتب علينا أن نطل دائما على الخلف لنزهو بالماضى وحده فى حين أنهم فى الديمقراطيات الغربية يصنعون الحاضر وأعينهم معلقة بالمستقبل؟

 

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved