مبادرة أكرا ودورها فى التصدى للإرهاب فى دول غرب أفريقيا الساحلية

قضايا إفريقية
قضايا إفريقية

آخر تحديث: الثلاثاء 1 أكتوبر 2019 - 11:50 م بتوقيت القاهرة

نشرت مؤسسة Institute For Security Studies مقالا للباحثينSampson Kwarkye، Ella Jeannine، Michael Matongbada عن مبادرة أكرا ودورها فى التصدى للتطرف فى أفريقيا.. وإيجابياتها والعقبات التى تقف أمام نجاحها فى تحقيق أهدافها.
تم إطلاق مبادرة «أكرا» فى سبتمبر 2017 من قبل بنين وبوركينا فاسو وساحل العاج وغانا وتوغو استجابة لمشكلة تزايد انعدام الأمن المرتبط بالتطرف العنيف فى المنطقة. ويهدف إلى منع انتشار الإرهاب فى منطقة الساحل والتصدى للجريمة المنظمة فى المناطق الحدودية.. وفى هذا العام تم قبول مالى والنيجر كمراقبين نظرا لقربهما من الدول الساحلية وتجربتهما فى مواجهة التطرف. ويتزايد الاهتمام الدولى بالتصدى لمشكلة عدم الاستقرار الإقليمى، ولكن حتى بعد عامين من إطلاق مبادرة أكرا، لا نعرف عنها ولا عن احتمالات نجاحها سوى القليل.
سبقت عملية إطلاق المبادرة عملية «أوتابوانو» فى بوركينا فاسو فى مارس ــ عملية عسكرية لمكافحة الإرهاب فى شرق البلاد ــ وبعدها أخبر مسئولون من بوركينا فاسو نظراءهم الجنوبيين بمحاولات المتطرفين لاختراق أراضيهم. لقد اعتبرت بوركينا فاسو «حائط صد» ضد انتقال التطرف العنيف إلى الدول الساحلية وانتشاره فيها. ولكن منذ سلسلة من الهجمات فى منطقتها الشرقية، وبعضها قريب من الحدود مع جيرانها الجنوبيين، لم يعد الأمر كذلك. وكذلك تم اختطاف سائحين فرنسيين فى الأول من مايو فى حديقة بيندجارى الوطنية المتاخمة لحدود بنين ــ بوركينا فاسو وقتل مرشدهم ــ من بنين ــ أيضا بعد إطلاق المبادرة.. ويؤكد هذا الحادث على محاولات الجماعات الإرهابية الحصول على موطئ قدم فى الحدود الشمالية للدول الساحلية.
***
مبادرة أكرا هى آلية أمنية تعاونية. ترتكز على ثلاثة أركان: تبادل المعلومات، تدريب أفراد الأمن والمخابرات؛ والقيام بعمليات عسكرية مشتركة عبر الحدود للحفاظ على أمنها.. وتُعقد الاجتماعات على مستويين ــ رؤساء أجهزة الأمن والمخابرات؛ ووزراء الحكومة المكلفين بالأمن.. وتُعقد الاجتماعات الرئيسية على أساس ربع سنوى وتليها اجتماعات وزارية.
فى مايو 2018، تم تنفيذ عملية «Koudalgou» بالاشتراك مع بوركينا فاسو وتوغو وغانا فى مناطقها الحدودية. وشاركت بنين كعضو رغم أن العملية لا تغطى المنطقة الحدودية. وأعقب ذلك عملية «Koudalgou»، التى أجرتها بوركينا فاسو وساحل العاج وغانا فى نوفمبر 2018 بمشاركة مالى.
يمكننا القول أن هناك العديد من المزايا لمبادرة أكرا. أولا، لا تعتمد على هيكل إدارى كبير.. وبدلا من ذلك، تعمل مع جهات تنسيق فى كل بلد عضو ومنسق مركزى فى أمانة الأمن القومى فى غانا.. وهذا يقلل من القيود البيروقراطية ويسهل عملية التواصل والتعاون بين الأعضاء.
ثانيا، على الرغم من القيود المتعلقة الموارد، يتم تمويل المبادرة من قبل الدول الأعضاء، الذين يرون أن استقلالها وعدم اعتمادها على التمويل الخارجى أمر مهم. حيث أن هذا يمنحها الالتزام السياسى اللازم لنجاحها ويوفر للمنفذين مهلة لوضع جدول الأعمال وتحديد الأولويات.
ثالثا، وفقا للمسئولين المشاركين فى المبادرة، ساهمت الاجتماعات الدورية لرؤساء الأمن والمخابرات بشكل كبير فى بناء الثقة بين الدول وبعضها البعض، والتى كان بعضها لديه شكوك فى بعض الدول الأخرى. على سبيل المثال، شككت ساحل العاج وتوجو من حين لآخر فى أن غانا تؤوى منشقين سياسيين.. كما عززت المبادرة تبادل المعلومات وعززت التعاون لمنع التطرف العنيف.
أخيرا، فى حين أن المبادرة تفضل الاستجابة الإقليمية ذات التوجه العسكرى، إلا أنها أضافت إليها تدخلات غير أمنية من قبل أعضاء على المستوى الوطنى. فقامت غانا على سبيل المثال بوضع خطة عمل لمكافحة الإرهاب، وكرست أحد ركائزها لمعالجة الأسباب الجذرية للتطرف.
كما تعالج وكالة إدارة الحدود فى بنين مواطن الضعف فى المناطق الحدودية من خلال تنفيذ مشاريع تنموية فى المناطق المتضررة. وفى مايو 2019، أنشأت توجو لجنة مشتركة بين الوزارات لمكافحة التطرف العنيف والتصدى له.
كما اعتمدت السلطات الوطنية فى كوت ديفوار، بالتعاون مع بعض الزعماء الدينيين، على مجموعة أدوات تعليمية كأداة تساعد على تتبع أنشطة التطرف وتشجع الممارسات الدينية السلمية.. كما تعمل الدولة أيضا على تطوير استراتيجية وطنية لمواجهة التطرف العنيف.
وعلى الرغم من الإيجابيات، لا تزال هناك تحديات أمام مبادرة أكرا. فالعمليات العسكرية، رغم أنها أدت إلى إلقاء القبض على عدد من الإرهابيين، إلا أنها كانت محددة المدة وكذلك محددة النطاق الجغرافى. إنهم يوقفون مؤقتا أنشطة وحركات الجماعات الإرهابية فقط، ولا يضمنون الاستمرارية.. وهذا يعنى أنه قد يحدث انتكاسات بين العمليات وبعضها.
***
تتمتع الدول بقدرات استخباراتية محدودة مما يعنى أنها لا تستطيع تتبع حركة الجماعات المتطرفة والسيطرة عليها بشكل فعال عبر حدودها. كما أن هناك أيضا اختلافات بين الأعضاء. فى حين أن بوركينا فاسو وساحل العاج وتوجو جميعهم بهم قوات درك ــ وهى قوات شرطة عسكرية تحافظ على الأمن العام ــ إلا أن غانا ليست كذلك. لدى بنين الشرطة الجمهورية، وهى اندماج من الشرطة والدرك. كما أن حواجز اللغة بين غانا الناطقة بالإنجليزية ونظرائها الناطقين بالفرنسية أعاقت أحيانا التواصل الفعال.
ومع تحديد موعد إجراء الانتخابات فى جميع بلدان مبادرة أكرا فى عامى 2020 و2021، يمكن تحويل الانتباه والموارد إلى الحملات السياسية.. كما أن هناك أيضا خطر من تقليص الحريات المدنية والمعارضة السياسية وراء ستار منع التطرف العنيف أثناء الانتخابات.
ويمثل خطر التطرف العنيف فى الدول الساحلية لغرب أفريقيا فرصا إقليمية ووطنية. إقليميا، يتيح الفرصة للتعاون متعدد الأطراف بشأن تهديد مشترك. على المستوى الوطنى، يمكن للبلدان معالجة الحكم الحالى والمشكلات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التى تستغلها الجماعات المتطرفة العنيفة فى كثير من الأحيان للحصول على موطئ قدم فى المنطقة.
ينبغى إعطاء الأولوية لتجديد العقد الاجتماعى بين الدول وشعبها، وخاصة فى المجتمعات الحدودية. وهذا يعنى دمج احتياجات الناس مع إعادة التفكير فى دور الدولة ومؤسساتها الأمنية، بما فى ذلك الجيش، فى الاستجابة للتهديدات الناشئة. إن تطبيق اللامركزية على الحكم سيوفر الإطار المثالى لجهود مكافحة الإرهاب.
يجب على الدول ضمان ألا تؤثر العمليات والتدابير الأمنية سلبا على حياة الأفراد. حيث أن عدم ضمان ذلك سوف يخلق استياء تجاه الحكومات والتضامن مع المتطرفين. إن إدراج الخدمات الاجتماعية فى الخطط الأمنية، خاصة فى المناطق الحدودية، أمر حاسم لكسب قلوب وعقول المواطنين وضمان تعاونهم فى التصدى للتطرف العنيف.

إعداد: ريهام عبدالرحمن العباسى
النص الأصلى:من هنا

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved