صاحب الـ ١٢ مليون مواطن

وائل قنديل
وائل قنديل

آخر تحديث: السبت 1 ديسمبر 2012 - 8:30 ص بتوقيت القاهرة

سوف يذكر التاريخ للدكتور محمد مرسى أو عليه أنه منح الفرصة لشخص لوح بسحق من يتظاهر ضده لو نجح فى انتخابات الرئاسة، لكى يتحدث باعتباره راعى الديمقراطية والحريات فى مصر، وجعله يطل من شرفة مخبأه على مشهد الغضب  ضد الإعلان الدستورى فى ميدان التحرير ليدلى بدلوه ويعتبر نفسه جزءا من هذا الحراك الشعبى العارم.

 

 إن جنرال نظام مبارك يرقص طربا الآن وهو يتكلم كل يوم عن مشاركته عن بُعد فى مظاهرات الغضب ضد الإعلان الدستورى، دون أن يردعه أحد، حتى حين ألمح لأنه على اتصال برموز من قوى المعارضة داخل مصر لم نسمع أن أحدا رد عليه ببيان أو تصريح ينزه هذا التفاعل الثورى المحترم عن مماحكات الفلول والتحام رموز من زمن مبارك بالمشهد.

 

أعلم أن الثوار الحقيقيين فى الميدان يتصدون لكل محاولات تسرب الفلول إلى المليونيات المعارضة للإعلان الدستورى، غير أن صمت الرموز على مزاعم رمز الثورة المضادة بأنه مساهم فى صناعة هذا الحراك يبدو غريبا ولافتا وصادما.

 

و الأكثر مدعاة للدهشة أن الجميع يتحدثون إعلاميا عن أن حدود معركتهم هى الإعلان الدستورى، لكن الوقائع على الأرض تقول إن الهدف هو إسقاط الرئيس المنتخب، وإن كان البعض بدأ فى التلميح إلى التصعيد من إسقاط الإعلان إلى إسقاط النظام، وهو الأمر الذى يؤجج الاحتقان، ويفتح الباب للغلو والتطرف فى المعسكر الآخر المؤيد للرئيس، إلى الحد الذى وضع البلاد أمام محرقة، أو التهديد بمحرقة تم نزع فتيلها مؤقتا بتغيير مسار مليونية داعمى الإعلان والرئيس إلى جامعة القاهرة بدلا من التحرير.

 

و لعل ذلك هو ما شجع جنرال العصر البائد لكى يعبر عن حضوره متصورا فى أعماقه أن لديه ١٢ مليون مصرى يحركهم بإشارة ويزعم أنهم متواجدون ومشاركون فى هذه المظاهرات، التى يرفض أن يسميها حراكا ضد إعلان دستورى استبدادى، ويطلق عليها «ثورة ثانية للتخلص من ثورة ٢٥ يناير».

 

إن النضال ضد ما يتضمنه الإعلان الدستورى من مواد وقرارات تعطى للرئيس سلطات مطلقة واجب وعمل وطنى نبيل، لكن هذا الغضب المتحضر لا ينبغى له أن يترك ثغرات تنفذ منها القوى المنتمية للنظام السابق والمعادية لثورة ٢٥ يناير لتنفيذ مخططها لإسقاط من فاز بأصوات مصريين مختلفين معه لمجرد إزاحة مرشح نظام مبارك.. كما أن هذا الغضب لا يصح أن يتحول إلى فرصة عند بعضهم لاستدعاء «العسكر» مرة أخرى لخوض غمار المعركة السياسية.

 

 و يبقى أن هذا الغضب على نبله وثوريته أتاح الفرصة لرموز معارضة نمت وترعرعت فى مطبخ نظام مبارك لكى تقدم نفسها باعتبارها الراعى الرسمى لثورة ٢٥ يناير.

 

نعم للنضال ضد دكتاتورية الإعلان الدستورى.. ولا للتلويح بالعسكرة.. وألف لا لإدماج الفلول فى المشهد، حتى وإن حاول البعض أن يتلاعب بالألفاظ ويسميهم «أهل الكنبة».

 

مرة أخرى: تخيروا لغضبكم.

 

 

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved