البحث عن الاحترام

سامح فوزي
سامح فوزي

آخر تحديث: الثلاثاء 1 ديسمبر 2020 - 8:15 م بتوقيت القاهرة

منذ بضعة أيام شاركت فى حلقة نقاشية عقدتها وكالة أنباء الشرق الأوسط، وحضرها عدد من القيادات الدينية ونواب فى البرلمان وشخصيات عامة. دارت حول مبادرة وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة حول «المواطنة»، وهى مبادرة مهمة، ولاسيما أنها لم تقف بمفهوم المواطنة عند مربع التسامح بين المختلفين فى الدين فقط، ولكنها ــ وهذا هو الأهم ــ تناولت المفهوم بمعناه الواسع، بحثا عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين بصفة عامة.
خطوة مهمة، والأهم ما قاله وزير الأوقاف تعقيبا على مداخلات المشاركين، حيث لفت الانتباه إلى أهمية التكوين فى مرحلة الطفولة، بهدف خلق ثقافة متسامحة، تقبل الاختلاف، وتحترم الآخر. وهى مسألة أساسية، إذ أن منسوب الاحترام فى المجتمع فى انخفاض ملفت، ليس فقط فى مجال الاحترام بين أهل الأديان، ولكن أيضا على صعيد الاحترام بصفة عامة، سواء لكبار السن، أو لذوى الاحتياجات الخاصة، أو المختلفين فى اللون، أو النوع أو العمل أو الوسط الاجتماعى، وغيره، وهناك رياح من عدم الاحترام تسود المجتمع، وهو ما نراه فى حوادث اصطلح على تسميتها بالتنمر، وآخرها الحادث المؤسف الذى طارد لاعب الزمالك شيكابالا، أو الاساءة لكبار السن كما حدث فى إلقاء مسن فى ترعة من جانب شباب مستهتر على سبيل الدعابة والسخرية، أو التحرش جسديا ولفظيا بالمرأة، أو فوضى التعامل على مستوى الشارع.
وعندما يتحدث وزير الأوقاف عن ضرورة غرس ثقافة التسامح فى مرحلة الطفولة، قاصدا العلاقات بين المسلمين والمسيحيين، وهى بالتأكيد مساع ايجابية، فإنه ينبغى أن تتجه الجهود إلى رفع منسوب الثقافة الإنسانية عند الأطفال والشباب بوجه عام، سواء من خلال تشجيعهم على المبادرات الإنسانية، أو المشاركة فى الخدمات الاجتماعية، أو تنمية الإبداع والفن والخيال لديهم، بما ينعكس بالضرورة على سلوكهم الاجتماعى، وينمو الحس الإنسانى بداخلهم مع تقدمهم فى السن.
الاحترام كل لا يتجزأ. بالطبع قد تبدو أحيانا مشكلة أكثر إلحاحا من الأخرى، وفى مجتمعنا الشأن الطائفى يخبو ويستيقظ على مدار عقود، ولكن من الأفضل أن ننظر إلى حال المجتمع بصفة عامة حتى نرى الصورة أكثر شمولا ووضوحا. المتعصبون فى الدين ليسوا وحدهم، هناك متعصبون فى كرة القدم، والمتنابذون فى العقائد يماثلهم المتحرشون بالنساء. وإذا قدمنا حلولا لإشكالية انخفاض منسوب الاحترام فى المجتمع سوف يكون لها مردود ايجابى على جميع المستويات.
طرحت الندوة التى أدارها الاستاذ على حسن عددا من النقاط المهمة بعضها يتعلق بالتسامح الدينى، والتنمية، وإشكاليات التعامل مع الفضاء الالكترونى، وغيرها من القضايا التى يصلح كل منها لنقاش مستقل، وجيد أن تهتم المؤسسة الدينية بهذه النوعية من الموضوعات، والتى ذكر وزير الأوقاف أنها باتت ضمن برامج تكوين الوعى لدى الدعاة، حيث يدرسون بالإضافة إلى العلوم الشرعية موضوعات اجتماعية واقتصادية وثقافية. والسؤال: هل يمكن أن تنشأ أكاديمية عامة يلتحق بها المهتمون بالشأن الدينى على اختلاف معتقداتهم يدرسون علوم المجتمع، ويلتقون معا فى حوارات ثقافية واجتماعية جنبا إلى جنب مع دراسة كل منهم الخاصة لعقيدته وأصولها؟

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved