التهويد.. عرب ما بعد التطبيع

أشرف البربرى
أشرف البربرى

آخر تحديث: الأربعاء 1 ديسمبر 2021 - 9:05 م بتوقيت القاهرة

يبدو أنه سيكون على مؤيدى الحقوق العربية عموما، والفلسطينية خصوصا، التى تنتهكها إسرائيل باحتلالها الأراضى العربية فى سوريا وفلسطين ولبنان، الانتقال من مرحلة رفض ومقاومة التطبيع مع الدولة الصهيونية المحتلة إلى مقاومة محاولة بعض الدول العربية تهويد الوعى العربى من خلال الدخول فى اتفاقيات وتحالفات مع إسرائيل تحمل عناوين براقة، وتسعى لتبييض وجه الاحتلال الإسرائيلى القبيح.
وفى حين ترفض الشعوب الحرة فى العالم محاولات إسرائيل تهويد الأراضى العربية المحتلة وتتصدى لها بما تمتلكه من وسائل، تأتى دول عربية وتفتح بابا واسعا ليس فقط أمام تهويد الأراضى وإنما تهويد الوعى العربى نفسه.
فبينما كان الرئيس الإسرائيلى إسحاق هيرتزوج ينتهك حرمة الحرم الإبراهيمى فى مدينة الخليل المحتلة تحت حماية بنادق الاحتلال لإشعال شموع عيد الأنوار (الحانوكا) اليهودى فى المسجد، كان الإسرائيليون يضيئون الشموع فى الإمارات العربية المتحدة، دون أن يقول لهم أحد إن انتهاك حرمة المسجد الإبراهيمى يتعارض مع مزاعم «السلام الإبراهيمى» التى يرددها المطبعون الجدد من العرب.
وفى الوقت الذى تمسكت فيه ماليزيا برفض منح الفريق الإسرائيلى تأشيرة دخولها للمشاركة فى بطولة العالم للإسكواش حتى لو كان الثمن إلغاء البطولة التى كانت ستنطلق فى العاصمة الماليزية فى السابع من الشهر الحالى، توقع دولة المغرب بقيادة «أمير المؤمنين» ورئيس لجنة القدس المنبثقة عن منظمة المؤتمر الإسلامى سابقا، أول اتفاق تعاون عسكرى بين إسرائيل ودولة عربية.،
يندفع «المطبعون الجدد» مع الكيان الصهيونى بسرعة لتشويه الوعى الجمعى العربى بالحديث عن آفاق للتعاون مع الاحتلال الإسرائيلى فى مختلف المجالات من العلاقات الحربية وحتى المسرح والرياضة، مع تجاهل تام لحقيقة استمرار احتلال الأراضى العربية وانتهاك الحقوق الإنسانية الأساسية للشعب الفلسطينى، فى وقت يقف فيه ليزيبا ماشابا القائم بأعمال سفير جنوب إفريقيا لدى السلطة الفلسطينية، فى وجه الآلة العسكرية الإسرائيلية التى كانت تحاول طرد الفلسطينيين من مزارعهم فى بلدة تقوع شرق بيت لحم.
تجاوز ماشابا قيود وضعه الدبلوماسى وقال لقائد القوة الإسرائيلية: «لقد جئنا هنا لنقف على معاناة المزارع الفلسطينى... لماذا تعتدون عليهم وهم لا يفعلون شيئا سوى قطف الزيتون؟».
كما كانت جنوب إفريقيا فى مقدمة دول الاتحاد الإفريقى التى تحركت لسحب صفة مراقب التى منحها رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقى موسى فقى فى غفلة من الزمن لإسرائيل.
المؤسف فى أمر «المطبعين الجدد» من ساحل «الخليج الثائر» فى أقصى الشرق إلى ساحل «المحيط الهادر» فى أقصى الغرب، هو أن تلك الدول العربية ارتمت فى احضان الكيان الصهيونى بدون مقابل حقيقى، وربما بدون مبرر، بعد أن منحت هذه الدول العربية المهرولة نحو إسرائيل خلال شهور قليلة ما لم تستطع الحصول عليه من مصر، شعبا ومؤسسات، بعد 42 عاما من توقيع معاهدة السلام معها.
أخيرا، هل تتصور الدول العربية التى اندفعت نحو «الحلف الصهيونى» على حساب القيم الإنسانية ومبادئ الأخوة العربية بدعوى التصدى للتهديدات الإقليمية التى تواجهها تلك الدول، أن إسرائيل يمكن أن تضحى بجندى واحد من جنودها دفاعا عن دولة أو نظام حكم عربى؟

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved