توترات روسيا مع أوكرانيا لن ترتقى إلى حرب.. هى فقط ترسل رسالة للغرب

مواقع عالمية
مواقع عالمية

آخر تحديث: الأربعاء 1 ديسمبر 2021 - 8:55 م بتوقيت القاهرة

نشر موقع The Christian Science Monitor مقالا لفريد وير يرى فيه أن قيام حرب بين روسيا وأوكرانيا غير واردة الحدوث، وأن السبب وراء حشد روسيا لقواتها على حدودها مع أوكرانيا هو فقط لتقديم رسالة للغرب مفادها أنها لن تقبل انضمام أوكرانيا إلى الناتو أو توسع الحلف بعد الآن.. نعرض منه ما يلى.
تتجمع غيوم الحرب على الحدود الروسية الأوكرانية مع تجميع موسكو لقواها على مسافة قريبة من كييف للمرة الثانية هذا العام؛ فحشد مائة ألف جندى والعتاد العسكرى بالقرب من أوكرانيا أثار مخاوف البعض فى كييف وواشنطن وجعل هناك إحساسا بأن الغزو وشيك.
أثار حشد القوات الروسية على الحدود الأوكرانية قلق الكثيرين فى الغرب بشأن الغزو. ولكن يبدو أن ما يحدث بالفعل لا يتعلق بالحرب، ولكن حول وجهات النظر والأهداف المختلفة لحلف شمال الأطلسى. لكن الحرب ليست هدفا فى روسيا. فهذا الصراع مكلف ولا يحظى بالدعم، فروسيا تعد موطنا لأكبر نسبة من الشتات الأوكرانى فى العالم، ويوجد الملايين فى روسيا ممن لديهم أقارب أو أصدقاء فى أوكرانيا. فبوتين يرغب من خلال هذا الحشد دعم مطالبه التى قدمها إلى أوكرانيا والغرب. يقول المحللون إن ما تريده روسيا هو ضمانات دائمة بأن دولا مثل أوكرانيا ودول الاتحاد السوفيتى السابق الأخرى لن تنضم إلى الناتو وستظل محايدة كأساس جديد للاستقرار الإقليمى. ويقولون إن الهدف من نشر القوات هو فقط للفت انتباه كييف والغرب إلى مخاوف موسكو.
فيودور لوكيانوف، محرر مجلة «روسيا فى الشئون العالمية»، وهى مجلة رائدة فى مجال السياسة الخارجية فى موسكو، عرض ما قاله بوتين فى أن «التوتر جيد»، وهو ما يعنى أن إبقاء الغرب فى حالة قلق سيجعلهم يأخذون مصالح روسيا فى الحسبان. ويستطرد لوكيانوف قائلا إن بوتين يريد فتح فصل جديد يقضى فيه على عمليات توسع الناتو.
•••
انتقد بوتين الغرب فى خطاب ألقاه أمام وزارة الخارجية الروسية لرفضه «الخطوط الحمراء» لروسيا فيما يتعلق بأوكرانيا، وقال إن تسليح الناتو وتكامله العسكرى مع أوكرانيا يجب أن ينتهى. وأوضح كيف تسبب عقدان من توسع الناتو فى فرض تهديدات كبيرة على عتبات روسيا، وموسكو لن تتسامح مع عضوية أوكرانيا المحتملة مع الناتو التى تعتبره روسيا تحالفا عسكريا معاديا له. قال بوتين «من الضرورى الضغط من أجل وجود ضمانات جادة وطويلة الأجل تضمن أمن روسيا فى هذه المنطقة، لأن روسيا لا يمكنها أن تظل تفكر باستمرار فيما يمكن أن يحدث هناك».
على الرغم من أن طلب أوكرانيا الانضمام إلى حلف الناتو قد تم تأجيله مؤقتًا، إلا أن الحلف يؤكد باستمرار أن أوكرانيا ستنضم فى النهاية. بالنسبة إلى الكرملين، الذى شاهد انضمام كل دول حلف وارسو وثلاث دول سوفيتية سابقة فى منطقة البلطيق إلى حلف الناتو، فإن موقع الناتو القريب جدا من موسكو لا يمكن قبوله أبدا.
يقول لوكيانوف «اعتقد القادة الغربيون على مدى عقود أن لكل دولة الحق فى الانضمام إلى الناتو، وأن على الناتو قبول عضويتهم دون مراعاة للتداعيات الاستراتيجية.. هذا شىء لم يشهده التاريخ من قبل، ويتعارض تماما مع التفكير الاستراتيجى الكلاسيكى، ولكن بعد انهيار الاتحاد السوفيتى تبنى القادة الغربيون فكرة أن الناتو عليه فقط أن يتوسع، واعتبروا بطريقة ما أن هذا هو الشىء الصحيح لفعله، وأن لا ينبغى لأحد الاعتراض على ذلك.. هذا اعتقاد أيديولوجى، ولا يقوم على حسابات استراتيجية أو عسكرية». واستطرد قائلا إنه «عندما بدأ توسع الناتو، فى التسعينيات، لم يتوقع أحد أن تتعافى روسيا بالسرعة التى حققتها. لكن روسيا عادت، ويقلقها جوارها الاستراتيجى، وعليها توضيح أن أوكرانيا لا يمكن أن تنضم إلى الناتو. وجهة نظر بوتين هى أننا نحتاج إلى أن يأخذ القادة الغربيون ذلك على محمل الجد، وعدم الاكتفاء فقط بالكلمات».
قد يكون جزء من إحباط بوتين هو أن الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى، الذى تم انتخابه إلى حد كبير بناء على وعود بإحلال السلام فى أوكرانيا التى أنهكتها الحرب، لم يحرز أى تقدم فى هذا المجال. وبدلا من ذلك، ناشد السيد زيلينسكى الغرب قبول أوكرانيا بسرعة فى الناتو وإلغاء خط أنابيب نورد ستريم 2 الروسى المثير للجدل، وطالب بمراجعة اتفاقيات مينسك 2 للسلام، واتخذ مواقف أخرى تثير حنق موسكو.
يقول أندريه كورتونوف، رئيس مجلس الشئون الدولية الروسى، التابع لوزارة الخارجية إن «روسيا خاب أملها من زيلينسكى، ولا ترى أى أمل بعد الآن فى أنه قد يبدأ حوارًا حول إنهاء الصراع.. المزاج السائد فى موسكو هو أنه لا جدوى من التحدث مع كييف، ونحن بحاجة إلى حل هذا الأمر مع واشنطن».
رد كييف كان هادئا، ربما نتج هذا من إحساسهم بأنهم فى أزمة مستمرة منذ أن أطاحت الثورة الأوكرانية عام 2014 برئيس صديق لورسيا وأتت بحكومة موالية للغرب، وأدى ذلك إلى قيام روسيا بضم شبه جزيرة القرم التى يسكنها الروس وحفز المتمردين المدعومين من روسيا فى شرق أوكرنيا على الانتفاض ضد كييف.
يقول نيكولاى سونغوروفسكى، الخبير العسكرى فى مركز رازومكوف المستقل فى كييف «من الصعب قياس التهديد الحقيقى.. التهديد العسكرى موجود دائما. يحاول بوتين إثبات أنه لا يمكن أن تكون هناك حلول أمنية فى أوروبا بدون روسيا لكنه ليس على استعداد لتقديم أى تنازلات بشأن أوكرانيا».
يقول فاديم كاراسوف، مدير المعهد المستقل للاستراتيجيات العالمية فى كييف، «لا أرى أى تهديد مباشر بالغزو العسكرى فى الوقت الحالى. قد يكون للقادة الروس موقف صارم، لكنهم ليسوا حمقى».
•••
على الرغم من وجود حرب منخفضة المستوى لسنوات، إلا أن الكرملين أبقى هذه الحرب بعيدة عن الرأى العام الروسى. تظهر استطلاعات الرأى فى كلا البلدين باستمرار أن السكان لديهم مشاعر دافئة تجاه بعضهم البعض، لكنهم يكرهون قادة بعضهم البعض.
وجد استطلاع فى فبراير 2021 أجراه معهد كييف الدولى لعلم الاجتماع (KIIS) أن 41٪ من الأوكرانيين لديهم مشاعر إيجابية تجاه روسيا، بينما شعر 42٪ بالسلبية. ووجد استطلاع مماثل أجراه مركز ليفادا المستقل فى موسكو أن 54٪ من الروس يشعرون بإيجابية تجاه أوكرانيا، مقارنة بـ 31٪ لديهم مشاعر سلبية. هذا لا ينطبق على القادة الروس، فوفقا لمعهد كييف الدولى 12% فقط من الأوكرانيين لديهم موقف إيجابى من القادة الروس، بينما 76٪ يشعرون بالسلبية. لذلك فهم يفصلون بين السكان والحكومة. نصف السكان فى أوكرانيا لديهم أقارب فى روسيا، ويوجد حوالى ثلاثة ملايين أوكرانى فى روسيا ــ حوالى مليون لاجئ من الحرب، ويجمع الشعبين علاقات عميقة ومعقدة.
تقول أولغا كريشتانوفسكايا، عالمة اجتماع روسية، أن «هذا الوضع مؤلم للغاية، لأن الكثير منا لديه أصدقاء وأقارب فى أوكرانيا.. أنا، على سبيل المثال، لدى زوج أوكرانى وأتواصل بشكل منتظم مع أقاربه فى أوكرانيا. لقد سئمنا وتعبنا من كل هذه التوترات السياسية. نحن لا نثق بساستنا، وبالتأكيد لا نريد حربًا تشتعل بناء على الأكاذيب التى نسمعها من كلا الجانبين».
يوافق السيد كورتونوف على أن بوتين يلعب لعبة خطرة من خلال حشد القوات والتهديد باستخدام القوة العسكرية لمحاولة إجبار الغرب على إجراء تغييرات فى النظام الأمنى فى أوروبا. لكنه، مثل معظم الروس، يقول أن الحرب المفتوحة الفعلية مع أوكرانيا أمر لا يمكن حدوثه. ويستطرد قائلا «عليك أن تسأل نفسك هل فلاديمير بوتين وفريقه عقلانيون؟ إذا افترضت أنهم كذلك، وأؤكد لكم أنهم عقلانيون، فعلينا أن نعترف بأن بوتين ليس لديه أى نية لبدء حرب كبرى فى قلب أوروبا. حتى لو انتصرت روسيا، فإن الأضرار الجانبية ستكون هائلة، والتكاليف باهظة للغاية، وستنهى أى أمل فى المصالحة مع الغرب لفترة طويلة قادمة. بوتين مهتم بإرثه، ويريد حقًا إيجاد حل لقضية أوكرانيا، لكنه لن يبدأ حربًا».
إعداد: ابتهال أحمد عبدالغنى
النص الأصلى هنا

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved